خواطر

بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1906 - 2007 / 5 / 5 - 01:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الانتهازية جنين ينمو في احشاء البيروقراطية . البيروقراطي في رأيي هو الفرد الذي يجعل من علاقاته مع الاخرين ـ سواء الوظيفية منها او العامة ـ محورا او محاور يكون هدفها دائما الطرف الاقوى ،الطرف المتسلط مستخدما كل وسيلة ممكنة بين يديه و متحايلا لإامتلاك وسائل اخرى في سبيل تأكيد هذا التناسب الغيرمتكافئ في علاقاته دونما هدف سوى تركيز القوة لاشباع شهوة التسلط و التحكم بالاخرين . هذا الوضع يقود الى الانتهازية في كلا طرفي العلاقة . فعلى الطرف الذي يمثل فيه البيروقراطي القطب الاساسي تقود الرغبة في اشباع اقصى ما يمكن من شهوة التسلط الى الرغبة في امتلاك اكبر ما يمكن من وسائل القوة و اشباعها . و بما ان طاقة الفرد في لحظة معينة محدودة و محكومة بشروط موضوعية قاهرة ، يلجأ البيروقراطي الى وسائل تحايلية متملقا تارة او مهاجما تارة اخرى منتهزا الفرص و مستخدما اخس الاساليب في سبيل الحصول على موقع قدم في السلم الاجتماعي .
أما على الجانب الاضعف من طرف هذه العلاقة فإن افتقاد الاخرلإمكانية الرد او لضعف هذه الامكانية مضافا لها قصور في وعيه لهذه العلاقة أوللظروف الموضوعية المخالفة لها و المساعدة على تأكيدها واستمراريتها كل ذلك يقود الفرد الى هذا الطرف و من الموقع الاخر الى المداهنة والتملق واظهار الاحترام والتبجيل دونما قناعة حقيقية بذلك .
خاطرة

مقياس النجاح و الفشل في نظري ليس في حاصل الجمع و الطرح للمغانم و الامتيازات و للخسائر التي يتعرض لها انسان ما في مسيرة حياته مهما طالت به تلك المسيرة ، بل هو مقدار الجهد المخلص المبذول لتحويل المبادئ و المثل الشريفة خبزا للفقراء لغرض اسعادهم …
ان مثالية تلك المبادئ ليست نابعة من قوى غيبية مقطوعة الجذور من الواقع بل هي تنبع من صميم ذلك الواقع الموضوعي و من شروط تغيره الى واقع افضل ….و مدى ما يتحقق من ذلك هو النجاح الحقيقي... بل ان السير في طريق تحقيق تلك الاهداف نجاح بحد ذاته …و من هنا فالفشل هو الابتعاد عن ذلك الطريق الصاعد نحو السعادة الحقيقية .

خاطرة


ان التقدمية لا تبتعد عن الفكر قدر ما تقترب من الممارسة و ليس العكس صحيحا بل هي ولكي تحقق اقترابها من الحقيقة الموضوعية لابد لها من توفر الشرط الاساسي الا وهو الوحدة و التجانس بين الفكر و الممارسة اي انه لتحقيق هدف ما تستلزم و طبقا لهذا المفهوم شرف الوسيلة و نبل الهدف اي انه لتحقيق هدفا نبيلا او لجعل مبدا من المبادئ امرا واقعا لا يجب التخلي ابدا عن الوسائل و الاساليب الشريفة و السير في مسالك الغش و الخداع مهما تكن الاسباب و الظروف المحيطة لان ذلك بالتدريج ينحرف بالهدف عن اصالته و طبيعته النبيلة و تصبح تفرعات تلك الطرق الملتوية هي الهدف و يسقط بعدها الفكر في متاهات الدجل الباطل .
قد يقال وهذا مفهوم شائع ان الاخلاق نسبية تختلف تبعا للمكان و الزمان . فما يكون اخلاقيا لجماعة من الناس في زمن معين يصبح لا اخلاقيا لنفس الجماعة في زمن اخر و ما يكون اخلاقيا لجماعة من الناس في مكان فهو غير اخلاقي لجماعة اخرى في مكان اخر ….
و لكن هذا المفهوم يعتمد في صحته الى حد كبير في عدم تعارضه مع المفهوم الشامل و العام للاخلاق . فروح هذا المفهوم ترمي الى ظبط سلوكية الناس و تهذيبها و جعل افكار الافراد و ممارساتهم تتجه الى خير الجماعة و سعادتها .
و هذا المفهوم بما يرمي الى تحقيقه هو جزء من الحقيقة الموضوعية و التقدمية هي في معناها العملي لهذا المفهوم .

#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات