قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1919 - 2007 / 5 / 18 - 12:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل يمكن أن يستغني آدم عن حواء ؟. لو كان ذلك بالإمكان لفعلها جدنا آدم . كانت الحياة قبلها موحشة من دون أنيس. وبرغم أنها "أغرته" أو "حرّضته" على أكل التفاحة، فأنني أرى أن خسارة آدم الجنة بسبب حواء كان لحكمة عظيمة : أن يكتشف أنه ربح بديلا رائعا هو حواء، وأن الجنة في الحياة الدنيا هي المرأة... ولكن لو يفهمها آدم .
لكننا نحن الرجال لم نستطع أن نكتشف الجنة في حواء. لم نعرف كيف نوقظ فيها أنوثتها، وان أيقظناها فلموسم قطف الثمار فقط . لم ننثر حولها البهجة لتتورد الزهور بوجنتيها ويتدفق ماء الحياة في شفتيها وتنمو ضفائرها ليغدو شعرها غابة نخيل تفوح بالعطور والمسك والعنبر ..أليس المسك والعنبر من روائح الجنة؟
ومعظمنا، نحن الرجال، ازدواجيون في علاقتنا بالمرأة. نكتب عنها القصص والروايات ودواوين الشعر.. ونرتكب من أجلها الحماقات.. وعندما نمتلك هذه الجنة لا نعرف كيف نحرص على أن تبقى جنة دائمة.
قالت : أنت أول رجل أراه يدين أبناء جنسه، ولكنك مثلهم لا تعرف الكثير من أسرارنا. مصيبتنا فيكم أننا نمنح ثقتنا لأول حب نلتقيه.. فتخذلوننا، ولا تعلمون أن الطفلة منّا – وهذا واحد من أسرارنا – تكبر ويكبر معها الإحساس بقلق الهجر عندما تموت أمها. فهي لا تنظر الى هذا الأمر على أنه نهاية طبيعية، بل تعدّه هجرانا لها. وبين هذا وذاك فرق كبير لو انتبهتم . فمن حالة عدّ الموت هجرانا ينشأ لدينا نحن النساء، الخوف من المستقبل.. من الرجل الذي سيكون ملجأ بديلا. ألا ترون أننا حتى لو تزوجنا وخلّفنا صبيانا وبنات نبقى متعلقات بأمهاتنا كما لو كنّا صبيات !.
ونطلعكم على سرّ آخر . إن قلق الهجر الذي ينمو في امرأة منّا، لا ينشأ من الخوف من فقدان سند الرجل لها فقط، إنما أيضا من الإحساس المؤلم بقيمة الذات. لأنكم لا تعرفون أن فقدان العون والحماية يعني لنا، نحن النساء، فقدان تقدير الذات، فتتسلط على المسكينة منّا فكرة أنها لو كانت ذات قيمة لما هجرت، فتهرع الى العرّاف أو الساحر لأنكم تتحولون في لاوعيها الى رمز للخطر والنكد والشر .
وما زاد في همومنا أنكم جعلتمونا "كبش فداء" تفرغون فينا غضبكم وحماقاتكم وصفعات الدنيا لكم و(كفخاتها) على رؤوسكم التي صارت أغزر من المطر.
والكم سّر الأسرار
لقد تهرّأ نسيج العلاقات بين الناس ولن يعيدها وثيقة تكتب في مكة أو مؤتمر يعقد في القاهرة أو عمان أو طهران أو شرم في أي مكان . فبيننا والكارثة الختامية الناسفة خطوة واحدة : اذا تهرّأ الباقي من خيوط العلاقة بين آدم وحواء .
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟