أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عوض عثمان - عامان على رحيل - قمر الشهداء - .. أبو علي مصطفى متى تفرج السلطة عن أحمد سعدات وعموم المقاومين ؟!















المزيد.....


عامان على رحيل - قمر الشهداء - .. أبو علي مصطفى متى تفرج السلطة عن أحمد سعدات وعموم المقاومين ؟!


عوض عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 576 - 2003 / 8 / 30 - 09:20
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



د./ السيد عوض عثمان

خبير في الشئون العربية


حلت في 27 أغسطس 2003 ، الذكرى السنوية الثانية لرحيل الشهيد الرمز ، أبو على مصطفى ، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، بعدما قصفت قوات الاحتلال الصهيونى مكتبة ، بمدينة رام الله فى الضفة الغربية ، بعدة صواريخ أطلقتها مروحيات " الأباتشي " ، الأمريكية الصنع ليسقط صريع إرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه الكيان الصهيونى . ويعتبر أبو على مصطفى أرفع مسئول سياسي فلسطيني تغتاله " إسرائيل " ، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى والاستقلال ، فى سبتمبر /أيلول 2000 . وتأتى هذه الذكرى بعد أيام قليلة من إنضمام الشهيد المهندس إسماعيل أبو شنب ، أبرز القيادات في الجناح السياسي لحركة المقاومة الإسلامية " حماس " ، إلى قافلة شهداء الحرية ، ولا تحجب فعاليات تأبين الشهيد الرمز ، حقيقة استمرار اعتقال خلفه أحمد سعدات فى سجن المقاطعة فى مدينة أريحا ، ومبادرة الجبهة والقوى الوطنية ، لوضع حد لما تعتبره قيادات وكوادر الجبهة ، وعموم الشعب الفلسطيني " مهزلة " اعتقال مناضل سياسي ، رفيع المستوى ، دون مسوغ ، أو مبرر ، سوى استرضاء الكيان الصهيونى .

-1-

تتيح القراءة السريعة للسيرة الذاتية للشهيد الرمز ، الخلوص إلى أنه يتمتع بسجل نضالي وكفاحي مشرف وحافل بالإنجازات والعطاء . فمنذ ولد أبو على مصطفى فى بلدة عرابة ، قطاع جنين ، فى العام 1938 عاش تفاعلات المأساة الفلسطينية ، خاصة عقب نكبة حرب 1948 ، ومصير اللجوء والتشرد خارج أرض الوطن ، ولجأ مع غيره من أهالي وطنه إلى الدول المجاورة ، فكان نصيبه الأردن . وهناك انتسب فى العام 1955 ، إلى حركة القوميين العرب التي أتاحت له فرصة النضال الوطني مع رفيقه الدكتور جورج حبش ، إلى أن اعتقل ، وحوكم أمام محكمة عسكرية ، فى العاصمة الأردنية عمان ، عام 1957 ، وقضى خمس سنوات فى سجن " الجفر الصحراوي " . وبعد خروجه، تسلم قيادة منطقة الشمال فى الضفة الغربية. وشارك بفاعلية فى عملية تأسيس الوحدة الفدائية الأولى، التي كانت معنية بالعمل فى فلسطين المحتلة ، مستفيداً من الدورة العسكرية لتخريج ضباط فدائيين والتي خضع لها فى مدرسة " إنشاص " المصرية ، العام 1965 . وكان الاعتقال مصير أبو علي مصطفى للمرة الثانية ، من قبل سلطات الأمن الأردنية فى العام 1966 . وشارك فى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فى 11 ديسمبر / كانون الأول 1967 ، عقب هزيمة يونيو ، وبروز العمل الفدائي الفلسطيني المسلح . وجاء تأسيس الجبهة إثر عملية توحيد كل من جبهة التحرير الفلسطينية، أبطال العودة ، شباب الثأر ، مجموعة من الضباط الوحدويين من الجيش السوري ، وعناصر مستقلة . وسرعان ما تحولت الجبهة إلى قوة سياسية وتنظيمية منافسة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " ، داخل الساحة الفلسطينية ، وتتفوق عليها فى بعض الجوانب ، بسبب امتداداتها العربية ، مما جعلها مستهدفة لعدد من الانشقاقات المتتالية والتي وإن ألحقت بها ضرراً كبيراً ، ظلت الجبهة فى مسيرتها ورسالتها النضالية ، ففي ديسمبر/كانون الأول 1968 ، انشقت الجبهة الشعبية - القيادة العامة ، ولم تمض بضعة أشهر ، وبالتحديد فى فبراير/شباط 1969 ، ليحدث انشقاق أخر ، بخروج " الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين " ، بزعامة نايف حواتمة . وفى 1971 / 1972 ، انشقت مجموعة أخرى أطلقت على نفسها " الجبهة الثورية لتحرير فلسطين " . وعلى الرغم من هذه التحولات والتداعيات ، حرص أبو علي مصطفى على البقاء داخل الجبهة ، وإلى جوار " الحكيم " ، - جورج حبش - المؤسس التاريخي وزعيم الجبهة منذ انتخابه كأول أمين عام لها ، فى 11 ديسمبر/كانون الأول 1967 . وتسلم أبو على مصطفى فى بداياته مسئولية بناء الخلايا الفدائية والتنظيمية داخل فلسطين، قبل أن يصبح المسئول العسكري لقوات الجبهة فى عام 1968 ، بصفته الأمين العام المساعد . وشغل منصب عضو عن الجبهة فى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وفى المجلسين ، الوطني ، والمركزي ، بين عامي 1987 - 1991 . وعلى الرغم أيضاً من أنه كان من أشد المنتقدين قسوة لاتفاق أوسلو عام 1993 ، إلا أنه حرص على الحوار مع " فتح " والتوصل إلى قواسم مشتركة . وحرص فى الوقت ذاته على العودة إلى أراضى الحكم الذاتي ، وإن كانت " إسرائيل " رفضت فى عام 1996 دخوله بين 450 عضواً فى المجلس الوطني الفلسطيني لحضور جلسة " تعديل الميثاق " الوطني في أبريل من العام نفسه ، وشطبت أسمه لأسباب أمنية من ضمن قائمة تضم 18 قيادياً كان مقرراً أن يعودوا فى ديسمبر/كانون الأول 1999 .

وأخيراً عاد إلى أرض الوطن ، بين شعبه وأهله ، وكوادر فصيله السياسي بعدما قدم سلفه جورج حبش ، استقالته من منصبه ، فى المؤتمر السادس للجبهة ، فى أبريل 2000 ، ليتم تصعيد أبو على مصطفى أميناً عاماً للجبهة وعمل بدأب وخبرة ، فى زيادة فعالية تنظيمه وإحياء خلاياه . وجاءت انتفاضة الأقصى، لتشارك الجبهة بفاعلية فى المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه . ومع تصاعد نشاط الجبهة ، والدور البارز الذي لعبه الشهيد الرمز ، كان القرار " الإسرائيلي " باغتياله .

-2-

انضم أبو على إلى قائمة شهداء النضال الفلسطيني ، إلى جوار عدد من كوادر الجبهة الشعبية : الشهيد غسان كنفانى الذي اغتيل فى بيروت عام 1972 . ومحمد محمود الأسود ، الملقب " بجيفارا غزة " والذي شارك شارون بنفسه فى عملية اغتياله في العام 1973 ، عندما كان يشغل قائد القطاع الجنوبي فى الجيش " الإسرائيلي " ، وشعوره بأن الجبهة " تسيطر على قطاع غزة فى الليل ، والجيش " الإسرائيلي " فى النهار " ، حيث اقتحم شارون غزة ، وقسمها إلى مناطق ، قبل أن يشرع فى اقتحامها بيتاً .. بيتاً لاغتيال المسئول العسكري والسياسي في الجبهة عن قطاع غزة . وقد كان . والقائمة طويلة وعامرة .

وعلى خلفية اغتيال " إسرائيل " للشهيد أبو على مصطفى، فى 27 أغسطس آب 2001 ، وجدت الجبهة نفسها ، وفى أقل من سنتين ، أمام ضرورة انتخاب أمين عام لها ، وكان أحمد سعدات هو أمينها العام الجديد ، وتقلد عبد الرحيم ملوح [ 55 عاماً ] ، عضو المكتب السياسي ، منصب نائب الأمين العام ، وذلك فى أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2001 .

وبتجاوز حالة الحزن والصدمة لاستشهاد أبو على مصطفى، وإزاء جهر " إسرائيل " بإعلان مسئوليتها عن اغتيال الشهيد الرمز ، توعدت كوادر الجبهة الكيان الصهيونى برد سريع مؤلم ، انتقاماً لإقدامه على مثل هذه الخطوة ، وأشتد ساعد " كتائب الشهيد أبو على مصطفى " ، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . ولتأكيد حقيقة أن الفلسطيني لن يكون وحده الضحية فى قلب دوامة إرهاب الدولة المنظم ، أو متدثراً بأكفان الموت الصهيونى ، وأن عنف الاحتلال يولد بالضرورة عنف المقاومة المشروعة ، ويفتح الأبواب على صراع دموي لن تغلق فضاءاته مع استمرار الاحتلال والاستيطان . وأوفت " كتائب الشهيد أبو على مصطفى " بوعدها . وإزاء تقاعس السلطة وعجزها عن إعمال مبدأ " التبادلية " ، أى المطالبة بمحاكمة قتلة أبو على مصطفى الذي اغتالته قوات الاحتلال ، فلم يمض وقت طويل لوفاء الجناح العسكري للجبهة بوعده . ففي أقل من شهرين ، وبالتحديد فى 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001 ، وفى سياق وضعية الارتقاء النوعي لعمليات الانتفاضة المسلحة ، نفذت الجبهة عملية مهمة مثلت ضربة موجعة أصابت بالصميم المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية فى " إسرائيل " . فبعد تخطيط محكم، واختراق ملحوظ ساعد على توفير معلومات دقيقة وخطيرة ، تمكنت مجموعة من " كتائب الشهيد أبو على مصطفى " من التسلل لأحد الفنادق الكبرى ، بالقدس الشرقية ، وعلى مقربة من مقر لقيادة الجيش والشرطة " الإسرائيلية " وقتلت وزير السياحة " الإسرائيلي " ، رحبعام زئيفى ، زعيم مجموعة موليديت [ الاتحاد الوطني اليميني ] الصغير والأكثر تطرفاً داخل الكنسيت " الإسرائيلي " ، وهو أرفع مسئول " إسرائيلي " تناله سواعد انتفاضة الأقصى . وتتجسد أهمية زئيفى فى كونه الإرهابي المتطرف ، من عتاة اليمين التوراتي ، وصاحب التاريخ العريق فى المدرسة الصهيونية العقائدية ، والمعروف بتشدده ، وبدعواته المتواصلة إلى إتباع المزيد من سياسة " القبضة الحديدية " ضد الفلسطينيين ، ومن المنظرين لمفهوم " إسرائيل الكبرى " ، والترانسفير ، والتطهير العرقي . وفى الوقت الذي عمت فيه الفرحة الشارع الفلسطيني ، جن جنون شارون ومؤسسته العسكرية ، وكثف من ضغوطه على عرفات ، موجهاً إليه إنذاراً يتضمن المطالبة بتسليم منفذي عملية قتل زئيفى ، وبإعلان " لا شرعية جميع المنظمات الإرهابية " . وإذا لم تلب السلطة الفلسطينية هذه المطالب، فلن يكون هناك خيار أخر غير إعتبار السلطة " كياناً يدعم الإرهاب ، والتصرف تبعاً لذلك " ، أى التهديد بعمل عسكرى ضدها على غرار ما تعرضت له حركة " طالبان " فى أفغانستان . وأمهلت السلطة مدة أسبوع للرد على هذه المطالب. إضافة لتهديد شارون للجبهة الشعبية بشن حرب ، لا هوادة فيها ، ضد عناصرها وكوادرها . وإزاء صعوبة مبادرة السلطة بتسليم منفذي العملية لـ " إسرائيل " ، بدعوى أن الاتفاقات الموقعة مع " إسرائيل " لا تنص على تسليم مطلوبين ، قررت السلطة ، فى 19 أكتوبر/ تشرين الأول التالي ، اتخاذ إجراءات أخرى ضد الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة ، واعتبارها فصائل غير شرعية وخارجة عن القانون ، وذلك بدعوى ضرورة احترام الجميع التزام السلطة قرار وقف النار ، الأمر الذي أثار معارضة واسعة فى الشارع الفلسطيني ، لم تعرها السلطة بالاً ، حيث أصدر المجلس الأعلى للأمن القومي الفلسطيني ، بعد ثلاثة أيام فقط ، قراراً باعتبار الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " مجموعة مشبوهة وخارجة عن القانون " . وشرعت فى حملة اعتقالات لنحو 26 من أعضاء الجبهة وأعضاء آخرين فى المجلس الوطني الفلسطيني . وحذرت الجبهة ، السلطة من مسألة الاعتقالات وملاحقة الذين نفذوا العملية ، ووقتئذ ، انتقد سعدات السلطة ، ووصفها بأنها أسيرة مربع أوسلو ، والضغوط الأمريكية ، وتناقض إجراءاتها ومواقفها مع الموقف السياسي المعلن لجماهير الانتفاضة . ورفض مبدأ الاعتقال السياسي وتجريم المقاومين . وأكدت الجبهة أن قتل زئيفى هو رد مشروع على سلسلة الجرائم التي ارتكبتها " إسرائيل " فى حق مناضلين وقياديين فلسطينيين. ودعت الجبهة إلى رفض " المعادلة العنصرية " التي تجعل من قادة وقتلى صهاينة فى منزلة أعلى وأكثر احتراماً من شهداء الشعب الفلسطيني .

-3-

فى الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني 2002 ، تلقى أحمد سعدات ، دعوة للاجتماع مع العميد توفيق الطيراوي ، مدير الاستخبارات الفلسطينية فى الضفة الغربية ، فى فندق " سيتى إن " فى رام الله . وبعد مرور خمس دقائق فقط على اللقاء ، دخلت مجموعة من أفراد القوات الخاصة الفلسطينية ، واعتقلت سعدات ، واقتادته إلى المقاطعة فى رام الله . وعلى الرغم أن السلطة سبق أن اعتقلت سعدات ثلاث مرات ، فإن اعتقاله هذه المرة يعد سابقة خطيرة فى العلاقات الفلسطينية الداخلية ، خصوصاً داخل منظمة التحرير الفلسطينية ، فهو أول قائد سياسي بهذا المستوى فى الفصائل المنضوية تحت لواء المنظمة الذي تعتقله السلطة منذ الانتفاضة . واعتبرت الجبهة هذه الخطوة انحداراً سياسياً لم يسبق له مثيل لقيادة السلطة الفلسطينية التي حاولت فى كثير من الأحيان تبرير الاعتقالات بأنها " للحفاظ على المصالح العليا للشعب الفلسطيني " . فسعدات هو أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، ثاني أكبر فصيل فى منظمة التحرير الفلسطينية . وسادت الشارع الفلسطيني حالة من الصدمة وعدم التصديق لتلك المبادرة ، والاستجابة المذلة لأحد شروط وإملاءات حكومة العدو الصهيونى ، وأن سلوك السلطة تطور نوعى فى غاية الخطورة على الأوضاع الداخلية فى الساحة الفلسطينية ، لأن اعتقال الرمز الأول لتنظيم فلسطيني أساسي ، أمر يحمل أخطر المعاني السياسية ، ويعطى أشد المؤشرات دلالة إلى مدى عمق استجابة السلطة للإملاءات " الإسرائيلية " . وفى 17 يناير/كانون الثاني التالي ، هدد الجناح العسكري للجبهة قيادات أمنية فلسطينية بالقتل ما لم تفرج فوراً عن سعدات ، وأن توقف السلطة حملتها فى اعتقال قيادات الجبهة وكوادرها . وعضت الجبهة على جراحها النازفة ، وتحملت إجراءات السلطة ضدها ، ووجهت كل قواها نحو العدو المركزي ، ولجأت إلى الرد على الإجراءات الأمنية للسلطة بضربات عسكرية مؤثره فى عمق الاحتلال . ومن ناحيتها ، اشترطت " إسرائيل " اعتقال سعدات وقتلة زئيفى كشرط أساسي للسماح لعرفات بالسفر خارج البلاد ، وأكد عرفات فى رسالته إلى الحكومة الأمريكية أن " الرجال الخمسة " الذين تبحث عنهم " إسرائيل " فى قضية مقتل زئيفى يخضعون للتحقيق ، وسيحاكمون من قبل محكمة فلسطينية ، ما أن يسمح الوضع الأمني بذلك !! . وفعلياً ، تم اعتقالهم فى 21 فبراير/شباط 2002 ، ونقلوا بسيارات أمريكية من نابلس إلى رام الله ، وبالتنسيق الكامل مع الأمريكيين والأوروبيين ، وبمعرفة مصر والأردن وروسيا والأمم المتحدة . وفى إطار ما يعرف " بصفقة المقاطعة " ومقابل رفع الحصار عن مقر عرفات فى رام الله والسماح له بممارسة " سلطاته " الرئاسية " ، قامت السلطة بتقديم أربعة من كوادر الجبهة إلى " محاكمة " عسكرية ميدانية ، صورية وغير قانونية وتفتقد إلى كافة معايير المحاكمة العلنية والعادلة وأمام القاضي الطبيعي ، برئاسة العميد ربحي عرفات ، رئيس لجنة التنسيق الأمني مع السلطات " الإسرائيلية " ، وأصدرت بشأنهم أحكاماً بالسجن ، مع " الأشغال الشاقة " لمدد تراوحت ما بين 18 عاماً ، إلى عام واحد ، وذلك فى 24 أبريل من العام نفسه . وتم تسليمهم ، ومعهم سعدات والعميد فؤاد الشوبكي ، إلى لجنة أمريكية - بريطانية ، وترحيلهم إلى سجن المقاطعة في أريحا تحت حراسة ومراقبة أمريكية - بريطانية . وأن بنود الصفقة التي تمت تنص على وجوب بقائهم داخل السجن ، وأن الإفراج عن أي منهم يعنى إلغاء الاتفاق .

-4-

نشطت الجبهة للإفراج عن سعدات ، وكل المناضلين فى سجون السلطة . وأصدرت محكمة العدل الفلسطينية فى غزة ، وهى أعلى سلطة قضائية فلسطينية ، فى 3 يونيو /حزيران 2002 ، حكماً قضائياً ملزماً بإطلاق سراح سعدات فوراً ، نظراً لعجز النيابة العامة ، والتي تمثل جهاز الاستخبارات العامة عن تقديم أي لائحة اتهام ضده ، وأن استمرار اعتقاله غير قانوني ، حيث لم يتم عرضه أمام القضاء لتوقيفه ، أو تمديد توقيفه ، وذلك خلافاً للإجراءات والأصول القانونية الواجب إتباعها وفقاً للمقتضى القانونى الفلسطينى . كذلك حال العميد فؤاد الشوبكي ، كما أن مدة محكومية عاهد أبو علمية [ عضو اللجنة المركزية للجبهة ] ، والمحكوم عليه بسنة واحدة قد انتهت . والحقيقة أن قرار المحكمة وضع السلطة أمام اختبار جدي ومأزق جديد ، لجهة خطواتها نحو التغيير والإصلاح ، خصوصاً وأن إحدى أولويات الإصلاح تتمثل فى إعمال مبدأ سيادة القانون الغائبة والمغيبة منذ قيام السلطة فى 1994 واستقلالية القضاء وإلزامية أحكامه .

وحيث إنه لا يمكن للسلطة الاستئناف على هذا القرار ، فإن مبرر عدم تنفيذ المجلس الوزاري للسلطة للقرار ، والذي يعنى تقويض سيادة القانون واستقلال القضاء ، يكمن فى ضعف السلطة إزاء التهديدات " الإسرائيلية " .

فإضافة إلى تشديد حصارها حول مدينة أريحا ، أكد شارون أن " إسرائيل " ستضمن استمرار حبس سعدات ، وستتخذ كل الخطوات اللازمة حتى لا يمكن إطلاق " شخص له ضلع فى جريمة قتل .. أمر بارتكاب جريمة قتل .. وتنفذ منظمته جرائم قتل حتى يومنا هذا"؟ وأن " إسرائيل " ستكون " حرة فى الرد فى حال الإفراج عن سعدات " . وأعلن وزير الدفاع " الإسرائيلى "، أن هذا الإفراج سيشكل انتهاكاً للاتفاق الذى تم مع الأمريكيين والبريطانيين، وستكون " إسرائيل " فى هذا الحال " حرة فى الرد بمقتضى ضروراتها الأمنية ".. وأكد الناطق باسم الحكومة " الإسرائيلية " أن قرار الإفراج " خطير جداً .. وإذا طبق .. يمكن أن نطالب بتسليم سعدات ، وإذا لم يقدم إلى العدالة ، يمكننا نحن أن نطبق عليه العدالة " . وبالإجمال، أرسل الكيان الصهيونى تحذيرات عدة إلى السلطة بأن إطلاق سراح سعدات يدفع إلى إعادة محاصرة عرفات فى مقره فى رام الله . وتواكب ذلك مع رفض الحكومتين ، الأمريكية و "الإسرائيلية " ، قرار المحكمة .

ولا يمكن قبول الذرائع والمبررات التي تقدمها السلطة من أن سعدات فى " ضيافة " الرئيس عرفات ، حفاظاً على أمنه الشخصي ومغبة اغتياله أو خطفه من قبل " إسرائيل " . فذلك هزل فى موضوع الجد ، أو على حد تعبير سعدات نفسه : " إجابة ملتوية ، وقفز على حقيقة أن السلطة لا تملك القدرة على تنفيذ قرار الإفراج عنى " ، وعليه شرع سعدات فى إضرابه عن الطعام في أكثر من مناسبة ، احتجاجاً على الإجراءات والممارسات التي يمارسها الفريق البريطاني - الأمريكي فى حقه وحق رفاقه من معتقلي الجبهة ، والتي تنطوى على الكثير من الامتهان لكرامتهم وزوارهم ، حيث تشتد إجراءات العزل السياسي والاجتماعي ، تنفيذاً للعمليات " الإسرائيلية " .

وتبقى ضرورة تكثيف الضغوط المحلية، والدولية ، بهدف الإفراج عن سعدات وكل المناضلين ، فى سجون السلطة ، و " إسرائيل " ، وعدم تجريم المقاومة المشروعة للاحتلال الأجنبى . وعلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى ، على وجه الخصوص ، تأكيد الادعاءات المعلنة ، صباح مساء ، بدعم مبدأ الشفافية ، والإصلاح الديمقراطي داخل مؤسسات السلطة ، وبطبيعة الحال ، احترام مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء وإلزامية أحكامه ، وحقوق الإنسان وحرياته وعدم الانتقاص منها . وتدرك السلطة أن استمرار اعتقال سعدات ، وغيره ، يعرقل أي محاولة للإجماع والتوحيد الوطني ، أو تشكيل قيادة وطنية موحدة من الأمناء العامين للفصائل والقوى الفلسطينية ، فالجبهة الشعبية ، أمينها العام فى سجون السلطة ، ونائبه ، اعتقلته " إسرائيل " .. ومخاطر ذلك على الوحدة الوطنية والبرنامج السياسي المستقبلي . وفى الوقت الذي ترفض فيه الدولة العبرية الإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، دون قيد أو شرط . وعدم التمييز بينهم ، ورفض إعمال مبدأ التبادلية في الوفاء بالاستحقاقات المنصوص عليها في قرار بعض الفصائل الفلسطينية المقاومة " تعليق " العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني ، منذ 29 يونيو 2003 ، وإلى انهيارها مؤخراً ، ثمة ضرورة موضوعية لإفراج السلطة عن سعدات ورفاقه وعموم المقاومين ، والتخلي عن تجريم المقاومة المشروعة للاحتلال ، وكافة تدابير وأد الانتفاضة .

 



#عوض_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عوض عثمان - عامان على رحيل - قمر الشهداء - .. أبو علي مصطفى متى تفرج السلطة عن أحمد سعدات وعموم المقاومين ؟!