أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جواد بشارة - من الانتداب الأول إلى الانتداب الثاني: إنهيار نظام ما بعد الاستعمار - الحلقة الرابعة















المزيد.....

من الانتداب الأول إلى الانتداب الثاني: إنهيار نظام ما بعد الاستعمار - الحلقة الرابعة


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 577 - 2003 / 8 / 31 - 03:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بيير جون لويزار
باحث في المركز القومي للبحوث العلمية : مجموعة علم اجتماع الأديان  والعلمانية
الحلقة الرابعة
ترجمة د. جواد بشارة / باريس
نحن نعلم أن الشيعة أنفسهم لم يجربوا الحكم بأنفسهم إلاّ في إيران ،إلاّ أنهم وجدوا أنفسهم في مرحلة مابعد الإسلاموية أو الإسلام السياسي الذي تسلم تقاليد الحكم  والذي يهيمن اليوم كقوة شيعية كبرى في إيران. من هنا ، وبناءاً على ذلك، لايوجد من بين القادة الشيعة في العراق من يدعو للثورة الإسلامية على الطريقة الإيرانية.لذلك لم يعد هناك أمام إمكانية تخيّل ظهور  " محور"  "واشنطن ـ الشيعة " ضد الطالبان  والإسلاميين السنة المتطرفين، سوى خطوة واحدة سبق للبعض في واشنطن أن خطاها.ولكن قد نكون قد تسرعنا في استنتاجاتنا وتجاهلنا ثقل التاريخ. فالإيرانيين ، من كافة اتجاهاتهم السياسية، متمسكين باستقلال إيران وهم غير مستعدون للعودة إلى فترة الهيمنة الأمريكية.أما بالنسبة لشيعة العراق فهم كاليتامى اليوم ويفتقدون لزعامة هي في آن واحد سياسية ودينية .الطابع الجماهيري للحركة ، الذي ينتمي  إلى آية الله محمد صادق الصدر ، الذي أغتاله نظام صدام حسين سنة 1999،يؤشر جيدا إلى هذا الفراغ أو حالة افتقاد الزعامة السياسية ـ الدينية التي تجسدت في شخص الشهيد الصدر، والحال أن هذه الحركة لم تشرك في عملية إعادة الإعمار  السياسية التي ترعاها واشنطن في العراق . يتأرجح شيعة العراق دائما بين الهوية الطائفية التي لها ترجمتها السياسية المحدودة " الطائفية"  وبين الرؤية الأكثر إسلامية ، والتي هي رؤية المرجعية  الحركية  المكافحة في بداية القرن العشرين والتي تجسدت أفضل تجسيد أخيرا في شخص الإمام الخميني . وبما أنهم ـ أي شيعة العراق ـ يعتبرون أنفسهم في قلب الهوية العراقية، فهم يكتفون في الحالة الأولى بنوع من  التوازن في السلطة لصالحهم ، على الطريقة اللبنانية، وفي الحالة الثانية، يريدون أن يكونوا المبادرين  لمقاومة  الهيمنة الغربية بإسم وحدة إسلامية تشمل السنة أيضاً . لقد بدأ سباق في السرعة، من جهة ،  بين عملية إعادة البناء السياسي، التي يتأخر الأمريكيون في تحقيقها وإطلاقها فعلياً، في محاولتهم الاستفادة بأقصى حد من حالة الفوضى السائدة في البلاد، ومن  جهة أخرى  دوامة رفض الاحتلال  وتداعياتها والتي يتعذر كبحها كما يبدو. وأخيرا يبدو أمراً حتميا ، أن المصالح الأمريكية في العراق سوف تصطدم ، في وقت ما ، بإرادة غالبية الشيعة بتأسيس عراق جديد ، حيث ليس فقط لايكونون فيه ضحايا التفرقة والتمييز  فحسب ، بل وكذلك أن تكون فيه دولة  مستقلة وذات سيادة.
إن إعادة  البناء السياسي  وتأسيس دولة جديدة تحت نظام الاحتلال الغربي، يبدو في نظر الشيعة العراقيين  وكأنه تكرار للتاريخ. ألم يكن ذلك هو الفخ الذي وقعوا فيه بين 1920 و 1924، حين كان البريطانيون يحاولون إضفاء الشرعية بلا انقطاع على انتدابهم واحتلالهم للبلاد عبر مؤسسات ذات مظهر عراقي؟ كان البريطانيون يريدون انتخاب جمعية تاسيسية عراقية ، وإقرارها  لدستور يعترف بشرعية الانتداب  وغلق  العراق داخل دولة ـ أمة  ذات إثنية عربية. وبإسم العروبية شن البريطانيون وحلفائهم السنة حملة ضد العلماء الشيعة " الفرس " . كان المرجع آية الله العظمى السيد مهدي الخالصي واعياً لهذا الخطر مما حدا به لإصدار فتوى  سنة 1922 يحرم فيها على المسلمين المشاركة في أية انتخابات ، خاصة في انتخابات الجمعية التأسيسية، تجرى تحت الاحتلال. وقد اقتفى أثره كافة المراجع الكبار آنذاك بإصدارهم فتاوى مشابهة لفتوى الخالصي. وبعد أن تأكد البريطانيون من استحالة تنظيم أية عملية اقتراع  طالما مايزال المراجع الكبار موجودون في العراق، قررت السلطات البريطانية نفيهم إلى إيران سنة 1923.وبغياب المعارضين الرئيسيين لهم ، وتحت تهديد السلاح، جرت انتخابات الهيئة التأسيسية حيث كان أول إجراء أتخذته هو تبني وإقرار الدستور ، وهو الأول في العراق المعاصر.فالمسألة العراقية التي شهدنا اليوم حلها الدموي ، كانت قد ولدت في ذلك اليوم. وبتذكر تلك السابقة يذكّر بعض الزعماء الشيعة  بفتاوى  عام 1923 ويعيدونها إلى الصدارة اليوم حيث أفتى آية الله العظمى علي السيستاني  بمنع أي مشاركة في انتخابات أو مجالس سياسية تحت هيمنة ورعاية الأمريكيين، وقد حذر المراجع الشيعة الحاليين في العراق الشعب العراقي من العواقب الأليمة  لدروس الماضي ، موضحين لهم أنهم بمجرد تصويتهم على الدستور تحت نظام الاحتلال فسوف يفوت الأوان وسيجد العراقيون أنفسهم من جديد مسجونين داخل نظام سياسي مخصص لإدامة الهمينة الأمريكية على العراق.إن سابقة عام 1924 تعطيهم كل الحق في مثل هذا التشخيص. لكن الغالبية لم تتبع هذه النصيحة، لأنهم متعبون من المآسي الكثيرة التي مروا بها، وغير راغبين في شن حرب جديدة. أنخرط الزعماء الشيعة  العائدون من المنفى  هذه المرة في حوار مع الأمريكيين، مع إصرارهم  على ضرورة تسليم العراقيين بأسرع وقت لإدارة شؤونهم بأنفسهم وتقرير مصيرهم . وإذا حدث عكس ذلك، فأن هؤلاء الزعماء الشيعة سوف يدعون للمقاومة  السلمية . وهكذا أنخرط  الأمريكيون والمعارضون الععراقيون السابقون لنظام صدام حسين في مباراة يمكن وصفها بلعبة البوكر  الكذاب، بدون وجود ثقة بالآخر ، وكل واحد من الطرفين يعتقد بإمكانية فرض إرادته على الآخر.
إنه سباق سرعة بين منطقين . منطق الفوضى  الذي أتاح للأمريكيين تأجيل إعادة البناء السياسي إلى أقصى حد ممكن ، والذي اثار بالمقابل مقاومة مسلحة متنامية ، ومنطق بول بريمر الذي بدأ على عجل  بتشكيل  مايشبه الحكومة المؤقتة من خلال مجلس الحكم العراقي المؤقت ، والبدء فعليا بعملية إعادة البناء السياسي للبلاد. المخاطرة إذن كبيرة بالنسبة للأمريكيين في رؤية تلاقي هذين المنطقين في حركة مسلحة مناوئة للاحتلال. عندما ستتعثر عملية إعادة البناء السياسي  بسبب مسائل أساسية وجوهرية  مثل  مدى استقلال الحكومة العراقية ، ووضع النفط العراقي ومستقبله في ظل ظروف الاحتلال الأجنبي  والسيطرة على منابع الثورة الوطنية الطبيعية حيث ليس واردا على الاطلاق ولا بأي شكل من الأشكال أن تخرج إدارة النفط العراقي من بين أيدي العراقيين ، وكذلك موضوع العلاقة مع إسرائيل، ولو حصل الصدام بين العراقيين والأمريكيين حول مثل هذه المواضيع ، فإن الحركة التي أختارت الطريق السلمي  يمكن أن تلتحق  بالحركة التي أختارت السلاح للمقاومة وهنا مكمن الخطورة. إذا كانت الربة المقدسة التي أنطلق الأمريكيون من أجلها  في حربهم هي أمريكا، فلماذا لايتبع العراقيون نفس الطريق  ويحاربون من أجل العراق؟       
     



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات من داخل الجحيم البغدادي
- الإسلام يهدد الغرب أم يتعايش معه ؟
- من الانتداب الأول إلى الانتداب الثاني: إنهيار نظام ما بعد ال ...
- من الانتداب الأول إلى الانتداب الثاني: إنهيار نظام ما بعد ال ...
- رؤية أمريكية للوضع في الشرق الأوسط
- من الانتداب الأول إلى الانتداب الثاني: إنهيار نظام ما بعد ال ...
- أمريكا ومنهج التجريب في العراق : قراءة في تحليلات وسائل الإع ...
- الرؤوس المفكرة الأمريكية في خدمة الدولة العبرية
- التيار الديني معضلة واشنطن في العراق
- تقرير عن حقوق الإنسان في العراق
- حلول اللحظة الأخيرة للمحنة العراقية
- عراق الأمس وعراق الغد : بين طموحات التحرر ومطامع الإمبراطوري ...
- حرب النفط الأمريكية وإعادة رسم خارطة العراق والعالم العربي
- مأزق واشنطن في العراق: نظرة تجديدية
- تحية إلى الحوار المتمدن نافذة مضيئة للرأي الحر
- النتيجة المجهولة في المعادلة العراقية
- عالم المخابرات السرية والأمن الداخلي في فرنسا
- لإسلام ماله وماعليه - الجزء الثاني
- الملف السياسي ـ سيناريو الخطوات الأمريكية المقبلة بعد أفغانس ...
- ندوة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية - التحليلات الأولية ...


المزيد.....




- مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا ...
- في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و ...
- قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
- صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات ...
- البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب ...
- نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء ...
- استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في ...
- -بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله ...
- مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا ...
- ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جواد بشارة - من الانتداب الأول إلى الانتداب الثاني: إنهيار نظام ما بعد الاستعمار - الحلقة الرابعة