|
ما للمجلس العراقي للثقافة وما عليه
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 10:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بداية ..أنا لست سياسيا ولا علاقة لي بتكتل ثقافي ، إنما أنا مثل معظم المثقفين العراقيين ..أحب العراق والثقافة ، ومن أجلهما حضرت أعمال المؤتمر التأسيسي للمجلس العراقي للثقافة الذي انعقد في عمان – الأردن ( 14-16/5) .وشاركت عضوا في لجنة الصياغة ولجنة البلاغ الختامي ومحاضرا في محور : المأزق الثقافي العراقي – تحليل سيكوسوسيولوجي لحالة الثقافة والمثقف . ومثل كثير من المدعويين – أو افترض هذا – كانت علامات الشكوك تدور في رأسي . ففي زمن الفوضى – وكل شيء في العراق فوضى - لا يسلم من التهمة حتى من كان نبيا . وكانت علامة الاستفهام الكبيرة هي : من وراء المؤتمر .وتحديدا : من الذي يمّوله؟. وطبيعي أن الأصابع تتجه الى أمريكا ..وعندها سيعدّ المشاركون فيه بين عميل للـ CIA ومتعاون مع المحتل ..ولن ينجو من هاتين التهمتين القبيحتين أحد . فمن خصائصنا السيكولوجية نحن العراقيين أننا لدينا شهية لقضم سمعة الآخرين . ولأنني اعرف نفسي لست عميلا لهذا ولا متعاونا مع ذاك ، فان يقيني في الغالبية المطلقة أنهم كذلك . لكن " شكّي " ظل معلقا بشأن التساؤل أعلاه "تمويل المجلس " لحين انجلاء الموقف . كنت أراقب ما يجري بعين السيكولوجي ، فوجدت أن أجمل ما في هذا اللقاء أن الجمع فيه كان متنوعا في : الدين والقومية والجنس والمذهب والاهتمامات الثقافية.. والسياسة أيضا ،جاءوا من داخل العراق وخارجه . وشعرت أن أوتار قلوبهم عزفت في إيقاع واحد بحب العراق والثقافة . وأنه فتح نافذة في جدار من امتلكه اليأس ..يرى من خلالها أن مستقبل العراق سيكون بهذه الصورة البهية حيث نجلس جنبا الى جنب دون أن نعرف ما اذا كان الذي يلامس كتفي كتفه سنيا أو شيعيا أو كرديا أو تركمانيا أو مسيحيا أو صابئيا... كانت هذه " اللمّة" المباركة فضيلة مميزة من حق الداعين لها أن يتباهوا بها ..مع أنه كان يعوزها رموز ثقافية أخرى غابت عن الحضور لهذا السبب أو ذاك . وما يحسب له أيضا أنه جهد كبير من أجل الثقافة ينبغي على الآخرين أن يباركوه ، أو في الأقل لا يهاجموه ، لأنهم بذلك يرفعون أيديهم لصفع من يحاول مستقبلا تشكيل تجمّع يخدم الثقافة العراقية التي لا يمكن أن يحتويها مجلس أو اتحاد . وعلينا أن نطبّق على أنفسنا مقولة السيد المسيح :" من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر " وليس بين العراقيين من هو بلا خطايا وليس خطيئة واحدة !. ومن المآخذ عليه أن الغالبية المطلقة من المشاركين تزيد أعمارهم على الخمسين ..وبتعبير أحدهم " الذين وضعوا المستقبل وراءهم " . وإذا علمنا أن الذين أعمارهم (35) سنة فما دون أكثر من (60%) من المجتمع العراقي ..وأن جيل الشباب هذا ولّد في حرب ونشأ في حرب ويعيش الآن حروبا مركبة . وأنه تشبّع بثقافة العنف والشعور بالإحباط وانعدام المعنى من الحياة ..عليه كان ينبغي أن يكون للشباب حضور فاعل ..وهذا مأخذ كبير. المأخذ الثاني : نتائج الانتخابات . فلقد فتح باب الانتخابات دون شروط فكان بين الفائزين بأمانة المجلس من لا تؤهله منجزاته الثقافية أن يكون " أمينا " في مجلس عراقي للثقافة . ولم يفز بها مرشحون يعدّون رموزا ثقافية بحق . وكان التساؤل مشروعا : الانتخابات كانت ديمقراطية ونزيهة ، فكيف جاءت بهذه النتيجة ..التي علّق عليها أحدهم : لقد خسروا أنبل الفرسان ؟! وتبين لي من أكثر من مصدر موثوق أن السر يكمن في تحالف جرى بين اللجنة التحضيرية للمجلس العراقي للثقافة وبين الهيأة الإدارية لاتحاد الأدباء في العراق !.فان صح ذلك ، ترتب عليه سؤال مرّ:" اذا كان التحالف يجري بين نخب ثقافية ، فلماذا نلوم السياسيين والطائفيين ونسلقهم بألسنة غلاظ؟!. كان أهم شرط ينبغي الأخذ به : أن لا يرشح لأمانة المجلس من هو في قيادة اتحاد أو تشكيل ثقافي أخر ، لعدة أسباب منها: أن رئيس أو عضو الهيئة الإدارية في اتحاد الأدباء مثلا" اذا صار أمينا" في قيادة المجلس العراقي للثقافة ، فأنه سيواجه مواقف سيكون فيها للمجلس رأي مختلف عن رأي الاتحاد . فما الذي سيفعله؟ ومع من سيكون؟ أم أن عليه التوفيق بينهما ؟أم ... وفي كل الأحوال ومع كل التبريرات " مثل : التكامل ، التنسيق.. " فأنه ليس من صالح عمل المجلس أن يكون في قيادته من هو في قيادة تجمّع أو تنظيم ثقافي أخر . أن للزميلين الكبيرين فاضل ثامر والفريد سمعان تاريخا" يؤهلهما أن يحتلا مواقع قيادية في الثقافة. فهما رمزان ثقافيان نزيهان ومخلصان للعراق والثقافة. ولكن بعد الذي صار أخشى عليهما أن يواجها مستقبلا" موقفا" خلاصته : من سيبتلع من ؟ ! ونأتي الى الشبهة .. التهمة .. السؤال الكبير: من وراء المؤتمر ؟ من الذي يمولّه؟ . لقد صرح إبراهيم الزبيدي من على منصة المؤتمر بأنه سيموّل المجلس على مدى سنة من تأسسيه بمبلغ حوالي مائتي ألف دولار . وكان الهمس واللغط !. فقد همس الذي بجانبي : أي سخيف سيصدّق بهذا القول!. وقال آخر ساخرا" : لم يكذب الرجل.. هو الممول فعلا .. ولكن المال مدفوع من أمريكا! . وقال ثالث من الناصرية " المشاكسة !" :" افترضوا من أمريكا ... قابل بوش باع حجول مرته ودفعها .. اشو فليسات نفطاتنا ! ". الى الآن وأنا ما زلت ابحث عن اليقين . فالرأي الذي يبدو " منطقيا " أنه ما من أحد تصل به السذاجة الى أن يصرف من جيبه ربع مليون دولار من أجل سواد عيون الثقافة العراقية !.. وبالتالي فان في الأمر " إنّ " وإنها أميركا !. الى أن التقيت بأحدهم يعرف إبراهيم الزبيدي جيدا" . وله تاريخ طويل بالثقافة ولا تربطه مصلحة به .. قال لي ما وجدت فيه " المفتاح " . قال: إن إبراهيم الزبيدي رجل أعمال ويكسب الكثير. وأنه " عاشق".. . لم ادعه يكمل . قلت له شكرا". ورحت احلل شخصية إبراهيم الزبيدي بسيكولوجيتي الخاصة . الرجل شاعر .. وشاعر مميز .. والرجل عاشق.. ليس للمرأة فقط ... إنما للثقافة أيضا" ... والرجل محب للشهرة ،ولا يريد أن يخبو ضوء شهرته..فهو إعلامي من أربعين سنة وما يزال يبدو في الأربعين!. والرجل أصيب بإحباط، . فبعد أن عيّن رئيسا للمجلس الأعلى للثقافة عام 2003 وجاء الى بغداد حاملا" معه مشاريع كبيرة .. غادرها منكسرا" نفسيا" . ومصيبة العاشق أنه لا يبرأ من مرضه . والأخطر من ذلك أن العاشق يكون " احمقا" " في المواقف التي تمس نرجسيته أو حبيبته . ولأن عشيقة إبراهيم الزبيدي صارت " الثقافة " . ولأن هذه العشيقة هي الآن في محنة ، ومن العار على العاشق أن يخذلها. ولأنه يجد في نفسه انه فارس من الطراز الأول بين العشاق. ولأنه يمتلك وسيلة إنقاذ العشيقة ... فأن المعطى السيكولوجي مال بي الى التصديق بأن العاشق إبراهيم الزبيدي دفع المبلغ من جيبه . فأن كان في هذا الفعل " حماقة " وليس " نبلا" " في إنقاذ أروع عشيقة عراقية ، على ما يرى آخرون .. فأنها تعدّ أجمل " حماقات " إبراهيم الزبيدي في العشق ، و "أنبلها" أيضا"!.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسرار النساء
-
المأزق الثقافي العراقي- تحليل سيكوسوسيولوجي لحالة الثقافة وا
...
-
السياسيون أصحاء .... أم مرضى نفسيا
-
ضحايا الأنفال .. والحق النفسي
-
كبار الشيوعيين ...أبناء معممين - الحلقة الأولى -!
-
الحكومة والبحث عن يقين
-
الشعر الشعبي... ندّابة المازوشيا الممتعة!
-
العلم العراقي
-
العرب.. وقراءة الطالع
-
جيل الفضائيات
-
أغلقي عينيك وفكّري في إنجلترا
-
السيكولوجيون العرب وتحديات العصر
-
الحزن المرضي ... والشخصية العراقية
-
10% فقط. ..نزيهون في العالم
-
مرض الكراهية
-
مصيبتنا ..فيروسات ثقافية!
-
كردي ما اعرف ... عه ره بي نازانم !
-
حصة العراقي بالنفط ... والدستور
-
العراقي وسيكولوجية الرمز
-
الشخصية العراقية تخطّئ علم النفس!
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|