|
معنى أن يكون الكاتب يهوديا
نائل الطوخي
الحوار المتمدن-العدد: 1907 - 2007 / 5 / 6 - 13:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تصف الهاجاده، إحدي كتب التلمود المقدسة لدي اليهود، عيد الفصح بأنه عيد الأسئلة. استعارت صحيفة هآرتس الإسرائيلية هذا الفهم للعيد الذي مر مؤخرا لطرح الأسئلة الشائكة عن اليهودية والصهيونية والأغيار، مناقشتها مع ثلاثة أدباء من أجيال مختلفة، ومحاولة الوصول إلي أجوبة تقريبية عنها. الأدباء الذين أدارت معهم هاآرتس حوارها هم ألونا قمحي، المولودة في روسيا في بيت ملحد كل أعضاءه حزبيون، الكاتبة يوخي براندس المولودة في بيت متدين، وحاييم بئير الذي ارتدي القبعة اليهودية منذ صغره بينما كان كل جيرانه يرتدون الجينز، بالإضافة إلي المحاور نير برعام. حمل كل من الأدباء رؤية مختلفة عن الآخر، وصلت إلي حد التصادم مع بعضهم البعض ومع تراثهم المشترك المتمثل في الكتب المقدسة أحيانا أخري.
في صفيحة القمامة
بدأت الندوة بقصص الهاجاداه، التي يضمها كتاب التلمود، والمتضمنة لعناصر وحشية في مواضع كثيرة منها. تساءل المحاور نير برعام عن العلاقة بين هذا النص، أو أي نص يهودي أكثر قدما، وبين الحياة الإسرائيلية الحالية؟ أجابت ألونا قمحي بأنها منذ فترة قصيرة قرأت الأوامر الدينية ال613. كان هناك من بينها أمور مفصلة وقاسية، خجلت هي، كإنسان وكامرأة، من استرجاعها. هم يقولون أن القصد الحقيقي من وراء هذا ليس هو الكلام المكتوب وإنما كونها ترمز لأمور أخري. أنا أعتقد أن هناك في اليهودية أمورا لا تتصل أبدا بعصرنا. ربما كانت تتعلق بزمنها، ولكن اليوم، بدلا من الالتواء ومحاولة إقحامها علي زمننا، ينبغي علينا ببساطة أن نتعلم كيف نتحرر منها. وأن نعترف أنه ليس لها سلة بحياتنا هنا، وأن نلقي بها في صفيحة القمامة. الأغيار مصطلح يهودي إشكالي. هل يمكن التعايش معه في اليهودية الحديثة. يشير نير برعام إلي جملة اسكب غضبك علي الأغيار الواردة في هاجاداه عيد الفصح. هل هي من الجمل التي يمكن محوها من اليهودية الحديثة؟ ترد ألونا قمحي بسخرية مشيرة إلي الفلسطينيين الذي كان يوما شعبا محاربا دعي بالعماليق، أما الآن فالدوران التاريخيان يتبدلان، ويصبح وجود اليهود في فلسطين موضعا للشك: أنا مستعدة تماما لسكب غضبي علي الأغيار. سوف أسكب الآن غضبي علي الأغيار. وسوف أتذكر ما الذي فعله بي العماليق مثلا. ولكن هناك أشياء مفصلة وإجرامية، وكذلك أنا إنسانة مجرمة، ولكن هناك حدود. لا ينبغي علينا أن ننسي أن الحديث هو عن شعب صغير ومحارب كان يعيش عندئذ في هذه الأرض، والأغرب، من الناحية التاريخية، أننا تحولنا في النهاية إلي سكان تتم استضافتهم في أرض لا تنتمي لهم. وهاهو الشعب الصغير والمحارب مشتت في كل المنافي. ينكلون به ويضربونه ويقضون عليه في المحارق. كأنما قد تنبأنا بمستقبلنا نحن. هل رأيت كم أن التاريخ يكون أحيانا قاسيا.
الصهيونية هي عملية محو
حاييم بئير أيضا صدمته آراء قمحي. يرد: أختلف مع ألونا. أنا اقول أن الشخص الذي ينكر تفاصيل ماضيه ويقول لنحتفظ بهذا ولنهمل ذاك.، يتنازل عن أجزاء جوهرية من هويته. نير برعام: ولكننا رمينا أجزاء من ماضينا. جزء من منطق الصهيونية هو عملية المحو. أنا لا أقول هذا سلبا أو إيجابا، وإنما هو حقيقة. تخلينا عن الييديش وثقافتها، اللغة والثقافة التي تحدث بها اليهود مئات السنوات في أوروبا وبفضلها خلقوا ثقافة مبهرة وأدبا ومسرحا وتجارة. أليس الييديش جزءا من ماضينا؟ نحن ننكر طوال الوقت تفاصيل من ماضينا. ليس هذا فقط، من وجهة نظر برعام فربما كان السؤال الذي ينبغي طرحه هو ما هو ماضي اليهود بالتحديد. مشكلة اليهودي العلماني في إسرائيل اليوم أنه كانت هناك وثبة مختلفة، جهد مختلف لخلق قفزة معرفية تتجاوز قرونا من الحياة اليهودية في الأماكن المسماة بالمنفي. ولتصويرها باعتبارها مرحلة من الماضي. جزء من مشكلة أن تكون يهوديا علمانيا في إسرائيل هو الربط بين الحياة في دولة عصرية، غربية، يقع ماضيها وتاريخها في قصص العهد القديم. وماذا إذا لم تكن مؤمنا بها؟ ترد ألونا قمحي بأنه هناك مشكلة في موقف اليهودي العلماني في إسرائيل. الصهيونية الدينية قائمة علي أيديولوجية متماسكة، تشرح لنا لماذا لدينا حق في هذه الأرض. أنا بصراحة لا أفهم أي حق نملكه، نحن الذين يطلق علينا يهودا علمانيين، باستثناء الظروف التي دفعت بنا إلي هنا. ولكن الفعل قد تم القيام به.
مادونا حيوانة تدعي فهم اليهودية
يوخي براندس تقول أن العالم العلماني أصبح الآن معقدا وغير واضح المعالم علي عكس ما كان عليه الأمر سابقا: ربما يمكن اليوم أن تكون علمانيا وأن تدرس القبالاه أيضا، أن ترقص يوم الجمعة وأن تتعلم التصوف وتزور المقابر. أنا أري في هذا سلاحا ذا حدين، الأمر الإيجابي هو أن اليهودية هي مصدر ثراءنا الثقافي. أنا أحب المواد القديمة جدا، هي مصدر للوحي وللإبداع. غير هذا، تعتقد براندس أنه طالما هي صهيونية، فهي لا تحتاج لليهودية لأجل تبرير وجودها في هذه البلاد! أنا لا أحتاج إلي الثقافة اليهودية بسبب حقنا في هذه الأرض، مع صهيونيتي فالأمر متوازن بالنسبة لي بدون الثقافة اليهودية. الأمر السلبي هو أنه في مؤخرا دخل العصر الجديد لليهودية، وألتقي بأناس يعرفون أقل القليل عن اليهودية، ويخيل إليهم أنهم يسيطرون علي محيط اليهودية كله. بل ولديهم أجوبة وجرأة علي تعليم الآخرين كيف يتصرفون. ألونا قمحي: هذا هو ثمن ما بعد الحداثة. إذا أردت ثورة، وأن تنتشر المعرفة في كل أرجاء الأرض ويتم توزيعها بالتساوي سيكون الثمن هو أن يقرر أشخاص قرأوا كتابين ونصف أنهم علماء في القبالاة. بل وتقول حتي حيوانة مثل مادونا أنها تفهم في القبالاة. الأمر أيضا لا يتوقف علي تعريف العلماني والمتدين، إنه يمتد أيضا إلي تعريف اليهودي بمعناه التقني البسيط. يقول نير برعام أن الموضوع هو أنه بالنسبة للغالبية في إسرائيل، فاليهودي ليس هو الشخص الذي يعرف التراث، وإنما بالنسبة لأغلب الأشخاص الذين يعيشون هنا، فاليهودي هو تصنيف إثني: هو الشخص المولود لأم يهودية. تختلف معه بشدة يوخي براندس. تقول أن الهجرة من روسيا أحدثت تغييرا كبيرا في هذا الشأن. تعتقد أن إحدي الإسهامات الأكبر لهذه الهجرة هو أن الناس أصبحوا أقل اهتماما بالسؤال عن إن كانت الأم يهودية 100 % أو 40 % . وأنه بسبب هذه الهجرة، تحولت اليهودية لتصبح أمرا أقل وراثية، أكثر شرائعية، وأكثر ثقافية. يرد نير برعام قائلا أنه لا يري أن في الدولة ثمة تفريقا بين اليهودي كهوية دينية، إثنية وثقافية وبين مفهوم إسرائيلي. فبالنسبة للغالبية، الإسرائيلي هو اليهودي، ولذا فالطفل أو العامل الأجنبي المولود في إسرائيل، والذي يتحدث العبرية ويؤيد فريق الكرة مكابي تل أبيب، لم يصبح إسرائيليا بعد. ويضيف: أحيانا أري مبدعين ينشغلون بالهوية الإسرائيلية بدون صلة بحمولتها التاريخية، وأندهش أنا، ربما يكون منهجهم في التعافي أكثر صوابا، ولكن السؤال هو: أي نوع من الأشياء نحن؟ إذا لم نكن يهودا مرتبطين بهذا الماضي، إذن أين المبرر لوجودنا هنا؟
#نائل_الطوخي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النوبة بين التوطين والتطوير: عودة الجنوبي إلى أرضه
-
أوروبا .. ولاية عثمانية
-
صنع الله إبراهيم: أحلم بالكتابة عن الجنس
-
المدير الجديد لمعهد جوتة بالقاهرة، هايكو سيفرس: غياب الماضي
...
-
في بينالي الشارقة: تضميد الواقع بيد وخدشه بالأخرى
-
مسعد أبو فجر ورواية البدو: الديكتاتورية أسوأ من الاحتلال
-
يوميات الكتاب في أبو ظبي
-
في مديح العنصرية: النقاء المطلق لكراهية الآخر
-
لمسة من عالم ميت
-
جاليري آرت اللوا: محاولة لاختراق مركزية وسط البلد
-
الاحداث الكاملة لفيلم روح شاكيد الاسرائيلي
-
قضية الأسرى المصريين: جنون الذبح الإسرائيلي
-
فيلم بوفور بعد فوزه في مهرجان برلين: العقدة الإسرائيلية من ل
...
-
معرض القدس الدولي للكتاب.. بين علامتي تنصيص
-
عادل جندي في كتابه:-الحرية في الأسر-.. العجز عن تأويل العالم
-
الشاعر بني تسيبار: البلدوزر سلاح ضيوف القدس غير المهذبين
-
الفنان الفرنسي ستيفان أويه: هكذا جعلت مارسيل بروست صورا وفرا
...
-
محمد اركون: لا يمكن الربط بين الدين و الديمقراطية
-
أمريكا اللاتينية: الخيار الغائب في معادلة الشرق والغرب
-
الناشرة الفرنسية تريزا كريميزي: في انتظار فتح الباب العربي
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|