البحرين
بالرغم من الملفات المحلية الكثيرة التي يتوجب التوقف عندها سواء تلك المتعلقة بالذكرى الثامنة والعشرين لحل المجلس الوطني في السادس والعشرين من اغسطس، او اللقاء الودي الذي كثر اللغط حوله بين الوزيرين / الاستاذ عبدالعزيز الفاضل والاستاذ عبدالنبي الشعلة مع رؤساء الجمعيات السياسية الست، او موضوع العاطلين واعتصاماتهم او سواقي التاكسي الذين يعيدون الى اذهاننا ذكريات الخمسينات في تصديهم لمشاريع كبيرة تسحب ارزاقهم، او سجناء جو وما نتمناه ان تكون عليه السجون في بلادنا بعد ان برهن الاخوة في الداخلية بأنهم يعملون على امتلاك عقلية جديدة في التعاطي مع حقوق الانسان، بالرغم من كل هذه الملفات الشديدة الاهمية في بلادنا.. الا ان ما يجري في فلسطين والعراق يفرض نفسه بشدة هذه الايام الى الدرجة التي يمكن القول بأن تاريخاً جديداً للمنطقة يكتب في الوقت الحاضر في القدس وبغداد.. وان استشراف الرؤية للاحداث القادمة او امتلاكنا لادوات تحليل تمكننا من معرفة مستقبل التطور في منطقتنا .. سيساعد المناضلين العرب على الاسهام في صناعة هذا التاريخ بدلاً من ان نكون متفرجين على صناعته، وسيساعدنا على رؤية او استشراف ما يمكن ان تكون عليه بلادنا ومحيطها الخليجي في مستقبل الايام .
***
ومن الملفت للاهتمام ان دول مجلس التعاون الخليجي باتت في صلب العملية التاريخية التي تجري في المشرق العربي.. ولم يعد ممكناً (فصل النفط عن فلسطين) كما اراد كيسنجر وزير الخارجية الامريكي في عهد نيكسون بعد حظر النفط عن المؤيدين للكيان الصهيوني إثر حرب اكتوبر المجيدة، او اعتبار (العراق لا علاقة له بمجلس التعاون الخليجي) او انه يحق للفلسطيني ان يقول (فلسطين اولا)ً او العراقي ان يقول (العراق اولا)ً او البحريني ان يقول بأن (البحرين اولاً)… فبالرغم من واقعية الشعار واهميته في النضال اليومي، وخطورته في الوقت ذاته، حيث انه مناف لحركة الصراع الاقليمي والعالمي في ظل ترابط العالم وتحول الكرة الارضية الى ملعب واحد.. الا ان الترابط الجدلي بين الاحداث يبرهن بأن الحدث الفلسطيني يؤثر في العراقي في البحريني في السعودي .. ناهيك عن السوري واللبناني والمصري والاردني.. ويؤكد على ضرورة الرؤيا القومية والاممية للصراع الدائر في هذه المنطقة.. فكل تقدم في البحرين يعني فلسطين.. وكل تقدم في العراق يعني سوريا .. ويبدو اننا سنكون جاهلين بالجغرافيا السياسية اذا عزلنا ايران وتركيا.
لم تعد القضية ـ هنا او هناك ـ تعني الحركة السياسية الشعبية، بل باتت تعني انظمة الحكم وكافة الفئات الاجتماعية ايضاً.
فاذا كانت الحركة الشعبية في البحرين بمختلف اطيافها قد قدمت برامجها بالوقوف الى جانب الشعب العراقي في خياراته للخلاص من الاحتلال الامريكي واقامة النظام السياسي الذي يرتضيه، كما قدمت برنامجها في الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني واكدت على ضرورة رفض التطبيع مع العدو الصهيوني وتضييق الخناق عليه، وضرورة دعم النضال التحرري الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة من جمع التبرعات وتقديم المساعدات وبناء مستشفى للبحرين في رام الله بالارض المحتلة، بعد ان بات من الصعوبات المساهمة في النضال المسلح الفلسطيني من قبل المتطوعين العرب.. فان بعض اللاهثين وراء المال المستعدين لبيع شرف الامة والمتاجرة بكل المقدسات، على استعداد ان يركضوا الى بغداد عبر تل ابيب ومعهم تجار من الامارات (كما اشارت وكالات الانباء خلال الاسبوع المنصرم) للحصول على صفقة مع الصهاينة للمساهمة في مشاريع الامريكان في العراق.. في ذات الوقت الذي لا تستطيع حكومة البحرين ان تكون بمعزل عن الحركة السياسية الرسمية الكبيرة الدائرة حول العراق سواء في ظل الجامعة العربية التي وقفت موقفاً مشرفاً ينسجم وموقف الشرفاء العراقيين الذين ينظرون الى مجلس الحكم العراقي على انه اداة من ادوات الاحتلال.. وان النهوض الوطني العراقي يفرز يومياً العشرات من اللجان الشعبية التي تسعى لابتكار اشكال من السلطة الشعبية لادارة نفسها في المحافظات .. وتسيير نفسها .. والتلاحم مع بعضها البعض لخلق اوسع حركة شعبية مستقلة عن الارادة الامريكية ومعبرة عن اوسع القطاعات الشعبية المتأصلة في نفوسها حب الوطن والامة والتاريخ والعداء لقوات الاحتلال الامريكي التي تتصرف بعقلية المستعمر الراكض وراء ابار النفط.. والفاتح ابواب العراق للفرق السرية والعلنية الصهيونية لتبحث وتنهب تاريخ العراق وتقيم مرتكزات لها للمواجهة القادمة مع حركة التحرر الوطني العراقية.
وبالتالي فان بلادنا منخرطة بالكامل في الصراع الدائر في فلسطين والعراق ، ويمكننا ان نراقب تصريحات الاطراف الثلاث: الطرف الشعبي المتمسك بالثوابت في الصراع في هذه النطقة، ولا يلتفت الى كل التخرصات والاتهامات الموجهة اليه من قبل بعض الاشخاص او الهيئات التي تتهمه بالقومجية او الثورجية او بعدم استيعاب الوقائع الجديدة او التهمة التقليدية برمي اليهود في البحر!!.. او وقوفه الى جانب الارهاب او عدائه (للسامية!!) او قوميته المفرطة حيث أنه لا يزال يقف ضد الكيان الصهيوني ويرفض الاقرار بدولة المستوطنين!! وتوجه الى التهم بأنه يقف الى جانب الاصوليين والمتشددين الذين يعقدّون مهمات السلطة الفلسطينية ولا يرون ايجابيات اوسلو وحسنات كامب ديفيد!! ,..الخ، والطرف الرسمي الذي يشكل جزءاً من النظام الرسمي العربي الذي يقدم التنازل تلو التنازل للصهاينة وهم يطالبون بالمزيد.. ناهيك عن العلاقات المتطورة والوثيقة بينه وبين الولايات المتحدة الامريكية وحرصه على استتباب السلام ، باي ثمن، في المنطقة، والتصريحات التي يدلي كبار المسؤولين بين الفترة والاخرى حول (الارهاب الفلسطيني) واللقاءات مع الصهاينة والتي تترك ندوباً عميقة في النفوس الشعبية.. والطرف الثالث، الطفيلي، العدمي، الفاقد لكل هوية وطنية او قومية، اللاهث وراء الصفقات والاموال، طرف لا وطن له، لا كرامة له، ربه ومعبوده الدولار.. انه اليهودي (العابد للمال) بالمفهوم الماركسي بغض النظر عن دينه او قوميته او مكانه…
***
سقطت الهدنة في فلسطين.. في الوقت الذي سقط التعايش مع المحتل في العراق!!..
وفرضت الهدنة في فلسطين عندما دخل بريمر القصر الجمهوري ليعلن نفسه حاكماً امريكياً على العراق وجاء الى مؤتمر البحر الميت ليتحدث باسم العراق في اغرب مشهد يمكن رؤيته في الالفية الثالثة!!
كان السقوط البغدادي مدوياً.. انبهرت منه طهران ودمشق والقدس وكافة العواصم العربية.. واراد الامريكان ان يواصلوا زحفهم من بغداد وتل ابيب لتطويق الوضع العربي برمته… فقد توهموا ان الفرح الشعبي العارم بسقوط الطاغية وجلادي الشعب العراقي سيطمس حقيقة انهم محتلون .. وان مشروعهم الذي روجوا له في تحرير شعوب الانظمة من جلادييها لن يجد مقاومة تذكر .. خاصة وهم يقدمون يومياً المقابر الجماعية والجرائم التي ارتكبها نظام صدام حسين البائد.. وكانت العين على دمشق كما كانت العين على غزة .. وكما دخلت واشنطن بقوة في الشأن العراقي دخلت بقوة في الشأن الفلسطيني لتفرض هدنة بين المحتل الغاصب، الارهابي الكبير الذي يمارس ابشع انواع القتل والتدمير اليومي معبراً عن اخلاقية الحركة الصهيونية التي هي احد ابرز افرازات النظام الامبريالي العالمي، وبين شعب صمم على المقاومة والنصر بالعمليات الاستشهادية غير عابئ بكل الاتهامات الموجهة ضده .. ولأن الحدث العراقي كبير .. فقد كانت الضغوطات كبيرة على فلسطين بحيث فرضت الهدنة الامريكية التي سمح للمحتل ان يواصل عمليات القتل والتدمير والاعتقالات والاحتيال على هذه العمليات بمباركة اميركية واضحة عبر الحديث عن الارهاب وضرورة مكافحته واهمية تفكيك البنية التحتية للمنظمات الارهابية في فلسطين!! وبات المتهم هو الفلسطيني الذي يجب عليه ان يحافظ على حياة محتلي وطنه!!!
وبات واضحاً ان اسوأ وسيلة للدفاع عن النفس هي الثقة بالعدو والوعود التي يعطيها.. او الحديث المستمر عن عدم تقديم مبررات له تشجع المتطرفين في صفوفه للتراجع عن الهدنة!!!
كل عملية فدائية ضد الجيش الامريكي في العراق.. يثأر لها الصهاينة في فلسطين.. غير عابئين باحتجاجات السلطة الفلسطينية .. فهم فصيل من فصائل الجيش العدواني العالمي الذي يريد فرض الشروط الامريكية على الامة.
واذا كنا نرفض وندين العمليات الارهابية ضد السفارة الاردنية او مبنى الامم المتحدة ورجالاتها.. فاننا نقف بالكامل مع المقاومة العراقية الباسلة المتصدية لقوات الاحتلال والرافضة لمشاريعه والمعرقلة لكل عمليات النهب والسطو التي يقوم بها (علمنا من مصادر موثوقة ان العديد من الجنود الامريكان قد سمح لهم بسرقة ما يريدون من الاموال والتحف التراثية النادرة، واستخدام البريد السريع الذي تتعامل معه قوات الاحتلال لارسال هذه المسروقات العراقية عبر بلد خليجي الى الولايات المتحدة الى اهالي الجنود..)، كما نقف مع المقاومة الفلسطينية في تصديها لقوات الاحتلال الصهيوني، منطلقين من مواقف ثابتة يجب ان تكون راسخة لتكون اقدمنا واقفة على ارض صلبة ..
***
اولى هذه الحقائق التي يجب ترسيخها في عقولنا وذاكرتنا ومواقفنا اليومية .. ان الصهاينة قد احتلوا فلسطين.. واقاموا على جزء منها كياناً عنصرياً توسعياً.. يمكن رؤية عمليات التوسع منذ بناء أول مستوطنة يهودية في مطلع القرن التاسع عشر الى قرار التقسيم عام 1947الى التمدد الصهيوني للسيطرة على اراضي كانت ـ بموجب قرار التقسيم ـ للجانب العربي، وأخيراً على كل فلسطين بعد 1967.. وكشف الجدار الامني النوايا المبيتة للدولة الصهيونية في رؤيتها للدولة الفلسطينية المقبولة (كانتونات محاصرة من الطرق الالتفافية، اشبه بالسجون الجماعية التي يتحكم في الدخول اليها ساكني المستوطنات المنتشرة في كل الضفة والقطاع، بالاضافة الى الجيش الصهيوني المدجج باسلحة الدمار الامريكية.
وبالتالي فان ما يجري في فلسطين من عمليات عسكرية هو حركة تحرير يقوم بها الشعب الفلسطيني ضد محتليه من الصهاينة، وعدوان مستمر نموذجي في بشاعته وفظاعته وارهابه ضد الشعب الفلسطيني لاجباره عن الرحيل عن ارضه!! لاسكان المزيد من المستوطنين القادمين من شتى انحاء العالم لتقوية دولة المستوطنين العنصريين الذين يريدون الحفاظ على نقاء الدولة اليهودية وعدم تعريض حقيقيتها العنصرية لخطر الذوبان في البحر العربي الرافض للعنصرية والمتسامح عبر التاريخ مع كل الوافدين الى ربوعه، والذي لن يتردد في مستقبل الايام من استيعاب كل الهجرات الخارجية وادخالها في نسيجه الاجتماعي واعطائها ذات الحقوق والواجبات شريطة الا يكون لديها مشاريعها العدوانية التصفوية لوجوده وانتماء الارض لبعدها القومي العربي الانساني..
والاستعمار الاستيطاني هو ابشع اشكال الاستعمار..
انه يزور التاريخ.. ويطمس الحقائق.. ويزيف حركة الصراع التي يقوم بها الوطنيون الفلسطينيون عندما يفجرون ناقلة جنود او ينسفون باصاً به صهاينة.. فجوهر الصراع هو النضال ضد المحتلين.. ومن قـَبـِل المساهمة في الاحتلال يتحمل مسؤولية ما سيلحق به من عواقب.. ولا يمكن ان نكون انسانيين في الحديث عن الابرياء الذين سيقتلون من الطرف الصهيوني في الوقت الذي لا نرى جوهر الصراع.. ولا نرى الدور الذي يقوم به هؤلاء الابرياء في الدولة العنصرية.. كما لا يمكننا ان نضع فواصل في الصراع بحيث تعزل الجاهل باهداف الحركة الصهيونية او من ولد من الصهاينة في فلسطين عن غيره.. فالحرب هي الحرب .. ومن يكون في ساحة الحرب سيعاني من آثارها بشكل مباشر او غير مباشر.. وهو معني ان ينخرط بشكل مباشر مع الصهاينة او ضدهم بوعي او بدون وعي .. فالساحة ساحة حرب يشن المحتلون حرب تدمير ضد الشعب الفلسطيني ليكسروا ارادته القتالية وروحه الوطنية ويجعلوه يخضع لإملاءاتهم وشروطهم التي اولها القبول بالدولة الصهيونية التي اقاموها عام 1948، والقبول بالشروط المذلة لاي عملية انسحاب او اطلاق سراح سجناء مناصلين فلسطينين.. تحت شعار "تسوية النزاع في الشرق الاوسط" الذي في حقيقته فرض الكيان الصهيوني العنصري التوسعي على الشعب الفلسطيني واجبار هذا الشعب بالقبول بالاملاءات الصهيونية ليكون اداة في يد الصهاينة لتنفيذ مخططاتهم في بقية المنطقة العربية او داخل فلسطين كما يقوم العملاء الفلسطينيون الذين يشكلون الخطر الحقيقي على حركة الثورة والمناضلين الفلسطينين.. والذي لا يمكن فهم قدرة العدو على الوصول الى اهدافه دون التسليم بقدرة العدو على شراء ضعاف الضمم والخونة … وفي الجانب الآخر حرب تحرير شعبية من قبل كل المنظمات الفلسطينية بمختلف اتجاهاتها الايديلوجية وبرامجها السياسية واساليب عملها في تحرير الارض
***
واذا كنا في البحرين او دول مجلس التعاون الخليجي او على الصعيدين العربي والاسلامي لا ندرك ابعاد وجود هذا الكيان الصهيوني وترابطه مع الامبريالية العالمية وخاصة الامبريالية الامريكية في الوقت نفسه (دون تجاهل الخصوصية والقدرات التي تنمو لديه مع الوقت، لكنه لا يمكن ان يخرج عن دائرة السيطرة الامريكية، ولا يمكن ان يكون المقرر للسياسة الامريكية في المنطقة كما يتوهم البعض بأن اليهود يسيرون البيت الابيض لخدمة اسرائيل.. فالعكس هو الصحيح.. وهذا هو منطق الاشياء.. فالكيان الصهيوني اداة من ادوات الامبرالية العالمية التي تتصرف بأن الكرة الارضية بمجملها يجب ان تكون لخدمة اليانكي الامريكي.. ولا يمكن القبول بأن الكيان الصهيوني هو الذي يسير هذه الامبريالية العالمية)، اذا كنا لا ندرك هذا الترابط… ونجهل وقائع وتاريخ الصراع .. فاننا سنعتبر الكيان الصهيوني دولة من دولة المنطقة.. يجب التعايش معها والقبول بسفارة لها او مكتب تجاري لها في البحرين.. او (كلما تقدمت خطوة .. نتقدم صوبها خطوتين!!!)، وليس بمحض الصدفة او انطلاقاً من العدالة .. تحرص الولايات المتحدة الامريكية على الترويج للكيان الصهيوني والضغط على الانظمة العربية للقبول به منذ انشائها وتصاعدت الضغوطات منذ حرب الخليج الثانية ومؤتمر مدريد..أكثر مما تضغط لفرض شركاتها او مشاريعها.. فالكيان الصهيوني هو الاداة الاساسية التي يمكن الاعتماد عليه اذا ضعفت كل الاساليب وكل الاسلحة الاخرى ضد شعوب ودول المنطقة…
ومن هذه الزاوية يتوجب علينا تعميق الوعي بحقيقة هذا الكيان.. ويتوجب الامر تنشيط الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني .. ويتوجب الامر متابعة ومراقبة كل ضعاف النفوس.. عديمي الروح الوطنية والقومية والانسانية الذين يتاجرون بالانسان وبالكرامة القومية وبالحقوق القومية لقاء عمولات يحصلون عليها من شركات صهيونية..
ان الالتزام بالنضال القومي العادل مع اشقائنا في فلسطين وخاصة هذه الايام التي ستشهد تصعيداً خطيراً من قبل عصابات شارون حيث لن يتوقف القتل ضد كوادر الثورة الفلسطينية وهدم البيوت وجرف المزارع وتدمير البيئة وقتل الحياة في الضفة والقطاع.. بل سنشهد امتداد الصراع الى كل المنطقة.. فكلما قتل جندي امريكي في العراق يتوجب تحريك القوات الصهيونية لقتل الفلسطينين في فلسطين بحجة ان (الارهاب) العربي واحد، وانه يتغذي من موقف الامريكان حيال القضية الفلسطينية. وقد صرح وزير الامن الصهيوني حول جريمة اغتيال القائد اسماعيل ابو شنب بأنه اذا كانت عملية اغتيال ابوشنب مؤشراً لعودة اسرائيل الى محاربة الارهاب ، فيجب الترحيب بذلك!!! اما الموقف الامريكي فيصعب اكتشاف رسالة تعزية من الرئيس الامريكي لعائلة فلسطينية قتل الصهاينة طفلها او دمروا بيتها.. في حين تنهال برقيات التعزية والتضامن مع دولة الارهاب بعد كل عملية استشهادية يقوم بها الفلسطينيون.
***
وللوقت الحاضر لم يكتشف الامريكان او البريطانيون او الاستراليون اسلحة الدمار الشامل في العراق.. وهو المبرر الاساسي للحرب العدوانية ضد العراق.. ويبدو انهم يريدون من العالم كله ان يتناسى الموضوع برمته.. كما تناسوا ـ هم ـ تماماً الديمقراطية التي يجب نشرها في المنطقة.. لأنهم وجدوا ان المستنقع العراقي يتسع يوماً بعد يوم ويطوق الجنود الامريكان ويزيد البحر عمقاً على سباحين قليلي خبرة.. ويخشون ان يفشل مشروع (التحرير) و(الديمقراطية) وينتشر وباء المقاومة المسلحة ضد الاحتلال.
البعض يجادل في حق الشعب العراقي على مقاومة المحتل الامريكي ويقول بأنهم يجب ان يقبـّلوا اقدام الامريكان الذين حرروهم من صدام حسين صاحب المقابر الجماعية وعلي الكيماوي والجزراوي وسواهم ممن عاث في الارض فساداً في العراق.
وقلنا بأن الشعب العراقي، قد يعيد تجربة جنوب لبنان مع الصهاينة ـ حيث استقبلوهم بالورود والرز وفتحوا لهم المعابر للخلاص من الفاسدين في المقاومة الفلسطينية ـ لكنه سيعيد ايضا تجربة المقاومة في الجنوب اللبناني اذا اكتشف ان الامريكان قد جاءوا لاحتلال العراق واقامة قواعد عسكرية دائمة على ارضه ونهب النفط وعزله عن محيطه القومي والاسلامي ليكون اداة في يدهم ضد شعوب ودول المنطقة، وان مشروع احتلال العراق محطة من محطات كثيرة في المنطقة لتصفية كل مواقع حركة التحرر لاعادة رسم الخارطة السياسية العربية وترتيب موقع الكيان الصهيوني في الخارطة العربية القادمة … وقد حصل ذلك باسرع مما توقع أكثر المتفائلين المعادين للامريكان..
وقلنا بأن من حق الشعب العراقي ان يرفض كل صيغ الاحتلال التي يضعها الامريكان.. وان القوى التي جاءت الى الحكم بالدبابة الامريكية يجب ان تتوقع ان يكون مصيرها مع الدبابة الامريكية حتى لو كانت تملك في غابر الايام مكانة كبيرة وسمعة نضالية عظيمة .. فالاحتلال خط تاريخي فاصل.. ومن يتعامل مع المحتل ويقبل ان يسير في دبره .. لن يشفع له تضحياته السابقة وشهدائه ومعتقليه.. تماما كما لم يشفع لابليس تاريخه المجيد في خدمة وطاعة ربه .. عندما وقف في لحظة تاريخية رافضاً أوامر خالقه.. بل ويمكننا الاستشهاد بامثلة في تاريخ الكثير من بلدان العالم برجالات واحزاب مسحوا تاريخهم بقبولهم ان يسيروا في ركب جلادي شعبهم بحجة ان المستعمرين قد ساعدوهم على التخلص من طاغية لم يكن ممكناً الخلاص منه دون عون خارجي.. كشف عن وجهه القبيح باسرع مما توقع أكثر المؤيدين للغزو الامريكي للعراق.
***
الايام القادمة خطرة للغاية
لقد سقطت الهدنة وسقطت خارطة الطريق في فلسطين وسنشهد فصلاً دموياً ابشع من كل الفصول الدموية السابقة… وعلينا ـ بالضرورة ـ ان نحقق ونشيد فصولاً من التضامن والدعم الشعبي العربي لمناضلي وشعب فلسطين أكثر مما قمنا به في السنوات الماضية ..اذا كنا عازمين على مواصلة الدرب مع من يرسمون مستقبل امتنا .. دون ان ننسى انه بمقدار ما نحصل علىالمزيد من حقنا في المشاركة السياسية في صنع القرار واقامة دولة المؤسسات والقانون ومقاومة كل اشكال الفساد ودعم واسناد مؤسسات المجتمع المدني لتمارس دورها .. بمقدار ما نستطيع ان نضيف شيئاً الى معاركنا ضد المحتلين في العراق وفلسطين.. وضد التخلف.. وضد التجزئة ومن اجل توحيد قوانا وقدراتنا على الصعيد القومي.. ومن اجل التقدم في كافة ميادين حياتنا، فالمهمات القادمة الشاقة تحتاج الى تقوية البناء الذاتي لقوى التحرر والتقدم والديمقراطية العربية..
وخياراتنا مفتوحة..
كنعان