أشاعت سلسلة القرارات والأجراءات، التي اتخذها مجلس الحكم الانتقالي خلال الاسابيع القليلة الماضية، والتي استهدفت معالجة الجوانب الامنية والمعاشية في حياة المواطنين، أشاعت شعوراً من الأرتياح والتفاؤل بامكانية استقرار الأوضاع العامة وضمان العيش الآمن الكريم. ويمكن الاشارة، في هذا الجانب، الى القرارات الأخيرة ذات الصلة بتعزيز جهاز الشرطة المحلية وملاحقة العصابات السائبة، وتشغيل قرابة ال 300 ألف شاب عاطل عن العمل، والتوجه لتمديد العمل بنظام الحصة التموينية وزيادة مفرداتها وتحسين نوعية موادها، كذلك قرارات تطهير المجتمع من السياسات العنصرية والطائفية للبعث المنهار، والأعداد لتشكيل محكمة عراقية مختصة لمحاكمة مقترفي الجرائم بحق الشعب وضد دول الجوار.
غير ان ما يقلق المواطنين ويقلل من حماستهم للمساهمة في عمليات التغيير التي تعيشها البلاد هو الغياب الواضح للاليات والاجهزة التنفيذية لدى مجلس الحكم، الامر الذي ينعكس سلبا على اتخاذ الاجراءات العملية، والقدرة على تطبيق تلك القرارات والاجراءات ووضعها موضع التنفيذ.
ويتضاعف هذا القلق امام مشاهد التفجيرات والاعمال الارهابية، التي شهدتها الاسابيع الاخيرة والتي استهدفت امن المواطن وحياته، من خلال استهداف مراجع دينية وسفارات ومكاتب دولية ومنشأت اقتصادية عراقية، راح ضحيتها حتى الان العشرات من المدنيين الابرياء.
ويزيد هذا القلق ما تشهده عديد من المؤسسات والدوائر الحكومية، في عموم المحافظات، من مسعى واضح من جانب وجوه معروفة بعلاقاتها "الحميمية" بالنظام السابق وحماسها المتميز في تنفيذ توجهاته، التي طالت المواطنين في عيشهم وامنهم وكرامتهم.
ويؤكد مراسلونا في الكثير من جامعات العراق وفي دوائر الدولة ومؤسساتها الصناعية والزراعية والتعليمية وغيرها (راجع الصفحات الداخلية) على عودة رموز النظام السابق لاحتلال مواقع ادارية مسؤولة وفاعلة في هذه المؤسسات، ومسعى هذه الرموز الدائم لوضع العصى في مسيرة اعادة بناء العراق الجديد، ومحاربة العناصر الوطنية النزيهة المتضررة من نهج النظام السابق وسياساته في التمييز بين الموظفين والعاملين على أساس الأنتماء الحزبي، والولاء للزمرة الحاكمة، والحماسة في تنفيذ توجهاتها.
وفي سياق متصل شهدت العديد من النقابات والاتحادات والجمعيات الفلاحية محاولات منظمة من جانب ممثلي النظام المقبور للعودة لتصدر العمل المهني الجماهيري، ومواصلة الهيمنة على هذا الميدان الهام.
وفي هذا الأطار، أيضاً، لاتتردد العناصر المشبوهة، مستغلة خبرتها وسطوتها، عن محاربة المواطنين الآخرين، خصوصاً ضحايا النظام السابق ومنتسبو القوى الوطنية ممن كانت لهم مواقف مشهودة في معارضة السلطة البائدة ونهجها، ويمتلكون خبرات علمية وادارية يعتد بها، ناهيك عن نزاهتهم وأمانتهم ونظافة سجلهم السياسي.
وبهذا الشأن يشير مراسلوا "طريق الشعب" الى تشديد المواطنين على القوى الوطنية ومناشدتهم لها بضرورة التحرك تحركاً منسقاً من أجل التصدي لمحاولات تجميل الوجوه القبيحة والمستهلكة جراء خدمتها للنظام المقبور، وإنصاف المواطنين من أصحاب الخبرة والنزاهة من المتضررين من الحكم البائد وإجراءاته السيئة.