رشيد كرمه
الحوار المتمدن-العدد: 1912 - 2007 / 5 / 11 - 03:12
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كنتُ قد أعددت ( جملة ) عناوين لموضوعات شتى تتعلق بمجملها الوضع الحالي والعملية السياسية والتي ركب مطيتها هذه المرة الإسلام السياسي في ادق وأخطر مرحلة يمر فيها العراق , فبين مقارنة للديمقراطية والثيوقراطية , وبين فروقات للحرية والإحتلال , وبين الإعتزال واللجوء الى العمل السري او الخروج الى العلن والمشاركة في جبهات سياسية ’ وبين خيار المعارضة ( المقاومة ) أوالدخول في صلب العملية السياسية , وبين إستخدام الغاية تبرر الوسيلة أو العكس , وبين حساب الربح والخسارة , وبين أكثرية الموالين للمذهب وأقلية المتمسكين بالثوابت الوطنية وبين عنجهية المراهنين على ولاية الفقيه أو المؤمنين بالبديل الديمقراطي , او المقارنة بين إستخدام العنف ( السلاح ) وبين الحوار والمحاججة وبين لائحة حقوق الإنسان وقائمة الممنوعات التي حددها الولي ويرسيها المرجع والسيد والشيخ وبين تقييم ماجرى في الأمس وما يجري اليوم وما سوف يجري غداً , وجدت نفسي أغوص في بحر من المقارنات في خضم غياب رأي عام محلي وأقليمي وعالمي مدرك لما يجري في العراق , إذ بات يلوح في الأفق العالمي والعربي – الإسلامي - أكثر من خطر باعثه الأرأس ( الدين , والدين السياسي ) والقاعدة والميليشيات والأحزاب الإسلامية بشتى مذاهبها ووجود هذا الكم من الإنشطارات والمتفيقهين نتيجة منطقية للرعب والسياسة التي انتهجها القيمين على المرجعية الدينية و البعثيون على مدى ( 35 ) عاما مضافا اليها الفترة من 8 شباط وما اعقبتها ولا غرو ان يتحدث الناس بمرارة قائلين ( لقد مات العراق ) أو ان العراق قد مرض أو ان العراق قد ضاع ,,
ولا أريد ان أصدق ان العراق قد مات والحقيقة المسلم بها ان العراق لن يمت رغم كل شئ فالفرق كبير وواضح بين الموت والضياع وأحسب ان العراق يواجه طوفانا من الخرافة والجهل والبدع كما وأنه يواجه أمواج محمومة تحركها ريح صرصر من الجار المسلم قبل البعيد ( الكافر ) ونحن ويفترض هذا ان نسعى جميعا الى قوارب النجاة كي نستخدمها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد ان أصدر الطغاة حكمهم على العراق بـ[ علي ً و على اعدائي يارب ] وسوف لن يتركوا العراق إلا خربة وكومة تراب ولأن يسعى الطائفيون لنهج تمزيق العراق وإغراقه بسيل من الدماء فاننا نربأ بالصادقين وبالضمائر الحية ان يلجموا من يريد دفن العراق وهو حي لايموت عن طريق الحوار ولكن أي حوار ؟ ومع من ؟
فأهدافنا ليست واحدة كما انها ليست محددة فنحن نتوجه صوب التحضر والمدنية والحرية وبالتالي نحو البديل الديمقراطي والآخرون يسعون الى إقامة دولة دينية وجل إهتماماتهم التبشير بيوم الحشر , كما يفترض في الحوار ان يكون بين أطراف لها مصداقيتها وأفكارها وبرامجها ويستحيل تنفيذ هذه البرامج في ظل واقع مفخخ باللوائح الممنوعة والحواجز الملغمة التي يصعب الإقتراب منها , والحوار المرتجى يجب ان يكون حول المسائل الأساسية التي تشكل هموم الناس ومتطلبات المرحلة التي نعيشها والأمل الذي راودنا طيلة عصر القسوة ( الصدامي ) والحوار بهذا المعنى مع ( من يعتقد انه يتكأ على رصيد بشري موالي للسيد أكثر من مولاته للوطن ) في أحسن حالاته لن يكون إلا ترفا فكريا ًوجدلا عقيما ً, وإذا ما حصل هذا الحوار فأنه سيزيد من حالة التشنج والإرباك ومن المؤكد أنه سيوسع من حالة الضياع ليس على مستوى العراق بل وعلى امتداد المنطقة المحاذية للعراق وليس بالضرورة ان يحصر هذا الضياع على الوضع العربي المتفسخ والضائع اصلا ً رغم تشدق القوميين العرب !!!
ومرارة الحوار طبقا للعنوان تكمن في قيود التحريم والممنوعات التي يفرضها الضد ما يجعل الحوار فاقدا لحيويته والخلل هنا أنعدام الجو الديمقراطي ليس بسبب علمانية اليسار والديمقراطيين وأنما لعدم وجود تقاليد للتعبير والإقناع في صفوف المتدينيين الذين يركنون دائما وابدا الى مسلمات والى ايقونات لاهوتية على انها الحقيقة ( كل الحقيقة ) لذلك تراهم يبدون عدم رغبتهم في فهم الآخر أو محاورته بل يبدون إستعلاءهم على الآخر,,
لذا لااجد مبررا للبعض من تكرار علينا المزيد من ( المجاملة ) لهذا الطرف الأسلامي أو ذاك , بحجة المزاج الديني السائد , او الصحوة الدينية , وما الى ذلك من التبريرات ,ولقد كثر مصطلح علينا ان ( لانستفز ) مشاعر هذه الجهة او تلك وكاننا خارج نطاق المجتمع الديني وليس من حقنا الإعتراض على انتهاكات الكهنوت الجديد وفرماناتهم حتى لو إستباحوا الحرمات وضيقوا علينا الساحات والمسافات واغتالوا النشطاء منا وفرضوا الجزية على إخوتنا المسيحيين والصابئة المندائيين وصادروا حقهم في المواطنة ,,
الحوار المر يدفعنا ان ننتقل الى مرحلة قد تبدو أكثر مرارة ولكنها قد تفضي الى ( شئ ) ينقلنا من حالة الإحباط والإستسلام بعد ان تتوفر مجموعة شروط أولها المصارحة وطرح كل المشاكل الحقيقية للفرق والجماعات والتنظيمات والشخصيات الشيوعية والماركسية والأشتراكية والعمالية والديمقراطية والعلمانية وسواها ,,,
على ان تتوفر المصداقية والجرأة فيمن يمتلك أو يطرح الأسئلة او يمتلك الإجابة وعلينا الإعتراف بالأخطاء وبنواقص الماضي من خلال عملية نقد ذاتي بناء .
كان للسنوات الأربع الماضية طعم العلقم للكثير من الناس فلقد خسرنا الكثير من الطاقات والكثير من بني البشر وتراجع العراق الى مئات السنين بفعل حمى السلطة ولقد اثبت الإسلام إنه ليس هو الحل لافي العراق ولا في اي منطقة ومن يزعم ان الإسلام لم يحكم المنطقة فهو واهم فكل الدساتير العربية ذات نصوص دينية ومستمدة من الشريعة الإسلامية , ويمارس رجال الدين مهماتهم كما يملي عليهم القران والسنة ,,
وآن لنا ان نتحاور مع من نرتبط وإياهم بقواسم مشتركة أزاء واقع مرير خلقه لنا دكتاتور اهوج وطائفيون ومحتل أمريكي , وإذ استشهد بهذه الدراسة التي قدمتها (مجموعة الأزمات ) ونشرتها مجلة الوطن أجد ان مرارة الحوار امر لابد منه
التحديات الجوهرية اليوم ذات ثلاثة تشعبات:* انهاء الحرب الأهلية، اعادة بناء الدولة ومؤسساتها ومنع امتدادات اقليمية خطرة تأتي من الخارج. ليس هذا بشيء تستطيع الولايات المتحدة أن تقوم به وحدها، فهي فاقدة للكثير من المصداقية، وفقدت كثيراً من وسائلها وأثبتت عجزها الشديد في التعامل مع الشؤون العراقية والاقليمية. بعبارة أخرى يتعين على واشنطن أن تبذل جهداً كبيراً سعياً لكسب تعاون الأصدقاء والأعداء على السواء. هذا، بدوره، سيقتضي ليس فقط الطلب من الآخرين لعب دور في تطبيق سياسة جديدة ولكن، والأهم ـ اعطاؤهم دوراً رئيسياً في صياغة سياسة كهذه. هنا أيضاً كانت لجنة دراسة الأوضاع في العراق على حق في رؤيتهاـ الحاجة الى اشراك ايران وسورية ـ ولكنها لم تكن طموحة بما فيه الكفاية في وصفتها العلاجية. لن ينفع الاشراك المهذب لهذين البلدين بل ستكون هناك حاجة لاعادة تعريف واضحة لأهداف واشنطن في المنطقة لحشد مساعدة ايرانية أو سورية. لا يمكن، في نهاية المطاف، التوقع من أطراف ثالثة الانضمام الى مجهود فاشل ناهيك عن أنهم يعتبرونه يتناقض بصورة جوهرية مع مصالحهم.
اذا كان ادخال مزيد من اللاعبين الدوليين ركناً أساسياً فان توسيع نطاق اللاعبين العراقيين وحقن زخم جديد في جهود مصالحة وطنية يجب أن يكون ركناً أساسياً آخر. الواقع أن ادارة بوش، بانتهاجها لسياسة أعادت بموجبها مجموعةً صغيرة من السياسيين المنفيين ليس لهم سوى جذور ضحلة في العراق ومكنتهم واعتمدت عليهم، فانها قد قطعت صلتها بمجموعات كبيرة من اللاعبين ذوي العلاقة، وحدت كثيراً من خياراتها وتأثير قراراتها السياسية. كثير من دبلوماسية السنوات القليلة الماضية كانت ذات نوعية سيريالية واقعية غير عادية: ملاحقة عملية سياسية عراقية لا علاقة لها كلياً بالحقائق على الأرض من خلال تعاملات بين الولايات المتحدة وقادة محليين ليس لديهم لا الارادة ولا القدرة على تغيير التفاعلات الجارية حالياً ـ والذين، في الواقع، كانوا ضالعين في تعزيز هذه التفاعلات. ليست الحكومة العراقية الحالية بحاجة الى تقويتها أو اعطائها وسائل اضافية »لضمان أمن العراقيين« و»مكافحة الارهاب« ( ـعن طريق زيادة حجم قوات الأمن العراقية، على سبيل المثالـ بل هي بحاجة لشخصية مختلفة والسعي لتحقيق أهداف مختلفة. لقد حان الوقت لصفقة عراقية أكثر شمولاً تضع اعادة بناء دولة لا عرقية ولا طائفية على رأس أهدافها.
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*إعادة بناء الدولة العراقية في تقرير مجموعة الأزمات الدولية
#رشيد_كرمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟