أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادر قريط - التقويم الميلادي مرة ثانية















المزيد.....

التقويم الميلادي مرة ثانية


نادر قريط

الحوار المتمدن-العدد: 1907 - 2007 / 5 / 6 - 04:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أن نشرت مقالة عن التقويم الميلادي وصلتني بعض الرسائل، طالبتني ببعض التوضيحات والتفسيرات أو ذكر المراجع المعتمدة ( الحمد لله لم تنهمر عليّ الرسائل بالمئات وتغرق إيميلي !! ) لذا إرتأيت أن أصيغ هذه السطور بما يفي ، لرفع اللثام عن بعض الإشكاليات العالقة.
بداية أذكّر بأني تناولت نظرية الباحث الألماني هربرت إليغ H. Illig التي طرحها في كتابه الذائع الصيت ( القرون الوسطى المبتدعة ) Das erfundene Mittelalter ، والذي صدر عام1998 وأحدث دويّا، هزّ قيلولة الأوساط الأكاديمية،. وللتذكير، فقد طرحت نظريته على عجالة وأشرت إلى أن الكاتب استطاع بجهد علمي رصين أن يعثر على ثغرة زمنية في جدار التقويم الميلادي، تمتد من سنة 614م حتى911م وحسب رأيه يمكن اعتبار هذه الفترة، زمنا شبحيا خاليا من التاريخ، ويمكن شطبها وإزالتها من التقويم الميلادي بدون رحمة، رغم أنها تربوعلى 297 سنة، فكل ما تحتويه من سلاسل ملوك وبابوات وحروب، وأحداث، هي فراغ تاريخي، وبهذا يصبح شارلمان ( 768م،814م ) مؤسس المسيحية الأوروبية، حسب هذه الدراسة، أحد أهم الضحايا، إذ يمكننا اعتباره أيضا شخصية أسطورية، فبركتها الأجيال المتأخرة!! وقد اعتمد الكاتب على دراسات مقارنة لمجمل الأحداث والآثار المنسوبة لتلك الفترة (كرونولوجيا ، مسكوكات ، عمارة كنائس، تقارير فلكية ، بروتوكولات ، أدب ، شعر....) واستطاع أن يطمئننا ويقول لنا : ضعوا أرجلكم بماء باردة ، فنحن مانزال نعيش..بحدود عام 1710 ميلادي !! ماقدمته للتو هو خلاصة لعمل بحثي مسهب ومعقد، تتشابك تفصيلاته، ولتوضيح الصورة،( أرجو أن لا زيدها إبهاما وغموضا)، أجد من المناسب القول أن الكاتب تناول فترة شارلمان تحت مجهره، حيث درس مايسمى بالحوليّات الملكية ، التي ذكرت عصره ومآثره كمؤسس لأوروبا المسيحية ( أو بلاد الفرنجة ) ثم تناول بشكل تفصيلي عمارة الكنائس وتطور بناء القبب..ومنها خلص إلى البرهان على فرضيته المذكورة، لكني سأكتفي بجزء فلكي تفصيلي، شكّل للكاتب مفتاحا أساسيا لفتح بوابة هذا البحث الفريد:
أول من التفت إلى ضرورة إصلاح التقويم ( الكالندر ) كان يوليوس قيصر( 44 ق.م) آنذاك كان الرومان، يعتمدون مزيجا من التقويم القمري، ونظام السنة المالية (Fiskal)، وكانت الخطوة الأولى بالعودة، إلى النموذج المصري( الشمسي ) المعروف منذ 238 ق.م بتشريع كانابوس، وهو يعادل دورة الأرض حول الشمس، في 365 يوم مع إضافة يوم كل أربع سنوات ( كبيسة) ، لكن وقبل التعرض إلى اصلاح البابا غريغور الثامن، التي حدث عام 1582م أرجو أن نتوقف عند هذا الجدول :

نوع التقويم طول السنة كمية الإنحراف
الفلكي( بواسطة الأجهزة الحديثة) 365يوم 5ساعات 48 دقيقة 46 ثانية 0
الغريغورياني( البابا غريغور ) 365يوم 5ساعات 49دقيقة 12 ثانية +26 ثانية
اليولياني ( يوليوس قيصر) 356يوم 6 ساعات + 674 ثانية

من الجدول أعلاه، يمكننا ملاحظة الخلل وكمية الإنحراف في التقويم اليولياني، فسنته، تزيد عن السنة الفلكية بمايعادل 11دقيقة، هذا يعني أن الإنقلاب الربيعي (في 21 آذار ) وتساوي الليل والنهار، سيختل مع مرور الزمن. وعليه يمكننا حساب الخلل الحادث، من يوليوس قيصر( 44ق.م) حتى البابا غريغور( 1582م) والذي يبلغ 12.2 يوم ، لهذا السبب ولكي تعاد تركيبة السماء فوق روما (هكذا في اللغة القديمة) قرر البابا غريغور إصلاح التقويم، وقد أنجزه بتمزيق عشر أوراق من أيام الروزنامة مرة واحدة، والقفز من 4 أوكتوبر إلى 15 اوكتوبر!!!السؤال يكمن هنا؟؟ كيف استطاع البابا من خلال حذف عشرة أيام، إعادة النظام الفلكي فوق روما ( وقد عاد فعلا )؟ ماذا عن 2.2 يوم المتبقية من الخلل اليولياني المتراكم، والتي تعني بلغة السنين ما يعادل 297 سنة!!( أرجو القيام ببعض الحسابات البسيطة للتأكد )
طبعاَ هنالك من شعر بالخطأ، لهذا داخ الحسّابون، حتى عثروا على أسطورة تنقذهم من ورطتهم، فقد ادعوا أن إصلاحا آخرا كان قد حدث أثناء المؤتمر الكنسي الأول، الذي سمحوا له أن ينعقد في نيقيا عام 325م( وهذه قصة تضحك ربات الحجال البواكيا ) فتشريعات وقرارات هذا المؤتمر، لم تتحدث مطلقا عن إصلاح للتقويم؟ لأنها ببساطة انشغلت بقضايا الهراطقة واليهود والجنس. لابل يعتقد البعض أن مؤتمر نيقيا لم يُعقد إلا في أذهان اكليروس عصر النهضة، وهنا أجد الطريق إلى الباحث توبر (Topper) صاحب :التزوير في التاريخ الأوروبي Die Fälschung der europäischen Geschichte الذي اقتبست منه في المقالة الماضية: قررت الكنيسة بشطل نهائي،استخدام التقويم الميلادي عام 1443م، وحتى ذلك التاريخ كانت تستخدم تقويم IRA أو السنة الإسبانية المشابه للتقويم اليولياني( 44 ق.م) رغم أن أولى التوصيات بضرورة إعتماد السنة المسيحية، بدأت مع المؤتمر الكنسي، في تراغونا ( كاتالونيا) عام 1180م ، لكن تطبيق تلك التوصيات استغرق أجيالا، (بدأ تنفيذها فعليا في كاتالونيا وأرغون بحدود عام 1350م ثم فالانسيا، وفي كاستيليا بحدود عام 1382م أثناء حكم خوان الأول، أما في البرتغال فقد بدا التقويم الميلادي في زمن الملك خويو عام 1422م.) أما الأمر المهم الذي فضحه الكاتب، فهو طلب كونزانوس ( اعتلى العرش البابوي لاحقا ) في مؤتمر بازل 1332م طلبه من البابا،احداث حساب زمني (كالندر) جديد، وقد علل الأمر، بأن الكنيسة أصبحت محط سخرية الأوثان( يقصد المسلمين) الذين كانوا أكثر تفوقا في هذا المجال!! وهنا يكشف النقاب عن أن مؤتمر نيقيا المزعوم عقد عام 666 يولياني ( 622م) ردا على ظهور الإسلام، وتأسيسا للكنيسة كسلطة عالمية، ثم تم ترحيل هذا المؤتمر لاحقا إلى 325م وبهذا فإن الفرق بين 622 و325 يعطي نفس الرقم 297سنة؟؟ وهي نفس المدة الشبحية التي تحدث عنها إليغ، وإن إختلف الباحثان في تحديدها على المسطرة الزمنية.

ما أريده من وراء ذلك الوصول إلى نتيجة مفادها: إن تاريخ أية دوغما دينية ارتبط دائما، بفضاء الحكاية والأسطورة، والتشافه (اصطلاح اقترحه: للنقل الشفهي ) ووراء ذلك اختفت دائما هراوة السلطة والمصلحة وإرادة القوة المهيّمنة. فما ندرسه في كتب التاريخ ليس حقيقة( بل فتات لحقيقة غائبة)، الأكثر من ذلك أن حاضرنا المعاصر يختفي أيضا وراء أكاذيب غوبلزية مخزية؟؟ فكل من قرأ عن حضارة الأنكا والأزتك في أمريكا الوسطى، لابد سمع عن القرابين البشرية التي قدمها الهنود الحمر للآلهة، والتي تمت بصورة همجية مرعبة ( كشق صدر الضحية بخنجر، وانتزاع قلبه وهو حيّ ) هذه الصورة الدموية للهنود، رسمها أولا برنال كاستيو أحد الفاتحين الإسبان عام 1555م، وأكدها قائد آخر، في رسالة للملك الإسباني كارل الرابع، أثناء تدمير الإسبان وإبادتهم لحضارة الأزتك ..وهكذا استمرت هذه الأسطورة المرعبة عن الهنود، تحكم كتب التاريخ حتى عام 1982م، حيث توصل عالم الإثنيات بيتر هاسلر، من إثبات العكس. فقد تبيّن أن تقرير الإسباني كاستيو هو تلفيق وافتراء، لتبرير جريمة الإسبان بحق السكان الأصليين..خمسمائة عام كنا نعيش فيها على كذبة مدججة بالنحوت والصور المزيّفة. أخيراَ هاكم هذه الحادثة فقد تلخص الكثير.
في كتاب : موسوعة التزوير لفيرنر فولد (Werner Fuld) يقرأ المرء عن قصة حيوان مثير وغريب، له جسم تمساح وسبعة رؤوس تشبه أفاعي شرسة في حالة الهجوم، هذا الحيوان كان قد حُنط ووضع في كنيسة في براغ لعشرات السنين، وأثناء الإجتياح السويدي( إبان حرب الثلاثين سنة ) للمدينة، وقع هذا الحيوان، غنيمة حربية ذهبت للقائد السويدي، ثم باعه أحد ورثته عام 1720م بمبلغ عشرة آلاف من الفضة إلى تاجر ألماني، ليصبح من مقتنيات مجموعة التاريخ الطبيعي في هامبورغ. عام 1735 طلبت حكومة مدينة هامبورغ، من عالم الطبيعيات كارل فون دينيه إضافة هذا الحيوان إلى موسوعته العلمية اللاتينية Systema Naturae، لكن العالم اكتشف المخادعة بسهولة: لقد كان هذا الحيوان الخرافي نسيجا من سبع أفاعي ، فتحت بطونها في الوسط، ثم خُيّطت مجتمعة بمهارة فائقة، بعد أن حُشيّت بالتبن، لتبدو كجذع تمساح، تتقدمه سبعة رؤوس لأفاعي مرعبة؟؟ القصة لم تنتهي هنا، فقد توجب على هذا العالم مغادرة هامبورغ في نفس الليلة، كي ينجو بجلده!! بعد أن فضح أكذوبة، تقتات عليها السلطة. وما تاريخ الدوغما الدينية، في خلاصته العميقة إلا مخادعة أنجزت بمهارة وحيلة، وأحيانا بغباء وغطرسة، ولهذا كلام آخر.





#نادر_قريط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغز الإسلام المبكر
- قناة السفنكيرة
- أكذوبة التقويم الميلادي
- حوار أديان أم شخير نيام
- مؤتمر ( الزفت ) في زيورخ
- رثاء وطن - بمناسبة الذكرى الرابعة لسقوط الأقنعة
- أنا والحمار والقمة العربية
- حكاية مع الماغوط
- كلمة نادر قريط في مؤتمر الأغلبيات في الشرق الأوسط !!
- حول تطبيق الشريعة الإسلامية في ألمانيا
- من قتل رفيق الحريري؟
- لمن لا يهمه الأمر
- ياصابرين ...للصبر حدود
- ظاهرة اللسان الداشر
- ( أمة إقرأ ) عليها السلام
- العراق وكوميديا اللغة
- اللغة واللغو
- وفاء سلطان..مطرقة من خشب
- الصورة وإعدام الكلمات
- المطأطئون وذهب رغد


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادر قريط - التقويم الميلادي مرة ثانية