أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سيار الجميل - ردا على د. محمد الدوري مندوب العراق في الامم المتحدة سابقا - الحلقة الرابعة















المزيد.....


ردا على د. محمد الدوري مندوب العراق في الامم المتحدة سابقا - الحلقة الرابعة


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 582 - 2003 / 9 / 5 - 02:12
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


وجهة نظر عراقية مستقلة

د. سيّار الجميل
مؤرخ عراقي / تورنتو - كندا

الحلقة الرابعة
لقد كان الثمن التاريخي غاليا جدا على العراقيين !!
ولماذا الدفاع عن نظام استباح حقوق الانسان ؟

2. لنبتعد عن التناقضات والمزدوجات
    دعونا نتلمس المزيد من التناقضات التي تعبر في حقيقة الامر عن شخصية قلقة متوترة وخائفة : " علينا تضميد الجراح التي حدثت وهذا لا يتم الا عن طريق مصالحة وطنية ، حتى هذه المصالحة انا ضدها ، اولا اعتقد ان الشعب العراقي كشعب ساهم في هذه المخاطر ، لقد قامت بها جهات امنية محددة وهي المسؤولة ، اما الشعب فلا يتحمل هذه المسئولية ، اذ لا توجد عائلة عراقية واحدة لم تتضرر بشكل مباشر او غير مباشر ، هناك من فقد شهيدا او شخصا بسبب نقص الدواء او الغذاء او الحصار او غير ذلك ، رغم اننا نحمل المسئولية للدول التي فرضت الحصار ، الا  انها قادت الى ما قادت اليه " . بالله عليكم ، تأملوا في النص في اعلاه ، فما معنى بأن الشعب ساهم في هذه المخاطر ؟  والجهات الامنية مسؤولة عن ماذا ؟  ما الجراح التي تريد تضميدها ؟ وانك مع المصالحة الوطنية ولكنك ضدها ! واسألك : بين من ومن ستكون هذه المصالحة الوطنية ؟ كن صريحا يا اخي .. انك تريد مصالحة وطنية بين البعثيين من اركان النظام السابق والقوى السياسية الجديدة ! ولكن كنت اتمنى عليك من صميم القلب ان تدعو النظام السابق ورئيسه المخلوع الى المصالحة الوطنية منذ زمن طويل .. كان العقل يقول بتلك المصالحة السياسية منذ ازمان .. اما اليوم ، فلا يمكن ان تحدث ابدا واكرر ان من حسن حظ النظام السياسي السابق ان يتغير على ايدي الامريكان وليس على ايدي العراقيين .. اذ يدرك الجميع ما الثمن الباهظ  الذي كان سيدفعه العراقيون .
      اما بالنسبة الى مسألة الحصار التي كانت ولم تزل قميص عثمان لبسها النظام السابق لسنوات طويلة يستجدي بها العالم كله وهو المستفيد من حالتها الشاذة على حساب العراقيين كل العراقيين ، علما بأن صدام حسين بقي عنيدا في ممانعته لاستخدام قرار النفط مقابل الغذاء والدواء لسنوات ، ثم ارعوى وقبل القرار وسط نقد فاضح من قبل كل العالم ! وليكن معلوما يا اخي الدوري بأن اطفال العراق كانت تموت كلها في وسط العراق وليس في شماله او جنوبه ، وذلك ليس بسبب قلة الغذاء والحصار ، بل بسبب كثرة اشعاعات ما تفجّر وما استخدم من النوويات والكيمياويات والبايولوجيات في وسط العراق ! وانت تدري كم كلفت العراق تلك المشروعات لاسلحة الدمار الشامل التي لا يعرف اين اصبحت اليوم ! وانتظر زمنا ليس بطويل ما سيحدث للعراقيين من امراض نتيجة ما فعلوه بالتويثة . هل هذا فعل انساني يقوم النظام السابق ببناء مرافق نووية وكيمياوية قريبة من السكان القرويين ؟ وهل راعى  كل هذا وذاك عشاق الحروب في قلب حيوي  لبلد مليىء بالناس ؟ ثم ما معنى ان يتعّرض البلد الى حرب تقودها امريكا التي عرفنا من تاريخها انها لا ترحم ابدا في اسقاط ما تريد . واذا كان عشاق صناعة الامجاد الزائفة من خلال اشعال الحروب الدموية والبطولات القومية وهم يغامرون بمثل هذه الطرق والاساليب من دون دراية باوضاع العالم ومتغيراته ولا حكمة في تقدير الامور ومصاعبها ولا معرفة بتجارب الامم وتواريخها ، اليس من الاجدى خلق وسائل دفاع حقيقية لشعب لا يمكنه ان يحارب الالكترونيات باسلحة بالية ؟  لقد علمنا ان كل شيىء بيد الامريكيين بدليل انهم رفعوا الحصار عن العراق من دون الكشف عن اسلحة دمار شامل .. بمعنى آخر : كان الحصار سيبقى مفروضا على العراق والعراقيين ما بقي صدام على رأس السلطة !
5. الرؤية السوداوية للمستقبل
     وتنتقل يا اخي الدوري الى رؤيتك لمستقبل العراق فتراه سوداويا وانت في منتهى التشاؤم وكنت قبل التاسع من ابريل / نيسان 2003 في منتهى التفاؤل كما سمعك الناس تقول . لا اتدخل في رؤيتك هذه ابدا فلابد من احترامها ، ولكن دعني اقول بأنها رؤية لا تستند لا الى واقع ولا الى تاريخ ولا الى مستقبل ! انك تبشر بالتجزئة والانقسام وبالطائفية والكانتونات المناطقية قبل حدوثها ، فهي محض فرضيات والتي لا يمكن لأي عراقي ان يتخيل بلده بمثل هذه الصورة الكاريكاتيرية ، ونسيت ان العراق جزء من اقليم ليس من السهولة ابدا تفكيكه ، وهذا ما كان يبشر به النظام السابق ويخيف الناس من حدوثه ويبشر بالحرب الاهلية التي يتفسخ العراق من بعدها ، وربما كنت ولما ازل اخشى جدا من حدوث ذلك ، ولكن متى ؟ عندما يغدو العراق فارغا من اية مقومات لحمايته من تفاقم تناقضات الدواخل وشراسة المحيط الاقليمي .. ولكن ؟ لقد اثبت العراقيون انهم وحدة متراصة في ساعات المحنة التاريخية برغم كل الدعايات المضادة .. وانت تقول بأن وراء ذلك مشروع امريكي صهيوني .. وانا لا اخالفك ، نعم هناك اكثر من مشروع وربما مشروعات اقليمية ستنشب اظفارها في جسد العراق الذي انتحرت دولته وكل مؤسساته فجأة وخلال ساعات من ليلة واحدة ليغدو في قبضة قوى جيوش التحالف الامريكي – البريطاني !
       ولكن من الذي كان السبب في ذلك كله ؟ هل كان الشعب العراقي ام كان نظام الحكم السابق ؟ الم يكن ذلك النظام ورأسه ليقبل بأي مشروع امريكي صهيوني من اجل ان يبقى في السلطة ؟ الم يحاول حتى آخر ايامه من عرض العراق كله سلعة للامريكيين وعرض نفط العراق ايضا من اجل ابقائه على كرسي الحكم ؟ الم يتوسط بكل الدول ذات العلاقة ومنها جولة طارق عزيز الاخيرة الى الفاتيكان مثلا ، وحتى الاستجداء ببعض الافراد كالذي حدث مثلا مع الشيخ امين الجميّل الرئيس اللبناني الاسبق كي يتوسط  مقابل كل شيىء ! وفي المقابل ، ألم يرفض رأس النظام السابق كل الدعوات التي ناشدته بالتخلي الحقيقي عن السلطة من اجل العراق وابعاد شبح الحرب عن شعبه وايقاف تداعيات ما سيحدث من مشكلات ؟؟ الم يطرح صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة مشروعه لاحتواء الازمة ، ولكن افكاره الواقعية المستندة الى تجارب اخرى في تاريخ القادة والزعماء لم تلق اي اذن صاغية ويا للاسف الشديد.. وكنت اتمنى ان تقف انت بالذات معها بعد ان تثيرها باسم العراق والعراقيين وانت في اروقة الامم المتحدة وتحدث انقساما وتكسب التاريخ .. ؟؟  ولكنك اهملتها ، بل وصّرحت ضدّها كما تابعنا ذلك من اجهزة الاعلام . فارجو منك اخي ان تكف عن سوداويتك وتتفاءل قليلا ، فنحن نعرف من الذي جنى على العراق والعراقيين ، وعلى كل من ساهم من اخوتنا البعثيين في ايصالنا الى هذا الدرك من الكارثة ان يعترف بجملة الاخطاء التاريخية التي لا يمكن ان تغتفر ابدا ، وان يكون شجاعا في تحّمل المسؤولية اليوم كما كان يتشدق لوحده بحملها وبالانتصارات التي سيحدثها من دون ان يسمع ابدا على مدى اكثر من ثلاثة عقود من الزمن للعراقيين اجمعين .. لابد ان يعترف كل اولئك الذين صفقوا للحرب وقدموا العراق لقمة سائغة للاخرين بكل اخطائهم وجرائمهم وكان آخرها ان يحتل العراق ..
      ويجلس الاخ الدوري باكيا متشائما امام العدسات وامام الصحافة .. فهل هو يبكي على رحيل النظام السابق عن العراق والعراقيين .. ام انه يبكي احتلال العراق اليوم ؟؟ ربما له الحق في ان يبكي على رحيل البعث وصدام حسين ، ولكن ليس من حقه ان يبكي على العراق والعراقيين وهم في رهان المحتلين الذين اتت بهم سياسات صدام حسين ، وليطمئن الاخ الدوري بأن هناك من محتل بقي الى ابد الدهر ، واين ذلك المحتل ؟ انه في العراق  وانا واثق بأن موقفك ما كان ليكون هكذا لو بقي صدام ونظامه ، كنت ستبقى مدافعا عنه وعن نظامه ! ولكن دعونا نتخّيل فقط ان صداما لأمر ما خرج سالما من هذه الحرب ، فماذا سيكون وماذا سيحدث ؟ سيكون منتصرا على اكبر قوة في العالم وفي غضون اقل من سنة سيثير مشكلة او اكثر وسيمتد الى حيث يريد باستثناء تحرير فلسطين التي سيحررها من مكان آخر ! ان تخوفنا على مصيرنا وعراقنا لا يجعلنا نتندم على زوال عهد صدام ، بل في ان يعمل كل عراقي وعربي شريف في ان يحول دون اي حرب اهلية او انقسامات داخلية او صراعات طائفية او عمليات تخريبية من اجل مستقبل العراقيين وحاجتهم الماسة اليوم قبل اي مضى من القرن العشرين للامن والاستقرار واعمار ما دمرته الحروب الماضية .. وان يخرج العراق من ازمته معافى ومستقل الارادة ويتمتع جميع العراقيين بالحرية والرخاء ، بعد تثبيت اولوياتهم الوطنية واجندتهم السياسية وسلطاتهم الدستورية ومؤسساتهم المدنية في دولتهم الجديدة .. وبعكس ذلك فسيدخل العراق – لا سمح الله – في نفق مظلم او يتيه في متاهة مليئة بالضواري المفترسة .
7.  المقابر الجماعية وتبريرها : قضية خاسرة
      وأخيرا تقول اخي الدوري : " قضية المقابر الجماعية لم تأت دون سبب فما هو السبب ، لماذا صدرت اوامر للقوات العراقية بابادة هؤلاء وهي بحد ذاتها جريمة ، لكن بالمقابل هؤلاء الذين تمت ابادتهم دون غيرهم لماذا هم ؟ علينا محاكمة الجميع الذين جاؤا من خارج العراق وقادوا ما سمي بالانتفاضة او الغدر والخيانة هؤلاء قادوا ودفعوا اناسا للتدمير والقتل فاستباحوا وقتلوا واغتصبوا ودمروا الجوامع وقتلوا كل شيىء ، اذن علينا اذا اردنا فتح هذا الملف ان نفتحه على الجميع لكي يأخذ كل ذي حق حقه . واضيف ايضا انه في فترة الانكسار العراقي الكبير ابيد عراقيون وهم في طريقهم للعودة من الكويت مشيا على الاقدام الى مدنهم التي مروا بها ذبحوا ، لماذا ذبحوا ، لذا لا اريد اثارة ذلك الان بالذات لأنه سيقودنا الى دوامة وسوف لن نستطيع الخروج منها في الوقت الذي نريد به مداواة الجروح التي حدثت . واقول اخيرا ان دولة الطوائف هي المشروع الامريكي فان لم تستطع السيطرة على العراق ستدفعه الى حرب اهلية لتصل لمبتغاها وهو ما يجب التركيز عليه عراقيا وعربيا " ( انتهى قولك ) .
        اذن ، هذه هي رؤيتك للمقابر الجماعية العراقية ؟  وفي المحصلة انت تدافع عن نظام سياسي وقف على رأسه صدام حسين الذي خرق كل حقوق الانسان وانت الذي تقول بأنك ممثلا لتلك الحقوق ؟ لابد انك تدرك بأن هؤلاء العراقيين تمت ابادتهم من دون غيرهم لأنهم انتفضوا بوجه من غزا بهم ايران في العام 1980 وابقاهم يقاتلون ويقتلون لثمان سنوات .. ثم غزا بهم الكويت العام 1990 ، ثم جعلهم مرغمين يواجهون المصير الصعب عندما جعلهم في فوهة الموت مذ ادخلهم مكرهين في حرب مع التحالف في العام 1991 ! ومن حق اي انسان ان ينتفض ويثور على حالة سياسية خاطئة . لماذا تحاكم الجميع وانت تشكك في مصداقية الاحداث ولا تستطيع ان تأخذ موقفا منها لتسميها بكل جرأة ( انتفاضة ) كما سماها احرار العراق ولكنك تسميها ( صفحة الغدر والخيانة ) كما اسماها صدام حسين ! واذا صدقنا ما تقول او ما اعلنه النظام السابق بأن المنتفضين ( او : الغوغاء بتسمية صدام حسين ) كانوا قد فتكوا ودمروا واغتصبوا كما تدّعي وانهم دمروا الجوامع – كما تقول - ! ربما ولكن النظام هو الذي ضرب الجوامع بالقنابل والصواريخ باعتراف حسين كامل نفسه !
      اذا كل هذا قد احدثه هؤلاء اليس من القانون ان يحاكموا في محاكم قانونية ؟ ايصح ان يباد الناس شيوخا ونساء واطفالا ؟ وما حدث في جنوب العراق والفرات الاوسط حدث في الشمال ايضا  ؟ اذا كنت تدّعي بأن نفرا من ايران قد عبر وفعل ما فعل في الجنوب ، فمن ذا الذي دخل في كردستان العراق حتى يباد الاكراد هناك ابادات جماعية ويهاجرون بالالاف المؤلفة الى ما وراء الحدود في ظروف صعبة وقاسية للغاية ؟ ان الذي يختلق الاسباب يكتفي بواحد حتى لا يقال انه كاذب ، فكيف تدّعي بأن عراقيين قد ابيدوا عند مدن استجاروا بها عند نزوحهم من الكويت ؟ هل ثمة شواهد وثائقية صادقة على ما تقول ؟ صحيح ان قياديين بعثيين قد قتلوا بابشع انواع القتل على ايدي الثائرين المنتفضين العراقيين في العام 1991 ، ولكن ان يذبح جنود وهم يتقهقرون في اسوأ الاحوال عند المدن فهذا ما لم يسمع به العراقيون ابدا !
8. وأخيرا : العراقيون : ما الذي بحاجة اليه ؟
     مهما قيل عن عهد النظام البعثي السابق في العراق ومهما سيقال عن عهد الاحتلال الاميركي للعراق اليوم ومهما اختلفنا وافترقنا على وجهات نظر سياسية او مجموعة حقائق تاريخية او مواقف او برامج ومشروعات مستقبلية .. فان الذي حصل في التاسع من ابريل / ابريل 2003 قد بدّل الاحوال رأسا على عقب في العراق وجعل العراقيين جميعا امام مفترق طرق تاريخي صعب جدا ، وينبغي الاعتراف بأن يكون المرء قاسيا على نفسه من اجل اعلاء كلمة الحقيقة برغم كل مراراتها وان يبدأ العراقيون صفحة تاريخية جديدة بعيدة عن التخوين وعن الايذاء وعن التجريح وعن تصفية الحسابات بطرق همجية .. بل لابد ان تسود سيادة القانون العراقي وان تؤسس محاكم مدنية من اجل محاكمة كل من ساهم في الجريمة ضد العراقيين وقاد العراق الى الخراب والكارثة ! وعلى العراقيين ان يتعاملوا مع الواقع السياسي الجديد من اجل تحقيق اهداف جديدة في ظل الوجود الامريكي وعليهم ان يستفيدوا من ركام ما حدث من اخطاء تاريخية لا تغتفر ابدا .. وان يكون الانسان مع وطنه وشعبه دائما وابدا لا مع الاخطاء وتمويه الحقائق من اجل تبرير ما انتجه نظام سياسي عات جائر لم يعد موجودا اليوم .. واذا كان البعض يخشى رجوعه ثانية الى الحكم ، فان الامور قد تغّيرت والاحوال قد تبدّلت ، وانه فقد ارضيته الحقيقية وانتهت وسائله القمعية وتقطعت اوصاله الحية وتكشفت غرائبه على العالم كله ..
      ان هناك العديد من الناس ما زالوا يؤمنون برجوع نظام صدام حسين من جديد .. كما ان علاقتهم السياسية والعاطفية به تجعلهم لا يريدون حتى الانفصال عنه ، فكيف باداتتهم له . ان التاريخ لن يرحم ابدا بفضل هذه الحرب التي ارادوها وسعوا اليها في كشف الصورة الكاملة والحقيقية لما كان يعيشه العراقيون في ظل نظام صدام حسين. لكن المشكلة تكمن في الاختلاف ببرامج العمل وآليات التنفيذ فلا يمكن ان يبقى الاحتلال مهيمنا على العراق وهذه حقيقة لابد ان نؤمن بها جميعا ، ولكن لا يمكن ابدا ان يبقى العراق خرابا من دون مشروعات حيوية وجديدة لاعماره ، ولا يمكننا قبول بقاء الديون الضخمة في اعناق العراقيين واجيالهم القادمة من دون السعي لاطفائها بوقوف العالم الى جانبنا .. ولا يمكن لأي عراقي استوعب الهزيمة او الانتصار من دون السعي لتأسيس دولة جديدة ومؤسسات جديدة من خلال انبثاق دستور عراقي دائم يؤمن حكم وطني عراقي يشارك فيه الجميع . أي باختصار : لا يمكن ابدا ان يترك العراق في متاهة الضياع من دون اعادة الحياة الطبيعية الى كل اجزائه والبدء ببرامج السياسة والاعمار وسن التشريعات الجديدة، وانعاش الاقتصاد والبدء بخطط التنمية السريعة وان نطالب بأن لا يبقى الجوع في العراق وان يحقق الجميع فرصهم في الحياة السياسية ويبدأ العمل بتكافؤ الفرص لكل الاطياف بعيدا عن تدخلات دول الاقليم كافة تحت اية ذرائع او اسباب او مبررات    ..
      ان ثمة اولويات لابد ان يضعها العراقيون في خططهم ، فلا يمكننا الحديث عن مثاليات وعموميات بعيدا عن مستلزمات حيوية وواقعية ، اذ لابد ان يدرك الاخ الدوري ومن يمثل افكاره ان حاجتنا للعراق اولا اليوم ، فلا يمكننا السعي من اجل مثاليات الماضي التي ضيعتنا وجعلتنا في اسفل سافلين ونحن تحت طائلة تعويضات قاهرة ولا يمكننا ان نلبي حاجات الاخرين من دون معالجة ما على كاهلنا من مديونية رهيبة ستمتد اجيالا وراء اجيال ولم يكن الشعب العراقي مسؤولا عمن اقتنصها من حاضره ومستقبله ولكن ان لم تعالج منذ الان فستبقى متسلطة على رقبته الى عشرات السنين ! ان العقل يفرض علينا ان نحقق مصالحنا الحيوية بكل براغماتية ومرونة وذكاء وانفتاح ودهاء وان يشارك الجميع في مؤسسات المجتمع المدني العراقي بعيدا عن البحث عن السلطة والجاه والنفوذ في الدولة ، فالدولة العراقية الجديدة بحاجة الى اناس وطنيين من التكنوقراط الذين تهمهم المصلحة العامة من اجل تطوير الدواخل العراقية البدائية وعموم شرائح المجتمع العراقي من دون اي تمييزات  مناطقية جهوية او عشائرية قبلية او دينية طائفية او حزبية شوفينية .. وان تطبق سيادة القانون على الجميع ويتحمل كل من اخطأ ما سيواجهه من حساب وعقاب وان يفرض الامن والنظام من قبل العراقيين أنفسهم ..
       ودعوني اقول بكل صراحة : ان اي مجابهة ساخنة في الضد تحت مسميات وعناوين متباينة سيدخلنا ذلك – لا سمح الله -  في دوامة حرب عاتية وسيتمزق العراق وسيحقق المحتلون اغراضهم وربما امتد الخطر الى كل دول المنطقة لا سمح الله . ان العراقيين لابد لهم اليوم ان يقدموا ضرورات مصالحهم الوطنية العليا قبل اي شيىء آخر ، ولابد ان تبيح تلك الضرورات المحظورات التي تربينا عليها زمنا طويلا ، وللضرورة احكام . وعليهم ان يتخلصوا من الحالة الازدواجية التي وضعوا انفسهم فيها ، فاذا اقتنعوا بأن لا رجعة للماضي ابدا فسوف يبدأ عملهم باتجاه المستقبل بكل حيوية ونشاط .. وفي كل الاحوال ، عليهم ان يفكروا والبعثيون في مقدمتهم  بأن الفرصة التاريخية وحدها هي التي ازاحت صدام حسين عن عرشه وطغيانه ، ولنتأمل معا  ما الذي كان سيحّل بمستقبل العراقيين ان تسلّم العراق عدي ام قصي بكل رعونتهما الفجة وميراث القائد الضرورة ؟؟ اعتقد انها صورة مرعبة قاتمة وسوداوية يا اخي الدوري .. اليوم علينا السعي بكل الطاقات من اجل تأسيس كياننا الوطني من جديد وان نأخذ ونطالب لتحقيق المكاسب في دولة جديدة وان نبدأ تاريخ جديد بعد ان يسود القانون على الجميع وما ذاك على العراقيين وجميع العراقيين دون استثناء ببعيد !
      وأخيرا ، أتمنى عليك اخي الدوري ان لا تكون هذه الحلقات النقدية من المناقشات قد ازعجتك ، فليس لي من ورائها الا ابتغاء المصلحة العامة لنا كعراقيين من اجل خدمة وطننا الحبيب وبناء مستقبله والتعلم من تجاربنا التاريخية القاسية .. فضلا عن ان ليس هناك ابدا اي مطلق في الرؤية الى التاريخ ، بل لابد ان نؤمن بأن النسبي لابد ان يسود في تفكيرنا .. ولابد انك تختلف معي في النظرة والتقييم والرؤية حول ذاك الذي كان سائدا في العراق ايام عهد صدام حسين بحكم مقاربتك من السلطة وبالتالي تباين وجهة نظر كل منا حول حاضرنا ومستقبلنا .. وسيكون التاريخ الوثائقي في مقاربة للحقائق حكما بيننا في ما سيأتي من الايام .
 



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يرى ابن الموصل .... ابن النجف ؟
- مشكلات المجتمع العراقي دعوة للعراقيين فقط من اجل فهم واقعي ب ...
- ما الذي عرفته في الامام الراحل محمد باقر الحكيم ؟
- ردا على د. محمد الدوري مندوب العراق في الامم المتحدة سابقا - ...
- انتحار دولة العراق المعاصر - مكاشفات تاريخ سريالي مسكوت عنه ...
- انطباعات مرسلة الى الاخ الفاضل الاستاذ القاضي زهير كاظم عبود ...
- مزامنات دستور العراق الدائم افكار من اجل مستقبل أفضل للعراق ...
- يا ترى من هو الخاسر ؟ العرب لم يعترفوا بمجلس الحكم الانتقالي ...
- احتضار جامعة الدول العربية !! البديل : مشروع بناء منظومة حيو ...
- مزامنات - شيخوخة الزمن العربي: هل من استعادة بنيوية لكل من ا ...
- ابعدوا العراق عن دوائر الاوهام العربية
- العراق في قلب العالم 2003 أكبر رصيد من المنشورات والادبيات ا ...
- ردا على جميل مطر : ماذا لو كنت عراقيا حمّالا للأسية ؟؟
- المثقفون العرب: أرتال وراء التخلف
- مناقشة لآراء منشورة لمحمد الدوري- سفير العراق السابق في الأ ...
- مناقشة لآراء منشورة لمحمد الدوري سفير العراق السابق في الأمم ...
- نحو نظام خليجي تكاملي رؤية جيواستراتيجية في المجال الحيوي
- أول الشهود علي مأساة العراق - الزهور الندية ذبلت علي أيدي ال ...
- الملك فيصل الأول- بعد سبعين سنة علي رحيله..رحلت دولة المؤس ...
- العراق وعبد الناصر - الحلقة الاخيرة


المزيد.....




- محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا ...
- عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح ...
- مصر.. تقرير رسمي يكشف ملابسات قتل طفل وقطع كفيه بأسيوط
- السعودية تقبض على سوري دخل بتأشيرة زيارة لانتحال صفة غير صحي ...
- القضاء الأمريكي يخلي سبيل أسانج -رجلا حرا-
- القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- رئيس ناسا: الأمريكيون سيهبطون على القمر قبل الصينيين
- في حالة غريبة.. نمو شعر في حلق مدخّن شره!
- مادة غذائية تعزز صحة الدماغ والعين
- نصائح لمرضى القلب في الطقس الحار


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سيار الجميل - ردا على د. محمد الدوري مندوب العراق في الامم المتحدة سابقا - الحلقة الرابعة