أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - تحليل تاريخي لفكرة -حاكمية الله














المزيد.....

تحليل تاريخي لفكرة -حاكمية الله


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 575 - 2003 / 8 / 29 - 05:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحليل تاريخي لفكرة "حاكمية الله" 
 

كاتب أردني
 
تتلخص فكرة " حاكمية الله" التي اجتهد بها سيد قطب في منتصف القرن العشرين بأن تعاليم الله من خلال النصوص المقدسة هي التي يجب أن تحدد القرارات السياسية لدولة الخلافة الإسلامية وان الإنسان ليس إلا منفذا مسلوب الإرادة لهذه التعاليم والحاكمية وبالتالي فإن كل أنظمة الحكم المدنية الشعبية هي أنظمة كافرة لأنها تشرع لأنفسها بينما التشريع هو لله فقط.

وإذا ما ناقشت أي منظر أو مفكر إسلامي أصولي أو قرأت كتابا له فانك ستواجه بهذا النص القرآني: "ومن لم يحكم بنا أنزل الله فأولئك هم الكافرون" المائدة 44. وهذا النص، بما أنه قطعي الثبوت والدلالة فهو الفيصل النهائي الذي لا حوار بعده، وإذا لم توافق عليه فأنت كافر وملحد… الخ. وهذا الأسلوب في الإرهاب الفكري هو أساس دعوة منظري الإسلام السياسي إلا أن رؤية منطقية بسيطة بإمكانها أن تكشف لنا بأن هؤلاء يستغلون المشاعر الدينية وحتى النصوص لمصلحة سلطانهم السياسي المنشود.

بداية نكتشف بأن هذا المقطع من النص لا يمثل الآية الكريمة بشكل كامل بل انه مقتطع من السياق العام للنص القرآني. أما النص الكامل للآية فهو كالتالي: " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء  فلا تخشوا الناس واخشوني ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لن يحكم بنا أنزل الله فأولئك هم الكافرون" المائدة 44. وإذا ما تابعنا قراءة النص القرآني التالي نجد الآية 47 والتي لا يذكرها أحد من المنظرين الإسلاميين بالرغم من أنهم يرددون دائما الآية 44. تقول الآية الكريمة 47: " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون". أن نظرة سطحية للنص، كما يفعل المنظرون الإسلاميون، ستجعلنا نصاب بالدهشة اذ أنها تطلب أن يحكم المسيحيون بالإنجيل فقط وان لم بفعلوا ذلك فهم فاسقون أي أن المسيحيين في حل تام من الالتزام بالحكومات الإسلامية ويحق لهم الثورة عليها!!

لكن نظرة فاحصة في تاريخية النص وأسباب النزول تزيل عن أعيننا الغشاوة. فكل هذه الآيات ( 44-47)  نزلت بعد أن زنا يهودي مع يهودية فأتيا الرسول ليحكم بينهما فأمرهما الرسول بأتباع أحكام التوراة وتعاليم الله الواردة فيه حيث كانا يريدان فعلا التهرب من هذه الأحكام. وبالتالي نزلت الآيات هذه لتدعم موقف الرسول من ضرورة تنفيذ تعاليم الله أي أن لفظ الحكم الوارد فيها لم يكن يتعلق إطلاقا بالسلطة السياسية وإنما بالمعاملات الاجتماعية والقضاء فقط مع أن السورة مدنية أي بعد إنشاء ما اصطلح على تسميتها " الدولة الإسلامية" في عهد الرسول في المدينة المنورة.

ويشير المفكر الإسلامي محمد سعيد العشماوي الى نقطة في غاية الأهمية في كتابه " الخلافة الإسلامية" حينما يؤكد على أن لفظ " الحكم" لم يكن مستخدما للدلالة على السلطة السياسية في عهد الرسول والخلفاء الراشدين. فلفظ " الحكم" كان يقتصر فقط على المعاملات الاجتماعية والقضاء في الخصومات بل أنه أيضا مناط بشخص الرسول فقط المتصل دائما بالوحي. وفي ذلك يقول الله: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " النساء 65. وكذلك قوله تعالى:" إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" النساء 105.

والأمر واضح الآن: لقد استغل الطامحون بالسلطة الدينية لفظ " الحكم" المستخدم في النصوص القرآنية لفض الخصومات الاجتماعية وأوجدوا تماهيا بينه وبين لفظ " الحكم"  Government  الدال على السلطة السياسية في المجتمعات المدنية الحديثة.

وقد يسأل البعض هنا: اذا كان لفظ " الحكم" يدل علة فض المنازعات الاجتماعية فما هو التعبير القرآني الدال على السلطة السياسية ؟ هنا يشير العشماوي الى أن هذا التعبير هو لفظ " الأمر" حيث تم دائما استخدام صيغة " أمير المؤمنين" للدلالة على الخليفة لا " حاكم المؤمنين" مثلا.  حيث يقول تعالى: " ,آمرهم شورى بينهم" الشورى 38. وكذلك " وحتى اذا فشلتم وتنازعتم في  الأمر"- آل عمران 152. ونلاحظ بأنه لا يوجد أي نص قرآني يصف ويحدد  آليات تولي " الأمر" في القرآن الكريم ولا يصف الناس بالكفر اذا لم يأمروا بهذه الكيفية.

أن مصطلح الشورى وحده هو الذي ارتبط " بالأمر" وهذا تماما ما حصل في سقيفة بني ساعدة حيث أن القاموس السياسي للصحابة لم يحتو على كلمة " الحكم" أثناء النقاش حول الخلافة بل على كلمة " الأمر" فقط وهذا ثابت في كل الكتب التاريخية.

لقد أوصلتنا نتيجة هذا التحليل الى أن القرآن لم يطلب إطلاقا أن تكون هناك سلطة سياسية باسم الله وأن المنظرين الإسلاميين قد تحايلوا على النص وعلى الناس لإقناعهم بوجوب الدولة الإسلامية والتي هي فقط لحماية مصالح رجال الدين وفرض القهر الفكري على الناس.

 



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوهر العلمانية: شرعية النص الديني يجب أن تخضع للعقل الإنساني
- لم يحكم المسلمون بما أمر الله طوال التاريخ
- مانفستو العلمانية الإنسانية
- الولايات المتحدة تدمر مصداقية التيار الديمقراطي العربي!
- بين القدس وبغداد...تفجيرات بلا معنى!
- إحبسوا أنفاسكم...هذه ليلة السوبر ستار!
- 51 شركة و49 دولة يشكلون أكبر 100 اقتصاد في العالم
- اعتبار المياه سلعة تجارية انتهاك لحقوق الإنسان
- ابتزاز أميركي جديد للعالم الثالث: إما أغذية معدلة وراثيا وإم ...
- التجربة الناصرية والتجربة -الصدامية- نقيضان!
- المشكلة الأخلاقية في تعامل العرب مع مجلس الحكم العراقي
- أهمية احتضان الشعب العراقي عربيا
- توضيح عن مقالة -مطلوب اعتذار عراقي سريع للأردنيين
- مطلوب اعتذار عراقي سريع وواضح للأردنيين
- مساحة من الهواء النقي
- أسئلة الهزيمة: أين الحرية في العالم العربي؟
- أسئلة الهزيمة: أين الدولة في العالم العربي؟
- وداعا لثقافة الرافدين وأهلا بثقافة الماكدونالدز
- لن تجدوا صدام إلا في أسوأ الكوابيس
- وماذا عن -الفرهود- الأميركي؟


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - تحليل تاريخي لفكرة -حاكمية الله