أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - يوسف أبو سهى - -لعريف ما ينسى هز لكتاف - و إشارات سلطة القمع في اعتقالات فاتح ماي بالمغرب















المزيد.....

-لعريف ما ينسى هز لكتاف - و إشارات سلطة القمع في اعتقالات فاتح ماي بالمغرب


يوسف أبو سهى

الحوار المتمدن-العدد: 1916 - 2007 / 5 / 15 - 11:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


مع تطور الصراع السياسي في المغرب ، و بموازات معه ، تطورت آلة القمع نظريا وعمليا .و أصبح اعتقال المواطنين بسبب الرأي،لا يكلفنا جهدا لإدراك التهم التي ستنسب لهم. ففي غالب الأحيان يتم تبرير الاعتقال بمبررات أصبحت معروفة حتى قبل توجيه الاتهام من قبل النيابة العامة، فيكفي معرفة ظروف الاعتقال أو ما يسمى بحالة التلبس لنعرف "النوتة" التي ستميز إيقاع المحاكمة ومطلب ممثل الحق العام ، وكيل الملك .وهي تندرج بالضرورة في أصناف التهم التالية: الإخلال بالأمن العام ، المس بالمقدسات ، الاعتداء على موظف أثناء مزاولة مهنته، ووو
ورغم أن الدفاع يقوم بدفعات شكلية تثبت بطلان المتابعة ، تتمحور في إبراز الاعتقال في شروط غير قانونية ليتمكن من إرجاع التهمة لمنتجيها، كالقول أن عائلة المتهم لم تخبر باعتقال ابنها في المدة القانونية المحددة لذلك، أو تجاوز مدة الحراسة النظرية ، أو خضوع المعتقل للتعذيب من أجل استقاء معلومات منه عن أحداث وأشخاص معينين ، أو ومن أجل التوقيع على محضر الضابطة القضائية تحت التعذيب أو إثبات تزوير توقيع على المحضر ...فإن القاضي لا يكلف نفسه عناء البحث في صدق الدفعات الشكلية ويعلن بطلانها، ويستمر في إخراج مسرحية المحاكمة كل له دور في سيرها العادي كتصريح النيابة العامة والتي تطالب بأقصى العقوبات المحددة في المسطرة الجنائية ، إعطاء الكلمة للدفاع لاثبات بطلان المحاكمة ، والذي يجهد نفسه من أجل إقناع القاضي بالتجاوزات القانونية طوال مرحلة الاعتقال في مخفر الشرطة ، وعدم صحة ادعاءات النيابة العامة وغيرها.
و تنتهي تلك المحاكمة الصورية بلازمة توجد في مختلف محاضر المحاكمات التي عرفتها البلاد، و هي أن المتهم كان آخر من تكلم.و ان كل الوقائع المحصل عليها من خلال محاضر الضابطة القضائية تؤكد تلبس المتهم وتقتضي إدانته..
والحقيقة أنه في غالب الأحيان لا تعطى الكلمة للمتهم، سوى كلمات تسق غلق الملف من قبل القاضي وإعلانه المداولة لأخر جلسة ، وهي كلمة موجهة للمتهم من قبل القاضي "هل تريد إضافة شيئ" . وحتى إن حصل و أن أراد القاضي الإنصات للمتهم ، فكلمات هذا الأخير لا تأخذ بعين الاعتبار ولا تكلف كاتب الضبط إلا سطور مختصرة تسجل في المحضر بدون طرح ما يثبت براءة المتهم و التجاوزات القانونية التي عرفها اعتقاله ومحاكمته الصورية.
يثير موضوع الاعتقالات والمتابعات القضائية لفاتح ماي الأخير ، وسرعة تقديم المتهمين إلى النيابة العامة ، و سرعة المحاكمة ، وإصدار الأحكام القاضية بالحبس في أقصاها بالسجن لمدة سنتين نافذة وغرامة تقدر ب10آلاف درهم ، بأن الأمر يتعلق باعتقال مخطط له حتى قبل يوم الاعتقال أو قبل فاتح ماي . و ما يثير ذلك هو أنه اعتدنا في هذا البلد وبتجربة في مواجهة القمع أنه ما بين الاعتقال وإصدار الأحكام تمر فترة من التعذيب النفسي إن لم يكن جسدي طويلة تجعل جلسات المحاكمة روتينية، حتى أن بعض المحامون يملون من الحضور لتلك الجلسات التي لا يفيد حضورهم فيها إلا جانب شكلي لإثبات المحاكمة العادلة .معنى ذلك أن في الأمر شيء مثير غير عادي إن استحضرنا السلوك التاريخي للسلطة في محاكمة الرأي والتعبير.
و تهم الاعتقال كما سبق الذكر ، كانت واحدة من أصناف المبررات التي ذكرناها سابقا والتي تعتمدها السلطة لتشريع عملية الحبس و الغرامة المالية وغيرها. وهي المس بالمقدسات التي عرفت في سنوات ما يعرف الانتقال الديمقراطي تطورا خطيرا مس في بداية الأمر عدد من الصحافيين ثم مناضلي القوى الديمقراطية...
و بغض النظر عن صحة ما نسب للمعتقلين من تهم رغم أن أغلبهم نفى تلك التهم ، فالأمر يتعلق بالتهمة نفسها والتي أصبحت مبررا للقمع والحرمان بالحق في الرأي والتعبير ، ويتم استعمالها ك"الجوكير" في كل الحالات التي يستعصى فيها إيجاد تهم مادية ثابتة في حالة التلبس تدين المتهم، و يصبح كل من يشير إلى الأزمة الخانقة التي تعرفها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإيديولوجية و يشخص المسؤولين عنها، معرض للحصول على "كاشة" وخبزة" البضونصي" في أحد أركان الزنازين الباردة .
فحتى في عهد ما يسمى بزمن الرصاص كانت هذه التهمة لا تلصق للمتهمين إلا بعد شعور السلطة بأن هناك تهديد مادي لمصالحها . أما الآن فالأمر يختلف فالشعارات لا يمكنها أن تمس مصالح الطبقة الحاكمة ، و بالأخص شعارات تظاهرات فاتح مايو التي كانت سلمية بكل المقاييس. ومع ذلك فهذا النوع من التهم هو السائد ويعوض بشكل ما ظهير كل ما من شأنه أن يمس بالأمن العام السيء الصيت.
وهذه ميزة من ميزات ما يسمى بالانتقال الديمقراطي ، تشريع الاعتقال السياسي بالالتزام بأحكام القانون ، مدة الحراسة النظرية إخبار عائلة المتهم .. رغم أن حالة معتقلي أكادير عرفت تعذيبا جسديا يوحي بعودة زمن الرصاص بخاصيته السابقة.
وخطاب السلطة هنا هو كالتالي : " ما دمتم تطالبون بالاعتقال في شروط قانونية ، وتطالبون بالمحاكمة العادلة . ها نحن تنازلنا الآن ونمارس ما طلبتم منا ممارسته ، اعتقلنا المتهمين في حالة التلبس ، واحترمنا الشروط القانونية للاعتقال ، وقمنا بمختلف الإجراءات لاحترام المحاكمة العادلة بحضور دفاع المتهمين،وما عليكم الآن إلا أن تقبلوا أدائنا هذا، وتشيدون بانفرادنا في ممارسة حقوق الإنسان بالشكل الذي لا نتجاوز فيه مطالبكم القاضية بالاعتقال في شروط قانونية وتوفير مختلف شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المواثيق الدولية."
إنه الخطاب الجديد للمغرب الجديد، ولنقل بشكل آخر و"الايدولوجيا مهنة البوليس في الدول العظمى" لكننا هنا في دولة عظمى ليس باقتصادها و سياستها وعلاقتها بشعبها بقدر ما هي عظمى بالقمع واحتكار السلطة وحماية الاستغلال الشرس لموارد البلاد وخيراتها و استلاب العقل وتضييعه وممارسة الاستبداد في مختلف مجالات الحياة.
والحكم الأصح على ما يجري هو محاولة تحسين صورة ممارسة القانون أثناء الاعتقال والقمع ( والتي لا نضنها كانت كذلك في قضايا التعذيب الجسدي ) الذي يتطلبها العهد الجديد لينسجم مع شعار الانتقال الديمقراطي. ويثبت لدينا بحكم الواقع أن لاستراتيجيه الطبقة الحاكمة آلية واحدة لتحققها ، يتمسك بها المخزن لضبط الاستقرار السياسي و ضمان استمراريته هي القمع و الاعتقال بسب الرأي ، والذي لا يستهدف المتهم والمعتقل وحده في تلك العملية ، بل يتجاوزها ليحقق هدفا أسمى هو ترهيب المواطنين و إعطاء العبرة لمن لا يعتبر. ونجزم القول أن الاعتقالات الأخيرة وأخرى قبل فاتح مايو وبعده تؤكد أن الطبقة الحاكمة تقول بلغة القمع أنها مازال قادرة على إعادة إنتاج نفس الأساليب المخزنية في إدارة السلطة وحمايتها.
و مع عصيان الزمن في وجه الطبقة الحاكمة ، وفي عجزها المزمن على ضبط حركة الفعل السياسي حتى لا يتجه في اتجاه لا يخدم إستراتيجيتها. تلجأ إلى القمع الذي يشكل وحده الأداة التي تمكنها من إعادة تجديد ذاتها وهياكلها و تحقيق مصالحها في النهب والاستغلال والاستئثار بالسلطة في ظروف هادئة . و يتطلب منها ذلك توظيف أسلوب لا يثير كثيرا من المتاعب في الدفاع عن مشروعية القمع من مثل المس بالمقدسات، والإخلال بالأمن العام وبسلامة المواطنين.والتي أوجدت لها ترسانة قانونية كافية لتحقيقها، أخرها قانون مكافحة الإرهاب والذي يعد قانونا لمكافحة الرأي المخالف و تشريع للقمع وانتهاك حقوق الإنسان.
في هذا الإطار تقدم المعتقل وشعاره كخطر على أمن المواطن في وقت يشكل شعاره دعوة لتحسين أوضاع المواطن بما فيها الحق في التعبير عن الرأي، بدون الخضوع للقمع. وهي بذلك تستفيد من جهة بما ينتجه الاعتقال من ترويع وترهيب للمواطنين ، وتستفيد من الادعاء بالحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم خاصة وأن الوضع يبرر باستهداف البلد من قبل بعض القوى الإرهابية.
في المقابل ينعم الجلادون الذي افسدوا الحياة على البلاد والعباد ، وثلة من المستفيدين بالوضع القائم تمنح لهم الإمتيازات بمختلف أشكالها وأنواعها . ولا حسيب ولا رقيب . وبضعة من محترفي السياسة والثقافة والانتخابات يؤد لجون ممارسة المخزن ليظهر بمظهر الحمل الوديع، وتراهم في المجالس العليا وفي المواقع الريادية للدفاع عن طبقة همها الرئيسي هو المزيد من النهب منشغلة بمراكمة وتوسيع الرأسمال على حساب عرق الجماهير الشعبي وخيرات الوطن، قد لا تأبه مطلفا بما يجري من دفاع مستميت على مصالحها ، مادمت الثقة الواسعة حماية مصاحها من قبل سلطة المخزن الحاكمة.
إنها جديلة غريبة ، يعتمدها المخزن لتمديد ، وضع النار الذي تكتوي به الجماهير الشعبية في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية وفي مجال الحريات الفردية والجماعية التي من غيرها لا يمكن الحديث عن الممارسة الديمقراطية .
لقد أصبح تاريخ الطبقة الحاكمة مؤثرا في ممارستها السياسية سواء في إدارة المجتمع أو في العلاقة مع المواطنين، خاصة وان إستراتيجيتها في الهيمنة المطلقة على السلطة السياسية لم تعرف تطورا في اتجاه إشراك الجماهير الشعبية في القرار، ولذلك يصبح من الصعب تصور تحول ممارستها رغم الشعارات التي عبرت المعمور في جدية الانتقال الديمقراطي في المغرب.
وليس لنا تشبيه غير القول بكون " لعريف ما ينسى هز لكتاف" معنى ذلك أن سلطة البلاد لن تتخلص من هذا الثابت المرتبط بطبيعة نشوئها وتكونها و في تعاطيها مع الرأي والتعبير المخالف ، مادامت متمسكة بحرمان الشعب من حقه في تقرير مصيره السياسي الاقتصادي الاجتماعي والثقافي.
و الآن وكما جاء في مختلف البيانات التضامنية الصادرة في شأن اعتقالات فاتح مايو والمتابعات القضائية التي عرفتها بعض المدن ، سوف نعود لطرح ملف كان بالأمس القريب غير مطروح بهذه الحدة ألا وهو إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والمسائلة الجناية لمرتكبي جرائم الانتهاكات الجسيمة الحالية وليس الماضية فحسب.



#يوسف_أبو_سهى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهيد من أجل شهيد وشهداء أحياء في انتفاضة يناير 84 بأبركان
- الانتقال الديمقراطي في المغرب أم تحويل الفول إلى بصارة*
- الطليعة والانتخابات : موقف الممشاركة الحلقة الأخيرة
- الطليعة والانتخابات : موقف المشاركة الحلقة الأخيرة
- فصول من تقرير المهدي بن بركة مندوب الاتحاد الوطني للقوات الش ...
- الطليعة والانتخابات: موقف المشاركة
- المهدي بنبركة: أسطورة الفكر الثوري في المغرب
- الطليعة والانتخابات موقف المشاركة
- الطليعة والانتخابات موقف المشاركة وبعض ردود الفعل الحلقة 2
- الطليعة والانتخابات موقف المشاركة وبعض ردود الفعل


المزيد.....




- العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500 ...
- ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
- حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق ...
- نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي ...
- اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو ...
- مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر ...
- بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
- لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
- الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
- تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - يوسف أبو سهى - -لعريف ما ينسى هز لكتاف - و إشارات سلطة القمع في اعتقالات فاتح ماي بالمغرب