|
مع نايف حواتمة ...
رلى الحروب
الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 07:44
المحور:
القضية الفلسطينية
جمعتنا جلسة دافئة مع الزعيم والقائد نايف حواتمة في منزل الزميل حمادة فراعنة بالأمس. غرق الحاضرون في بحور من الرؤى وهم يستمعون إلى هذا القائد الذي يحمل بين كتفيه ما يتخطى سنوات عمره ونضاله بكثير، وتعجب البعض منا لمَ لا يكون قادة هذه الأمة على غرار هذا الرجل المفكر، الذي يستبق الأحداث قبل وقوعها، ويستشف القادم من الحاضر والماضي. تناولنا الهم الفلسطيني والعربي، واستمعنا إلى رؤية مفعمة بالأمل يطرحها هذا الزعيم، الذي يقدم على غرار القادة الملهمين مشاريع تقدم للشعوب مادة للنضال والمقاومة بدلاً من المشاريع اليائسة والتشاؤمية التي تفيض بها الساحات العربية منذ سنوات، والتي ازدادت جهامة في السنوات الست الأخيرة. استعرض حواتمة الرؤية السياسية العربية التي بدأت من محاولة حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي بأسلوب الضربة القاضية، إلى أن وصلت بعد سبعين عاماً من النضال إلى فهم أسلوب المراحل الجزئية، وأشار إلى المحطات التي كان يمكن فيها أن نأخذ ببساطة ما نناضل من أجله الآن، وحدد الفرص الضائعة في الماضي وتخطاها إلى الفرص الضائعة في الحاضر، وتلك التي لم تولد بعد. أشار حواتمة إلى أن مبادرة السلام العربية التي تبنتها القمة الأخيرة من جديد، تقدم إطاراً مهماً لإعادة العمل العربي الموحد إلى مساره الصحيح، الذي انحرف عنه منذ ثلاثين عاماً منذ أن غرقت الأمة في صراعات خليجية ـ خليجية، وتاهت عن مركز صراعاتها وجوهره، وهو الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ووضح أن تلك المبادرة تحمل نظرياً جزرة كبيرة لإسرائيل، كما تحمل بدورها مكاسب للعرب، ولكن ينقصها الروافع الواقعية التي تحول تلك الأفكار النظرية إلى آليات تحقق السلام العادل المتوازن المنشود. ولخص حواتمة تلك الروافع في ثلاث عوامل؛ تبدأ من توحيد العرب أولاً للإجماع على مركزية القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، وتشكيل هيئة عليا من عدد من الزعماء والملوك العرب، تقوم بتسويق المبادرة وقيادة المفاوضات مع الأطراف المعنية ثانياً، وتوظيف القوة الاقتصادية والمالية العربية للضغط على الأطراف المعنية (إسرائيل وأمريكا وأوروبا) ثالثاً لإعادة تشكيل خارطة توازن سياسي جديد في المنطقة، تراعي المصالح العربية بدرجة متوازنة مع نظيرتها الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية، وأكد حواتمة أنه بدون ذلك فستبقى المبادرة إيجابية نظرياً ولكنها لن ترقى إلى مستوى الفعل. وفي ذات السياق الذي تضمن الحديث عن الفرص الضائعة، وتلك التي لم تولد بعد، استعرض السيد حواتمة أزمة العراق الحادة، وشخص الداء بغياب مشروع سياسي عراقي يوحد كافة الأطياف، ضمن مظلة وطنية عراقية، واستنكر أن يغيب ذلك المشروع بدعوى وجود الاحتلال الأمريكي، وأكد على وجود الاحتلال ينبغي أن يكون عاملاً مسرعاً لولادة مثل ذلك المشروع السياسي الذي يحول دون تقسيم العراق، ودون غرقه في بحور من الدماء خلال السنوات المقبلة، وضرب مثالاً بقوى النضال الوطني الفلسطيني ومنها الجبهة الديمقراطية، التي قدمت مشاريعها السياسية في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي، وقال: ما جدوى تأخر تلك المشاريع إلى ما بعد خروج الاحتلال ؟ الشعب العراقي، وكذلك الشعب اللبناني والفلسطيني بحاجة إلى تلك المشاريع المنقذة الآن وليس غداً، ولعل الدرس الأهم الذي خرج به السيد حسن نصر الله من الحرب الأخيرة هو ضرورة قيام حكومة وحدة وطنية في لبنان، واعترافه بأن لبنان لا يمكن أن يقوم على تشكيلة رباعية أو ثلاثية أو ثنائية، وإنما ديمقراطية توافقية ينبغي أن يجد الجميع فيها موقعه. الرفيق أبو النوف كما يحلو لزملائه أن ينادوه، شخص العلل العربية الثلاث في المشرق، والعلة الرابعة في السودان باعتبارها غياب مشاريع المصالحة الوطنية، واعتبر أن المخرج الوحيد للخروج من تلك الأزمات المستفحلة هو بإيجاد القواسم الدنيا المشتركة، التي يمكن أن توحد أطراف المعادلات السياسية في تلك البلدان، وتقودها باتجاه صياغة مشاريع سياسية مرضية تجنب البلاد مخاطر حروب أهلية دامية. وأشار إلى أن أطراف النضال الوطني الفلسطيني وبعد ست سنوات من الخلافات المستحكمة تمكنوا من صياغة وثيقة الوفاق الوطني في 2006، التي بلورت الأسس للعمل السياسي المقبل، ووضعت كل النقاط على الحروف، ولكن ما يحدث الآن هو ردة عن تلك الوثيقة، وعودة إلى ما دونها بكثير، وهي منهجية باتت على ما يبدو سمة غالبة في الساحة الفلسطينية، فالاتفاق بين فتح وحماس في مكة تم التراجع إلى ما دون سقفه بكثير، في بيان التكليف الحكومة الذي وجهه أبو مازن لإسماعيل هنية وقبله هنية، وهو ما أثار الكثير من لجدل والخلافات داخل حماس ذاتها، وتجلى ذلك في تصريحات الزهار الأخيرة، التي تحذر من إمكانية سحب حماس الثقة من الحكومة، كما تجلى في بيان معاكس من عزام الأحمد يدعو فيه الحكومة إلى الاستقالة إن لم تنجح في كسر الحصار الاقتصادي على الشعب الفلسطيني. الرسالة الأهم في كلام السيد حواتمة كانت دعوته القوى السياسية العربية إلى الالتزام بقواعد الديمقراطية، وتقبل الرأي والاختلاف في الرأي والتفاوض للوصول إلى اتفاقات بطرق حضارية وعلى الطاولة وليس من تحتها أو باللجوء إلى العنف، موضحاً أن مشاكل هذه الأمة تتحمل وزرها تلك القوى السياسية ذاتها، بنسبة لا تقل عن 80%، أما العشرون المتبقية فقد أبقاها للأدوار التي يلعبها أعداء الأمة ضدها، والتي ما كان لها أن تفلح بمفردها لولا أخطاء تلك القوى السياسية الداخلية، وأشار إلى حروب الخليج الثلاثة باعتبارها مثالاً واضحاً على أخطاء صدام والقوى السياسية العربية التي تسببت في كل ما تبعها من دمار. الرفيق أبو النوف قدم تشخيصاً شاملاً لأمراض الأمة، وقدم مع تشخيصه وصفات مثالية للعلاج، ولكن وصفاته كلها كانت تستند إلى مبدأ ساقه القرآن الكريم قبل قرون [لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم]، فهل يمكن للعرب أن يغيروا ما بأنفسهم كي يغير الله أحوالهم ويفرج كربهم ؟ كل الشعوب المستعمرة ناضلت ودحرت الاحتلالات ولو بعد قرون، ولكن ماذا عن احتلال الداخل، وصراع القوى على النفوذ والسلطة والولاءات المشتراة والمرجعيات الخارجية، فتلك هي الأمراض الأكثر خطورة من الاستعمار، لأنها كالسرطان تحطمنا من الداخل، أما الاستعمار فهو كالانفلونزا مصيره الرحيل. يمكن للفلسطينيين أن ينتصروا على إسرائيل، ويحصلوا منها على حقهم بإقامة الدولة ولو بعد حين، ولكن هل يمكن لهم أن يفعلوا ذلك وهم مختلفون متناحرون على السلطة والمكاسب ؟ هل يمكن للعراقيين أن يقيموا عراقاً موحداً بعد جلاء الاحتلال، أم أنهم سيغرقون في بحور الدم الطائفية والعرقية ؟ هل يمكن أن يتجاوز اللبنانيون أزمتهم ويشكلوا حكومة وحدة تحفظ مستقبل لبنان، أم تصر بعض الأطراف على الحفاظ على مكاسبها ولو على جثة لبنان ؟ ماذا عن السودان ... هل سيتوصل أهله إلى اتفاق يغنيهم عن تدخل القوات الأممية، أم أنهم مصرون على المضي في طريق التقسيم والحرب الأهلية التي باتت أكثر الأشباح رعباً في هذه الأمة ؟ نتمنى أن يكون اليوم التالي كما قال الزميل ماجد خواجا مفعماً بالأمل، ولكن اليوم التالي في أمتنا مخيف مرعب، ومع ذلك فإن الرفيق حواتمة ينشر رسالة الأمل، فهل من أمل بالفعل ؟! ...
#رلى_الحروب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هموم محلية
-
مستقبل كئيب
-
أين ضمير العالم؟
-
عمل إجرامي أم إرهابي؟
-
هل يمثل السنة لبنان؟
-
العضو الدخيل
-
لبنان والاردن
-
إيران وحيدة في مواجهة إسرائيل
-
حرب الإعلام والسياسة
-
عفو عام
-
خونة الداخل
-
صدام وأزمة المثقف العربي
-
استقالة عباس
-
ملامح الشرق الأوسط الجديد
-
الإعلام العربي ودعاوى الموضوعية
-
خطأ جسيم ستعقبه ندامة!!!
-
إنه نصرالله!!!!
-
عالم خطر، ولكن.....!!!
-
السم ممزوجاً بالعسل !!!!
-
الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|