في ظل واقع الانقسام الذي يعيشه الشيوعيون في سورية، تزداد الحاجة لنظام داخلي (أسس تنظيمية) واضحة. تساعد في الحفاظ على وحدة الحزب وتبعد الانقسام. على الأقل على مستوى النصوص.
علماً أن ما ظهر من انقسامات، لم تكن النصوص في الأنظمة الداخلية فقط هي المسؤولة بل على الأغلب الممارسات الفردية البعيدة عن جوهر النظام الداخلي أو المزاجية في التفسير. أو ما كانت تعطيه النصوص من حقوق للسكرتير أو الأمين العام. أو غير ذلك من الأسباب المتعلقة بالنظام الداخلي، وتطبيقاته غير المسؤولة.
بداية يمكن القول أن النظام الداخلي الجديد يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الممارسات السابقة. والمرونة بحيث تستوعب تعدد الآراء. وأن يجدد في النصوص بما ينسجم مع توسيع الديمقراطية للهيئات القاعدية وأن يعطيها الحق في محاسبة الهيئات الأعلى كل ستة أشهر أو سنة على الأكثر. وغيرها…
المركزية الديمقراطية:
مبدأ جوهري، لايزال يحتفظ بحيويته وصحته، وهو مبدأ متكامل وجوهره: أوسع ديمقراطية للقواعد في انتخاب الهيئات من الفرقة وإلى المؤتمر العام والأمين العام. وسرية الانتخابات في كل المستويات.
وتتضمن حق الرفاق في مناقشة سياسة الحزب وإبداء الملاحظات عليها ومناقشة سلوك وممارسات الهيئات القيادية أو الأعضاء الذين يقودودنها.
أي كل نشاط الحزب السياسي والتنظيمي.
وبهذه الممارسة الديمقراطية، بتطبيقها تتكون المركزية (الحق في ممارسة الديمقراطية) والمركزية ليست منفصلة عن الديمقراطية، وبدون تلك الممارسة الديمقراطية لاتوجد مركزية.
والمركزية تعني وجود مركز واحد يقود الحزب على مستوى البلاد، وقيادة واحدة تكونت ديمقراطيا وامتلكت حق القيادة الذي مُنح لها ديمقراطياً. وأيضاً وجود نظام داخلي وبرنامج أقر بشكل ديمقراطي.
إذاً المركزية بهذا الشكل لاتكون سوى مبدأ مكمل للديمقراطية، أي بعبارة أخرى المركزية الديمقراطية مبدأ واحد متكامل لايمكن تفسير أحدهما وتطبيقه دون الآخر، يتكون أحدهما من تطبيق الآخر.
ولايعني هذا المبدأ (المركزية الديمقراطية) الديمقراطية فقط، وكذلك لايعني المركزية فقط، ولكن إذا مارست قيادة الحزب المركزية والمنتخبة ديمقراطياً. شكلاً مخالفاً أو مشوهاً وغير منسجم مع النظام الداخلي والبرنامج فما العمل. أو إذا تحولت إلى ديكتاتورية فكيف السبيل لمنعها. أو محاسبتها.
القيادة تمثل الحزب مادامت ملتزمة بقانونه وسياسته، وإذا انحرفت… فيجب إيجاد صيغة توقفها عند حدودها، وتحاسبها. ومن البديهي أن يكون هذا الحق بيد القواعد والمنظمات التي منحت القيادة هذا المركز.
وهنا يجب البحث عن النصوص الكفيلة بشكل المحاسبة وزمانها.
الأمين العام:
بغض النظر عن الممارسات التي عرفها حزبنا سلباً أم إيجاباً، فإن ضرورة هذا المركز تأتي من حاجة الحزب أي حزب لعضو يرأس اجتماعات اللجنة المركزية والمكتب السياسي، وينطق باسم الحزب معبراً عن سياسته ومواقفه المختلفة من جميع المسائل.
والمسألة ذات الأهمية في بقائه أو إلغائه، تتعلق بجوهر الممارسة التي تمارس: هل هي ديمقراطية منسجمة مع النظام الداخلي وسياسته، أم فردية ديكتاتورية، مخالفة لقانونه وسيادته، كما تتعلق بالحقوق الممنوحة له في النظام الداخلي.
فالمهم بالدرجة الأولى هو: إيجاد نصوص تمنع الأمين العام أو السكرتير أو الأمين الأول من الممارسات الفردية، وتمنح تلك الحقوق للهيئات المركزية. وأن تحجب حق حل المنظمات عن الأمين العام وحتى عن الهيئات المركزية، وأن لايتمتع بتلك الحقوق العامة إلا الهيئة المعنية ذاتها.
بكلمة: تقليص مسؤوليات الفرد على جميع المستويات ومنح المسؤولية للهيئات، وتوزيع مسؤوليات السكرتير على أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي، وأن يحدد النظام الداخلي فترة البقاء بهذا المركز بدورتين.
المكتب السياسي:
هيئة منتخبة من قبل اللجنة المركزية. ومهامها تنفيذ قرارات اللجنة المركزية وتبادر لحل العديد من المسائل وتحاسَب أمام المركزية.، ومهامها سياسية وعلى اللجنة المركزية أن تحد من تعديات المكتب السياسي على اللجنة المركزية.
اللجنة المركزية:
هي أعلى هيئة تقود الحزب بين مؤتمرين. وتحاسب أمام المؤتمر. يجب أن تتحول إلى هيئة قيادية فعلية على مستوى المركز والمنظمات وإيجاد شكل أوسع من اللجنة المركزية كأن تضم مكاتب اللجنة المنطقية لمناقشة وتعديل مسائل نوعية وجديدة.
لجنة المراقبة الحزبية:
يجب أن تتحول إلى «محكمة دستورية عليا». قديماً كانت هيئة شبه مشلولة، لاتملك صلاحيات فعلية،وهي هيئة قيادية منتخبة من المؤتمر. أي بمستوى اللجنة المركزية. وهي أعلى من المكتب السياسي كون المكتب السياسي منتخباً من اللجنة المركزية.
ويجب أن تشمل مهامها المحاسبة الشاملة في المسائل التنظيمية والسياسية والمالية. وأن تمتلك حق فرض العقوبات على جميع المستويات في مسائل مخالفة النظام الداخلي والبرنامج. وحق المشاركة في وضع اللوائح الانتخابية. أي أن تمتلك حق إصدار القرارات دون العودة لموافقة أية هيئة أخرى وإذا حدث خلاف بينها وبين هيئة مركزية أخرى يحل في اجتماع مشترك بأغلبية الثلثين.
المؤتمر العام:
هو أعلى هيئة يرسم سياسة الحزب ويضع أو يعدل النظام الداخلي ويجب أن يعقد كل سنتين بدل أربع سنوات «سابقاً» وينتخب هيئاته القيادية. يجوز تأخيره ثلاثة أشهر لظروف قاهرة (كالحروب والكوارث) ويحتاج لنفس الفترة لتحضير عقده. وشرعيته تتقرر بحضور ثلثي الأعضاء المنتخبين.
ولايجوز تعيين المندوبين الأصلاء. ويعين المراقبون من القدماء وذوي الخبرة والاختصاص بنسبة محدودة من قبل اللجان المنطقية.
الأقلية وحقوقها:
الحزب: أي حزب لايمكنه الاستمرار دون خضوع الأقلية للأكثرية، والقرارات عادة تؤخذ بهذا الشكل. والأقلية ملزمة بتنفيذ قرار الأكثرية الذي هو قرار الحزب على أرض الواقع، وهذا يؤمن سير العمل الحزبي باتجاه موحد ويعبر عنه بـ: وحدة الإرادة والعمل.
ثانياً: ماالطريق للتعامل مع الأقلية؟ قمعها! أم مناقشتها والسماح لها بطرح أفكارها شفاهاً وكتابة؟ وهل هناك ضرورة لقوننة ذلك؟ أعتقد جازماً أن الأزمات التي مر بها الشيوعيون السوريون مورس فيها قمع الأقلية ومنعها من التفكير واتهمت بالخيانة أحياناً لكونها تجرأت على التفكير بصوت مسموع أو لأنها طرحت رأياً مخالفاً اعتقدت أنه الأفضل لمسيرة الحزب، أو أنه يصحح بعض المواقف.
وساهمت تلك الممارسات القمعية (ضد رأي الأقلية وطروحاتها) من قبل القيادة في الانقسامات التي حدثت منذ أكثر من ثلاثين سنة.
واليوم بعد تلك التجارب المريرة، ماذا…. وكيف….أعتقد أن الصحيح هو السماح للأقلية (أو الرأي الآخر) بطرح آرائها ومقترحاتها حتى في صحافة الحزب بشرط الحفاظ على وحدة الإرادة والعمل.
والطريق هذه غير مسلوكة في حزبنا، فنحن لانملك تجربة، ولازلنا لا نستوعب تماماً الرأي الآخر بل أحياناً ننظر إليه وكأنه معاد للحزب..!!! إذا نحتاج لوعي المسألة، لمرونة، لسعة الصدر. فإذا كانت الأقلية ملتزمة بخط الحزب وقانونه: فما المانع أن تنشر أراءها على صفحات الجريدة تحت اسم فردي مثلاً.
أي أن تُعطى المجال خاصة قبل المؤتمر ليتحول رأيها من أقلية إلى أكثرية أو ليبقى في حجمه أو يتراجع. إن السماح بطرح أفكار تعبر عن رأي أصحابها، يعني السماح بالتفكير والتطوير والاقتراح والسماح بإنزال رأي الأقلية للقواعد، ومن خلال التنظيم على أن يشار إليه بأنه يمثل رأي الأقلية. أما منعه وملاحقته، فيعني منع الرفاق من التفكير وبالتالي من الإبداع. إن شكلاً كهذا سيسمح الاحتفاظ بالرفاق ومناقشتهم، وسيدفع بالكثير من الآراء للظهور، وسيحفظ وحدة الحزب، فلماذا ينقسم إذا كانت أفكاره غير ممنوعة ويمكن البحث عن صيغ أخرى أكثر ملاءمة.
المالية:
هي العصب الأساسي لتحريك الحزب ونشاطاته. يجب أن نمتلك نظاماً متكاملا، يشكل جزءاً من النظام الداخلي ويحدد بدقة وواقعية موارد الحزب، ومشاريعه وأشكال جبايتها وطرق صرفها ويتناول مسائل رواتب المتفرغين والتصرف بممتلكات الحزب.
العقوبات الحزبية:
هل هي وسيلة ردع للأخطاء أم وسيلة تربوية توجيهية؟ بتصوري أنها يمكن أن تجمع بين الردع والتوجيه، بعيداً عن الانتقام، لأن الأمر يتعلق بعضو الحزب، إصلاحه وليس دفعه بعيداً عن الحزب. ومن حق عضو الحزب أن يحاسَب في هيئته، وبحضوره وأن يمتلك حق الدفاع عن نفسه، وهناك ضرورة أن تتناسب العقوبة مع السلوك الخاطئ، وكذلك تجب الصرامة في العقوبات التي تمس أمن الحزب أو معاداته أو تخريب سمعته أو وحدته.
مسألة التمثيل النسبي:
الانتخابات هي الشكل الديمقراطي الأنسب لاختيار أعضاء الهيئات القيادية ولكننا اليوم بحاجة لتطويرها، والتشديد في مسألة انتخاب العضو القيادي. مثلاً أن يحدد النظام الداخلي عضوية المركزية بعمر حزبي لايقل عن 10 سنوات لدورتين فقط، وفي الدورة الثالثة يحدد نجاحه بنيل ثلثي أصوات المؤتمر وأن يعطى الحق لمؤتمرات المنطقية بانتخاب عضو أو أكثر مباشرة ليكون عضواً في اللجنة المركزية.
أما التمثيل في المؤتمر العام فيطبق التمثيل النسبي، وأن تحصل كل منظمة على نسبة من أعضاء المركزية والمراقبة والمكتب السياسي تنسجمم مع عددها بحيث يكون للمنظمة التي يصل عددها إلى 100 رفيق (عضو مركزية) والمنظمة التي يصل عددها إلى 200 رفيق (عضوين) ينتخب أحدهما في المؤتمر المنطقي.
والهدف هو أن المنظمات الكبيرة والصغيرة، تمثل بواقعية في الهيئات القيادية.
هذه بعض الأفكار ، لعلها تساهم في توضيح الطريق نحو مفاهيم أكثر واقعية وأكثر مرونة لحزب المستقبل.
■ القامشلي ـ عبد الرحمن أسعد
قاسيون