|
عندما يبيض الديك في العراق!
نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر
(Najah Mohammed Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 08:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحديث عن مقتل أبو عمر البغدادي وأيوب المصري يثير سؤالا حول ما اذا كانت القاعدة ودولتها الاسلامية في العراق تلفظ أنفاسها.. التقرير التالي يحاول الاجابة على السؤال السابق،مع الأخذ بنظر الاعتبار تضارب الأنباء بشأن مقتل الرجلين.. فالمهم في كل ما أثير هو أن أداء القاعدة ودولتها الاسلامية، يتراجع كثيرا هذه الأيام خصوصا بعد تشكيل تحالف من جماعات سنية مسلحة ، مضاد لدولة الاسلام!..
نجاح محمد علي- دبي
برغم كل مايعتريها من تعثر واضح الا أن تطورات العراق السياسية تنبيء بأن قطار المصالحة الوطنية بالمقاس المطلوب أمريكيا واقليميا،يتجه نحو السكة ، وقد يصلها ...وإن طال الزمن.
وقديما قال الألمان " الارادة تجعل للقدمين جناحين"، وقالت العرب إن الأيام دول، ولكن ليس لمايسمى بدولة العراق الاسلامية بعد مقتل "اميرها" أبو عمر البغدادي في منطقة الغزالية ببغداد،وقبله مقتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو أيوب المصري على يد مقاتلي عشائر الأنبار الذين أطلقوا صحوتهم منذ وقت ليس بالبعيد، وقرروا القضاء على "القاعدة" ولو بلغ مابلغ...كما يقولون.
هذه التطورات- حتى إن لم تكن أنباء مقتل البغدادي والمصري صحيحية - تعكس نجاحا للحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة،وتعزز نظريتها في مد جسور الود مع عشائر الرمادي، وعموم المجتمع السني، مع كل العقبات التي يفتعلها زعماء برزوا كمدافعين عن السنة داخل العملية السياسية ، وهم في معظمهم يدافعون عن عودة البعثيين مرة أخرى الى السلطة، ولايُخفون تطلعاتهم في هذا الأمر مع أنهم يضعون قدما في الحكومة والعملية السياسية،,أخرى محكمة داخل ما يسمونها مقاومة، حتى تلك التي تعلن على الملأ أنها تعمل على خط جر العراق الى حرب طائفية...وأهلية كتنظيم القاعدة ودولتها الاسلامية مثلا.
صحيح أن الحكومة العراقية حصدت المزيد من الاخفاقات على الصعيدين الأمني والسياسي منذ اعلان تشكيلتها الرسمية بعد مخاض عسير أعقب الانتخابات التشريعية في ديسمبر العام 2005، الا أن تعاون عشائر الأنبار الذين أسسوا مجلسا لانقاذ الأنبار ..أكبر محافظات العراق وأكثرها تأثيرا على مجريات الامر فيه ، يشير ولو من طرف خفي الى أن مستقبل العلاقة بين السنة والشيعة لن يتعرض للخطر كما يريد دعاة الفتنة الطائفية ومشعلو نيرانها المحرقة للجميع، والتي ستلتهم المنطقة باسرها إذا اندلعت كحرب طائفية واسعة في العراق.
صحيح أيضا أن الفتنة الطائفية تطورت كثيرا منذ عملية تفجير مرقدي الامامين العسكريين في سامراء في فبراير من العام الماضي، لتتحول الى مايمكن تسميتها "حرب مجاميع طائفية" تحصل على دعم سياسي وحتى لوجيستي من فاعليات دينية وسياسية يشارك معظمهم في العملية السياسية الجارية، الا أن انضمام عشائر الأنبار الذين قضى العديد من أبنائها صبرا بالاغتيال أو بالقتل اليومي الذي تمارسه القاعدة ضد كل من لايتفق مع طروحاتها،وضع الكثير من "المطبات" أمام أولئك السائرين على نهج اشعال فتيل الحرب الطائفية بين عراقيين تبلغ الزيجات المختلطة بينهم نحو 30%.
الغزالية!
أبو عمر البغدادي، اسم على مسمى لأن مجرد انتخاب الكنية في عراق مابعد صدام الذي أسس على نظام المحاصصة الطائفية، يعكس نوايا الضابط السابق في جهاز استخبارات نظام صدام ،قيل إنه أو أحد قادة دولته ، قتل في مواجهة مع قوة أمريكية عراقية مشتركة في منطقة الغزالية، ما دعى بعض المراقبين الى التساؤل عن هذا السر في أن يتواجد القتيل في منطقة يقع فيها المقر الرئيس لهيئة علماء المسلمين!.
ويثير هذا الأمر جملة تساؤلات مشروعة عما اذا كان تنظيم القاعدة ودولته التي أعلن قيامها في المناطق السنية، مصرا على الاستمرار في نفس طريق زعيم التنظيم السابق "أبو مصعب الزرقاوي" وهو العمل على خط الفتنة الطائفية، فشل فعلا مع المجتمع السني خصوصا في ظل الصراعات الدموية التي خاضها تنظيم القاعدة مع عدة جماعات سنية مسلحة، لم تنفع معها محاولات "البغدادي" في الابقاء على الحاضنة التقليدية للقاعدة داخل مجتمع يرفض التطرف المذهبي بل ويشارك في مقاتلته.
أبو عمر البغدادي وغيره من زعماء القاعدة في العراق، انغمس في صراعات داخلية ومحلية بعيدا عن الهدف الأول الذي من أجله أنشأ - ظاهريا- تنظيم القاعدة في العراق.
ويمكن القول إن الكثيرين من ضباط النظام السابق، انخرطوا في التنظيم بعد أن اطلقوا اللحى وصاروا يترددون على المساجد ويتطرفون في الولاء الديني مذهبيا بما ينسجم مع فكر القاعدة، وزعيمها السابق أبو مصعب الزرقاوي الذي كان أعلن بصوته عدة مرات أن هدفه الأول هو مقاتلة الشيعة "الروافض" وكل شيعة العراق بالنسبة للزرقاوي هم من الروافض ماعدا " الخالصيين" و" الصدريين" وذلك اثر تدخل هيئة علماء المسلمين، طبعا قبل أن تتغير معادلة العلاقة بين زعماء كلا من التيار الصدري والهيئة على خلفية تبادل تصريحات " قاسية" بينهم خصوصا فيما يتعلق بموقف الهيئة من "الزرقاوي" وعموم تنظيم القاعدة.
متاعب المالكي
الحديث عن مقتل أمير دولةالعراق الاسلامية ووزير حربها زعيم تنظيم القاعدة في العراق، ربما يخفف عن الحكومة العراقية بعض متاعبها خصوصا فيما يتعلق بالخلافات الحادة داخلها بين المشاركين السنة، والشيعة المهيمنين عليها . فزعماء السنة المشاركون في العملية السياسية هددوا بالانسحاب بذريعة أنهم مهمشون في صنع القرار، وهو ، إن تم ، سيحرج كثيرا...حكومة نوري المالكي التي يحرص رئيس الوزراء العراقي عبر اعلامه الرسمي، على تسميتها بحكومة الوحدة الوطنية . ومن هنا فان مقتل أبو ايوب المصري، الذي نفته القاعدة، وأيضا مقتل أبو عمر البغدادي الذي يدور حوله جدل، تريدهما الحكومة العراقية ليعكس نجاحا في اختراق تنظيم القاعدة وابعادها عن محيطها الذي نمت فيها خلال السنوات الماضية، بعد سقوط نظام صدام . وواضح من خلال تصريحات المعنيين فيها، أن الحكومة العراقية المنهمكة في تطبيق خطتها الأمنية القائمة أساسا على جهد استخباري، بدت سعيدة وهي توجه رسائل مهمة عن نجاحها في ابعاد جماعات مسلحة عراقية، بل واقناعها في المشاركة في قتال تنظيم لم يتوان العديد من زعماء العشائر السنية في وصفه بالعصابة التكفيرية.
وحتى اذا لم يكن الخبر صحيحا، فان الحديث عن اضعاف القاعدة ، يعزز من فرص الحكومة والقوات الأمريكية، في اثبات وجهة نظرها المتدحرجة على كرة التفاوض مع جماعات مسلحة ، لاتتفق من قريب أو بعيد مع نهج القاعدة.
العهد الدولي! الاعلان عن مقتل "أبوعمر" البغدادي جاء في نفس يوم انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الدولي في مصر لمساعدة العراق، عندما تعهد رئيس الوزارء العراقي نوري المالكي بنزع سلاح المليشيات، ومع مطالبة مصر بعدم دعم تيار معين على حساب آخر،لكن الأبرز هو تزامنه مع موقف لافت بقرار المملكة العربية السعودية تقديم مليار دولار للمساهمة في إعمار العراق واعلانها عن استعدادها لتخفيض ديونها .
فالسعودية التي تشكو من تزايد نشاط عناصر القاعدة داخل اراضيها، نجحت مؤخرا في اعتقال سبع خلايا تضم 172 سعوديا ومقيما، كانت تخطط لمهاجمة قواعد ومنشآت نفطية،في نفس الوقت الذي رفضت فيه استقبال رئيس الوزراء العراقي أثناء جولته العربية السابقة التي قادته الى مصر والكويت وسلطنة عمان.
ويكفي أن تقرر الرياض دعمها للعراق في مؤتمر العهد الدولي،لكي تشعر الحكومة العراقية المتهمة بنمو النفس الطائفي فيها، بالمزيد من الاطمئنان الى أن حل الأزمة الأمنية المتفاقمة في العراق، لن يتحقق من دون تعاون دول الجوار خصوصا الدولتين البارزتين في المنطقة: السعودية وايران.
وواضح من خلال سياقات أربع سنوات عجاف منذ سقوط نظام صدام، أن المشكلة الكبرى التي تهدد أمن ووحدة العراق، وتنذر بانتقالها الى المنطقة هو أن تشعر دول الجوار العراقي أنها تعاني من نفس أزمةالعراق خصوصا في بعدها الطائفي.
وبكلمة أوضح فان الجميع في المنطقة سيتأذى إذا أحست كل دولة من دول الجوار أنها طرف في النزاع السياسي القائم على قدم وساق في العراقن والذي يحاول المستفيدون منه أي أطرافه من العراقيين اضفاء مسحة طائفية عليه.
ومهما يكن من أمر صراعات القاعدة مع المجتمع السني في العراق الذي بات يرفضها بوضوح، فان هذا التنظيم الذي لم يعد متماسكا منذ مقتل زعيمه السابق أبو مصعب الزرقاوي في يونيو من العام الماضي، يشعر أن أيامه في العراق ... ليست مفروشة بالورود كما كان يظن من قبل ، فالأيام ....دول ، و طبعا ليست هي أيام دولة العراق ..الاسلامية، على الأقل في ظل ما يقال عن اتصالات مستمرة بين عدة جماعات مسلحة سنية ، والحكومة العراقية والقوات الأمريكية ،بما يضع مستقبل القاعدة ومصيرها في العراق على المحك .
ويقول مثل فرنسي أن الديك إذا حالفه الحظ فانه ...سيبيض!.
فهل سيتحقق ذلك في العراق؟.
#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)
Najah_Mohammed_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كركوك: أزمة مواطنة أم معضلة وطن؟
-
إيران وبريطانيا واستحقاقات أزمة حافة النهر
-
أوراق نيسان!
-
اصطفافات جديدة أم انقلاب جديد في العراق؟
-
للملف /أربع سنوات عجاف في عراق ما بعد صدام!
-
تقرير بانوراما -قناة العربية-:قضية صابرين .. اغتصاب طائفي أم
...
-
عام على المؤامرة -تفجير سامراءأراد إشعال حرب طائفية-
-
الصحفيون العراقيون يدفعون الثمن باستمرار!
-
دموع هَوّار !
-
إيران والعرب: بين الواقعية المطلوبة والوِدِّ المفقود!
-
قضية الاسبوع في قناة العربية
-
شاعرانسان ... في قناة العربية!
-
معركة -الميليشيات- بدأت في العراق!
-
رأي أكثر تفصيلا في إعدام صدام
-
إعدام صدام ...وثروة العراق في البنوك السرية !
-
إعدام صدام..غياب الحقيقة الكاملة!
-
إني أعترض..إعدام صدام ...الفخ الأمريكي! :
-
إعدام صدام.. فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش!!
-
انی اعترض اعدام صدام وفن الحكم
-
مطالب العرب في إيران بين الشرعية والواقعية
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|