محمد نايف الجبارين
الحوار المتمدن-العدد: 1903 - 2007 / 5 / 2 - 12:24
المحور:
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟
قسما أن حروف التاريخ مزورة إذا كانت بغير دماء, وقسما أن التاريخ لا
يقرأ بدون بغداد, وقسما أن كل عيون أحرار العالم تبكيها وتاريخها ومكانتها
وموقعها ودورها الحضاري و ألأممي و العلمي.
منذ بدأ التاريخ و التأريخ, ومنذ أول يوم على هذه الأرض كانت بغداد
فكانت الحضارة والتاريخ والتقدم العلمي و الثقافي, والمدن والحدائق المعلقة
والمكتبات, العالم و العلماء, الشعر و الشعراء, الأدب و الأدباء, العظمة و
العظماء, لا تستطيع أن تنظر إلى جوف أي كتاب موجود في هذا العالم سواء كان
يعالج حضارات وثقافات الشرق أو الغرب إلا وجدت بغداد فيه وتأثيرها عليه.
منارة العالم المظلم, منارة في عصور العلماء التي كان العالم, غارقا فيها
إليها تتجه بوصلة العلم, اعتقدت كل القوى الطامعة في السيطرة على الشرق الأوسط
أن مفتاح ذلك هو السيطرة على قلبه, و السيطرة على بغداد.
فكل الحملات الاستعمارية القديمة كانت تفشل إذا صمدت بغداد, حين جاء
هولاكو إلى الشرق على رأس حملته المشهورة, وقتل و ذبح و نهب ودمر و حرق كل شيء
حتى الكتب, و المكتبات, وكان رافد الطرف قد تحول إلا اللون الأزرق من حبر تلك
الكتب التي بكت بغداد بعد أن رماها هولاكو في النهرين, و حاول طمس كل معالمها,
إلا أنها صحت ونمت وثريت وعادت منارة كما هي.
توالت الحملات و الهجمات حتى جاء هولاكو العصر الجديد المسمى بوش فنسخ ما
فعله هولاكو تماما إلى شيئين فقد تحول نهرا بغداد إلى لونين؛ احدهما احمر من
كثر دماء أهله التي تسيل يوميا و آخر اسود يبكيها, أما الشيء الآخر النهب
المنظم لآثار وتاريخ و عظمة ومتاحف بغداد, سرقوا كل شيء حتى التاريخ, حتى
الحجارة القديمة في العراق.
ذهب هولاكو ونقى الفرات و دجلة, و سيذهب بوش و يعود النهران إلى زرقتهما
المعهودة وتبقى بغداد و يبقى العراق, وسيبني العراقيون مجدا رفيعا و ساميا كما
عودوا كل كاتبي و مؤرخي كل العصور.
#محمد_نايف_الجبارين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟