|
المصالحة والتعايش ...أستغاثة الافكار من سطوة الاسلحة
شاكر الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1917 - 2007 / 5 / 16 - 11:44
المحور:
الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2 : المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا
(لنتحاور بالافكار بدلا من السلاح )...شعار جميل للوهلة الاولى وكأنه الامل أو التمني في أكثر أشكاله سطوعا . لكنه يحمل الكثير من الخوف والقلق وأستقراء المصير المجهول. خوف من أن تكون سطوة السلاح حاسمة في انهاء حوارات القوي والضعيف في عراق اليوم . خوف من أن يكون الحوار المنطقي والبناء هو آخر الامور التي يمكننا ان نتوصل أليها ، بدلا من ان يكون اول الامور التي يمكنها ان تكون ركيزة أساسية في أنطلاق مجتمع حر ومتساو قائم على تعددية الاراء والافكار والمشاركة السياسية والمجتمعية الفاعلة ، وقائعنا التي نعيشها كل يوم تؤكد ان التعددية القائمة هي تعددية الاسلحة والمليشيات والمرجعيات الدينية والسياسية التي لايمكنها ان تتصالح أو تتعايش مادامت تتعامل مع ما يحدث في العراق من منطق الغنيمة والربح والخسارة والمصالح الطائفية والقومية وأن يكون المجتمع العراقي والبشر الذين يعيشون فيه خارج معادلاتهم وصراعاتهم ان لم يكونوا أول ضحاياهم. (لنتحاور بالافكار بدلا من السلاح) شعار ترفعه الكثير من التجمعات والاقليات الاثنية والدينية التي وجدت في العراق منذ عهود سحيقة. شعار يشاركها برفعه الكثير من العراقيين الذي تجردوا من كل شيء في ظل غياب سلطة الدولة ومؤسساتها فما وجد من بقايا الدولة ومؤسساتها حتى الان كان من أجل الابقاء على ركائز دولة واهية وهشة وخاضعة لأرادات ومطامح يتم تحقيقها في ظل دولة ضعيفة وقابلة للانهيار والتلاشي ولايعرف من هو المسؤول عنها. الشعار المذكور ان دل على شيء فأنما يدل على مقدار الخوف والرعب الذي يجتاح المجتمع العراقي جراء حروب الطوائف وسلطة المليشيات الدينية والقومية وفرق الموت والمجاميع الارهابية التي استباحت كل شيء وفقدان فئات كثيرة الأمكانية الواقعية لايجاد ارضية مشتركة للحوار والعمل من أجل السلم والامن الاجتماعي والبقاء بكنف مجتمع واحد قادر على ان يكون ساحة للجميع. رعب يمكننا ان نلحظه بعيون أي فتاة مندائية او مسيحية أرغمتها مليشيات ما على أرتداء الحجاب او بعيون أبيها الذي ارغم على الايمان بدين آخر اذ ان استمرار تمسكه بدينه سيجعل حياته وحياة عائلته جحيما متواصلا او ان عليه الفرار الى مكان ما من هذا العالم يمكن ان يشعره بالامان. مثلما يمكن ان نلحظه في حيرة وهلع من يجبرون على ترك مساكنهم ومدنهم ويهجرون لاختلاف أنتماءاتهم الدينية والطائفية او القومية. خوف كهذا دفع الجميع للاحتماء بالسلاح من أجل اثبات الوجود والبقاء في بلد يواصل أنهياره. هكذا فأن دولة الديمقراطية الوليدة قد اصبحت ساحة لحرب شديدة الوطئة على أبنائها فيما تواصل قوى الاحتلال مساعيها للخروج من مأزقها بأية وسيلة رغم كل أدعاءاتها عن عدم ترك العراق بشكل مفاجىء لان أنسحابها سيكون كارثة على هذا البلد. من المؤكد ان كارثة هذا البلد ستتعمق بخروج الاحتلال لان أطراف كثيرة داخلية وخارجية تنتظر فرصة كهذه لحسم امورها وتنصيب من يكون قادرا على تمثيلها وأنزال اكبر الخسائر بمن يتنافس معها من اجل حسم الوضع السياسي في العراق. الحوار المفقود او الحوار الكاذب والمخادع أصبح وسيلة بيد قوى طائفية وقومية لكسب الوقت وممارسة أقصى درجات التهميش والاقصاء ضد الغرماء السياسيين فما يجري هو ليس حوار بين كتل وقوى سياسية لحسم خلافات وأنهاء أوضاع متردية وخطيرة ، بل هو تربص من أجل الانقضاض وأنهاء كل ما يتم الاتفاق عليه بين هذه القوى. ان ما يجري الان من حوار هو أستعداد للدخول الى متاهة الانهيار الذي يقترب كلما تعززت ارضية تحققه وكلما قطع العراق أشواطا واسعة في الابتعاد عن العقلانية ومنطق الشراكة السياسية . أن هاجس المصالحة والتعايش بين القوى السياسية والاجتماعية يكاد أن يكون هاجسا أساسيا وواضحا في المجتمعات المعاصرة والتي قطعت أشواطا تاريخية طويلة في الممارسة الديمقراطية والسلم الاجتماعي المستند الى الحقوق الاساسية والمشروعة للمواطنين التي تكفلها القوانين الاساسية للدولة والتي يتم تطويرها بشكل متواصل بما يجعلها أطرا منظمة وحامية للحياة السياسية والاجتماعية وبما يمكنها من تحقيق أقصى درجات التعايش السلمي والديمقراطي بين مواطنيها او بين القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة. القوى السياسية الفاعلة في المجتمعات المتمدنة والمعاصرة وبأستنادها الى برامج سياسية متحضرة تحولت الى ركيزة أساسية لتحقيق وضمان المصالحة والتعايش رغم خلافاتها السياسية والفكرية أوتوجهاتها الاقتصادية والاجتماعية . الا ان هاجس المصالحة والتعايش يكون أشد وضوحا في مجتمعات الصراعات والحروب الاهلية والاقتتال الطائفي الذي يجعل الجميع أمام الاسئلة الجدية عن أفرازات تاريخهم السابق او المشترك وكذلك عن جدوى الامن والسلم الاجتماعي الذي تمكنوا من تحقيقه رغم كل الاضطرابات والصراعات السياسية الدامية التي مرت بهم وعاشوا وطأتها. من يتصالح مع من...؟ سؤال نطرحه نحن أبناء هذا البلد المنكوب بالحرب والدمار ومخاطر الضياع والانهيار التي باتت تهدد وجوده. هل هو صلح الساسة مع بعضهم، ام صلح الساسة مع رجال الدين..؟. هل هو صلح النزعات القومية التي وجدت في ما يحدث فرصة تاريخية مناسبة للاستعلاء وفرض الاملاءات، مع النزعات الطائفية التي وجدت هي الاخرى ان ما يحدث فرصة مناسبة لتحقيق المظلوميات والثار وتحقيق حلم رجال الدين ومرجعياتهم باقامة دولة دينية، وهل لدينا قوى سياسية وضعت برامجها وأهدافها السياسية والحزبية وربت قواعدها الحزبية على أهمية المصالحة والتعايش وأحترام الآخر المختلف سياسيا وأجتماعيا وفكريا وثقافيا بما يجعل من هذه القوى ركائز اساسية وفاعلة لتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي !!!!؟. ام هو صلحنا نحن العراقيين ضحايا صراعات كل هؤلاء مع بعضهم بعد ان كنا ضحايا دكتاتورية مستبدة ومتوحشة... هل هو صلح الضحية والجلاد..؟ ليكن كذلك ولنا في ما حدث في الكثير من دول العالم ولعل جنوب افريقيا مثالها الابرز، حافزا و نموذجا يمكننا الاقتداء به، لعلنا نتمكن من تحقيق الامن والسلم الاجتماعي والاستقرار السياسي الذي تمكنوا من تحقيقه في بلدهم. هل يمكننا كعراقيين أن نتصالح دون الخضوع لاملاءات ومصالح دول أخرى أو ان نتصالح دون الخضوع لارادة القوى السياسية والقومية والطائفية التي يهمها جدا ان تحكم سيطرتها في مجتمع منهك وان تديم التناحر فيه باي شكل كان ..؟ وهل يمكننا ان نتصالح لأجل تحقيق مجتمع آمن يمكننا ان نعيش ونتعايش فيه بما يمكننا من العودة مرة آخرى الى الحياة الامنة...؟ هواجسنا البريئة والمنهكة تقول نعم ، لكن الساسة ورجال الدين وقوى القتل والتهجير والارهاب يسعون لان تكون لائهم اكبر من نعمنا لعلها تستطيع سحق آمالنا في عراق يحتوينا جميعا.
#شاكر_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يحكم من... النزعات الانسانية أم التعصب القومي؟؟؟؟
-
التمدد الانساني في مواجهة الجموح الشوفيني
-
المرأة العراقية...موافقة فجواز فمحرم...!!!
-
في الذكرى الاولى للاءات كمال سبتي الاربع
-
آفاق الانهيار...على شرف الذكرى الرابعة لأحتلال العراق
-
شذى حسون... الق وأمنيات
-
الى عبد الرزاق سكر ,,,,حين تجاهلوك فقد تجاهلوا كيف يكون الاب
...
-
كركوك ....بحثا في الحلول العصية
-
حوار التقريب ...حوار الكراهية
-
عادل عبد المهدي وقرار الاحتلال الاحمق
-
هزائم التيار القومي العروبي ما بين عواء الذيب وردح البكري
-
عن الأعدام وصدام حسين وذاكرتي
-
معنا رغم الغياب
-
العراق ...من- نعال أبو تحسين- الى - قندرة المشهداني ....
-
حين يستاء (ابو الغيط) من محاكمة صدام حسين
-
الصمت هو ما يريدونه منك ياوجيهة ..إإإ
-
رسالة شديدة الوضوح في رفض الفدرالية الطائفية
-
حروب المرجعية
-
الحادي عشر من أيلول... الذاكرة الاليمة
-
عن الشيوعية وبوش وبن لادن
المزيد.....
-
العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
-
-إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح
...
-
في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في
...
-
أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
-
ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
-
نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي
...
-
ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
-
الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع
...
-
رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ
...
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
المزيد.....
|