أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر حسن أبودان - من المسؤل عن الحرب الأهلية في العراق ؟؟















المزيد.....



من المسؤل عن الحرب الأهلية في العراق ؟؟


منذر حسن أبودان

الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشهد بعض المجتمعات المنقسمة صراعات عرقية أو مذهبية تهدد الاستقرار الاجتماعي, وهذا الصراع ناتج عن حالة الحرمان السياسي الذي تتعرض له هذه الجماعات , ومثل هذه الصراعات المتولدة عن الإحباط وكبت الحاجات الأساسية , قد لا يمكن احتوائها , وان كان يمكن بطبيعة الحال حلها وضبطها أو منعها والوقاية منها من خلال تلبية مثل هذه الحاجات وإشباعها .
يتسم المشهد العراقي الواقعي بتعقيدات حساسة ومتداخلة في بنائه الاجتماعي الداخلي وتكويناته الدينية والعرقية ومن الجدير بالذكر أن الأحزاب المختلفة في العراق تتمركز في مناطق جغرافية معينة, حيث أن حزب الدعوة والمجلس الأعلى وحزب الفضيلة .... الخ من الأحزاب الشيعية تتمركز في المناطق الجنوبية أما الأحزاب التركمانية في بعض المحافظات الشمالية وخاصة في كركوك , والأحزاب السنية موزعون بين غرب ووسط العراق , إزاء هذا الزخم من التداخل العرقي والطائفي من جانب , والتشتت الجغرافي من جانب أخر .
لقد انتهج النظام البعث السابق ممارسات وسياسات وصفت بلا إنسانية اتجاه تلك الطوائف بهدف طمس الثقافات وصهرها في بوثقة بعثية من اجل إحكام السيطرة على المعارضة السياسات, إلا انه بعد انهيار النظام العراقي السابق ودخول الاحتلال الأمريكي للعراق والذي رافقه أوضاع أمنية تسير من السيئ إلي الأسوأ, تنذر باندلاع حرب أهليه, وذلك يصب في مصالح أطراف خارجية.
وبناءاً علي ما تقدم يثار تساؤلا مفاده هل كان بقاء صدام حسين في السلطة على الرغم من ديكتاتوريته, أمراً ضرورياً للحفاظ على وحدة وأمن العراق ؟؟
لا يعني ذلك أنه من أجل الحفاظ على أمن ووحدة العراق يجب ترسيخ القوة كمنهج للبقاء على الدولة لهذا يجب إلقاء الضوء على التوازنات القائمة بين الأحزاب العراقية سواء على المستوي الطائفي أو على المستوي البيني بين الطوائف محددين الأطراف الخارجية التي ترتبط بالصراع الداخلي لهذه الطوائف , وانطلاقا من هذه الأرضية نضع إجابة لتساؤل مهم إلا وهو هل تؤدي النزعة الطائفية الحزبية إلي قيام حرب أهلية ؟؟
في الحقيقة لا يمكن الإجابة عن هذا التساؤل إلا من خلال الإشارة إلي ما يلي :-
أولا : الصراعات الحزبية- الحزبية
1- الصراع الحزبي الشيعي – الشيعي /
سبق وأن أشرنا أن انهيار نظام صدام حسين أتاح الفرصة لقيام العديد من الأحزاب والحركات الشيعية التي كانت في المنفي , مما أثار صراعاً واضحاً للسيطرة على الشارع الشيعي , وأشرنا إلي وجود رافدين أساسين للحركات الإسلامية الشيعية
أولهما : الحوزة العملية : وهو تيار يتمتع بمصداقية عالية لدي أبناء الشعب العراقي , وهناك خمسة مرجعيات
شيعية كبري في العراق وعلى رأسهم مرجعية النجف الذي يتزعمها أية الله سيد على السيستاني.
ثانيها : أحزاب ذات الطابع الإسلامي : أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة الإسلامية لديهم العديد من التحفظات على التعاون مع الولايات المتحدة , ويختلفان فيما بينهم على قيادة الطائفية الشيعية فقد حرص المجلس الأعلى للثورة الإسلامية على طرح نفسه كزعيم للطائفة الشيعة في مؤتمر المعارضة في منتصف ديسمبر 2002 مستغلا غياب حزب الدعوة عن حضور المؤتمر انطلاقا من رفض لمبدأ التعاون مع واشنطن حيث استغلت الولايات المتحدة الخلافات بينهم حول مسالة أساسية من شانها أن تحدد طبيعة الدولة العراقية الجديدة ألا وهي إقامة جمهورية إسلامية عراقية على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولقد بدأت أولي إرهاصات النزاع الشيعي – الشيعي مع مقتل الزعيم الشيعي عبد المجيد الخوئي ,وكذلك مقتل أية الله محمد باقر الحكم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وأثارت تلك الأحداث جدلا حول المستفيدين من تلك الأعمال , حيث رجعت بعض المصادر المسئولة أن الزعيم الشيعي مقتدي الصدر هو الذي قام بذلك نظراً لما يلي :
1- يطمح مقتدي إلي لعب دور في عراق ما بعد الحرب من خلال تصفية الشخصيات القيادية الأخرى بحيث يتسنى له تقديم نفسه للأمريكيين على أنه المتحدث الفريد .
2- إغتيال عبد المجيد الخوئي واغتيال العديد من رجال الدين الشيعة تؤكد تورط جماعة الصدر بهذه الأعمال .
3- إبرام تحالف تكتيكي بين مقتدي الصدر وبين المحافظين المتشددين في طهران بعد أن تبين عدم نية محمد باقر الحكيم في المنفي قدما نحو ثورة إسلامية على شاكلة إيران.
4- وعلى صعيد أخر تمكن تيار الصدر من تعزيز القوة المسلحة لمليشياته " الجيش المهدي" الذي يسعى من خلاله لإحداث التكافؤ العسكري بينة وبين المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يمتلك الجناح العسكري " لواء بدر" مما يدل جليا على طموحات واضحة لدي هذا التيار للدخول في منافسة شرسة مع باقي الاتجاهات للسيطرة على الشارع الشيعي العراقي , والذي كشف عنها إعلانه في 10/10/2003 عن تشكيل "حكومة الظل" يشرف عليها وتكون نواة لما وصفه بالدولة الجديدة.
وقد اكتسبت تلك الدعوة أهمية خاصة في ضوء ما يلي :-
1- يأتي إعلانه تشكيل " حكومة الظل" بعد الإشتباكات التي وقعت بين عناصر من الجيش المهدي وقوات أمريكية.
2- اندلاع العديد من المصادمات البينية بين أنصار المرجع الديني أية الله على السيستاني, وأنصار الزعيم مقتدي الصدر, عندما حاول مائه من عناصر "جيش المهدي" الاستيلاء على ضريحي الإمامين الحسين والعباس في كربلاء سعيا لفرض سيطرتهم على العتبات المقدسة لدي شيعة العراق.
3- تصريحات مقتدي الصدر يوم 25/7/2003 بأن عودة المرجع الشيعي " كاظم الحائري " المقيم في مدينة(قم ) الإيرانية إلي النجف والذي يعد أحد أهم المرجعيات الشيعية الخمس في العراق ستؤدي إلي ابتعاد مؤيديه عنه ,على الرغم من أن محمد صادق الصدر أوصي أنصاره بإتباع الحائري بعد وفاته, إلا أن مقتدي الصدر نجح في تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في إقصاء الحائري وفي نفس الوقت عدم مخالفته أمر ولده من خلال الفصل بين أمرين هما :
أ- التقليد : وهو أمر ذو طابع ديني يلتزم به كل شخص شيعي وقد دعا "مقتدي الصدر" أتباعه عن تقليد والده
رغم وفاته منذ أكثر من أربع سنوات والعودة إلي " الحائري " في المسائل التي لم يتصدى لها محمد باقر الصدر.
ب- الولاء السياسي :حيث نجح مقتدي الصدر في طرح نفسه كزعيم سياسي لغالبية مقلدي والده وأنصار الحوزة الناطقة دون منازع وذلك رغم حداثة سنة التي لا تخوله التصدي للمرجعية.
4- التدهور الأمني الواسع في العراق , والذي سمح لـ" مقتدي الصدر " لان يكون أكثر الأطراف السياسية العراقية امتلاكا للإمكانيات لاسيما الجماهير ,والعديد من المقومات التي تساعده على القيام بهذا الدور, منها استقطاب العديد من أنصار والده " محمد الصدر " الأمر الذي فرض له الشرعية الكافية لمنافسة المراجع الشيعية الاخري بالعراق.
5- ميوله العقائدي الي نظرية ولاية الفقيه والتي تدعو إلي إقامة نظام إسلامي في العراق, شبيه بالنظام الإيراني وهو ما أدي إلي نوع من الارتباط الإيديولوجي بين النظام السياسي الإيراني وأفكار الصدر.
مما سبق يتضح أن التغير الذي نجم عن سقوط نظام صدام حسين وفر فرصا جديدة لشيعة العراق لترسيخ موقعهم السياسي والاقتصادي على خارطة العراق بعد تهميش طال عقودا طويلة إلا أن الأوضاع التي حدثت إبان سقوط النظام السابق أفرزت تحديات أمام الشيعة منها ما يلي :-
1- العقيدة السياسية الشيعي الذي سيحتاج أن يدخل مناطق أخري غير التجريب خارج الإطار المذهبي لذا يجب أن ينفتح أمام مجاهل أغلقت أمامه بسبب طبيعة التحدي الذي سيواجهه مستقبلا بين فكر تقليدي وبين قوانين العصر .
2- الأفكار المتعلقة بطبيعة الدولة والبرامج التي سيطرحونها فمثلا هل سيبدون من حيث انتهي إليه المشروع السياسي الإسلامي في إيران أم أنهم سيصرون على خصوصيتهم الذاتية .
3- النفوذ الإيراني يمثل تحديا جبوبولتيكيا خطيرا بسبب الانعكاسات المتوقعة له على المنطقة فضلا عن البعد الأمني في فترة الاحتلال الأمريكي الحالية يتطلب حرصا بسبب الروابط المذهبية بين شيعة العراق وإيران.
2-الصراع الحزبي الكردي-التركماني/
مثلت المليشيات الكردية تهديدا للمواطنين المقيمين في مدينة كركوك شمال العراق بعد أن قامت بعمليات التصفية العرقية ضد العرب والتركمان وتهجير الآلاف من العوائل, وكذلك ضرب المسجد الشيعي المقدس للتر كمان (طوز خورماتو) ومنح أوراق الملكية والإقامة المزورة إلى سكان من أصل كردي , بهدف طمس الهوية التاريخية لمدينة كركوك التي يقطن بها العديد من المذاهب والأعراق المختلفة.علما بأن عوائد كركوك النفطية تمكن الأكراد من إمكانية بناء كيان سياسي مستقل بعيدا عن الدولة العراقية الجديدة . حيث أفرزت تلك الأحداث مجموعة من مستجدات على الساحة العراقية منها ما يلي:-
1- استبعاد بعض الأحزاب والشخصيات التركمانية أنقرة إلى التدخل عسكريا لصالحها في النزاع الجاري بين الأكراد و التركمان , والتي لاقت لدى بعض الأوساط التركية قبولا سعيا وراء تحقيق ما يلي:-
أ-حماية طرق التجارة بين المراكز التركية وبغداد
ب- تشكيل منا طق حاجزة بين العرب والأكراد بعد وقوع المنطقة تحت سيطرة الأتراك
ج- تأمين الحصول على حصص النفط العراقي بكركوك عبر مرفأ "جيهان" وتخشى أنقرة من استيلاء الأكراد على أبار النفط مما يوفر لهم الوسائل لانتهاج سياسة استقلالية يمكن أن يكون لها انعكاسها في المحافظات التركية ذات الأغلبية الكردية
د- دعوة الجبهة التركمانية العراقية على لسان "احمد مراتلي " في تركيا كلا من الولايات المتحدة وتركيا بان تفيا بتعهداتهم للتر كمان لمنحهم امتيازات خاصة في كل من كركوك والموصل , علما بان التركمان يرفضون فكرة التمييز القومي في العراق والتأكيد على عراقية كركوك مع الأخذ في الاعتبار المطالب الثقافية المتمثلة في إدخال اللغة التركمانية كلغة اختيارية للدراسة.
3- الصراع الحزبي الشيعي - السني/
تناولت الكثير من المصادرموضوع الإقتتال الطائفي والذبح على الهوية بين السنة والشيعة في بلد تتعرض هويته للتفتيت من أطراف دولية ومحلية مختلفة أعقاب الاحتلال الامريكى للعراق 0
حيث أكدت هيئة علماء المسلمين على لسان أمينها العام حارث الضاري بان ميليشية "بدر" الجناح العسكري التابع لمجلس الثورة الإسلامية , تقوم بشكل شبة يومي بحملات التطهير العرقي سواء بالتهجير أو القتل بشتى أشكاله سواء ضد المواطنين الأبرياء أو أئمة المساجد من السنة , كما أكدت مصادر سنية " ديوان القف السني و الحزب الاسلامى العراقي" أن هناك سجون ومعتقلات أنشأتها أحزاب شيعية ومنها سجن "الكوت" في محافظة واسط الذي يوصف ببشاعته كذلك تصعيد حملات الاعتداء على السنة من جانب الجيش والشرطة التي تتكون غالبيتها من الميلشيات الحزبية الشيعية. وفى المقابل اتهم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية حارث الضاري بإثارة فتنة طائفية ,واتهمه بالتحريض على الفتنة الطائفية0مأكدا بان السنة تدعم "أبو مصعب الزرقاوى" زعيم تنظيم القاعدة في العراق , الذي يقود حملات قتل ضد الشيعة 0وياتى هذا متزامن مع رسالة صوتية لأبومصعب الزرقاوى الذي قال فيها أن خطرهم علي الإسلام أشد من تواجد المحتل الصليبي.
وبعيداً عن المبررات التي يقدمها كل طرف , فان الأزمة الحقيقية تكمن من خلال انضمام الأكراد والشيعة إلي مجلس الحكم الانتقالي في الوقت نفسه يشهد المجلس ضعف في التمثيل السني , وتأتي قوة التمثيل الشيعي والكردي نتيجة لوجود أفراد وأحزاب لها قواعد شعبية عريضة وثقل وتجربة سياسية كبيرة .
فضلا ًعن العلاقات الوطيدة التي كانت تربطهم بالأمريكان في فتره التي سبقت سقوط النظام العراقي , كما أن الأحزاب الشعبية استفادت من دعم إيران لها طيلة السنوات التي كان يقبع نظام صدام حسن في السلطة , أما الأحزاب الكردية مستعدة لبسط نفوذها في مناطق بعد سقوط النظام لدرجة حضورها القوى في بعض مناطق العراق شكل تحدياً للعرب السنة الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة الأحزاب الشعبية والكروية وسندان قوات الاحتلال الامريكى- البريطانية. والجدير بالذكر أن المشكلة الطائفية في العراق ليست مشكله بين الشيعة والسنة فحسب بل هي مشكله على صعيد نظام الحكم نشأت مع تضافر مجموعتين من التحولات تتعلق الأولى بالدولة والثانية بالمجتمع وعلاقته بالدولة , و المقصود من التحولات المتعلقة بالدولة هي السلطة وآليات عملها , وكل ما يتعلق بالبنيان السياسي من تأسيس الشرعية والسيادة وتداول السلطة وتحقيق القيادة الاجتماعية.
وهى بمجملها تمثل اغتراب الدولة العراقية الحديثة عن مجتمعها وما يرتبط بذلك من علاقة عنف وقوه بين الأطراف الأمر الذي يعجل من الطائفية موقعا للدولة التسلطية .
من جانب آخر يرى المراقبون أن السنة العرب في العراق ينقسمون إلى عدة فرق
الفري الأول : أتباع النظام السابق ويري أن عودة صدام حسين هي الضمانة الأكيدة لاستمرار الدور السني في العراق. وأهم وسائل تحقيق ذلك و العنف والمقاومة المسلحة.
الفريق الثاني : يعتقد أن القوات الأمريكية قد لعبت دور في تكريس نظام المحاصصة, وتحذرهم من مغبة الاستمرار في هذه اللعبة , ومن أهم وسائل اعتراضها , التظاهرات السلمية والتعبئة الجماهيرية عبر المساجد.
والواضح أن الثقل الرئيسي للفرق الأول يتركز في تكريت وأطرافها , لكن الفريق الثاني اغلبه من رجال الدين وطلاب المدارس الدينية والطبقة الوسطى , يتمركزون في الفلوجه والرمادي وموصل .
الفريق الثالث : يعتقد أن صدام حسين هو المسئول عن المعانة التي يعيشها السنة العرب , لكن هذا لا يلغى حقيقة أن الأمريكان لا يقلون عن صدام مسئوليه فيما ألت إليه الأوضاع وهذا الفريق يستبيح التحالف مع شبكه القاعدة و بـ"المتسللين الأجانب" , كما يستبيح كل أنواع الهجمات المسلحة من تفجير السيارات المفخخة ضد الشرطة و الجنود الأمريكيين بل وحتى العراقيين أنفسهم.
4-الصراع الحزبي الكردي – العربي/
عندما بدأت الولايات المتحدة حربها ضد العراق يوم 20/3/2003 أعلن أكراد العراق انضمام قواتهم تحت سيطرة القيادة الأمريكية، ودارت معارك ضاربه بين قوات الاتحاد الوطني الكردستاني وعناصر جماعه أنصار الإسلام المتحصنين في منطقه حلا بجه والحدود الإيرانية – العراقية, بغرض السيطرة علي موقع أنصار الإسلام بعد ما رفضت تركيا دخول تلك المناطق ، مما دعم موقف الأكراد الذين دخلوا الحرب وفي أجندتهم السياسية مشروعهم الوطني من اجل توطيد موقعهم في الدولة العراقية الجديدة . فزحفوا باتجاه جبل المقلوب هادفين كردستان العراق دون تنسيق مع الولايات المتحدة وبعد السيطرة الكاملة علي كافه مباني المحافظة والكليات الجامعية ثم طرد الموظفين العرب واستبدالهم بموظفين أكراد نظرا لمخاوف من اندلاع مواجهات . وهو ما تحقق في أحداث العنف التي شهدتها مدينه كركوك وأسفرت عن مقتل العشرات من العرب والأكراد.
تجدر الإشارة إلي أن الولايات المتحدة منحت الأكراد في شمال العراق أربعه مكاسب أدت إلي تقويه الكيان
الكردي علي حساب القوميات الأخرى بمدينه كركوك تتمثل في:
1- طغيان الطابع الكردي علي تشكيل المجلس المحلي لمدينه كركوك .
2-إعلان الإدارة المدنية الأنجلو_أمريكية للعراق رغبتها في توسيع نطاق إقليم كردستان العراق .
3-الاعتماد علي القوات البشمركه الكردية في أعاده تشكيل الجيش العراقي .
4-تخصيص ميزانيه خاصة لإقليم كردستان لاحتواء الأضرار المحتملة في اتخاذها قرارا بإلغاء الدينار العراقي المستخدم .
فيما تحدثت احدي الصحف البريطانية يوم 2/10/2003 عن وجود مستثمرين إسرائيليين في شمال العراق يبحثون فرص الاستثمار في مجالات السياحة والنفط مع بعض المسئولين الأكراد , موضحه أن تلك المباحثات لم تكن جديدة , فقد تم إرسال خبراء إسرائيليين من قبل لتدريب وحدات من قوه البشمركه , وزيادة مشتريات الإسرائيليين من الأراضي في المناطق الكردية , ولا شك أن أنباء كهده تثير حفيظة العراقيين , والعرب , علما بأن العراق يحمل ميراثا سياسيا وثقافيا عدائي ضد الوجود الإسرائيلي , نظرا لسياستهم المتبعة تجاه القضية الفلسطينية أو الصراع العربي – الإسرائيلي بصفه عامه .

ثانياً: المؤسسة الأمنية والمليشيات الحزبية:
اتسم المشهد العراقي بتدهور الأوضاع على الأصعدة كافة ولا سيما الوضع الأمني ، وهذه الأوضاع تزداد سوءا وتدهورا يوما بعد يوم في ظل غياب الحلول الواقعية والجذرية والشاملة ، وقد دخل العراق نفقا مظلما هو نفق الطائفية الذي قد يقود البلاد إلى التفكك والتحلل . وما من شك في أن تبدل الأوضاع في العراق وتغيير معادلة السلطة لصالح طوائف وعرقيات معينة تهميش طوائف أخرى واللجوء إلى التهجير القسري , كل هذا جعل البلاد تعيش أزمة حادة حيث انتشر القتل العشوائي والهجمات المستهدفة والجريمة والفساد في ظل انعدام القانون والأمن ، حيث تغلغل المليشيات الحزبية في المؤسسات الحكومية ومؤسسات تطبيق القانون وعن وجود فرق الموت في العراق , وأن بعضاً من هذه الفرق ترتبط بالميليشيات المسلحة الموجودة في البلاد وبقطاعات من قوات الأمن والحكومة .إن الأوضاع في العراق تؤكد صحة الأرقام المنشورة عن أعداد القتلى في العراق والتي زادت ، حسب المصادر الدولية والصحفية عن ( 15 ) ألف مدنيا خلال عدة أشهر وتشريد ما يزيد عن ( 350 ) ألف شخص منذ تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامرا.
إن معاناة المواطن العراقي مستمرة وأخذت بالتصاعد نتيجة القمع اليومي على يد الميلشيات المسلحة المختلفة الانتماء والارتباط بفرق الموت والتفجيرات والقتل على الهوية والتهجير والقصف العشوائي, بالإضافة إلى انعدام ابسط الاحتياجات الضرورية ومتطلبات الحياة اليومية والخدمات , فقد تسللت هذه الميليشيات إلى سدة القرار والحكم وأخذت تمارس شتى أنواع الإهانة والقمع ضد المواطن العراقي .
إن وجود الميلشيات أصبحت ظاهرة تمس سيادة الدولة وتهمش دورها ، وأدى هذا إلى زيادة الاحتقان الطائفي وأوجدت حالات من التشرذم في الجسد الاجتماعي العراقي حتى ارتفعت أصوات كثيرة من داخل الحكومة وخارجها تستنكر عمل هذه الميليشيات وتطالب بإنهاء دورها وتفعيل دور الدولة .حيث أصبح دور الميلشيات وكياناتها لخدمة مصالحها وأهدافها وكل ذلك على حساب المواطن العراقي وأمنه وثرواته.
ثانيا:- دور الأطراف الاقليميه والدولية في تأجيج الصراع :
إن الدور الذي تقوم به الدول المجاورة للعراق يعد من ابرز الجوانب التي تستحق إلقاء الضوء عليها بهدف استشراف إثارة النزعات الطائفية عبر دعمها لهذه الطائفة على حساب أخرى خدمة لمصالحها الإقليمية الضيقة.
1-تركيا/ تسعي تركيا من خلال زيادة وتيرة التصعيد ضد الأكراد في شمال العراق إلي ضمان عدم قيام الميلشيات الكردية المسلحة بمساعده أنصار حزب العمال الكردستاني التركي والذي يتخذ من شمال العراق قاعدة لشن هجمات ضد أهداف تركية. كذلك منعهم من إقامة كيان مستقبل قد يفض في المستقبل مطالبه نظرائهم في تركيا بالانضمام إليهم اقتناعاً بفكرة الاستقلال والانفصال في دوله مستقلة.كما أن تركيا تنظر في الوقت ذاته للوضع القائم وحاله الانقلاب الأمني بمزيج من القلق والترقب , خاصة في ظل علاقتها بالتركمان التي تعتبرهم انقره امتدادا طبيعيا لها , وتحاول دائما تسليط الضوء علي أوضاعهم وتدعمهم كأقلية مضطهده , وتوظفهم كأقلية معادل موضوعي لوضعيه الأكراد.
2-إيران/ لعبت دوراً محورياً علي الساحة العراقية قبل سقوط نظام صدام حسين وبعد السقوط , من خلال إجراء الاتصالات بالحركات والفصائل المعارضة العراقية وخاصة الشيعة بهدف الإطاحة بنظام صدام حسين , سواء بطرق السلمية ( كمؤتمر لندن للمعارضة و مؤتمر صلاح الدين) أو بالوسائل العنيفة التي كانت تستهدف مراكز القوات العسكرية العراقية .
وبعد سقوط نظام صدام حسين كشفت مصادر عراقية أن أعداد كبيرة من حراس الثورة الإيرانيين انتقلوا إلى جنوب العراق خلال الأشهر الأولى من سقوط النظام لتنظيم وتدريب "جيش المهدي ولواء بدر".حيث قال المبعوث البريطاني في بغداد (جون سويرز): إن إيران كانت تدعم قوات فيلق بدر وكانت تحاول ممارسة" تأثير غير مشروع وغير مُرحَب به في دعم الجماعات الأصولية". وأن إيران تخفي النوايا الحقيقية من وراء هذه العملية بقيامها بأعمال خيرية في كربلاء والنجف والكوفة. أما الدعم المالي الذي تقدمه إيران للصدر فيتم إيصاله عبر آية الله كاظم الحائري وهو رجل دين يوجد مقره في مدينة قم ويعتبر شخصا مقربا من القائد الأعلى الإيراني علي خامنائي. و الاستراتيجيه الإيرانية في العراق تحمل عده أهداف:-
1- يمثل البعد المذهبي أول وأبرز العوامل الحاكمة للسياسة الايرانيه تجاه العراق ويتجسد هذا العامل في السياسة الايرانيه في مسارين متوازنين
أ- تعظيم مصالح وجود ونفوز الشيعة في الساحة السياسية العراقية
ب- حماية الوجود الشيعي أمام محاولات التذويب أو تجاوزه في المسألة العراقية.
طهران طرحت احد الزعماء الشيعة من صغار السن ليقوم بالدور الذي كان من المفترض أن يقوم به الحكيم وهو مقتدي الصدر من اجل تصدير الثورة, ومن ثم فإنها تسعي إلي تأجيج الصراع من اجل كسب دور اكبر في صياغة عراق المستقبل وإبقاء الاحتلال مشغولة بالوضع المضطرب بدلا من توجيه اتهامات إليها.
2-تطمح إيران إلي عدم تنامي دور سياسي أو تنظيمي للأكراد العراقيين تجنبا لتأثر أكراد إيران علما بأن حجم المشكلة الكردية لدي إيران اقل بكثير مما هي عليه سواء لدي العراق أو لدي تركيا بوجه خاص.إن تدخل إيران في العراق هو أمر معقّد أكثر بكثير مما تم فهمه مسبقاً, هذا ما يقوله الخبراء. أن إيران تقوم بممارسة سياسة ذات عدة مسارات في العراق .
من جهة أولى أن إيران تدعم التيار الصدري الذي يقوم بعمليات التطهير العرقي والمذهبي , وفي المناطق الشيعية تمهيداً لقيام كيان شيعي علي غرار النموذج الإيراني.
من جهة ثانية قامت إيران بزرع الروابط مع الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة(المجلس الأعلي للثورة الإسلامية) وذلك كشريك مستقبلي في المنطقة." وهم يستخدمون عدة وسائل والتي تبدو متناقضة, لكنها بالنسبة لهم تعتبر جزءاً من إستراتيجية شاملة."
من جهة ثالثة تقوم إيران بدعم بعض الجماعات المقاومة ضد الإحتلال الأمريكي لإستنزاف أكبر قدر ممكن من المقدرات العسكرية الأمريكية ومن ثم إخراجة.
3-سوريا/ الوضع بالنسبة لسوريا مختلف نسبيا عن كل من تركيا وإيران فمن ناحية لا تملك دمشق أوراقا أو أدوات تدخل فاعل مثل البعد الشيعي بالنسبة لإيران . كما أن هواجسها من المشكلة الكردية اقل كثيرا من تركيا التي ترتبط هذه المشكلة لديها بصميم أمنها القومي , لكن دمشق محكومة في سياستها تجاه العراق بالعامل الأمني , وخاصة أن مجيء الاحتلال الأمريكي للعراق يشكل تهديدا للأمن القومي السوري.
وهذا ما يحدث بالفعل حيث أصبحت بؤرة الاستهداف الأمريكي في مرحلة الإطاحة بنظام صدام حسين , فقد بات التهديد الأمريكي لسوريا يحتل مرتبة متقدمة من بين التهديدات التي تتعرض لها دول الجوار العراقي حيث عززت الحكومة الأمريكية ضغوطها علي سوريا بإعلانها تجميد أرصدة وزير الداخلية , واحد مسئولي الاستخبارات السورية , حيث اتهمت بزعزعة الاستقرار في المنطقة وحماية المنظمات الإرهابية والسماح للآلاف من الأجانب المتطوعين من دخول العراق عبر الحدود السورية العراقية مثل "أعضاء تنظيم القاعدة" كما اتهمت بدفع العديد من شحنات السلاح من سوريا إلي العراق.
* الولايات المتحدة
لقد وضعت سلطات الإحتلال الإستعماري الأمريكي للعراق أسس الطائفية في النظام السياسي من خلال قانون إدارة الدولة العراقية والذي عكست بنوده الرئيسية في‏ ‏ الدستور‏ ‏ الذي تم إقراره بعد ذلك في عملية انطوت علي الكثير من التزوير والترويع للمعارضين له‏.‏ كما تم منذ البداية توزيع مقاعد مجلس الحكم الذي شكلته قوات الإحتلال علي أساس طائفي وعرقي ومنحت المقاعد لقوي طائفية حتى النخاع وتم تهميش الأحزاب الوطنية فوق العرقية والطائفية‏.‏وعلي أرضية هذه الأسس الطائفية تصاعدت قوة القوي الدينية‏-‏السياسية لتحتل صدارة المشهد السياسي في العراق. وبدأت الولايات المتحدة ترمي إلي زياد حدة المشاحنات بين الطوائف الشيعية من جهة والشيعة والسنة من جهة أخري من أجل السيطرة علي القرار السياسي , وتحجيم أدوار هذه القوي , حيث استبعد الحاكم الأمريكي " بول بريمر" الزعيم الشاب"مقتدي الصدر" من عضوية المجلس ومن مختلف التنظيمات السياسية العراقية رغم تأكيد الصدر علي رفضه لسلطة الإحتلال .ومن ناحية أخري أن عملية تصعيد المشاحنات والصراعات الطائفية يؤدي إلي انحراف مسار المقاومة , وبالتالي يفقدها شرعيتها لأنه سيحدث خلط بين المقاومة التي تستهدف الاحتلال وبين الإرهاب الذي يستهدف المواطنين الأبرياء.



#منذر_حسن_أبودان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المأزق الأمريكي في العراق
- الولايات المتحدة والفوضى العارمة في العراق
- حزب البعث بين مخطط المرحلة والإستأثار بالسلطة
- القوي السياسية العراقية في العهد الملكي
- الأحزاب العراقية وعدم شرعية العملية الانتخابية
- الأحزاب السياسة العراقية وإعادة بناء الدولة
- مخاطر المشروع الفيدرالي العراقي


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر حسن أبودان - من المسؤل عن الحرب الأهلية في العراق ؟؟