أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - الإعجاز غير العلمي















المزيد.....

الإعجاز غير العلمي


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1914 - 2007 / 5 / 13 - 14:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا شك أن أربح تجارة عرفها البشر حتى الآن هي التجارة في الأديان، فقد جمعت الكنائس المسيحية مليارات الدولارات في أمريكا ومثلها من الجنيهات في إنكلترا وأيرلندا وإيطاليا من بيع صكوك الغفران والمتاجرة باسم المسيح الذي مات فقيراً معدماً، كما جمع شيوخ الإسلام وفقهاؤه الملايين منذ أن كدّس أصحاب النبي من أمثال عثمان بن عفان والزبير بن العوام الذهب والفضة بعد موته واستغلوا الأمصار والمدن المفتوحة عنوة لامتلاك المزارع والعقار. واليوم يجمع وعاظ الفضائيات الملايين من بيع الوهم والكذب للبسطاء، مثل وهم الإعجاز العلمي في القرآن. ولفضح كذبهم وضلالهم سوف أناقش هنا آيةً واحدة من القرآن تُثبت لمن يريد الإثبات أن القرآن ليس به إعجاز علمي وليس هو من عند الله لأنه مليء بالأخطاء العلمية. تقول الآية: (الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الزمر 42).
نفهم من هذه الآية أن الناس عندما ينامون تخرج أنفسهم أو أرواحهم وتصعد إلى الله الذي يمسك منها أرواح من يريد ان يتوفاهم ويرد بقية الأرواح إلى النائمين الذين لا يريد أن يتوفاهم، فيفيقوا من نومهم. وحتى لا يتهمونا بعدم فهم آيات القرآن فهماً صحيحاً، نورد هنا تفسير الإمام القرطبي لهذه الآية:
( "الله يتوفى الأنفس": أي يقبضها عند فناء أجلها. "والتي لم تمت في منامها" : أُختلف فيه، فقيل: يقبضها عن التصرف مع بقاء أرواحها في أجسادها وهي النائمة، فيطلقها بالتصرف إلى أجل موتها. قال ابن عيسى وقال الفراء المعنى: ويقبض التي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها، فيكون التقدير على هذا: والتي لم تمت وفاتها نومها. وقال ابن عباس وغيره من المفسرين: إنّ أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ماشاء الله منها، فإذا أراد جميعها الرجوع إلى الأجساد، أمسك الله أرواح الأموات عنده وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها. وقال سعيد بن جبير: إنّ الله يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا وأرواح الأحياء إذا ناموا، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى" أي يعيدها. قال عليّ رضي الله عنه: مما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها، فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها، تلقيها الشياطين وتخيل إليها الأباطيل، فهي الروؤيا الكاذبة. وقال ابن زيد: النوم وفاة والموت وفاة. وعن النبي (ص) قال "كما تنامون فكذلك تموتون، وكما توقوظون فكذلك تُبعثون" ورُوي مرفوعاً من حديث جابر بن عبد الله قيل: يارسول الله، أينام أهل الجنة؟ قال: "لا. النوم أخو الموت والجنة لا موت فيها" خرّجه الدارقطني. وقال ابن عباس: "في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النَفسً والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه". وهذا قول ابن الانباري والزجاج. قال القشيري أبو نصر: وفي هذا بُعد. إذ المفهوم من الآية أن النفس المقبوضة في الحال شيء واحد ولهذا قال "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى". فإذاً يقبض الله الروح في حالين، في حالة النوم وحالة الموت. وقد اختلف الناس في هذه الآية في النفس والروح، هل هي شيء واحد أو شيئان على ما ذكرنا. والأظهر أنهما شيء واحد وهو الذي تدل عليه الآثار الصحاح. من ذلك حديث أم سلمة، قالت: دخل رسول الله (ص) على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه وقال "إنّ الروح إذا قبض تبعه البصر" وحديث أبي هريرة، قال قال رسول الله "ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره، فذلك حين يتبع بصره نفسه". خرّجهما مسلم.) انتهى. فمرة الروح تتبع البصر ومرة النفس تتبع البصر. فالروح والنفس هما نفس الشيء.
فإذاً لا جدال أن القرآن يقول عندما ينام الإنسان تخرج روحه وتصعد إلى السماء وتقابل أرواح الموتى وتتعارف معهم ثم ترجع إلى الجسد كي يصحو من نومه. وبهذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وكبار الصحابة. ولما حاول بعض المفسرين الخروج من هذا المأزق لأنهم عرفوا أن روح النائم لا تفارقه، قالوا بحديث عن ابن عباس يفرّق فيه مابين الروح والنفس، ولكن بقية الصحابة والمفسرين ردوا هذه المحاولات وأثبتوا أن الروح والنفس شيء واحد حسب أحاديث أم سلمة وابي هريرة.
والآن نأتي لهذا الإعجاز العلمي الخارق الذي قال به القرآن قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، قبل أن يأتي العلم الحديث بتفسير حالة النوم. فما هو النوم؟ النوم حالة من الإغفاء يتعطل فيها أو يهدئ الجزء العلوي من الدماغ cerebrum من سرعة عمله بينما يستمر جزع الدماع brain stem في العمل. الجزء الأعلى من الدماغ هو الذي يسيطر على التفكير والحركة الإرادية والنظر والسمع والكلام وجميع الحواس الأخرى والعواطف. وجزع الدماغ يحتوي على مركز التنفس و التحكم في ضربات القلب. والعطل أو التهديئة التي تحدث وقت النوم هو عطل مؤقت الغرض منه إراحة الجسم من التعب بإرخاء العضلات وإبطاء التنفس ودقات القلب. وقد درس العلماء حالة النوم في أشخاص أصحاء وفي المرضى وقسموا النوم إلى درجات، منها النوم الخفيف والنوم العميق. واستطاع العلماء بواسطة اسلاك كهربائية أوصلوها برأس النائم أن يسجلوا الذبذبات الكهربائية التي تحدث في الدماع عندما يكون الإنسان نائماً. وكذلك أوصلو أسلاكاً رفيعة جداً بجفون العين تستطيع أن تسجل حركات العين أثناء النوم. وقد وجد العلماء أن النوم ينقسم إلى قسمين رئيسيين: النوم الذي تصحبه حركات العين السريعة Rapid Eye movement (REM) و النوع الثاني الذي تصحبه حركات العين البطيئة Non REM. والدماغ كذلك تصدر منه ذبذبات أو أمواجٌ كهربائية سريعة عندما يكون النوم خفيفاً وتصير الذبذبات بطيئة عندما يصبح النوم عميقاً. وعندما يحلم النائم تتحرك عيناه بسرعة من جهة إلى الأخرى. وأثناء النوم تزيد سرعة عمل الكبد في بناء البروتينات وتخزين السكر anabolism وتقل سرعة تكسير الخلايا catabolism. ففي أثناء النوم هناك حركة دائمة في الدماغ والعيون والكبد والكلى والأمعاء.
فالإنسان النائم ليس ميتاً ولم تبرحه روحه أو نفسه إلى السماء لكي يقبضها الله في السماء إذا أراد. والدليل أن الإنسان النائم ليس ميتاً هو استمرار العيون في الحركة أثناء النوم واستمرار ضربات القلب والتنفس. والإنسان العادي عندما يكون نائماً يتقلب في سريرة ليزيل الضغط عن الجانب الذي كان نائماً عليه، في المتوسط ثمان مرات بالليلة. وهناك من النائمين من ينهض من سريره وهو نائم ويمشي في الغرفة ويفعل بعض الأشياء ثم يرجع إلى سريره دون أن يفيق من النوم ولا يتذكر شيئاً مما حدث عندما يفيق في الصبح. ويسمون هذا النوع من الحركة sleep walking. وبعض الناس يشخر وهو نائم وبعضهم يتحدث في نومه والبعض يكرج أسنانه طول الليل. فهل يستطيع الميت فعل كل هذه الأشياء؟ وهل إذا فارقت الروح الجسد، حتى إذا لم يمت الجسد (إذا كان للإنسان أصلاً روحُ) هل يستطيع الجسد الذي فارقته روحه أن يتقلب في سريره أو يشخر في نومه؟ ثم أن الحصين والأبقار والخرفان يمكنها أن تنام وهي واقفة. فهل يستطيع الميت أن يقف؟ والأغرب من ذلك أن سمك الحوت whales والدولفين لأنها لا تستطيع أن تتنفس إذا نامت نوماً عادياً، ويسمونها conscious breather فإن نصف دماغها فقط ينام بينما يظل النصف الآخر صاحياً ليتحكم في التنفس. فهل يصعد نصف روحه إلى السماء؟
وهناك بعض الناس لا ينامون إطلاقاً. فمثلاً المواطن الفيتنامي تاي نكوك Thai Ngkoc الذي ولد عام 1942 لم ينم لمدة ثلاث وثلاثين سنةً. وهناك أناس يولدون بنوع من اختلال الجينات يُسمى متلازمة مورفان Morvan syndrome لا ينام الواحد منهم لعدة أشهر (www.wikipedia.org/wiki/sleep). فماذا يحدث لأرواح هؤلاء البشر؟ ألا يتوفاهم الله كل ليلة مع الآخرين خاصة عندما قال (وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سُباتا وجعل النهارّ نشورا) (الفرقان 47)
وقد خلق محمد والذين معه هالةً حول النوم وجعلوا له سنناً معينة وأدعية تقال قبله وعندما يصحو النائم من نومه. فمثلاً:

قـال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للبراء بن عازب رضي الله عنه : ( إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن... الحديث ) [ متفق عليه:6311-6882] .
قراءة سورة الإخلاص ، والمعوذتين قبل النوم: عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما ، فقرأ فيهما: (( قل هو الله أحد )) و (( قل أعوذ برب الفلق )) و (( قل أعوذ برب الناس )) ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات. [ رواه البخاري: 5017]
التكبير والتسبيح عند المنام : عن علي رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال حين طلبت منه فاطمة ـ رضي الله عنها ـ خادمًا: (( ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما ، أو أخذتما مضاجعكما ، فكبرا أربعًا وثلاثين ، وسبحا ثلاثًا وثلاثين ، واحمدا ثلاثًا وثلاثين. فهذا خير لكما من خادم )) [متفق عليه: 6318 – 6915]
الدعاء عند الاستيقاظ من النوم بالدعاء الوارد : ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا ، وإليه النشور ) [ رواه البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : 6312 ] .

وأجمع فقهاء الإسلام وأهل السيرة النبوية على أن الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم. ولا أعتقد أن هناك أي شخص في الدنيا ينام قلبه عندما ينام. فلو حدث ذلك يكون الشخص قد مات. والآن قد استطاع العلماء تسليط أمواج مغناطيسية على جزء معين من الدماغ يجعل الإنسان يغط في نوم عميق لمدة عشرة أو عشرين دقيقة يصحو بعدها وكأنه قد نام ثمان ساعات. فهل تكفي هذه الدقائق العشرة إلى إرسال روحه إلى السماء السابعة ثم إرجاعها إلى جسده؟ وهل يستطيع السيد زغلول النجار وبقية وعاظ القنوات الفضائية الذين جمعوا الملايين من بيع الإعجاز العلمي أن يبينوا لنا وجه الإعجاز في الآية المذكورة أعلاه؟



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجارة الرابحة والمسابقات الدائرية
- الأمل يتضاءل مع انتشار فضائيات السحر
- التحديات الحضارية للأمة الإسلامية
- المؤتمرات الإسلامية وطواحين الهواء
- هل يعتذر المسلمون ؟
- لا معقولية الوجود الإلهي
- هل يصلح الإسلام دستوراً لدولة؟
- من يحمينا من عمر؟
- إنهم يعبدون القرآن
- 4/4 محمد الحسيني إسماعيل ووفاء سلطان
- محمد الحسيني إسماعيل ووفاء سلطان 3/4
- محمد الحسيني إسماعيل ووفاء سلطان 2
- محمد الحسيني إسماعيل ووفاء سلطان 1
- الإسلام وجراب الحاوي
- وثنية الإسلام
- نهرو طنطاوي ولغة القرآن
- هل الإيمان بالإسلام يؤدي إلى التخلف؟ 3-3
- هل الإيمان بالإسلام يؤدي إلى التخلف؟ 2-3
- هل الإيمان بالإسلام يؤدي إلى التخلف؟ - 1
- زغلول النجار والسموم الإسلامية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - الإعجاز غير العلمي