|
قراءة في مشروع حزب الفضيلة الاسلامي /1
علي عساف
الحوار المتمدن-العدد: 1914 - 2007 / 5 / 13 - 06:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحلقة الاولى / وثيقة مكة قدم حزب الفضيلة الاسلامي مجموعة اقتراحات ومقدمات تمثل قراءته ورؤيته السياسية الواقعية للمشهد العراقي الحالي والتي تمثل من وجهة نظره حلا وخلاصا من سلبيات الواقع التي اخذت بالتفاقم لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها الان ، لكن الورقة التي قدمها الحزب ترى ان هذه السلبيات والمآلات الصعبة للعملية السياسية يمكن ان تحد او تصحح او على طريقة انقاذ مايمكن انقاذه ، وللمسؤولية التاريخية تجاه المصلحة العامة للوطن والشعب العراقي هذه المسؤولية التي تحتم على التيار الوطني ان لا يقف مكتوف الايدي في المخاضات العسيرة وان يقدم وجهة نظره للمناقشة والحوار لكي يضع الاخر امام مسؤوليته التاريخية ايضا .. ازاء هذه القراءة المستوعبة للواقع والمقترحة لنوافذ من العمل السياسي وفتح مساحات جديدة من التصورات والرؤى التي من شانها اذا ما درست ونوقشت ان تسهم في تفعيل العملية السياسية باتجاه ما يخدم الوطن ، والمصلحة العامة .. وقد قدم حزب الفضيلة عشرة مقترحات ضمنها النقاط الاساسية والخطوط العامة التي رآها شاملة لكل جوانب الحياة السياسية من اجل عبور التازمات والاختلافات الى ما هو انفع واعم .. وسنحاول هنا ان نقرا هذه المقترحات وامكانية تفاعلاتها مع معطيات الواقع العراقي ومنعطفاته الدراماتيكية المتسارعة .. ففي المقترح الاول تركز الرؤية على وثيقة مكة وبنودها العشرة وذلك لان هذه الوثيقة حققت المشتملات الممكنة للحلول السياسية الناجعة لراهن الوضع العراقي المتأزم وخاصة في مجاله الطائفي والمذهبي .. وحتى لا تبقى هذه الوثيقة حبرا يتيما على ورق اللعبة السياسية فقد طالب الفضيلة بتوصياته ان تفعل هذه الوثيقة و لا سيما انها كتبت في مكان له قدسيته وحرمته عند المسلمين والعرب أي ان الالتزام ببنود الوثيقة له مسحة الالتزام بحرمة هذا المكان وقدسيته ومكانته الدينية والتاريخية .. وقد جاءت مطالبة – الفضيلة – بالالتزام بوثيقة مكة بعد فترة من الزمن على توقيع الوثيقة دون ان تبدو آفاق التزام وتصرفات او على الاقل نوايا لتطبيق هذه البنود على الارض العراقية الساخنة ، كما جاءت الورقة توقيتا لانعقاد مؤتمر شرم الشيخ لكي تاخذ صداها في مناسبة سياسية واعلامية مهمة هي مؤتمر الدول الداعمة للعراق والمشروط دعمها بالاصلاحات السياسية تلك الاصلاحات التي هي في الصميم من وثيقة مكة لذلك كان التذكير والتاشير لهذه الوثيقة وبنودها في توقيت مناسب ولوضع المؤتمرين على المحك من بنود وثيقة مكة قبل ان تاكل ارضة الزمن واللامبالاة اوراق الوثيقة ، فلو نظرنا الى شروط الدعم الدولي المرتبطة او المشروطة بالاصلاحات سنجد ان هذه الاصلاحات السياسية يمكن تحقيقها لو عمل ببنود وثيقة مكة .. فالوثيقة تشير الى : 1 – تحريم تكفير المسلم لاخيه المسلم . وهذا التكفير الطائفي هو الان جذوة الاحتراب والقتل على الهوية وبما ان هذا التكفير كفعل ديني او هكذا يبدو قبل ان يكون سياسيا او قتاليا لذلك فان المراجع الدينية كلها تقريبا قد اجتمعت او من يمثلها في مكة ووضعت فتاواها وقراراتها الدينية بتحريم التكفير فالذي يقوم بالتكفير وفقا لهذه الوثيقة الجماعية الاسلامية فانه لا يمثل أي مرجعية او مذهب اسلامي على الاقل في الساحة العراقية أي هو ليس بمسلم وليس له شرعية او صلاحية في عمله فهذا الفرز الديني له سوف يحصره في خانة الارهاب لانه افرزه عن كل المرجعيات الدينية بمذاهبها ومشاربها المختلفة والمتنوعة المجتمعة في مكة وبالتالي وضع هذه المرجعيات في صف التوحد الديني والعراقي طبعا ازاء هذا العمل الارهابي ... 2- تحريم سفك دم المسلم وخطفه وتهجيره وتحريم الاعتداء على ماله وعلى اهله . 3- تحريم الاعتداء على دور العبادة للمسلمين وغير المسلمين ، ومنع اغتصاب المساجد والحسينيات واستخدامها في امور مخالفة للشرع . 4- تحريم الجرائم المرتكبة باسم الهوية المذهبية . 5 – تحريم اثارة الحساسيات المذهبية والعرقية ، واطلاق الاوصاف المشينة على السنة والشيعة . نقف عند هذه التحريمات التي تمثل القرار الديني المرجعي الحاسم – بصفة التحريم – بكل عمل من شانه ان يتسبب بالضرر للمواطن العراقي مسلما كان او غير مسلم لاي سبب وداع او مسوغ مهما كان نوعه ، وهذا التدرج من سفك الدم الى التهجير او الاعتداء على المال او اطلاق الصفات المشينة ، أي ان قرار التحريم لم يفرق بين القتل او التهجير او الاساءة ولو بالكلام الى الانسان العراقي .. لانها بالتالي ممكن ان تؤدي الى القتل والعمل الارهابي .. هذه التحريمات هي قرارات دينية سياسية تبرئ ساحة المرجعيات الدينية المشتركة او الموقعة على الوثيقة تبرئها من دم الانسان العراقي الذي يسيل يوميا في الشوارع ، ولكن يبقى التنفيذ او متابعة هذه القرارات – التحريمات – او لنقل وضع النقاط على حروف القرار .. وهذا ما انتبه اليه حزب الفضيلة في ورقته المقدمة بعشر وصايا هي الاخرى .. ننتقل الى البنود الخمسة الاخرى التي اخذت صيغة ( الدعوة الى ) أي اخف صيغة من ( التحريم ) التي اخذتها البنود الخمسة الاولى .. 6 – الدعوة الى الوحدة والتلاحم والاحتراز من سعي الاخرين لاحداث الفتنة . 7 – الدعوة الى اطلاق سراح المخطوفين الابرياء والرهائن المسلمين وغير المسلمين واعادة المهجرين الى اماكنهم الاصلية . 8 – دعوة الحكومة العراقية الى اطلاق سراح المعتفلين الابرياء واجراء محاكمة عادلة للمتهمين وتنفيذ مبدا المساواة بين المواطنين بدقة . 9 – تاكيد الجهود والمبادرات التي تهدف الى تحقيق المصالحة الوطنية للعراقيين . 10 – دعوة الشيعة والسنة الى الاتحاد من اجل انهاء الاحتلال واستعادة الدور الريادي والحضاري للعراق . وهكذا تضع الوثيقة يدها على الجرح العراقي النازف حيث انتقلت من التحريمات في البنود الخمسة الاولى الى الدعوات والانفتاح والمصالحة في البنود الخمسة الثانية .. ولم تجهل او تتجاهل بالطبع موضوع الاحتلال ولكن هذا الاحتلال ينتهي على ارضية التفاهم العراقي والاتفاق على حالة من التوازن بحيث ان انسحاب المحتل لا يترك فجوة للصراع او التناحر الطائفي ، كما يدعي المحتل ويروج دائما لهذه الذريعة لكي يطيل بقاءه الثقيل على الارض العراقية ، بل ان الاحتلال نفسه حين يرى وحدة العراقيين واتحادهم بدات تتحقق عبر تفاهمات مرجعياتهم الدينية والسياسية فانه - الاحتلال سيحس ببشاعته ومظهره النشاز في الجسد العراقي الواحد وهو – المحتل الذي يمرع على ارضية ( فرق تسد ) الاستعمارية المعروفة ، فتكون مقاومة المحتل بالسلاح الاكبر الذي هو الوحدة واتحاد العراقيين على الراي واصرارهم على الحياة المشتركة تحت خيمة العراق الواحد او الصفة العراقية المشتركة .. أي ان حزب الفضيلة حين يفعّل هذه البنود ويطالب بتطبيقها فهو يطالب ضمنا بخروج المحتل من باب الوحدة العراقية الى غير رجعة مثلما يطالب بعدم الاعتداء على حريات وشعائر المسلمين من كل طوائفهم وغير المسلمين كذلك وينبذ مبدا الخطف والرهائن كنبذه لمبدا الاعتداء على الاخر وسفك دمه ، ودعوته الى ان ياخذ القضاء دوره في تحقيق الحق وتوفير محاكمة عادلة للمتهمين عبر تنفيذ مبدا المساواة كما يطالب ضمنا الموقعين على وثيقة مكة بالالتزام ببنودها وتفعيلها ايضا .. لذلك وضع حزب الفضيلة هذا المقترح في مقدمة مقترحاته العشرة في ورقته التي قدمها واعلنها في قصر المؤتمرات يوم الاربعاء 2/5/2007 قبيل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ للدول الداعمة للعراق وكذلك مؤتمر دول جوار العراق الذي اقيم في المكان نفسه .. وها ان مؤتمر شرم الشيخ انتهى بقرارات مبهمة دون ان يشير الى انسحاب او جدولة انسحاب المحتل وكانه اعطاه شرعية البقاء في العراق واحتلاله كما حمل الحكومة التزامات ثقيلة مشروطة بالغاء بعض الديون وليس كلها .. هذه الالتزامات الثقيلة تحملها العراق امام الراي العام المتمثل بالامم المتحدة والاتحاد الاوربي وغيرها والاهم امام امريكا التي خططت لهذا المؤتمر كما تخطط لمؤامرة وهو ليس باهمية مؤتمر مكة فيما يخص فائدة العراق والعراقيين وبنوده الواضحة المركزة على وحدة العراقيين وتحميل المسؤولية الوحدوية لكل الجهات المشتركة في المؤتمر ..فلو اخذ مؤتمر شرم الشيخ ببعض وليس بكل بنود مؤتمر مكة لكان انتصارا كبيرا للعراق ولكن الاجندة الامريكية تتجه بوصلتها الى اتجاهات اخرى مبيتة لا تخفى على اللبيب العراقي الذي يتابع المشهد بدقة وتحليل وربط بين الاحداث والمؤتمرات .. ان اصرار حزب الفضيلة على تفعيل بنود وثيقة مكة جاء اولا لاهميتها وشموليتها ووضعها المفاتيح الممكنة للقضية العراقية ولا سيما الجانب الاخطر منها وهو الاحتراب الطائفي المهدد بالحرب الاهلية وتبعاتها الثقيلة ، وثانيا لكي لا تبقى المؤتمرات مجرد لقاءات عابرة تمثل اسقاط فرض مهما كانت اهميتها ومواضيعها ، ولكي لا يضيع وقت محسوب على العملية السياسية فموضوع الوقت الضائع في العملية السياسية واحد من اهم العوامل التي تؤدي الى تآكل هذه العملية اذا لم يراع هذا العنصر المهم عنصر الزمن لان البداية من الصفر او العودة الى الصفر في كل خطوة سياسية تشبه الحرث في البحر وهذا ما تخشاه الرؤية الفضلية للقضية العراقية وهو العودة الى الصفر او العمل في المنطقة الزئبقية التي تؤدي برجرجتها اللامبالاتية الى العودة الى الصفر او مادونه دون التكميل على التاسيس او البناء المتسلسل او المتنامي المعتمد على رؤية تكميلية للعمل .. ارى ان اخطر ما يشوب العمل السياسي او الثقافي هو قضية البدا من الصفر وكأن عمر العراق هو خمسة اعوام او عشرة فقط وكأن العراق لم يمر باي مخاضات او انجازات سياسية وكانه لم يكن للعراق مجلس نواب منذ عشرينات القرن الماضي ولم تكن هناك حكومات ومؤسسات سياسية او ثقافية بل كأن العراق لم يكن صاحب حضارة او تاريخ لذلك بقي هذا ( الصفر ) التاريخي يلاحق العراقيين في كل مشاريعهم وخطاهم السياسية على طريقة ( كلما دخلت امة لعنت اختها ) . يتبع ...
#علي_عساف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|