لا يخفى على المتتبع لبرامج بعض القنوات العربية كالجزيرة والعربية وأبوظبي وعدد من القنوات الغير عربية أيضا، ماذا تريد هذه القنوات من العراق وماهي أهدافها؟؟ لقد ثبت علاقة بعض هذه القنوات بالحكم الصدامي المجرم وزبانيته ولكنها لم تعاقب على ذلك لا من قبل الشعب العراقي ولا من قبل أمريكا ولا من الامم المتحدة والجهات المسؤولة عن الاعلام العالمي. ونتيجة لهذا التسيب الاعلامي والذي يسمية البعض بالديمقراطية، يدفع العالم و الشعب العراقي فالتورة هذا الانفلات الاعلامي في العالم.
بعد أن ثبت عمالة قتاة الجزيرة لوزارة الاعلام العراقية والصحاف، لم تتخذ هيئة المراقبة الدولية والمحلية لهذه الدول أية إجراءات ضد هذه القناة وإكتفت بفصل أو تنبية عدد من العاملين فيها. ونتيجة لهذه السياسة إستمرت هذه القنوات على توجية الشباب المسلم الى القتال ضد الامريكيين و لاحقا ضد كل المتعاونين مع أمريكا وبعدها ضد كل من لا يقاتل أمريكا.
إن هذه القنوات تعمل كقواعد ومراكز للتوجية السياسي للمنظات الارهابية وما تقوم بة لا يمس بأية صلة الى حقوق التعبير عن الرأي والديمقراطيه. لأن هذه القنوات لا تبث كل الاراء بل تنتقي الاراء وتعطي لبعض الاراء كل الوقت ولبعضها الاخر القليل من الوقت وتختار الاشخاص الذين يؤيدون الارهاب. فهي تسير في شوارع بغداد وتجري اللقاءات مع عشرات الاشخاص ولكنها تذيع فقط لقطات الذين يبعادون الشعب العراقي وأمريكا و قد تذيع جملة واحدة من شخص يؤيد أمريكا كي لا تتهم بالانحياز و الدكتاتورية. ولكن هذه السياسة مكشوفة للجميع ومنافية للديمقراطية. لذا فهي قنوات موالية ومشجعة ومؤيدة للإرهاب الدولي و المحلي وتقف حجر عثرة في طريق إستتباب الامن في العراق.
فقبل الحرب كانت تدافع عن صدام بحجة الدفاع عن الشعب العراقي و معادات أمريكا. وخلال الحرب على الطاغية، حاولت إضهار حرب الاطاحة بصدام كحرب ضد الامة العربية و الاسلام وكانت تصف المقاومة الصدامية الهزيلة بالجهاد وأرادة أن تدفع الشعب العربي و الشعوب الاسلامية الى مقاتلة أمريكا وكل من لا يقاتل أمريكا وإدعت أن هناك جنود إسرائيليون يقاتلون الى جانب الامريكيين في العراق. هذا الادعاء الذي لم يثبت لحذ الان. فهي ضد أمريكا على طول الخط وتدفع الشعب العراقي الى الاقتتال.
أما الان فهي تصف العمليات التخريبية كتفجير أبار النفط و خطوط و محطات الماء و الكهرباء بالجهاد والمقاومة وأعمال تفجير السفارات و مقرات الامم المتحدة وغيرها في العراق، بالعمليات الاستشهاديه كالتي تجري في فلسطين.
ومن أفضح الادوار ما تقوم به هذه القنوات في هذه الايام. فهي تحاول أن تصب غضب الشعب العراقي وتوجههم ضد ألامريكيين و تحاول إيهام العراقيين حول عملية إستشهاد أية اللة باقر الحكيم الجبانة والتي راح ضحيتها العديد من المسلمين الشرفاء و المخلصين للإسلام والوطن وعلى رأسهم الشهيد الحكيم.
هذه القنوات كانت تتهم الامريكيين بصورة مباشرة وغبر مباشرة، اي بالتنفيذ الفعلي للجريمة أو المشاركة في تخطيتها. وبعد ان ثبت بالدليل الاستدلالي الدور الصدامي و دور منظمة القاعدة و أنصار الاسلام و طرف رابع من المبكر التحدث عنه والذي يسير في فلك القاعدة ودولة أجنبية، في تنفيذ هذه الجريمة، تحاول هذه القنوات إفهام العراقيين بأن الامريكيين هم المسؤولين عن الامن في العراق ومن الواجب عليهم حماية علماء الدين وكافة العراقيين. وتتناسى بأنهم في فعلتهم هذه يدافعون عن القائمين بهذه الاعمال و تشجعهم وتصفهم بالمجاهدين والاستشهاديين. فلو لم يقم هؤلاء المجرمون و الارهابيون بتلك الاعمال لما إحتاج الشعب العراقي و رجال الدين الى الحماية الامريكية.
هذه القنوات تحاول أن تتناسى بأن المنطقة التي إشتشهد فيها الحكيم كانت محرمة على الامريكيين و كافة قوى التحالف، فكيف سيحمونها؟ كذلك مقر الامم المتحدة كان يرفض الحماية الامريكية. لست هنا في معرض الدفاع عن أمريكا ولكن هذه هي الحقيقة التي يجب أن تقال إن كنا صادقين. وإن كنتم فعلا مسلمين إتقوا اللة و قولوا الحق ولو على أنفسكم. ولكنكم تشجعون قتل المسلمين و الاطفال و الشيوخ وكل من لا ذنب له وتحولون القتلة الى مجاهدين.
إن صدام وزبانيته هم الذين قتلوا الشعب العراقي وهم المسؤولون المباشرون عن المقابر الجماعية. والجماعات الارهابية أيا من كانت هي التي تنفذ هذه العمليات الاجرامية ضد المؤسسات الخدمية و السفارات ورجال الدين و السياسة وهم المسؤولون عن تلك الجرائم وليست أمريكا. فلو توقفت هذه الجماعات الارهابية عن هذه الاعمال لما قتل أحد ولركز الشعب العراقي على إستتباب الامن و توفير الخدمات للمواطنين و تأسيس الحكومة العراقية المنتخبة. ولكن هذه القوى و هذه القنوات بعملها تطول من مدة الاحتلال وتشجع الفوضى وقتل الشعب العراقي و لا تريد لهذا الشعب أن يرى الراحة والاطمئنان حتى بعد سقوط صدام.
إن هذه القنوات هي الوجة الاخر للإرهاب وهي العدو الاول للشعب العراقي وهي المشجع الاول للتقسيم الطائفي و المذهبي و العرقي في العراق، وذلك للطريقة الخاطئة و المقصودة في نقل الاحداث و تغطيتها في العراق.
هذه القنوات تستغل حتى إستشهاد الحكيم من أجل زيادة عداء الشعب العراقي للأمريكيين و توهيمهم بأعدائهم الحقيقيين والذين هم الصداميون و الذين أتوا من خارج الحدود الى العراق و حفنة من العراقيين الملطخة أياديهم بدماء العراقيين وقنواتهم الفضائية السياسية. هذه القنوات تريد زيادة عذابات هذا الشعب وتكون للإرهابيين قاعدة وأرضية شعبية و مؤيدين داخل العراق.
هذه القنوات هي ضد مصير الشعب العراقي وتريد له الذل والقتل و الجوع وإظهار العراقيين بمظهر الفوضويين و المتخلفين وبأنهم لا يستطيعون إدارة أنفسهم.
إن الذي يقف عائقا أمام الشعب العراقي هي في الدرجة الاولى تلك القنوات و هؤلاء المتسترون خلف الدين الاسلامي الحنيف والمقنعون بقناع الاسلام. فكيف يمكن لمسلم أن يقتل مسلما. الحكيم هو ضحية مواقفة العراقية الشريفة والانسانية. الحكيم كان يتكلم عن الاخاء و المحبة والسلام وكان يقصدها وليس كهؤلاء الذين يتكلمون عن السلام وهم أكبر القتلة وعن الانسانية ويقتلون الاطفال و الابرياء، ويتحدثون عن عذابات الشعب العراقي وهم الذين يجوعونه و يقطعون عنه الماء و الكهرباء و الارزاق ويتكلمون عن حرية العراق وهم الذين بزيدون من أمد الاحتلال.
إن هذه القنوات وهؤلاء الارهابيون يحاولون أن يجعلوا من العراق خطا للمواجهة مع أمريكا ويريدون تحطيم العراق، ولكي ينفذوا هذه المختطات الجهنمية واللعينة يجب أن يفرقوا بين أبناء هذا الشعب. هذه التفرقة لا تأتي ألا بأثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقومية والتركيز عليها من أجل إثارة الناس وتحفيزهم على الاقتتال كما فعلوا في أحداث كركوك بين الكرد و التركمان. هذه الاهداث التي خذاها هؤلاء وأدى إعلامهم أن يقول مقتدى الصدر بأن الكرد و البيشمركة هم أعوان أمريكا وعملائهم وهم خونة، هذه المقولة العنصرية التي تضع كل الكرد في قفص الاتهام والغير مسؤولة، سيضعها الكرد بجانب مقولة أل الحكيم المباركة عندما حرموا قتل الكرد في فتوى علنية على أيدي الجنود الحكوميين في الستينات من القرن الماضي. هذه القنوات بدل أن تركز على مثل هذه المواقف المشرفة للعراقيين الشرفاء، تؤيد جماعة أنصار الاسلام الكردية لأنهم يزرعون البلبلة و الشقاق بين أبناء الشعب العراقي و يقتلون الامريكان. ولكن قتال هذه القنوات هي في المقام الاول مع الامريكيين و كل من لا يقاتل أمريكا.
قد يقول السذج من الناس بأن هذه مصادفة وما تقوم به هذه القنوات تصب في صميم عملها، ولكن هذه ليست بمصادفة. إذا كانت هذه القنوات تهم بالرأي و الرأي الاخر و التغطية الاعلامية الشاملة، فلماذا لا تعطي العراقيين والمؤيدون لمجلس الحكم والذين هم الاكثرية نصف ما تعطيه للارهابيين والذين يؤيدون الارهاب من وقتها المخصص للعراق!!!!
عندما تذيع هذه القنوات أشرطة الدعوة للقتل، فلماذا لا تلتقي بشخص مناهض للإرهاب ايضا كي تعطي الموضوع حقه. عندما تجري هذه القنوات لقاء مع أربعة مواطنين عراقيين، ثلاثة منهم ضد الارهاب وواحد فقط يؤيد صدام مثلا، فلماذا تذيع فقط مقابلتين وبهذا توهم المشاهد بأن نصف العرقيين هم مع صدام، لا بل إنها تعطي خمسة دقائق للمؤيدين للارهاب و دقيقة واحدة للشخص المعادي للارهاب وتنتقي مقاطع غير جيدة وهزيلة للشخص المعادي للارهاب.
نحن ندرك بأن الاعلامي هو الشخص الذي درس الكثير عن المجتمع والسياسة والتحركات السياسية وتأثير الكلمة و الصورة وطريقة النقل على المستمع و المشاهد، وهذه القنوات تتعمد هذه الطريقة في التعامل مع الحدث و المشهد العراقي، ولذا أقول بأن هناك تنسيق كامل بين هذه الجماعات الارهابية و حوادث القتل و التسيب الامني الذي يعيش فية العراق. ولا يفترض ان يكون التنسيق بصورة مباشرة بينهم، فأعمال هذه القنوات متناغمة مع الارهابيين وهي تعرف جيدا ماذا تعمل وكيف تعمل وتقوم بالدور المناط لها بأحسن صورة والخاسر الاكبر العراقيون أجمع.
أنا مع حرية الرأي والديمقراطية وعملت في سلك الاعلام لمدة خمسة سنوات وأعرف بشكل متواضع ما تقوم به هذه القنوات والسياسة المتبعة من قبلها وطريقة الحوار المتبعة ومحور الحديث في كل مقابلة وأية صورة تنقلها هذه القنوات عن العراق و العراقيين و أمريكا وما هو الهدف من كل سؤال والصورة النهائية التي تريدها هذه القنوات أن يبقى في مخيلة المشاهد ولماذا تكرر المشاهد والخبر ولماذا تجري عدة لقاءات حول خبر معين مشكوك فيه كي تثبت صحته أو عدمة ليس من أجل شرف المهنة ولكن من أجل أغراض أخرى، و ذلك بكثرة اللقاءات التي تؤيد أو تنفي الخبر. ونعرف أيضا كيف شجعت هذه القنوات الصداميين على التجرء على التكلم و المظاهرة و الاستمرار على تأييد صدام والكثير من الوسائل الاعلامية الاخرى التي يمارسونها مع العراقيين والعرب و المسلمين.
الرسالة الوحيدة لأية وسيلة إعلام مسؤولة وجريئة، يجب أن تكون نقل الحقيقة وإيصال الخبر و المعلومة الى المشاهد كما هو وليس دفع الشعوب الى الاقتتال و تشجيع الارهاب والقتل. بقدر ما تتحمل هذه المنظمات الارهابية والصدامية مسؤولية الانفلات الامني وإستمرار التواجد الامريكي في العراق فإن هذه القنوات تتحمل بنفس القدر وربما أكثر المسؤولية نفسها. وإذا كانت أمريكا تتدخل في العراق فهؤلاء يتدخلون أكثر في الشؤون العراقية الداخلية ويفرقون بين فئة وأخرى وحزب على أخر وشخص على أخر ودولة على أخرى.