ميخال فريدمان
الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 11:28
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
استضافت جمعية معًا في مقرها بتل ابيب ندوة لتبادل الآراء حول الصعوبات التي يواجهها العمال غير المنظمين، وسبل تنظيمهم النقابي. انعقدت الندوة في 17/4 بمناسبة الاول من ايار، واستعدادا للاحتفال المركزي الذي تنظمه الجمعية في تل ابيب بمشاركة عمال عرب ونشطاء عرب ويهود في يوم العمال العالمي نفسه.
شارك في الندوة مندوبون عن هيئات ساهمت في السنة الاخيرة في تشكيل لجان عمالية جديدة، بينهم اساف اديب مدير جمعية معًا، النقابي بنيامين جونين الذي كان خلال سنوات طويلة مندوب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في الهستدروت، المحامي ايتاي سفيرسكي من مركز "العيادة القضائية" في جامعة تل ابيب، والمحامي عيران جولان من جمعية "كاف لعوفيد" (خط للعامل).
تأتي اهمية الندوة على خلفية انتشار ظاهرة العمل غير المنظم، واتساع قاعدة العمال غير المنظمين وعديمي الحقوق الاساسية في كافة فروع الاقتصاد، كل هذا دون ان تحرك الهستدروت ساكنا لمعالجة الازمة. وردا على هذا الفراغ ظهرت في الآونة الاخيرة عناصر جديدة في اكثر من مكان عمل، اخذت زمام المبادرة وقامت بتنظيم لجان عمالية خارج اطار الهستدروت. بين هؤلاء عاملات في شركات القوى البشرية في البريد، عمال الحراسة في مستشفى كابلان ومعهد فايتسمان في رحوفوت، وموظفو الجمعيات.
عريف الندوة، نير نادر، مسؤول جمعية معًا في تل ابيب، تطرق لموضوع التضامن الذي يتجاوز الحدود القومية والدينية، فقال: "اننا نسعى لتنظيم العمال العرب واليهود، المحليين والاجانب، الاسرائيليين والفلسطينيين. فكلنا نعاني نفس النظام الرأسمالي القمعي وعلينا توحيد صفوفنا لبناء بديل اجتماعي واسع لهذا النظام".
اساف اديب:
"العمل النقابي يحتاج حزبا عماليا امميا"
المتحدث الاول كان مدير جمعية معًا اساف اديب، الذي ركّز كلمته على ان التنظيم العمالي الفعال يحتاج الى بناء بديل سياسي عمالي شامل: "مع اهمية المبادرات النقابية الجديدة، الا انها تعاني من نقطة ضعف يتجلى في انعزالها التام عن العمال العرب والفلسطينيين. الانغلاق داخل حدود ما يخص العمال اليهود فقط، يتجلى ايضا في توافق هذه الحركات مع المؤسسة السياسية والامنية الاسرائيلية بالنسبة لمواقفها من العرب، وبالتالي فان العمل النقابي يبقى فارغا من مضمونه النضالي الثوري العمالي. الارتباط بالمؤسسة السياسية والاقتصادية الحاكمة يجعل العمل النقابي محدودا".
وأكد اديب انه "خلافا للمبادرات العمالية التي اتخذت من عضوي الكنيست شيلي يحيموفيتش وعمير بيرتس من حزب العمل سقفا لها، فان جمعية معًا تساهم في بناء حزب عمالي جديد، حزب دعم، الذي رشح في الانتخابات الاخيرة قائدة نقابية عربية على رأس قائمته، رمزا لموقفه الاممي والثوري".
عران جولان:
"وصلنا لوضع بريطانيا قبل 200 عام"
المحامي عران جولان، عضو ادارة جمعية "كاف لعوفيد" (خط للعامل)، تحدث عن استراتيجية ارباب العمل الهادفة لتفتيت صفوف العمال الى مجموعات صغيرة، ليعرقل قيام العمال باي خطوة نحو التنظيم النقابي: "في المبادرات التي ظهرت مؤخرا رأينا بوادر للتضامن العمالي، لكنه لا يزال يعتبر ظاهرة نادرة. المشكلة تكمن ايضا في محاكم العمل التي تساهم في إضعاف موقف العمال. في الحقيقة وصلنا الى وضع يشبه الوضع الذي ساد بريطانيا قبل 200 عام، بفارق واحد اننا لا نشهد هنا نضالات عمالية طويلة الامد شبيهة".
بنيامين جونين:
"للهستدروت قوة كبيرة، لو انها تستغلها"
بنيامين جونين، الذي كان مندوب الجبهة في الهستدروت، ركّز كلمته على امكانية تنظيم العمال في اطار الهستدروت، فقال: "ذكر بعض المتحدثين اسم الهستدروت، على ضوء محاولات تنظيم عمال المقاولين والقوى البشرية. في الواقع ما رأيناه في مظاهرة عاملات البريد، كان غياب التضامن العمالي من قبل العمال المنظمين في اطار الهستدروت. والنتيجة كانت ان المظاهرة كانت ضعيفة. عمال البريد انفسهم حبسوا انفسهم داخل عمارة البريد، يخافون ان تربط الادارة بينهم وبين المتظاهرين. تفعيل قوة العمال هي التحدي الكبير وهنا بيت القصيد. اذا كانت قيادة الهستدروت في ايدي امينة ومخلصة للعمال لكان بامكانها تفعيل القوة الكبيرة التي تملكها ولا تستغلها".
ايتاي سفيرسكي:
"مبادرات جديدة لتفعيل الهستدروت"
المحامي ايتاي سفيرسكي، من مركز "العيادة القضائية" في جامعة تل ابيب، تحدث عن المبادرات لتنظيم العمال التي كان له دور فعال فيها: "العمل المنظم في اسرائيل دُمّر تماما، وسُحقت حقوق العمال الاساسية بفعل طرق التشغيل غير المباشرة (مقاولين وشركات قوى بشرية) التي سيطرت على السوق. مع هذا تقف الهستدروت مكتوفة الايدي، ولا تقوم باية مبادرة. في وضع كهذا كان المفروض ان تقوم نقابة العمال الكبرى بالدفاع عن العمال، واذا لم يتوفر ذلك، فلا بد من التفكير في بدائل.
"انا لا اؤيد الموقف الداعي الى كسر الهستدروت، لانني ارى فيها قوة هامة من شأنها التأثير على علاقات العمل وحقوق العمال بشكل ايجابي. لكن من اجل تحريك الهستدروت لا بد من تنظيمات ومبادرات تتحداها على النطاق القانوني والشعبي والاعلامي، ولو احتاج الامر البدء ببناء اطر بديلة كهذه. مركز حقوق العمال الذي اديره في جامعة تل ابيب، يهدف للمساهمة في بناء هذا البديل لتفعيل الهستدروت، ورغم كل الصعوبات فلا بد من القيام بذلك".
ايهود عوزيئل:
"نحو تأطير موظفي الجمعيات"
في نهاية كلمات المتحدثين، فتح عريف الندوة المجال امام المشاركين من النشيطين الميدانيين للتحدث عن تجاربهم النقابية. اول المتحدثين كان ايهود عوزيئل من القدس، الذي بادر الى تنظيم عمال يعملون في جمعيات ثقافية وصحية ضمن القطاع العام، ولا يحصلون على الحد الادنى من الحقوق او الثبات في العمل.
وقال عوزيئل ان التشغيل بواسطة الجمعيات اصبح اليوم ظاهرة منتشرة في كل وزارات الحكومة، مما يسهل استغلال العمال الذين يصل عددهم الى عشرات الآلاف. المبادرة التي بدأنا بها تهدف الى تأطير هؤلاء الموظفين وحماية حقوقهم".
هيثم زحالقة:
"اساهم في تطوير جيل جديد واعٍ"
هيثم زحالقة (21 عاما)، من اعضاء جمعية معًا في كفر قرع ومرشد في اتحاد الشبيبة العمالية، تحدث عن الاسباب التي قادته للانضمام الى معًا: "عندما كنت طالب مدرسة، لم افهم الى اي درجة وضع العمال صعب، وكنت اعتقد ان العامل يحصل على حقوقه بشكل طبيعي. فقط بعد خروجي لسوق العمل قبل بضعة سنوات أدركت ان العمال عادة لا يحصلون على حقوقهم، وانهم يعامَلون كعبيد لا كعمال.
"اليوم ارى الكثير من العمال الذين يعملون دون حقوق ودون صندوق تقاعد، وفي المقابل ارى العائلات والعمال الذين يعملون في البناء والزراعة والمطاعم بشكل منظم مع كافة الحقوق، وذلك بعد ان ضمنت لهم جمعية معًا حقوقهم. على ضوء ذلك قررت ان اكون نشيطا في صفوف الشباب كي استطيع المساهمة في تطوير جيل جديد واعٍ، وبالتالي اساهم في حماية حق العامل حتى يرد اعتباره الاجتماعي كعامل وليس كعبد. اشعر اليوم ان مركز معًا في بلدي هو بيتي الثاني، وان كل مكان فيه مركز لمعًا هو بيتي، مما يجعلني اشعر بانني غني لانني املك العديد من البيوت، وكلها بيت للعمال".
يؤاف ليفي:
"حركة التنظيم العمالي ستتحقق"
يؤاف ليفي مندوب لجنة عمال الحراسة في مستشفى كابلان: "هناك ثلاث لجان عمالية جديدة في مدينة رحوفوت، وبدأنا نرى ظاهرة تنظيم العمال تنتشر الى اماكن اخرى من البلاد. هذه التطورات تشجعني، لانني على يقين بان الثورة التي تحدثنا عنها بالنسبة لحركة التنظيم العمالي، ستتحقق فعلا. صحيح ان الوعي العمالي والتضامن بين العمال لا يزال اوليّا، ولكنني مقتنع بانه مع الانجازات التي حققناها، وبالفعل حققنا انجازات هامة وملموسة لصالح العمال، سيرى المزيد من العمال ان الطريق للحصول على حقوقهم تكون فقط بالتنظيم النقابي والتضامن العمالي".
اوهاد روتم:
"لا ارى التضامن العمالي"
اوهاد روتم، مندوب لجنة عمال الحراسة في معهد فايتسمان، قال: "لدي العديد من الملاحظات ضد الهستدروت، لكنني مع ذلك ارى فيها الاطار الصحيح لتنظيم العمال، شرط ادخال اصلاح داخلي عميق. انا لا ارى اليوم التضامن العمالي الذي تحدث عنه الجميع هنا، وكل ما هو قائم اليوم هو عمال يطالبون بزيادة الاجر، وهذا امر هام لكنه غير كاف. طالما لا تقوم تنظيمات عمالية من القاعدة الشعبية وتحرك العمال انفسهم لا يمكن ان يكون هناك تضامن عمالي حقيقي".
اريئلة ساعر:
"كسرنا حاجز الخوف"
اريئلة ساعر مندوبة عاملات القوى البشرية في البريد قالت: "بادرت عاملات البريد الى معركة ضد المقاولين وشركات القوى البشرية التي تشغلهن. وكان ذلك قرارا شجاعا بعد ان عملنا سنوات في ظروف عمل صعبة، وتعرضنا لعملية غسيل دماغ مستمرة اقنعتنا اننا يجب ان نشكر من يمنحنا الفرصة للعمل. وقد وصلت الامور الى درجة لم يكن بالامكان السكوت بعدها، فأطلقت العاملات معركتهن ضد الاستغلال، وكسرن حاجز الخوف. هذه المبادرة في رأيي مساهمة في مسيرة اكبر يجب ان يشارك فيها كافة العمال في المعركة من اجل نيل الحقوق المفقودة".
ليئات يكير:
"الاطار النقابي البديل سيقام"
ليئات يكير نشيطة نقابية مستقلة قالت: "انا متفائلة لانني على قناعة تامة بان الاطار النقابي البديل سيقام بعد ان فشلت الهستدروت فشلا ذريعا. السؤال الوحيد هو، متى سيحدث ذلك؟ اعتقد ان هذا الاطار يجب ان يضم في صفوفه العمال جميعهم، بما فيهم العمال الفلسطينيين، فالتضامن العمالي الطبقي يجب الا يفرق بين العمال حسب قومياتهم واديانهم. التضامن هو احد المحاور المركزية لهذا الاطار البديل، وذلك عكس ما يحدث في المجتمع اليوم الذي يفتقد لاسس التضامن. ولتحقيق ذلك لا بد من عملية تربية عميقة لزرع هذا المبدأ في صفوف العمال".
خلاصة النقاش كانت واضحة: المبادرات النقابية التي ظهرت على خلفية الفراغ الذي تركه غياب الهستدروت، تبحث اليوم عن طريقها: هل من الممكن ان تتطور هذه الظاهرة في اطار الهستدروت، او انه لا بد من بناء تيار نقابي بديل ومستقل عنها. مسألة اخرى طُرحت للنقاش كانت العلاقة بين العمال اليهود والعرب. في كلا المسألتين تشكل جمعية معًا نموذجا رائدا في طرحها السياسي المستقل والتعاون الوثيق بين العمال العرب واليهود في صفوفها. المواقف المختلفة للمبادرات الاخرى تتطلب تبادلا حرا للآراء والخبرات في جو من الودية، وكان هذا النقاش مثابة البداية في تطوير النقاش حول سبل بناء البديل النقابي.
#ميخال_فريدمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟