لن يستطيع أي مسلم أو بالأحرى أي إنسان مستقيم أن يبرر جريمة بهذا الحجم ، فالشهيد الحكيم من احرص الناس على عدم سفك الدماء ، ولطالما كانت أسرته ، وأرومته المعروفة بالرفعة وعلو كعبها في الثقافة والعلوم ، ضحية لاعمال العنف والإبادة قديما وحديثا ، وما الجرائم التي اقترفها بحقهم نظام الطاغية صدام إلا دليل على مقاومة هذه الأسرة للظلم ودفاعها عن القيم الإنسانية الصادقة .
إن اغتيال الحكيم بهذا الأسلوب الدموي ، وأمام ضريح الإمام علي بن أبى طالب (ع ) ، وقت صلاة الجمعة ، حيث يزدحم عشرات الآلاف من المصلين والزوار للمرقد الشريف ، يجعل التساؤل عن هوية المجرمين مشروعا ، فمن هو يا ترى من لا يرعوي أمام مشهد قتل آلاف الزوار من المسلمين الأبرياء ؟
إن اليوم الذي يعرفه الجميع ، اليوم الذي استباح فيه نظام صدام المدن العراقية المقدسة ، ليس بعيدا ، فقد قام النظام البائد بقصف المراقد المقدسة ، ورماها بصواريخ ارض ارض ، وقتل الآلاف من أبناء كربلاء والنجف والكوفة وغيرها من مدن الشيعة ، خوف انتصار الانتفاضة التي اندلعت قبل اكثر من عشر سنوات .
إن ذات الأيدي الملطخة بدماء العراقيين مازالت تعمل من اجل إفشال المساعي والجهود الدولية والعراقية لاقامة عراق مستقل يتمتع فيه الجميع بالحرية والمساواة ، وإزالة الطائفية المقيتة التي انتفع منها فئات طفيلية لا نصيب لها من الوطنية والمعرفة والقيم .
إن اغتيال العلم الجليل الحكيم وقبله اغتيال الشيخ عبد المجيد الخوئي وغيرهما من رجال العراق العظام ، يجعل الجميع أمام مسؤوليات محددة ، أولها التكاتف ، والعمل المشترك ، من اجل إنشاء لجان لحماية المكتسبات التي تحققت إثر زوال النظام الصدامي البائد ، وعدم الانشغال في البكاء والعويل فقط ، و إنما على الجميع أن يشمر عن ساعد الجد والعمل ، والاستعانة بجميع أبناء العراق ، من شيعة وسنة ومسيحيين وكرد وعرب وتركمان واشور وكلدان دون استثناء فئة أو مجموعة مهما صغر عددها، ومحاولة إشراك الجميع ، ومنحهم فرصة في بناء العراق ، كي يكون استشهاد الحكيم مفتاحا لبناء العراق لا مبررا للبكاء ، ولا يسعنا هنا إلا أن نعزي أنفسنا وابناء وطننا وكافة المسلمين والإنسانية جمعاء بفقدان علم من أعلام العراق الكرام .