|
حق العودة وامكانية تحقيقه وتنفيذه
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1919 - 2007 / 5 / 18 - 05:46
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
الحلقة الأولى: أ. من الناحية القانونية والسياسية. كل القرارات الدولية التي صدرت بشأن فلسطين وحتى قبل حدوث النكبة وتبعاتها على الفلسطينيين ، لا يستطيع المرء أن يجد قرارا أو وثيقة دولية تتحدث عن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وممتلكاتهم ، ليكون ذلك مناسبا ومتفقا مع إمكانية إقامة دولة الكيان الصهيوني ، نحن في هذا نتكلم عما جاء في نصوص تلك القرارات وتلك الوثائق ، فوعد بلفور ورغم عدم شرعيته وقانونيته باعتباره وعدا أو تعهدا ممن لا يملك حقا بإعطاء ومنح من لا يملك على الأرض حقا أو شرعية ، نجد أن هذا الوعد لم يتكلم عن ضرورة وواجب إفراغ البلاد من أهلها الأصليين وتهجيرهم من اجل إقامة دولة " إسرائيل " ، بل إن هذا الوعد الروتشيلدي ، جاء ليتحدث عن إقامة وطن قومي لليهود بحجة جمع شتاتهم من أوروبا ، وليس إقامة دولة بالمعنى السياسي والقانوني ، ولذلك فهو يتحدث في السياق ذاته عن احترام الحقوق المدنية والدينية للسكان المقيمين فيها أصلا والذي نعتهم بطريقة تجافي القانون والأخلاق والسياسة على أنهم أقلية ، وأما بالنسبة لصك الانتداب فهو الحال بالنسبة له كذلك ، فليس فيه ما يشير إلى طرد أو تهجير أو نقل السكان العرب الفلسطينيين فيه إلى خارج وطنهم الأصلي ، وكل ما فيه وان كان ظالما ومجحفا بحق الشعب الفلسطيني ومنطويا كذلك على مؤامرة بحقه ، لكنك تجد انه يتحدث عن حجة التطوير والإشراف على سكان فلسطين والعمل على تأهيلهم لكي تحين اللحظة التي يستطيعون من خلالها تقرير مصيرهم ، صحيح أن الأمر كان بمثابة خدعة، وعلى الأرض من واقع القوانين والإجراءات والإدارة التي كان يحكمها بريطانيون متصهينون وتسهيل هجرة اليهود الذين ازدادت نسبتهم من 2% عام 1918 إلى 37 % عام 1948 من مجمل السكان ،إلا أن المرء لا يستطيع أن يجد مباشرة وبالنص ما يفيد بضرورة إفراغ فلسطين من سكانها العرب الأصليين ، هذا وفي كل الأحوال فان صك الانتداب باطل من أساسه سواء ورد أو لم يرد ما يفيد بنقل أو بطرد الفلسطينيين ، لكن كل ما في الأمر من غرض هو إقامة الحجة على عدم وجود أية شرعية دولية لتهجير أو نقل وإفراغ الفلسطينيين من أراضيهم وممتلكاتهم .
وأما بالنسبة لقرار التقسيم الصادر سنة 1947 بشان تقسيم فلسطين ما بين عرب ويهود بإقامة دولتين متجاورتين ، فهو على إجحافه وعدم شرعيته لا يتحدث عن وجوب تهجير العرب الفلسطينيين من اجل الوصول إلى دولة عربية وأخرى يهودية نقيتين من الاختلاط العرقي يهودا وعربا ، فالقرار واضح فهو يتحدث عن تقسيم للأرض بحيث يكون لليهود 56 % من ارض فلسطين في مقابل 44 % للسكان العرب الأصليين ، دون أن يكون هناك إجبار لا لليهود ولا للفلسطينيين العرب على الانتقال إلى حيث كيانهم السياسي الجديد ، بل هم مخيرون في البقاء أو في الانتقال إلى حيث هم يرغبون ، فمن أراد البقاء من العرب الفلسطينيين في القسم المخصص لدولة اليهود كان له ذلك والعكس صحيح بالنسبة للطرف الآخر مع اكتسابه لجنسية الكيان الذي سيفضل البقاء فيه ، ولقد أشار ذلك القرار على ضرورة التعاون والتكامل الاقتصادي بين الكيانين وان كان الغرض منه تبعية الجزء المخصص للفلسطينيين للكيان المخصص لليهود ، لكنه في كل الحالات لا يستطيع المرء أن يقرأ فيه ولو إشارة حول يهودية الدولة النقية من كل جنس وعرق آخر . وإما بالنسبة للقرار 194 المتعلق باللاجئين الفلسطينيين الذي صدر سنة 1948 ، والذي كان في أصله عبارة عن توصية من الفولك برنادونت الذي اغتالته إحدى العصابات الصهيونية في القدس بسبب موقفه من المأساة التي ألمت باللاجئين الفلسطينيين ، ولذلك جاء القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة في محاولة لمعالجة مأساة اللاجئين ونكبتهم بضرورة تحقيق حقهم في العودة وكذلك من باب الوفاء للفولك برنادونت الذي دفع حياته ثمنا لمواقفه، على أية حال هذا القرار يتحدث عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة و | أو تعويض من لا يرغب منهم في العودة إلى دياره وممتلكاته ، فحق العودة فيه أصيل وهو المنصوص عليه ابتداء أما التعويض فهو تابع له بالضرورة لتعويض اللاجئين الفلسطينيين عما لحق بهم من خسارة سواء أكانت مادية أو معنوية ، وأما التعويض فقط فهو متروك للذي يريد أن يتخلى عن حق العودة بشكل فردي ، ومعنى هذا أن الذي يرغب بالتنازل عن حقه في العودة ينصرف إليه فقط أما أهله أو أفراد أسرته أو أبناؤه فلهم الحق بالتمسك بحق العودة لان المسالة هنا متعلقة بوطن والوطن لا يباع ولا يشترى ، ومما جاء في القرار 194 الفقرة 11 ، الصادر في 11 - 12 - 1948 ، ما يلي: "تقرر الجمعية العامة أن اللاجئين الراغبين في العودة إلى أوطانهم والعيش بسلام مع جيرانهم ، يجب أن يسمح لهم بذلك في أول فرصة عملية ممكنة ، وانه يجب دفع تعويض لممتلكات الذين لا يرغبون في العودة، ودفع تعويض للخسارة والضر الذي أصاب الممتلكات لأصحابها وإرجاعها إلى أصلها من قبل الحكومات والسلطات المسئولة ، بناء على قواعد القانون الدولية والعدالة ". وفي الفقرة (11) نفسها هناك فقرة فرعية تابعة لها وهي واردة في شكل تعليمات إلى " لجنة المصالحة " بان تقوم اللجنة بتسهيل عودة اللاجئين وإعادة توطينهم وإعادة تأهيلهم اقتصاديا واجتماعيا ، وهي ألفاظ توحي بالتحضير المسبق إما بعودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها ، أو أن يتم استيعاب من لا يرغب بالعودة حيث هو يريد أن يبقى بقراره الشخصي والفردي وبالتحديد في الدول العربية التي لجئوا و نزحوا إليها . وحتى بالنسبة للقرارين الدوليين الصادرين عن مجلس الأمن 242 و338 على التوالي لسنتي 1967 و 1973، ورغم إجحافهما بحق القضية الفلسطينية وبحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ، فلا يستشف منهما أيضا بان لإسرائيل الحق في يهودية الدولة النقية ، وبهذا لا يوجد هناك أي سند قانوني أو سياسي يمكن لإسرائيل أن تستند إليه لتبرير عدم عودة اللاجئين من الناحية القانونية والسياسية الحلقة الثانية: ب : حق العودة وإمكانية تطبيقه وتنفيذه على الأرض" من الناحية الفعلية". في هذا البند سيغيب دوري بشكل عام ، وسيقتصر دوري في معظمه على نقل الدراسات التي تفحص هذا الجانب ، من بين هذه الدراسات سأنقل بعضا مما جاء فيها وبالتحديد ما قام به الباحث المعروف الدكتور سلمان أبو ستة في كتابه المنشور حق العودة مقدس وقانوني وممكن ، وفي هذا الكتاب الذي هو عبارة عن مجموعة من المقالات ، توصل الباحث سلمان أبو ستة من خلال دراسة التوزيع الديمغرافي والجغرافي للأراضي المحتلة عام 48، بعد مضي أكثر من 47 عاما على الاحتلال إلى ما يلي: يقول الأستاذ سلمان في كتابه وتحت عنوان خطة العودة : نبدأ بتحديد المشكلة : عام النكبة 1948 احتلت إسرائيل 78 % من فلسطين، بيانها كالآتي: أ- 682و1 كم2 ( 6% من مساحة فلسطين ) مساحة الأرض الواقعة تحت الحيازة اليهودية سواء بالشراء أو الامتيازاو التأجير " نصفها فقط مسجل ". ب- 465و1كم2 مساحة ارض الفلسطينيين الذين بقوا في إسرائيل ، وقد تمت مصادرة ثلثيها . ت- 187و17 كم2 أو 85 % من مساحة إسرائيل ، مساحة الأرض التي طرد منها أهلها وأصبحوا لاجئين . وفي عام النكبة 000و805 مواطن فلسطيني من ديارهم ، أو ما يمثل 85 % من سكان الأرض التي احتلتها إسرائيل . أصبح عددهم الآن 000، 600 و4 ، يقصد الباحث عام "1995". ويضيف الأستاذ أبو ستة قائلا : والعجيب انه رغم مرور ما يقرب من نصف قرن ، لا يزال التوزيع السكاني لليهود من توزيعهم كما هو عام 1948 ، اليوم إسرائيل تقسم إلى 41 إقليميا طبيعيا ، ضمن ثلاث مناطق رئيسية . المنطقة الأولى والتي يشير إليها الباحث برمز (أ) على الخارطة تشمل 8 أقاليم مساحتها 683و1كم2 ،أي 8% من مساحة إسرائيل وهي مشابهة للأراضي اليهودية قبل عام 48 ويسكن بها 000و924 و2 يهودي ( احصاء1994) المنطقة ( ب) تشمل 5 أقاليم ومساحتها 318 و1 كم2 وتقارب مساحة أراضي الفلسطينيين الباقين ، ويسكن بها اليوم 000و419 يهودي أو 10% من اليهود ويسميها الباحث بالمنطقة المختلطة . المنطقة (ج) ومساحتها 325 و17 كم2، وهي مقاربة في المساحة والمكان للأرض الفلسطينية التي طرد منها أهلها ، ويسميها الباحث أبو ستة : المنطقة الفلسطينية . وفي المنطقة الأخيرة يعيش 000و800 يهودي مديني أي " سكان المدينة" و 000و154 يهودي ريفي فقط بالإضافة 000و 456 فلسطيني . ويشير الأستاذ سلمان أبو ستة إلى أن التقسيم الإداري للاقضية في فلسطين لا يختلف كثيرا عنه في إسرائيل ، فاقضية صفد وطبريا والناصرة وبيسان وعكا وحيفا ويافا وغزة والرملة وبئر السبع متشابه في الحالتين ، ويكمن الاختلاف في الاقضية التي مزقها خط الهدنة . ولذلك يمكن التعريف بعودة اللاجئين حسب الاقضية الأصلية بالإضافة إلى قراهم الأصلية وهذه مكانها محدد بالطبع من خلال الخرائط والوثائق المتوفرة لذلك . وبهذا إذا عاد اللاجئون إلى ديارهم تصبح الكثافة السكانية لمجموع السكان 428 شخص - كم2 بدلا من الكثافة الحالية " لعام 95 " وهي 261 والأول رقم مقبول جدا ، ولا يمكن مقارنته باكتظاظ اللاجئين في المخيمات ، ويكفي أن هناك في مخيم الشاطئ بغزة قرابة 000و85 شخص، ليدرك المرء مدى الجريمة التي اقترفت في حق اللاجئين وإنسانيتهم . وعند العودة الكاملة ستصبح المنطقة "أ" ذات كثافة يهودية في الغالب ، إذ تصبح نسبة اليهود فيها 78 % وبالمقابل تصبح المنطقة "ج" ذات كثافة فلسطينية في الغالب ، إذ تبلغ نسبة الفلسطينيين فيها 81% أما المنطقة "ب" فتصبح مختلطة . ولكي يتمكن اللاجئون من العودة فانه يمكن نقل 000و154 يهودي ريفي فقط من المنطقة "ج" إلى الوسط . وبذلك يعود 000 و 600 و4 فلسطيني إلى وطنهم وارثهم التاريخي ، الذي يستغله 000و154 يهودي فقط. وبهذا فان القول إن عودة اللاجئين غير واقعية وغير عملية ، وبان البلاد ملآنة بالمهاجرين اليهود هو محض كذب وافتراء ، والواقع أن 78 % من اليهود يعيشون في 14% من مساحة إسرائيل ، ويعيش 22 % في الباقي ، ولكن حوالي 19 % منهم يعيشون في مدن فلسطينية أصلا من عكا وصفد إلى بئر السبع واسدود ، ويبقى اقل من 3% هم سكان "الكيبوتز" الذين يستغلون ارض اللاجئين التي تبلغ 18 مليون دونم ، وهؤلاء ثبت فشلهم وتراكمت عليهم الديون وهجروا الكيبوتز إلى المدن ، بل تأكدت الصفة التقليدية لليهودي الذي يعيش في المدن في مراكز تجمعات يهودية ويشتغل بالمال والتجارة . * المقال مأخوذ من بحث الكاتب الأخير بعنوان " هل يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي دون حق العودة؟؟"
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لاخيار امام فتح الا الشراكة مع حماس
-
سيكولوجية حق العودة
-
إنهيار السلطة الفلسطينية حقيقة علمية تاريخية!!
-
السلطة الفلسطينية والانظمة العربية واسرائيل الى زوال!!
-
القضية الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال وسندان المتنفعين!!
-
حماس ما بين التكتيك والاستراتيج
-
من يشجع من على السلام؟؟
-
المهم جدا .....موقف سياسي فلسطيني موحد!
-
وإذ اشفق عليك ياطيرمن لباس السوء!!
-
الهامش المرسوم للتحرك الرسمي العربي
-
المطلوبون اذ يتحصنون بجهاز الاستخبارات في رام الله!!!
-
حق العودة واستحالة شطبه
-
تموت امريكا واسرائيل فزعا من حق العودة!!
-
وإذ- يقرفونك- بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان!!
-
لماذا كل هذه الهرولة باتجاه اي تفاوض؟؟
-
حين تصبح الحزبية ودرجتها معيارا للكفاءة!!
-
الفرق بين الالتزام والاحترام في خطاب التكليف الرئاسي؟؟
-
تفسير الذي يجري للفلسطينيين في العراق؟؟
-
ما أخشاه من لقاء مكة!!
-
هل من حل لمشكلة الفلسطينيين في العراق؟؟
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|