أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لا لتركيا الإسلامية















المزيد.....

لا لتركيا الإسلامية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 11:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هللت إحدى الفضائيات، من أبواق الإسلام السياسي المعروفة، لدخول الحجاب، الرمز السياسي وليس الديني، لأول مرة إلى القصر الجمهوري في تركيا العلمانية الحديثة، باعتباره سيكون "فتحاً"، وتمهيداً لعودة الخلافة العثمانية الإسلامية الموعودة، والتي تذرف الدموع، وتتباكى عليها، ذات المحطة، آناء الليل وأطراف النهار، فقط. غير أن حساسية الموضوع، وأبعاده الأمنية والجيوبوليتكية، والتطورات اللاحقة أظهرت أنه من المبكر جداً الحديث عن التبشير، أو قيام أي نوع من الاحتفالات بهذا الشأن. فناهيك عن المعارضة ا القوية لانضمام "تركيا الإسلامية" إلى الاتحاد الأوروبي، التي تتبناها قوى أوروبية فاعلة، وتجسدها، على سبيل الذكر لا الحصر، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، فهناك معارضة قوية داخلية، لمشروع الإسلام السياسي التركي. كما صدرت، مؤخراً، مواقف مماثلة عن المرشح الأقوى للرئاسة الفرنسية وزير الداخلية ميشيل ساركوزي، الذي أعلن وبالفم الملآن معارضته لانضمام تركيا للكيان السياسي الأوروبي الراقي، ولا يقبل أن تكون، مطلقاً، عضواً في الاتحاد الأوروبي.

وأمر هذه المعارضة العنيفة لم يقتصر، كما أسلفنا، على الخارج المتوجس من كل ما هو إسلامي، بل تعداه إلى قلب الداخل التركي، وتحديداً، إلى المؤسسة العسكرية التركية التي أقسمت يمين الولاء، والحفاظ على الطابع العلماني للجمهورية التركية. فلقد تحركت على الفور تلك المؤسسة العسكرية التركية، الضامن الوحيد للجمهورية العلمانية التركية التي أنشأها مصطفى كمال (أتاتورك-أبو الأتراك) 1881- 1938 وقام وقتها بإلغاء الخلافة العثمانية الإسلامية 3 مارس/ آذار 1924، وأصدرت هذه المؤسسة بياناً شديد اللهجة حذرت فيه من أي مساس بمبادئ الجمهورية العلمانية، وأعلنت أنها ستتدخل وبالقوة لمنع "محجبة"، من دخول القصر الجمهوري الأمر الذي يشكل انتهاكا للأسس العلمانية التي قامت عليها الجمهورية التركية الحديثة وهي العلمانية التي نهضت بتركيا وحولتها من رجل أوروبا المريض والمتهالك، إلى قوة أورو- أسيوية إقليمية عصرية يحسب لها ألف حساب.

الثنائي الإسلاموي أردوغان - غول، اللذان يتبعان مدرسة التقية، ويمارسان، بدهاء، شعار "نتمسكن حتى نتمكن"، يحاولان الإطباق على ما تبقى من رمز علماني لتركيا واجتياح قطب السلطة التركية الآخر وهو رئاسة الجمهورية، بعد رئاسة الوزارة، إضافة إلى الغالبية التي يتمتعان بها في البرلمان عبر مقاعد حزب العدالة والتنمية الذي ينتميان إليه، لم يقدرا على ما هو ظاهر، عواقب، ومخاطر هذه الخطوة، والمغامرة السياسية المكشوفة على حاضر ومستقبل تركيا واستقرارها، ونسيا، مؤقتاً، تجربة سلفهما نجم الدين أربكان، زعيم حزب الرفاه المنحل، وهو الأب الروحي لـ"العدالة والتنمية الأردوغاني"، والذي انتهت تجربته هو الآخر إلى مأساة وكارثة سياسية بكل المقاييس وتمت تصفيته وإنهاء مستقبله السياسي، وحكم عليه بـ"الإعدام السياسي"، عبر قرار بالسجن لمدة سنتين وأربعة أشهر وإقامة جبرية على خلفية فضيحة واختلاسات مالية. إذ لا تسامح، ولا تهاون لا تركي ولا أوروبي، البتة، مع حرف تركيا عن مسارها العلماني. فتركيا ذات طابع إسلامي سياسي، هي على ما يبدو خطاً أحمراً، تثير مشاعر الخوف والوجل والتوجس والارتياب لدى الجميع، بعد أن اكتوى كثيرون من تاريخها الذي حازت تركيا بموجبه، ذات يوم، وبشرف لا تحسد عليه، على لقب رجل أوروبا المريض، نافية بذلك أي بعد أو قدسية ميتافيزيقية لمشروعها الإسلاموي، والذي تقطعت أوصاله فيما بعد إلى بؤر إسلامية هزيلة تعج بالتخلف والتطرف في قلب أوروبا ومتخلفة عنها بعدة قرون، ولا يتصور أحد أن يعود ذاك النموذج الكابوسي مرة أخرى في هذا التجمع السياسي الذي يغلب عليه الطابع المسيحي.

ولقد أدت مظاهرات واحتجاجات عنيفة، جرت قبل ذلك، إلى سحب طيب رجب أردوغان لطلبه بالترشيح للرئاسة. غير أنه وفي الواقع لا فرق سياسي كبيراً بين المرشح للرئاسة التركية عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، واعتبر ديدييه بيون المختص بالشؤون التركية أن حزب العدالة والتنمية، لجأ إلى خيار غول للترشح للرئاسة لنزع فتيل الأزمة التي قد تنشأ ضد الحزب، وضد توجهه الإسلامي بالذات. واعتبر ذلك خيارا ذكياً، حسب الباحث الفرنسي ديديه بيون نائب مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس. وفي الواقع فإن الأمر برمته ليس موضوع غول، أو أردوغان، فكلاهما وجهان لعملة سياسية واحدة منتهية الصلاحية، بل موضوع مشروع ونهج قائم على إستراتيجية شاملة تتبنى الصدام مع الداخل، كما مع الخارج، مع الحداثة كما مع العولمة، في حال نجاحه، وهنا مكمن خطورته، ويمثل تحدياً للقيم والمبادئ الحداثية التي قامت وتقوم عليها الجمهورية التركية، عبر محاولة إعادتها، وعبر رمزيات سياسية، إلى عصور تخطاها الأتراك، وكابدوا في سبيلها الكثير. والجميع الآن بانتظار الحسم يوم الأربعاء القادم حيث سيصدر قرار المحكمة الدستورية العليا، التي تتسم بميولها العلمانية، لجهة تأييد أو رفض ترشيح غول لرئاسة الجمهورية التركية، أو الدعوة لإجراء انتخابات جديدة.

إن الدفع بالأمور، من قبل رموز الإسلام السياسي في تركيا، بهذا المنحى وإظهار الوجه والطابع العقيدي والإيديولوجي لهذه المعمعة لا يصب، البتة، في مصلحة تطلعات تركيا الأوروبية، ويخلق توجساً وارتياباً كبيرين عند ساسة أوروبيين حتى المعتدلين منهم، لاسيما في ظل بقاء ملفات مرهقة وثقيلة دون حسم كالخلاف حول قبرص، ومذابح الأرمن، والأرق الكردي المزمن. فصورة المشروع السياسي الإسلامي ليست على ما يرام، وفي أحسن حالاتها في هذا الوقت بالذات، ليس في تركيا وأوروبا فحسب، بل في قلب، ومنبع الإسلام الأصولي السياسي، أي في العالم العربي، بالذات، ويلقى معارضة تأخذ طابعاً عنفياً أحياناً.

ومن هنا، إذا كان من حق بعض العرب المسلمين أن يتوجسوا من مشاريع الإسلام السياسي قيراطاً، فإن من البديهي، عند ذاك، أن يتوجس الأوروبيون، ومن لف لفهم من نفس المشروع، وبأقل نسب التشاؤم توفراً، أربعاً وعشرين قيراط.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكراً فينو غراد
- من يشتري الهوية العربية؟
- حوار مع آفاق
- لماذا لا يكرهوننا؟
- هل العولمة شريرة؟
- هل كانت الأديان ضرورية؟
- الاتجاه المعاكس
- وزير تربية سوري بحاجة لتربية!!!
- توضيح حول مؤتمر زيوريخ
- أنظمة الاستبداد: من يزرع الرياح الأصولية يحصد العواصف الإرها ...
- حوار مع أصولي
- حذارِ من الضحك والابتسام !!!
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح - 2
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح 1
- مؤتمر زيوريخ: لماذا؟
- كلمة نضال نعيسة في مؤتمر الأقليات - زيورخ
- مؤتمر القمة العربي: من يحيي العظام وهي رميم؟
- الانهيار الطبقي
- إمارة غزة-ستان: مغول العصر يحرقون التراث !!!
- بأيّ ذنب حجبت؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لا لتركيا الإسلامية