|
كركوك..بين فكي القوميه والارهاب
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 1907 - 2007 / 5 / 6 - 13:43
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
تشكل قضيه كركوك وعمليه تطبيع الاوضاع فيها تحديا غير مسبوقا يقلق مضاجع سكانها الذين يشكلون فسيفساءا جميلا عمدت الحكومات المتلاحقه على تحطيمه والتحكم بأهلها من خلال تسليط سيف التفرقه العنصريه وتوجيه التهم لهذه الفئه او تلك بالعمل لمصالح دول اخرى وممالك حكمت المدينه لعقود طويله..والمدينه التي يمتد تاريخها الى عهد الدوله الأكديه وانشاء قلعتها الشهيره التي اقترن اسم المدينه بها تحولت الى معلم اثري بارز لا يمكن تجاهل دوره الحضاري في التاثير على حياة اهلها وابداعاتهم...وكانت المدينه عبر تاريخها الطويل عرضه للتجاذبات والتنافرات السياسيه التي تحيط بالمدينه في كل عصر كانت تعيشه ,ومع تاسيس الدوله العراقيه الحديثه اصبحا تحظى باهتمام اكثر في قاموس السياسيون العراقيون الذين وضعوا المدينه تحت نفوذ ولايه الموصل..ومع اكتشاف النفط في المدينه عام 1927تغير حالها واصبحت تشكل الرقم الصعب في المعادله السياسيه وحتى الجغرافيه في العراق..واثناء العهد الدكتاتوري تعرضت البلده لعمليه تعريب مبرمجه لاحداث تغيير ديموغرافي في نسبة السكان لمصلحة العرب على حساب التكوينات الاخرى لسكانها وتعرض الكثير من التركمان والاكراد لاكبر عمليه تهجير تشهدها المدينه وتمت مصادرة ممتلكتهم واعطاءها للوافدين الجدد من العرب الى المدينه.والقت هذه الحاله بظلالها على الوضع الجديد الذي تلا سقوط الدكتاتوريه واحتلال العراق وبالتالي الى تأزم الوضع الغير مستقر اصلا في المدينه فعودة المئات من العوائل التركمانيه والكرديه الى المدينه امرا مشروعا طالما انهم من السكان الاصليين للمدينه ولكن هذه العوده ساهمت في خلق مشاكل من نوع اخر تخص ملكيه الدور والاراضي والمحلات وتتحمل الدكتاتوريه المسؤوليه في وصول الاوضاع الى ما هي عليه الان من تأزم..لكن انصاف اهالي المدينه يمر عبر اعاده ممتلكاتهم واعطائهم حقهم الطبيعي في العيش في اماكن سكناهم والمكان الذي ولدوا فيه,فقد كان هؤلاء الناس يعتقدون ان المرحاه التي ستلي انهيار الدكتاتوريه ستحمل اليهم الحلول الجذريه لمشاكلهم واثناء فتره مجلس الحكم ووجود الحاكم المدني للعراق بول بريمر تم تشكيل مجلس للمحافظه قائم على المحاصصه بواقع ثلاثين عضو من كل قوميه على ان تضيف الولايات المتحده سته اخرين مستقلين ..وربما اعتقد البعض ان هذا الحل سيمثل الاطار العام لانقاذ المدينه من الصراعات لاسيما وان هناك محاولات جاده لضم المدينه الى اقليم كردستان في الوقت الذي لا يرغب الكثير من اهلها في هذا الحل لان يشكل البدايه الحقيقيه لتغيير الوضع الذي عاشت المدينه في ظله طوال القرون الماضيه,واذا كانت الحكومه الكرديه قد اعلنت موافقتها ورضاها على مشروع تقسيم الموارد الوطنيه وكذلك قانون النفط الذي لم يوقع عليه البرلمان لحد هذه اللحظه فلماذا تطالب بضم كركوك الى اراضي الاقليم وتعطي نفسها هذا الحق على اساس وجود قوميه تابعه لها في المدينه في الوقت الذي لا ترغب بسماع المطالبه التركيه بالمدينه على اساس نفس الحق وهو وجود قوميه تابعه لها هناك,وكذلك الحال ينطبق على المطالبه العربيه في المدينه التي تتواجد فيها ؟؟ان النظر الى قضيه كركوك بهذه الطريقه سوف يقودنا في النهايه الى فتح ملفات المعاهدات الدوليه الخاصه بالمدينه ولا اعتقد ان ذلك سيصب في مصلحة المطالب الكرديه..كما ان الطرف الكردي دخل العمليه السياسيه وهو يدرك انه لا مجال لانفصال الاقليم على الاقل في الظروف الحاليه ووافق على مبدا الفدراليه وهو بالتالي مجبر على الموافقه على اي توجه فيدرالي اخر ينشأ داخل الاقليم نفسه وبما ان الترمان والاشوريون والكلدان والاقليات الاخرى التي تعيش في المدينه قد لا توافق على الانتماء لهذا الاقليم او ذاك وهو حق مشروع لها يتوجب على الحكومه الكرديه تفهمه كما انه يدفع باتجاه وضع حل وسط يتمثل في جعل كركوك اقليما فيدراليا قائما بذاته..ورغم ان الدستور العراقي الذي صاغه للعراق نوح فيلدمان تعتريه الكثير من النواقص ويفتقد للمعرفه بالواقع الجغرافي والسكاني للبلاد يحوي الكثير من النقاط التي تشكل عوامل تفجير فتنه طائفيه ومذهبيه للعراق وشعبه كما هو الحال في الماده 140الا ان الجانب الكردي يرغب في المضئ في اجراء الاستفتاء في الظروف الحاليه للبلاد وقبل اجراء اعاده مراجعه للكثير من فقرات الدستور التي تشكل اهانه للقيم الحضاريه في العراق كهظم حقوق المرأه وترسيخ الحكم الطائفي الذي يجعل البلاد في عرضه لحرب اهليه في اية لحظه,وهو ما يتعارض حتى مع مبدأ بناء المجتمع الديمقراطي التعددي الدي تنادي به الولايات المتحده في العراق والاحزاب التي تؤيدها ومنها الاحزاب الكرديه...ان عمليه اجراء استفتاء دستوري على الماده 140 في الظروف الحاليه يشكل خطوره على الوضع الامني المنهار في العراق اصلا وبلا ادنى شك سيقود الى تدخل تركي في الموضوع على شكل اجتياح عسكري حتى وان لم توافق الولايات المتحده على ذلك لكنها بكل تاكيد ضمنت موافقه تركيا على احتلال العراق وتاييدها من خلال تعهدها بتفهم الهواجس التركيه التي تخص موضوع كركوك تحديدا ,بالاضافه الى عامل اقليمي اخر وهو الدورين الايراني والروسي اللذن يعلمان جيدا ان ذهاب كركوك الى اقليم كردستان يعني عمليا سيطره الشركات الامريكيه عليه وهذا ما لا تسمح بحدوثه حتى وان كان ذلك يمر عبر توفير غطاء شرعي لتركيا لاحتلال شمال العراق والاطاحه بسلطه الاقليم هناك وهذا ايضا تدركه الولايات المتحده ولا ترغب في اثاره الجانب التركي باي شكل حتى وان كان ذلك على حساب التضحيه بالجانب الكردي لذلك تعمل امريكا على تأجيل موضوع التصويت على هذه الماده قدر الامكان لحين توفر حكومه قويه في بغداد تفرض على الاكراد صيغة الفدراليه القائمه بذاتها لكركوك..ان قضيه كركوك تمثل حلقه من حلقات الصراع على النفط في المنطقه ولا يمكن تجاهل حساسيه هذا الموضوع لجميع الاطراف لانه قادر على اعاده الاوضاع الى نقطه الصفر في وقت من الاوقات وجر المنطقه الى حرب اكثر دمويه من تلك التي تعيشها في هذه الظروف..ووقوع الولايات المتحده في خطأ كهذا سيعيد عمليه اصطفاف تركيا الى الجانب الاخر الذي يعمل على افشال المخطط الامريكي للعراق والمنطقه ووقوف تركيا الى جانب روسيا وايران حتى وان كان ذلك بشكل غير معلن سيعمل على وأد هذا المشروع وتدميره..وتبقى هنا مسأله التحرك الكردي باتجاه اقناع الولايات المتحده وضم كركوك لصاحها مرتبطه بالوضع العام في الراق لان الاخيره سوف لن تتمكن من البقاء في العراق لفتره طويله وتدفع فاتوره الحرب من شبابها ومقدراتها لذلك فهي تعمل على ايجاد حلول تمنع اي تدخلت اقليميه اخرى اضافيه تعقد مهمتها في العراق وتؤجل عمليه استخراج النفط وضخه بشكل طبيعي الى الاسواق العالميه...وفي النهايه لن تجد الولاات المتحده امامها الا اقناع الجانب الكردي بضروره تاجيل التصويت على الماده 140 من الدستور قدر الامكان الى تتوفر ظروف طبيعيه تمنع تفجر الازمه ...والكثير من الدول الاقليميه ومنهم تركيا تدرك جيدا ان موافقه الولايات المتحده على ضم كركوك الى اقليم كردستان سيشكل بدايه اعلان لظهور الدوله الكرديه واولى الخطوات لنجاح امريكا في تقسيم العراق وذلك لن يحدث الا بعد ن تفقد الولايات المتحده صبرها من طرف نجاح العمليه السياسيه في العراق وكذلك بدايه الشعور بالهزيمه فيه حينها لن يكون هناك مانع لدى الاداره الامريكيه في تجاهل الهواجس التركيه وربما لجمها اذا ما تطلبت مصالحها ذلك..وبالتاكيد ان من يدفع الثمن هو اهالي المدينه الواقعين بين جحيمي الارهاب الذي يفتك بمواطنيها كل يوم وكذلك بين الشعور القومي المتصاعد لدى كافه الاطراف فيها...
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الايزيديه..والعوده الى العصر الحجري
-
العمل النقابي..ودوره في مجتمعاتنا 2
-
تساؤلات..الى امير الايزيديه
-
المرأه..وقيود الظلام
-
العلمانيه..والعقب الحديديه
-
سيف الدوله العنصريه...
-
مجزره مروعه في بعشيقه...
-
العلمانيه...والهويه الوطنيه
-
الهولوكوست ..العراقي
-
عقوبة الاعدام...والطريق للتخلص منها
-
العمل النقابي..دوره في مجتمعاتنا 1
-
النظام الاقتصادي في الدوله العلمانيه
-
ألمثقف..وصراع الحضارات
-
عقوبة الاعدام ..والتساؤلات المشروعه
-
.. العلمانيه وألأسس الفكريه للدوله الحديثه 2
-
العلمانيه..والأسس الفكريه للدوله الحديثه1
-
العراق..اربعة اعوام من النكبه
-
الحرب المقدسة...
-
مؤسسات المجتمع المدني..الدور الغائب
-
دور الافراد في الدستور العلماني..
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|