|
حياة ألناس
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 1913 - 2007 / 5 / 12 - 13:48
المحور:
حقوق الانسان
حياة الناس في المجتمعات العربية و في الماض بالذات: لم تكن بأحسن حالا من حياة اليوم, ولكن هنالك سلبيات في الحياة الحاضرة ولا تعني هذه السلبيات أن الماضي أجمل من الحاضر . لقد كانت بساطة الناس في ألأعمال اليومية فيها نوع من التآخي بين أفراد المجتمع القبلي علما أن التعب وألأرهاق كان ميزة تميز الفلاحين والرعاة بعكس حياة اليوم التي يبدو فيها أن العامل بدأيشعر بنوع ماء من الأرتياح نتيجة تخفيض ساعات العمل وتحسين الخدمات الطبية . ورغم أن ألأنسان كان يتعب جدا في كسب لقمة عيشه في الماضي إلا أنه كان يشعر أن هنالك من يتكافل معه من أقربائه ورغم أن ايام العمل كانت تتراوح مابين 70- و100- يوم في السنة إلا أنه كان يتعب جدا أكثر من أعمال اليوم على طيلة أيام السنة . وكان الأنسان العربي قبل 100 سنة من هذا التاريخ يعيش في مجتمعات مشاعية قروية شبه بدائية وكان الإتحاد العضوي بينه وبين ألفرد و مجتمعه يعطيه إنطباعا من أن له قيمة بين الناس . وكان هذا الأسلوب من الحياة اليومية مع ما يرافقه من قلة تحسين الإنتاج يعطي الأنسان نوعا من ألإزدراء التام للتجارة التي تمتص دماء الغلابة والمساكين من الناس وأنا شخصيا ما زلت أسمع من شهود عيان وكبار في السن من أن :الرجل التاجر لم يكن يسمح له بألجلوس في صدر المجالس بين الرجال أو في المضافات وألدواوين العشائرية . لذلك كان سر تفوق الرجل على باقي أفراد عشيرته وقبيلته يرجع بشكل أساسي إلى طيبة قلبه ورقة مشاعره وإحساسه بما تحس به المساكين وكان الرجل يسود قومه بكرمه وسخائه وهذه ظاهرة أيضا جديرة بألإهتمام حيث كانت حياة الصحراء وقلة ألماء فيها يعطي نصيبا للذين يريدون في ألأرض علوا كبيرا نوعا من السيادة على الناس نتيجة لما يقدمونه من كرم للضيف الوافد عليهم وهو ينتظر منهم ماءأأو طعاما وهذا الأمر قد إنتقل إلى حياة ألفلاحين أيضا فلم يكن لهذه ألأسباب أي إحترام للتجار والمزاودين على البضائع ألتي يحتاجها ألناس من مأكل ومشرب وملبس . وهذا النوع من ألحياة القديمة جعل الناس تكره الربا الفائض من ربا فضل ونسيئة مما دفع بفقيه مثل الشافعي للقول أن الربا ألواجب وقوعه لا يكون إلا في الملبس وألمأكل وألمشرب وكل هذا طبعا بسبب كثرة الفاقة وألحاجة .
وحياة ألناس في ألماضي جميلة بما تحتفظ من ذكريات طيبة مثل : إحترام كبار ألسن وإحترام ألمرأة ! في ذلك ألوقت من حيث إهتمام ألناس في ألأعياد بزيارة عماتهم وشقيقاتهم وكانت ألمرأة تنتظر ألعيد بفارغ ألصبر حتى ترى شقيقها أو والدها يزورها من بلد إلى بلد كي تفتخر بعائلتها وهم يقدمون لها ألعيديات وألهدايا . ********************************************************************************************* وحياة ألناس ألجديدة هي أكثر روعة على ألأغلب من حياة ألماض على صعيد ألمرأة التي يبدو أنها مع تقدم ألحقوق ألمدنية أكثر إيجابية من ألماض فقد بدأت ألمرأة تقف خلف خطوط ألإنتاج وأصبحت منتجة للسلعة ألتي تستهلكها وهذا قد أعطى ألمرأة قيمة بين ألناس فلم تعد تسعد في العيد فقط لا غير بل أصبحت تسعد في آخر كل شهر تستلم به راتبها ألشهري وتنفق منه على أفراد عائلتها وأولادها وإذدادت حالات الطلاق أكثر من ألماض بسبب إستقلالية ألمرأة ألتي لم تعد تسأل عن ألرجل ألذي ينفق عليها فقد كانت في ألماض رهينة وعبدة لزوجها ألذي يؤمن مصروف ألبيت لوحده لذلك لم تكن لديها أي قدرة على ألإستقلال ألفردي وكانت قبل ذلك تصبر كثيرا على ألإهانات التي يوجهها لها زوجها وأفراد أسرته أما أليوم فأنها لا تحتمل مثل تلك ألإتهامات المخزية نتيجة إزدياد رغبتها في العمل مع ألرجال جنبا إلى جنب كي تحصل على قوة مالية وإقتصادية تستطيع من خلالها ألإستقلال في ألرأي وألحياة العامة .
********************************************************************************************* وليس من شك أن لكل شيء سلبياته وإيجابياته ولكن ألسوآل ألذي ما زال يطرح نفسه هنا هو : لماذا يتحسر ألإنسان على حياة ألماض ؟ يبدو لي أن ألأمر متعلق أصلا بألمثل ألقائل :أجمل ألأيام هي تلك ألتي لم تأت بعد . والمثل ألآخر:أجمل ألأيام هي تلك ألتي مضت . والمثل ألأول متعلق بالغرب ألذي يمتلك في كل يوم وسائل جديدة تزيد من رفاهيته لذلك فأن ألإنسان ألمتقدم في إسلوب إنتاجه وحياته يحلم فيما هو أجمل وينتظر في كل يوم توقعات جديدة له ولغيره من البشر . أما ألإنسان العربي الشرقي فإن موضوعه متعلق بألمثل الثاني القائل : أجمل ألأيام هي ألتي مضت - وذلك على حد تعبيرنا كل يوم - لأننا لا نملك وسائل جديدة ترفه عنا كدر الحياة وألمعاناة أليومية لأن كل شيء حرام وثقافة ألعيب ما زالت منتشرة بين ألناس ولا نملك أدواة جديدة تعمل على زيادة ألدخل ونزداد فقرا في كل يوم وألأسعار ترتفع بشكل كبير جدا ومستوى ألدخل محافظ على قيمته القديمة وأذا ما نظرنا إلى ألوراء نجد أن تكاليف ألدراسة كانت أقل وسعر ألخضروات وألحاجيات اليومية في إرتفاع مستمر
لذلك غالبية ألشعب ألعربي يتحسر على أيام ألماض ويكره ألحاضر ويكره معه ألمستقبل فكل شيء في ألماض كان أجمل من كل شيء حاضر وقادم .
وهنا تدخل في حياة ألناس ألإخطلاطات بين المفاهيم فيشبكون ألأمور ببعضها ألبعض فيخافون من كل شيء جديد على صعيد أساليب ألتدريس ألجديدة وعلى صعيد ألمرأة وكل شيء جديد يعني لهم إرتفاع في ألإسعار وهجمة جديدة تنغص عليهم حياتهم . وإن ألمعاصرة لديهم هي :ألإختناق في أحبال حرب جديدة تمول ألإنتهازيين بفرصة جديدة لخنقهم في كل يوم يلتحفون فيه ألفراش للنوم. لذلك فألناس هنا تحلم بعودة الماضي وتحلم بألمخلص كي يخلصهم من ألتعب ألذي ما زال معشش ويعشش في العقول والقلوب معا .
وهذا يشبه إلى حد قريب البيوت والبيوتات البيض ألتي بناها تولستوي للفقراء كي يخلصهم من العذاب والبرد ولكنهم ظنوا عليه بالعداوة وإعتقدوا أن هذه ألبيوت خطة جديدة من ألإقطاعيين كي يستغلون قوتهم العضلية ! . وكل أمر ثقافي وإجتمكاعي جديد عند العرب يشبه قصة الروائي والفيلسوف الروسي تولستوي مع الفقراء وهذا أيضا يشبه قصيدة :مصطفى صادق الرافعي التي قال بها عن الإنسان ألعربي : يامن لهذا المريض المدنف ألعاني مردد ألنفس من آن إلى آن إذا رأى ألليل ظن ألقبرشق له وظن أنجمه أثار أكفاني ويحسب ألصبح باب ألموت لاح له وفوقه الشمس قفل فتحه داني
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحديد النسل 2
-
التاريخ والحكمة والتزوير
-
لغة ألمجتمع ألمدني ألحديث
-
رسالة الى ابي
-
تحرير العبيد
-
القيم الأجتماعية وتفسير الظواهر
-
الزكاة كلمة غير عربية
-
الكفار والمجانين
-
العقاد من قمة رأسه الى أخمص قدميه
-
جهاد علاونه ليس كافرا
-
المجتمع العربي مجتمع الحظ والصدفة
-
عباس محمود العقاد
-
عباس محمود العقاد:من قمة رأسه الى أخمص قدميه
-
سيد درويش
-
المجتمع العربي مجتمع غير سوي
-
التكفير عن خطايا الرأسمالية
-
أم كلثوم وهيفا وهبي
-
مؤسسات المجتمع المدني 1
-
الأخلاق
-
نظام التعليم من نظام السلطة
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|