|
المسيحيون والأقليات العراقية .. الحركة خير من البكاء والنحيب
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 1912 - 2007 / 5 / 11 - 06:31
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
في القوش لدينا مثل سائد يقول : في الحركة بركة ، وهذا ينطبق الى حد ما في حالة المسيحيين العراقيين . في البداية ينبغي الأعتراف بأن المسيحيين والأقليات الأخرى في العراق ، ليس بمقدورهم مقاومة الظلم الذي يطالهم إن كان من الأسلام السياسي الأصولي المهيمن على الشارع ، او من الحكومة الثيوقراطية التي تحكم العراق . قبل 1400 سنة دخل الجيش العربي الأسلامي ارض العراق وخير اليهود والنصارى وهم أهل الكتاب او أهل الذمة بموجب المصطلحات الدينية الأسلامية ، وهؤلاء عليهم الأحتفاظ بدينهم مقابل دفعهم الجزية ، وإلا عليهم الأستعاداد للقتال . بعد هذه القرون الطويلة وما طرأ على الناس من تطور في الأخلاق والمبادئ والصناعة والتعليم والقوانين والطب والتكنولوجيا وهلم جراً ، بعد كل ذلك يحاول الراديكال الأسلامي في توظيف الدين في معمعة العنف ، وفي الحقيقة إن تسييس الدين يعتبر كارثة اخلاقية على الدين نفسه . صحيح نقرأ عن الدين الأسلامي ، وإن تحكموا بالناس أن تحكموا بالعدل . وعن حرية الرأي والمعتقد نقرأ وجادلهم بالتي هي أحسن ، وحتى إننا نقرأ : ومن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر .. الخ . فإننا نلاحظ جماعات الأسلام الحربي والتكفيري ، يمارسون العنف بحق أبناء جلدتهم إن كانوا من الأسلام او من المسيحيين او من الطوائف الأخرى . السؤال للمسلمين المعتدلين والأصوليين : ما هو الجرم الذي ارتكبه المسيحيون بحق الأسلام كي يتعرضوا الى كل هذا الحقد والقتل والتهجير ووو ؟ إن المسيحيين العراقيين أصلاء قبل المسلمين وليسوا وافدين ، وهم يعملون على بناء العراق ، ويتصفون باخلاقهم وأمانتهم وصدقهم وأخلاصهم لوطنهم ، فبأي ذنب يوجه لهم كل هذا الظلم والأضطهاد ؟ إنها عملية لا أنسانية ولا أخلاقية ممن يرتكب هذه الأعمال وممن يسكت عنها على حد سواء . لقد طلب من المسيحيين دفع الجزية ، وسؤالنا : لمن تدفع هذه الجزية ؟ إنهم يدفعون الضرائب للدولة ، فهل يترتب عليهم دفع الضرائب والجزية معاً ، ثم لمن يدفعون الجزية ؟ للوقف السني ؟ ام للمرجعية الشيعية في كربلاء ونجف ؟ ثم أين هيبة الدولة ؟ وماذا عن الحكومة العراقية ؟ من يمثل السلطة هل يمثلها الميليشيات والمجاهدون ؟ حسناً نحن نعترف بهذه السلطة ، فهل تقوم هذه السلطة بحمايتنا إن وقع علينا الظلم من جهة ما ؟ وما هو موقف الحكومة والتي يبدو انها راضية من الظلم الذي يطال المسيحيين والأقليات ؟ وإلا ما هي الأجراءات التي اتخذها الحكومة من أجل حماية الأقليات في الوطن العراقي ؟ ولكن هل يرجى الأمل في حكومة تشيع الكراهية والحساسيات الدينية بين أبناء الشعب الواحد ؟ إن حكومتنا المنتخبة قد اوصلت العراق الى مرتبة أسوأ دول العالم في الفساد الأداري والمالي . وكأن الفوز في الأنتخابات هو المفتاح لسرقة أموال الشعب ولتفشي الجريمة والفساد . نأتي الى عنوان المقال وهو أننا نكتفي بالبكاء والشكوى مما يطال شعبنا ، ولكن الملاحظ أننا لا نتحرك الى مراكز النفوذ التي لها تأثير على القرار العراقي . في 10 من شهر آذار الماضي عقد في العاصمة العراقية مؤتمر بغداد الدولي حول العراق ، فهل كان هناك صوتاً للمسيحيين او الأقليات الدينية الأخرى ؟ عقد مؤتمر مماثل في مكة ، وأخيراً عقد مؤتمر شرم الشيخ ، وقدمت وثيقة العهد الدولي للعراق وسيقوم رئيس الوزراء نوري المالكي بتطبيق برنامج مصالحة بين الطوائف السنية والشيعية والكردية عبر توزيع عادل لعائدات النفط بين مختلف هذه الطوائف . وهنا نتساءل ما هو موقع المسيحيين والأقليات الدينية ألأخرى من هذه المعادلة ؟ أم أن الحكومة قررت ان ترسل أبناء هذه الأقليات الى المحرقة الهتلرية تحت طائلة انهم أقليات . كان يجب ان يتحرك وفد من رجال الدين والساسة من المسيحيين والأقليات الأخرى الى شرم الشيخ لتقولوا للحاضرين نحن عراقيون أصلاء نطرد من بلادنا وتفرض علينا شريعة الغاب . إننا نشرّد من ديارنا وتنتهك أعراضنا وتسلب أموالنا ، أننا نقتل بيد الأكثريات من السنة والشيعة . وإن كان لا يسمح لهم بالدخول الى المؤتمر كان يجب نشر ذلك في وسائل الأعلام لكي يعرف العالم ان في العراق يقتل المسيحي ويجبر بقوة التهديد على تغيير دينه . ماذا لو تعرض المسلمون في الغرب المسيحي الى هذه المعاملة اللاإنسانية واللاأخلاقية ؟ ماذا لو كانت هناك حملة لإجبار الأسلام على ترك دينهم ؟ هناك نخبة مثقفة من أبناء شعبنا لا زالوا يتململون في قوقعة التسمية ، ويحملوننا المسؤولية في الذي يحصل لشعبنا لأننا نصر على وضع الواوات بين تسميات شعبنا ، أو أننا نحن الكلدانيين ندعو الى قومية مستقلة الى اخره من الأوهام التي لا أساس لها من الصحة على الواقع ، فلو حذفنا الواوات ، لا بل لو اعترفنا بالتسمية الآشورية لوحدها ، هل كان هذا الأعتراف يمنع عن شعبنا المآسي والأخطار التي تحيق به ؟ إنها أفكار طوباوية لا تستند على الواقع . بدلآً من التوحيد الشكلي بحذف الواوات او بتطبيق الآشورية على الجميع كان يفترض ان ترفع مذكرة باسم بطاركة كنيسة المشرق الآثورية بشقيها ، والكاثوليكية للشعب الكلـــداني وكبار الساسة الممثلين لأحزابنا السياسية وتقديم هذه المذكرة لمؤتمر شرم الشيخ مذيلة بتواقيعهم كانت افضل من الجدل الدائر حول التسميات والواوات . لقد كان أيضاح السيدين يونادم كنا وأبلحد أفرام ساوا الوقع الطيب في نفوس أبناء شعبنا ، لقد كان ثمة اتفاقاً في الهدف وهي نقطة لقاء ينبغي ان نثمنها ، وهذا هو الطريق الأسلم في الأتفاق وإن كانت خطوة متواضعة لكنها جديرة بالتقييم . وفي كل الأحوال هي أفضل من محاولات إلغاء الآخر باسم الوحدة القومية التي كانت السبب في تشرذمنا . لقد كانت صرخة عظيمة تلك التي أطلقها البطريرك مار عمانوئل الثالث دلي بطريرك الشعب الكلــداني في العراق والعالم حينما قال : المسيحيون يهجرون قسراً ويقتلون أمام أعين المسؤولين . نعم إنها الحقيقة ، والحقيقة يجب ان تقال ولو كانت مرة . نحن نريد ان نعيش في بلدنا ونحن السكان الأصليين له ، ان نعيش الى جانب المسلمين بحقوق وواجبات متساوية ، نعيش بمحبة ووئام ، نتبادل الزيارات والهدايا في المناسبات والأعياد وهذه عادات شريفة نبيلة ، وليس تلك التي العادات التي يمثلها الغزاة الغارقين في عقلية البداوة المتكأة على الأسلاب والغنائم ، نحن في القرن الواحد والعشرين ونقرأ في لائحة حقوق الأنسان ، وفيها ملحق حقوق الأقليات والذي اعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1992 فتقول : المادة الأولى 1 ـ على الدول ان تقوم ، كل في اقليمها ، بحماية وجود الأقليات وهويتها القومية أو الأثنية ، وهويتها الثقافية والدينية واللغوية ، وبتهيئة الظروف الكفيلة بتعزيز هذه الهوية . 2 ـ تعتمد الدول التدابير التشريعية والتدابير الأخرى الملائمة لتحقيق تلك الغايات . المادة الثانية 1 ـ يكون للأشخاص المنتمين الى أقليات قومية أو أثنية والى أقليات دينية ولغوية .. الحق في التمتع بثقافتهم الخاصة وإعلان وممارسة دينهم الخاص ، واستخدام لغتهم الخاصة ، سراً وعلانية ، وذلك بحرية ودون تدخل أو أي شكل من أشكال التمييز . وسؤالنا لحكومتنا ماذا بشأن هذه المواد وغيرها في لائحة حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ؟ أما ان الحكومة راضية عما يقوم به الخارجين عن القانون . أن الحكومة العراقية والمرجعية الدينية الشيعية وهيئة علماء الأسلام وعلماء الأزهر وكل مسلم شريف ينبغي ان يرفعوا اصواتهم لأستنكار العمليات العنصرية الدينية التي تطال المسيحيين وألأقليات الدينية في العراق .
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأستاذ هوشيار زيباري تفاؤل مشوب بالحذر
-
أحوال الأقليات الدينية في العراق من سيئ الى أسوأ
-
هل نتوقف عن الكتابة في الشأن القومي الكلداني
-
العراقيون في سورية وخيارات أحلاها أمَرْ من العلقم
-
العراقيون في سوريا .. اين المفر ؟
-
هل يحمل البيشمركة مفاتيح المشكلة الأمنية في بغداد ؟
-
نهاية أسطورة صدام ومأزق الحكومة العراقية
-
رابي يونادم كنا .. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
-
المؤتمر الآشوري في السويد وأوهام في الرؤية السياسية
-
الشئ الذي لم أشبع منه طول عمري !
-
يا عقلاء الأسلام صافحوا هذا الرجل إنه إنسان عظيم
-
حكومتنا .. لأنها تؤمن بالديمقراطية فعليها ان تستقيل
-
لماذا يسكت عقلاء الأسلام على ذبح الأقليات الدينية العراقية ؟
-
الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية 4
-
يشوع مجيد هداية شهيد الوطن العراقي
-
حتى أنت يا قس عمانوئيل يوخنا!
-
نعم نعم لوحدة شعبنا ولمشروع الحكم الذاتي
-
منصور أودا استاذ في الرياضيات والتراث الألقوشي
-
مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية -3
-
أحبائي الشيعة .. الأسلام السياسي الشيعي فشل في حكم العراق
المزيد.....
-
قبل دخولها حيز التنفيذ.. كيف سترد الصين وكندا والمكسيك وأورو
...
-
دهشة بعد -ولادة عذرية- لسمكة قرش في حوض أسماك يضم إناثًا فقط
...
-
لمواجهة تهديدات ترامب التجارية وتعزيز الإنفاق الدفاعي.. القا
...
-
مهرجان -إنديابلادا- في إسبانيا يحيي تقاليد تاريخية بالأجراس
...
-
حرب -لا رابح- فيها.. أوروبا تتوحد ضد سياسة ترامب الجمركية
-
الخارجية المصرية: أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي ال
...
-
الشرع يتحدث لـ-تلفزيون سوريا- عن معركة إسقاط النظام: خطط لها
...
-
هوليوود مهددة بسبب رسوم ترامب الجمركية على كندا
-
مدفيديف: الأموال الأمريكية المخصصة لكييف نفدت في جيوب اللصوص
...
-
إعلام: الولايات المتحدة لم تكن تعلم بالكميات الدقيقة للأسلحة
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|