|
عن عيد العمال فى مصر ... سألونى ؟
عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:04
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تعليقا على خطاب الرئيس مبارك يوم الخميس الماضى بمناسبة عيد العمال دعا خبراء وباحثيين عماليين الى ضرورة اعادة حقوق العمال التي نصت عليها عقود واتفاقات حقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر , وعدم التدخل في حقهم في تشكيل نقاباتهم المعبرة عنهم ومنحهم حق الإضراب دون شروط والتعامل مع الاحتجاجات باعتبارها نتيجة خلل في علاقة العمل لإعادة إصلاح وليس باعتباره عملا تجريبا يحتاج لمعالجات أمنية , وهذا لم يتضمنه حديث الرئيس ووعوده المستقبلية .
لا يوجد استقرار !
وقالت معلومات اعدها فريق من الباحثيين المتخصصيين فى مركز اولاد الارض صدرت يوم صباح الاحد الماضى انه و منذ شهر يوليو الماضي وحتى شهر مارس من عام 2007 شهدت الحركة العمالية 174 احتجاجا عماليا تمثلت في 74 اعتصاما و 52 إضرابا و 48 تظاهره , أي بمعدل احتجاج واحد كل يوم ونصف اليوم وهو ما يعني أن هناك خللا في علاقة العمل في مصر في ظل أوضاع اقتصادية تزداد سوءا .
والملاحظة الأهم أن هذه الاحتجاجات لم تقدها النقابات العمالية التي من وظيفتها التفاوض مع صاحب العمل والإدارة حول المطالب العمالية وفي الغالب كانت هذه الاحتجاجات ضد الإدارة وضد النقابات الرسمية معا وهو ما يعكس خللا آخر في هيكلة الحركة النقابية العمالية المسيطرة عليها من الدولة ومن الشركات بحكم تاريخ طويل من دولة الحركة النقابية عبر آليات متعددة منها التحكم في المرشحين عن طريق الأمن وخلافه .
و هذه الاحتجاجات العمالية علي اتساع حجمها كانت تحمل مطالبات اقتصادية واضحة ومباشرة سواء من ناحية الأجور أو الحوافز أو حتى القرارات الخاصة بالتشغيل والتي تؤثر علي عائدهم المادي, أي أنها لم تكن احتجاجات تحركها حزب سياسي أو جماعة سياسية لأهدافها وهو ما يدفع للتوقف عن النظرة الأمنية لأي احتجاج عمالي والتعامل معها في إطاره باعتباره جزء من صراع مصالح بين طرفي عملية الإنتاج العمل ورأس المال والملاحظة الأخيرة أن كل هذه الاحتجاجات تمت بشكل حضاري ووعي عال ولم تحدث حادثة تخريب واحدة , وهو ما يعكس وعي الحركة العمالية بمصالحها . خسائر
وتمثلت خسائر الحركة العمالية في تلك الفترة في فصل 13172 عاملا وانتحار 22 عاملا بعد أن سدت أمامهم كل أبواب الأمل , حقيقة نضعها أمام المسئولين باتحاد العمال الذين يتشدقون بالكلام المعسول أمام وسائل الإعلام المختلفة مع كل عيد للعمال الذي ينعم فيه العمال علي حد زعمهم بأزهي عصور الرفاهية والحرية , متناسيين اعتصام عمال المحلة وكفر الدوار وشبين الكوم وأسمنت طرة والسكة الحديد . والخطاب الحكومي في هذا العيد لم يختلف عن سابقيه بالرغم من علمهم بأن العامل المصري أصبح لديه من الوعي الشديد ما لا ينفع معه كل الوعود الزائفة أو الكلمات الخادعة بعد أن تبين له خلال عقود مضت الوجه الحقيقي القبيح لكل سياسات الحكومات المتعاقبة من خصخصة ومعاش مبكر وتقليص مساحات الحقوق والتشريد , أصبح من المسلم لدي العمال المصريين أنهم في خندق واحد في مواجهة كل محاولات الحكومة التي تجسد مصالح أصحاب الأعمال بعد أن تلاشي الفارق بين رجل الأعمال والسياسي, إن المتأمل لأرقام احتجاجات العمال في تلك الفترة سيدرك أن الاحتجاجات العمالية تزداد اشتعالا وتنتقل من موقع إلي موقع : 74 اعتصاما للعمال في تسعة أشهر , فقد شهد شهر يوليو 5 اعتصاما وشهر أغسطس 4 اعتصامات وسبتمبر 6 اعتصامات وأكتوبر 11 اعتصاما ونوفمبر 5 اعتصامات وديسمبر 12 اعتصاما ويناير 6 اعتصامات وفبراير 15 اعتصاما أما شهر مارس فقد شهد 10 اعتصامات ولم يختلف الحال بالنسبة لإضرابات للعمال خلال تلك الفترة والتي وصلت إلي 52 إضرابا , " فقد توزعت ما بين: يوليو 5 إضرابات وأغسطس 8 وسبتمبر 7 وأكتوبر 4 ونوفمبر 5 وديسمبر 3 ويناير 5 وفبراير 8 ومارس 7 إضرابات أما التظاهر فقد وصل إلي 21 تظاهره انقسمت إلي3 تظاهرات في شهر يوليو و 2 في شهر أغسطس و 2 في شهر نوفمبر و 7 تظاهرات في شهر ديسمبر وتظاهره واحدة في شهر يناير و 3 تظاهرات في شهر فبراير و 3 تظاهرات في شهر مارس ,
وقد لوحظ أن عدد الاعتصامات التي حدثت في قطاع الأعمال في تلك الفترة وصلت إلي 33 اعتصاما في حين شهد القطاع الخاص 19 اعتصاما أما القطاع الحكومي فقد شهد 22 اعتصاما , أما بالنسبة للإضرابات فقد شهد قطاع الأعمال 15 إضرابا والقطاع الخاص 8 إضرابات والقطاع الحكومي 19 إضرابا , في حين شهد قطاع الأعمال 8 تظاهرات والخاص 3 تظاهرات والحكومي 10 تظاهرات , ويبدو من تلك الإحصائيات أنه لا فرق بين عامل في قطاع الأعمال والقطاع الحكومي أو القطاع الخاص , وأن مظالم الحكومة من خلال ما تسنه من قوانين تستهدف في المقام الأول تهميش دور العمال واقتطاع المزيد من حقوقهم لصالح طبقة من أصحاب الأعمال لا يهمهم غير الربح حتى ولو علي حساب حاضر العمال ومستقبل أسرهم , ولم يكن غريبا والحال كذلك أن تتمثل خسائر الحركة العمالية عن تلك الفترة في فصل 13172 عاملا , ففي شهر يوليو تم فصل 193 عاملا , وفي شهر أغسطس 76 عاملا , وفي شهر سبتمبر 3294 وفي شهر أكتوبر 528 عاملا وفي شهر نوفمبر 56 عاملا وفي شهر ديسمبر 1155 عاملا وفي شهر يناير 9500 عاملا وفي شهر فبراير 2700 عاملا وفي شهر مارس 972 وبالتأكيد فإن هذه الأرقام ستزداد خلال الشهور القادمة بعد أن أعدت الحكومة خطتها في تصفية العمالة في المواقع المشتعلة ولو بما يسمي بالمعاش المبكر , خاصة وأننا في هذه الأيام نستشعر محاولات الحكومة في تصفية العمال في شركة السيوف وشركة مصر للغزل والنسيج بشبين الكوم وغيرها من الشركات التي تجرأ عمالها علي الاحتجاج والاعتصام والإضراب ضد محاولات تنفيذ سياسة الحكومة , تلك السياسة التي راح ضحيتها خلال تلك الفترة 22 عاملا قاموا بالانتحار بعد أن تدنت أجورهم وسقطوا تحت خط الفقر وأصبحوا عاجزين عن توفير متطلبات أسرهم الأساسية ..!
ناهيك عن الأعداد الكبيرة من العمال والذين سقطوا من جراء مناخ العمل السئ بين مصاب وقتيل ... وبالرغم من أن عيد العمال يأتي هذا العام وهو يحمل بين طياته تلك الصورة القاتمة لما وصل إليه حال العمال في مصر , فإن هذه الصورة لا تخلو من بصيص ضوء قد يكون ضئيلا وبعيدا في نهاية النفق ...
إلا أننا نؤكد أن هذا العيد يحمل من الأحداث التي صنعها العمال بنضالهم ما يعد إرهاصا حقيقيا لانتفاضة عمالية شاملة تنتزع الحق من أضلع المستحيل ...!. اخطاء
وقد اخطأ الرئيس مبارك فعلا عندما تحدث فى الاسبوع الماضى عن انه لن يسمح بالمساس بحقوق العمال فى الوقت الذى يتم فيه إهانة العمال فى كل المواقع سواء على يد الادارات المصرية او الاجنبية فى الغزل والنسيج والاسمنت والحديد والصلب والتعدين من خلال الحرمان من الارباح والاجور العادلة والمظاهرات العمالية اليومية خير دليل على ذلك , فكيف يتحدث مبارك عن المناخ السياسى والاقتصادى المستقر وعن ارتفاعات فى الاجور وسط هذا الغضب العمالى المتزايد بسبب نقص الاجور . فقد كانت النتيجة الحتمية للخلل السياسى والكذب غير المسبوق هو انهيار الحياة الاقتصادية والاجتماعية وأخطر ظاهرة يعانى منها الناس هذه الايام هى فشل السياسات الحالية فى حل ازمة يعانى منها كل مواطن وهى الاجور والاسعار وهذا ما يؤكده الباحث الاقتصادى المتميز سامح عبود حيث يؤكد أن مجموع ما يحصل عليه المواطنون من دخول فى أى دولة يطلق عليه الناتج المحلي الإجمالي، وهو ينقسم فى أى مجتمع رأسمالى إلى قسمين كبيرين أحدهما يطلق عليه عوائد التملك، و هو الذى يحصل عليه ملاك الثروة فى شكل فوائد على أموالهم أو أرباح من مشاريعهم أو ريع من عقاراتهم ، والقسم الثانى ويطلق عليه عوائد العمل وهى الأجور التى يحصل عليها العاملين بأجر ، فحتي عام 1989 كان أصحاب حقوق العمل يحصلون علي 48.5% من الناتج المحلي الإجمالي، والنسبة الباقية كانت تذهب للفئة الأخرى، أي حوالي 51.5%، وفي منتصف التسعينيات تغير الوضع وأصبح أصحاب حقوق العمل يحصلون علي 28.6% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 71.4 % للفئة الأخرى. وهكذا فالاحصائيات تشير إلى أنه منذ تولى مبارك الحكم تضخم حجم عوائد التملك بشكل متزايد حيث أرتفعت من 62% عام 1986 إلى 71% عام 1993، وهى الآن فى عام 2005 تقترب من 80% ، لو ارتفعت بنفس المعدل فأنها ستصل عام 2011 إلى 86%، و فى نفس الوقت تضاءل حجم عائد العمل أى الأجور حبث انخفضت من 38% إلى 29%خلال نفس الفترة، و قد وصلت الآن عام 2005 إلى 20% لو انخفضت بنفس المعدل فأنها ستصل عام 2011 إلى 14%. انحياز
نستنتج من كل تلك الاحصائيات أن نظام مبارك وسياسات الحزب الوطنى الحاكم منحازة لملاك الثروة ضد العاملين بأجر ، ففى عهد مبارك تزايد تركز الثروة الاجتماعية و الدخل على نحو مطرد فى يد القلة الرأسمالية المتضائلة حجما باستمرار، فى حين تزايد على نحو مطرد إفقار الغالبية العمالية من تلك الثروة و تضاءل نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي، و هى المتضخمة حجما باستمرار، إلا أن سوء توزيع الناتج المحلي الإجمالي لا يتوقف عند هذا الحد فمبلاحظة توزيع الأجور بين العاملين بأجر سنجد أن كبار رجال الإدارة فى قطاع الأعمال العام وكبار رجال الدولة يحوزون على النسبة الأكبر من عائد العمل (الأجور) ، فالفرق بين الحد الأدنى للأجور والحد الأقصى للأجور قد تضخم جدا فى عهد مبارك، ففى حين تحصل غالبية العاملين بأجر على أجور لا تتجاوز 300 جنية شهريا، فإن يوسف عبد الرحمن وكيل وزارة الزراعة كان يحصل بمفرده على ربع مليون جنيه شهريا بشكل رسمى،و فى حين يسدد العاملين بأجر نصيبهم من الضرائب من المنبع ، يتهرب ملاك الثروة من إلتزاماتهم الضريبية بشتى الطرق. ويشر الباحث الاقتصادى أنه إذا كان العامل يحصل على دخله بالأجر فأنه يستهلكه وفق الأسعار فى السوق، فيلاحظ جميعا كمستهلكين الخلل القائم بين الأجور والأسعار، ففى حين تنمو الأجور بمعدلات بطيئة ترتفع الأسعار بمعدلات صاروخية، وهذا معناه انخفاض الأجر الحقيقى للعامل، فجنيه أول الثمانينات الذى كان يمكنه توفير وجبة فقيرة للعامل وأسرته، أصبح لا يكفى لشراء وجبة فقيرة لفرد واحد، و هذا ما نلاحظه جميعا، إلا أن الاحصائيات تشير إلى تراجع معدل النمو في الأجور الحقيقية خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة حينما بدء هذا المعدل في التراجع، فبعد أن كان 5.9% بالقطاع الحكومي في الفترة من 86 وحتى 1991، ثم أصبح بالسالب ( - 1 % ) في الفترة من 1997 وحتى 1998، ثم ( - 2.3 % ) في 98/1999. فقد انفلت عيار التضخم أى المتوسط فى ارتفاع الأسعار فى السوق بكل المقاييس وأصبحت الأسعار ترتفع من يوم إلى آخر وليس بالأسبوع أو الشهر ، و فى حين تعلن الحكومة أن التضخم لا يتجاوز 6 % ، يقول صندوق النقد الدولى أنه بحدود 10% ،و لاشك أننا نلاحظ أن تكاليف المعيشة في تصاعد مستمر، فقد ارتفعت في المناطق الحضرية من عام 84/85 وحتى عام 2000/2001 بنسبة 12.5% سنوياً وفى الريف بنسبة 11.7% سنوياً وهذا يعنى أن السلع والخدمات التى كانت قيمتها 100 جنيه أصبحت قيمتها 657 جنيه في الحضر و583 جنيه في الريف، و إذا كان التضخم وهو متوسط الارتفاع فى الأسعار يصل إلىما بين 6% إلى 10% سنويا، فإن متوسطات الأجور لا ترتفع بنفس النسبة، هذا ما تؤكده الاحصائيات، وهذا معناه إفقار متزايد للعاملين بأجر وانخفاض فى مستوى معيشتهم فى عهد مبارك وحزبه الوطنى الذى لا يرعى مصالح محدودى الدخل كما تدعى أجهزة إعلام.
وهم المدن الجديدة
ومن الذى اعد بيان الرئيس مبارك والذى القاه فى عيد العمال , ويحمل عددا من الاخطاء فمثلا يتحدث الرئيس عن المدن الجديدة وان حكوماته اقامت 63 منطقة صناعية هناك , وتناسوا ما يحدث هناك على ارض الواقع فقد تم تشريد 40 ألف عامل على إثر إغلاق 150 مصنعا فى مدينة 6 أكتوبر الصناعية ووفقا لأرقام جمعية رجال أعمال السادس من أكتوبر يبلغ إجمالى استثمارات المصانع المغلقة حوالى 340 مليون جنيه ، فى حين تعمل المصانع الباقية بالمدينة، وعددها 790 بحوالى عشرين بالمائة من طاقتها , ويقول محلليين إن أزمة الصناعة المصرية يقف وراءها: ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه فى مواجهة الدولار ـ وهى المشكلة المرتبطة بشكل خاص بالصناعات التى تعتمد على المواد المستوردة.
والصورة لا تبدو أفضل حالا فى المدن الصناعية الأخرى , ففى العاشر من رمضان تم إغلاق 15 بالمائة من مصانع المدينة.. بينما تم إغلاق 179 شركة وأربعمائة خط إنتاج فى مدينة برج العرب.. فضلا عن خمسين بالمائة من مصانع مدينة السادات، وبالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية فإن عشرات الألوف من العمال فقدوا أعمالهم, ويقول أحد أصحاب المصانع إن الإغلاق يبدو مثل العدوى التى سوف تلحق بالجميع , إن عاجلا أم آجلا , ونتذكر هنا ما جاء على لسان محمد فريد خميس المدير الإدارى لجمعية مستثمرى العاشر من رمضان لمجلة ميدل ايست قوله: لقد أرسلنا تقارير إلى رئيس الوزراء ووزير الصناعة وهيئة الاستثمار العامة ولكن لا حياة لمن تنادى والمؤكد أن الحكومة ستندم كثيرا عندما تصحو ذات يوم على انهيار تام فى الصناعة المصرية.
لم يتحدث مبارك عن سيطرة الحزب الوطنى الحاكم على التنظيم النقابى الرسمى والتلاعب فى انتخاباته فى ظل عدم الاشراف القضائى عليها , صدور احكام قضائية بذلك , وتناسى كل من الرئيس مبارك وعائشة عبدالهادى وزيرة القوى العاملة وحسين مجاور رئيس اتحاد العمال ان يتحدثوا عن عمليات الفصل التعسفى والحرمان من الارباح والمنح , والفقر والجوع والمرض والفساد الذى يحيط بالعمال فى ظل نقابات ضعيفة وحكومة فاسدة , ورجال اعمال لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية , ولم يتحدث مبارك فى توصياته ووعوده المتكررة عن تشريعات تضمن للعمال الحياة الادمية .
ما توقعناه حدث ففى تحقق صحفى نشرته انا وزميلى خالد ابو الروس فى جريدة الاهالى قبل خطاب الرئيس مبارك بيوم واحد قلنا فيه : باق من الزمن أيام قليلة ويأتي الأول من مايو حيث عيد العمال ليقف الرئيس مبارك علي المنصة وبجواره رئيس مجلس الوزراء والقيادات النقابية والوزارات المعنية ليؤكد مثل كل عام حرص حكوماته علي مصلحة العمال وإنه يضع هموم الطبقة العاملة دائما ضمن أولويات سياساته، وسوف يقف أحد العمال المختارين ليهتف لسياسات الرئيس وحكوماته أمام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لتشاهد وتستمع إلي قصائد النفاق والكذب والتضليل. علي الجانب الآخر حيث المصانع والشركات نجد آلاف العمال يهتفون ضد الخصخصة والإدارات الأجنبية والحرمان من الحوافز والأجور والمكافآت وضد المعاش المبكر الإجباري والفصل التعسفي. من الإسكندرية حيث يقف مئات العمال من شركات الترسانة البحرية مطالبين بحقهم في العلاوات المتأخرة، إلي أسوان حيث يندد العمال المشردين في شركات التعدين والفوسفات بسبب تشريدهم وبيع هذه القطاعات الاستراتيجية ومروراً بشركة طرة الأسمنت بحلوان حيث تمتنع الإدارة الإيطالية عن دفع العلاوات المتأخرة منذ عام 1992 حتي الآن؟! من اين سيأتي الرئيس مبارك والمتحدثون من الوزراء والمسئولين في احتفال أول مايو بكلمات حقيقية عن الواقع المؤلم وكيف سيواجهون تلك الموجات المتتالية من الإضرابات العمالية المناهضة لسياستهم؟ حصل؟ سيذكر الرئيس مبارك والمتحدث أن الشركات والمصانع قد شاهدت مئات الإضرابات العمالية في ظل سياستهم حيث تشير كل التقاير الميدانية أن عمال مصر قد نظموا 266 احتجاجا في عام 2004 و202 احتجاج في عام 2005 و222 احتجاجا في عام 2006 وأكثر من 300 احتجاج منذ بداية عام 2007 وحتي الآن؟ وهل سيتضمن الخطاب الرسمي الحكومي أن أجهزة الأمن قد لعبت الدور الأكبر في مواجهة العمال المطالبين بحقوقهم ويكفي أن نشير هنا إلي عملية الاعتقالات التي حدثت في إضرابات شركات مصر للغزل والنسيج والطوب الرملي وأسمنت حلوان ونسيج زفتي وغزل شبين وقيام عربات الأمن المركزي بمحاصرة مظاهرات عمال السكة الحديد وشركات القاهرة للدواجن وغزل ميت غمر، ووبريات سمنود والمعدات التليفونية بالمعصرة، وقبل كل ذلك مشاركة الأجهزة الأمنية في تزوير انتخابات النقابات العمالية لصالح مرشحي الحزب الحاكم وتسخير كل مؤسسات الدولة من أجل مصلحة رجال الأعمال وأصحاب الشركات في ظل عدم إشراف القضاء علي انتخابات العمال بمخالفة قانون النقابات العمالية؟وقبل كل ذلك هل سيتضمن الحديث ا لرسمي قضية كفاح العمال ضد ناهبي حقوقهم وكذلك التاريخ الطويل لاتحاد عمال مصر وعلاقته بالدولة , وهذا لم يحدث بالفعل واكتفى المتحدثيين بالوعود البراقة الوهمية فقط . تاريخ من الكفاح خمسون عاماً علي قرار إنشاء اتحاد عمال مصر الذي كان حلماً لأكثر من 70 عاماً لعمال مصر ليعبر عن مصالح تلك الطبقة التي عانت الكثير منذ دخول الصناعة إلي مصر جاء قرار الإنشاء انذاك بإمكانية العمال علاج الأمراض المزمنة لكن سرعان ما حدث زواج عرفي بين الحكومات المتوالية وبين اتحاد العمال حتي وصل الحال إلي قيام العمال بإضرابات واعتصامات ضد اللجان النقابية واتحاد العمال الذي طالما وقف ضد مصالحهم كذلك كانت القيادات وعلي مدار الخمسين عاما قد جاءت شبه معينة دون انتخابات فعلية واستولت علي مواقع القيادات النقابية طبقة عمال ارستقراطية تخدم مصالح الدولة ورجال الأعمال. حدث ذلك رغم أن مصر عرفت النقابات العمالية مع نهايات القرن التاسع عشر من خلال إنشاء جمعية لفافي السجائر عام 1899 كما عرفت الإضرابات عام 1900 حينما اضرب عمال الفحم بجمارك الإسكندرية كما تنامت الحركة العمالية في إطار الحركة الوطنية في مواجهة الاحتلال البريطاني حيث ظهرت عشرات النقابات المستقلة. إضراب لفافي السجائر كانت نهايات القرن التاسع عشر تاريخا متفقا عليه لبداية التحركات الجماعية العمالية التي اكسبت الطبقة العاملة ملامحها الأولي. حيث يعد أول إضراب ناجح للفافي السجائر في ديسمبر 1896 والذي استمر حتي فبراير من عام 1897 لينتهي إلي أول اتفاق جماعي في حياة الطبقة العاملة وتمحورت مطالب العمال حينها حول تخفيض ساعات العمل اليومية من 12 ساعة إلي 10 ساعات ورفع مستوي الأجور في هذه الصناعة واستطاع العمال في ذلك الوقت تكوين نقابة لهم باشتراك شهري قرش واحد. وأمام تهديد النقابة بالاضراب عن العمل وتحميل صاحب المصنع خسائر فادحة توصلت المفاوضات المضنية إلي تخفيض ساعات العمل إلي 10 ساعات يوميا وزيادة أجر العامل، وكان نصرا باهرا للنقابة وانتشر الخبر بين عمال مصانع الإسكندرية مما دفع عمال المصانع الأخري للشروع في تكوين نقابات لهم للحصول علي حقوقهم الغزل بالإسكندرية وجاء قيام عمال بتكوين ثاني نقابة في الإسكندرية التي بدأت مفاوضتها مع أصحاب الشركة لعرض مطالب العمال وتلاها تكوين النقابات العمالية التي طارت فكرتها إلي معظم مديريات القطر المصري وفي عام 1903 أصبح عدد النقابات العمالية تسع نقابات في القاهرة وبورسعيد والإسكندرية وحاول العمال في عام 1920 تكوين اتحاد عام يضم هذه النقابات في تنظيم واحد قوي ولكن استطاع حزب الوفد آنذاك بإمكانياته الكبيرة وقف المشروع. فيما استطاع النقابي «روتنبال» تجميع النقابات العامة في اتحاد عام للعمال بالإسكندرية وكان يضم نحو ثلاثة آلاف عامل ولم يكتب له النجاح بسبب وقوف الحكومة أمام التشكيلات النقابية بعدها قام حزب الوفد في عام 1924 بإنشاء اتحاد للعمال تحت مسمي «عمال وادي النيل» وفي هذه الفترة طالب أعضاء البرلمان بإصدار التشريعات العمالية التي تعترف بالنقابات العمالية وتعطي بعض الحقوق إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل. وفي عام 1927 اجتمعت النقابات العمالية في مصر عمال السكة الحديد في محاولة لتكوين اتحاد عام للعمال برئاسة الدكتور «محجوب ثابت» ولم يتمكن من تكوينه لمطاردة البوليس لهم وإلقاء القبض علي القيادات النقابية والزج بهم في السجن ثم تم تكوين اتحاد عام للعمال عام 1930 برئاسة النبيــل عباس حلمي أحد أفراد أسرة محمد علي.. وقد جرده القصر الملكي من لقبه وسحب منه جميع امتيازات أفراد الأسرة المالكة إلا أن إسماعيل صدقي رئيس الوزراء آنذاك أغلق دار الاتحاد في عام واحد. أول قانون للنقابات في عام 1942 أصدر البرلمان المصري بعد جلسات عاصفة أول قانون يعترف بالنقابات العمالية في مصر إلا أنه كان يشترط تسجيل النقابات في مصلحة العمل قبل بدء نشاطها وقد أطلق عليه العمال قانون تقييد الحريات النقابية وكان هذا القانون يسهل للحكومة معرفة عدد النقابات ومقاراتها وأعضائها.. وهو ما يعد نوعا من الوصاية علي الحركة النقابية والتي بلغ عدد النقابات التي تم تسجيلها في ذلك الوقت 190 نقابة كان أولها نقابة البنوك برئاسة حسن عباس زكي الذي أصبح فيما بعد وزيرا للاقتصاد. اتحاد مهني زاد عدد النقابات في عام 1952 حتي أصبح 568 نقابة وعقدت النقابات العمالية هيئة تأسيسية لقيام الاتحاد العام لنقابات عمال مصر وقد تحدد يوم 26 يناير 1952 موعدا للاجتماع واختيار أعضاء الاتحاد ولكن اندلاع حريق القاهرة في نفس اليوم حال دون ذلك فتأجل الاجتماع إلي أجل غير مسمي وظلت النقابات العامة في تزايد خاصة وأن القانون لم يشترط أي قيود علي قيام النقابة حيث كانت معظم هذه النقابات صغيرة وعدد أعضائها لا يتجاوز الخمسين وكونت في عام 1956 معظمها اتحادات مهيئة وصل عددها إلي 17 اتحادا مهنيا. إعلان تأسيس الاتحاد يعتبر يوم 30 يناير 1957 يوماً تاريخيا في مسيرة الحركة العمالية المصرية بعد إعلان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن تأسيس اتحاد عام لعمال مصر من أجل الدفاع عن حقوق العمال من خلال ممارسة ديمقراطية وتنظيمات نقابية حرة وتضامن دولي فقد اجتمع 101 قائد نقابي يوم الأربعاء 30 يناير 1957 بناء علي دعوة وجهها أنور سلامة بصفته رئيسا للجنة التحضريرية لانتخابات مجلس إدارة الاتحاد يمثل المجتمعون 17 نقابة واتحادا مهنيا تضم في عضويتها 242485 نقابياً. أهداف الاتحاد وبعد انتخاب 17 عضوا بما فيهم رئيس الاتحاد تم الإعلان عن أهداف اتحاد عمال مصر تضمنت نشر مبادئ الاشتراكية وتكوين المواطن الصالح والإسهام في بناء المجتمع الاشتراكي العربي والإسهام في التطوير الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ورفع الكفاية الانتاجية للعاملين بالاضافة إلي تكوين قيادة نقابية وطنية مدربة وتوجيه الحركة العمالية في مصر توجيها صحيحا لتحقيق الكفاية والعدل وأيضا من النقابات الأعضاء في الاتحاد بما تحتاجه من معونات وتنظيم التعاون الفعلي والتضامن الاجتماعي وكذلك رعاية المصالح المشتركة للعاملين والعمل علي رفع مستوي معيشتهم عن طريق تدعيم نظم التأمينات العمالية وصيانة المكاسب العمالية في ظل الثورة وتمثيل عمال مصر في المجال النقابي الدولي وتم وضع لائحة أساسية للاتحاد علي أن الهدف من قيامه تحقيق الغايات السامية. رؤساء الاتحاد اختيار أنور سلامة رئيسا لاتحاد عمال مصر في 30 يناير 1957 والذي تولي بعد ذلك وزارة العمل كأول نقابي في مصر كما تم اختياره في عام 1961 لمدة عام واحد ثم تم انتخاب أحمد فهيم عام 1962 الذي انتخب مرة أخري رئيسا للاتحاد ثم عبداللطيف بلطية ثم صلاح الدين غريب ثم جاء النقابي سعد محمد أحمد والذي ترأس الدورة السابعة والثامنة ثم تقدم باستقالته وتم تكليف مختار عبدالحميد والذي كان يشغل منصب نائب الاتحاد حين ذاك وكانت دورة أحمد العماوي في عام 1987 والدورة التي تليها ثم جاء السعيد راشد حتي أقالته وتم ترشيح رئيس الاتحاد الحالي حسين مجاور. غياب خمسين عاماً. علي مدار خمسين عاماً كان الاتحاد في غياب تام باستثناء الحقية الناصرية التي توافق مطالب العمال مع مطالب النظام وبعدها أصبح الاتحاد جزءا لا يتجزء من النظام والدليل علي ذلك أوراق القضية رقم 90/4 سنة 1986 قسم الأزبكية ضد 37 عاملا من عمال السكة الحديد الذين أضربوا عن العمل وبالاطلاع علي أوراق القضية غاب اتحاد العمال وكذلك اللجنة النقابية أما أوراق الدعوي رقم 20 لسنة 17ق والمقامة من النيابة الإدارية ضد 17 عاملا من عمال سجاد المحلة الذين نظموا إضراباً عاماً عن العمل غاب ممثلو الاتحاد واللجنة النقابية والغريب في الأمر أن القضيتين حكم فيهما بالبراءة لجيمع المتهمين. يذكر كمال واصف الأمين المساعد للعمال في حزب التجمع أن نظام عبدالناصر قد سبق الاتحاد في تحقيق مطالب ومكاسب العمال منها تحديد ساعات العمل والحد الأدني للأجور وكذلك التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي بالاضافة إلي عدم الفصل التعسفي واعطي ضمانات للحركة النقابية منها حرية النقابة وعدم التعرض لها خلال العمل النقابي وهذه القرارات الوطنية كانت تتسم مع طبيعة تشكيل اتحاد العمال. ويضيف واصف أما الأن القضية تختلف نظراً لوجود قرارات مؤثرة من الحكومة بعد الانتقال إلي السياسة الرأسمالية وأصبح الأمر مختلفا فإن الاتحاد أصبحت عليه أعباء في ظل انسحاب الدولة من نشاطه والدفاع عن الطبقة العاملة جعل الاتحاد عليه مسئوليات بالغة الخطورة والحساسية يتحمل مسئوليته ليواجه المخاطر التي تصيب الطبقة العاملة نتيجة تطبيق النظام الرأسمالي وفساد الإدارة في مصر ويحسب علي اتحاد العمال والنقابات العمالية أن تتنبه إلي أن هذه الاعتصامات والإضرابات التي تشهدها حالياً تحدث في مواجهة النقابات والإدارة وبالتالي فإن الأمر يحتاج إلي إعادة النظر في هذا الذي يحدث والوصول إلي أسبابه الحقيقية التي تجعل العمال يواجهون لجانهم النقابية التي من المفترض أن تدافع عنهم بالاضافة إلي إعادة التطرف في قانون النقابات بم يتواءم مع المرحلة الحالية. هيمنة الدولة ويطرح عبدالعظيم المغربي الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب المشكلة الرئيسية التي تواجه الجميع سواء أكانوا سياسيين أو نقابيين هي عدم وجود ديمقراطية حقيقية الأمر الذي ساعد علي هيمنة الدولة علي المؤسسات وبدلاً من أن يديرها الأعضاء تديرها الدولة لخدمة أهدافها. ويضيف المغربي أن التشريع الذي وصل لحد المنع من الترشيح لخوض الانتخابات النقابية حتي يحول من انتخاب هذه القيادات المستقلة وقد تم ذلك في دورة 1973 ومن بعدها دورة 1975 واستعادت الدولة عبر أجهزتها الهيمنة من جديد علي اتحاد العمال والتنظيم النقابي إلي الحد الذي أصبحنا نري حركات الاحتجاجات العمالية تم أولا في مواجهة القيادات النقابية قبل أن تواجه الدولة وأصحاب الأعمال. تجاوزات السنين ويؤكد عبدالغفار شكر عضو المكتب السياسي لحزب التجمع والمتحدث الرسمي للتحالف الاشتراكي: أن اتحاد عمال مصر منذ إنشائه بقرار الحكومة وقرار إنشائه أن يكون الممثل الوحيد للعمال وبالتالي كان هناك دائما فيما يتصل بتمثيل هذا التنظيم النقابي للعمال وبشكل حقيقي وكانت وبصفة دائمة أزدواجية في مواقف النقابات النقابية ما بين الولاء للحكومة والتغير عن مصالح العمال حيث كان اتحاد العمال دائما مراعيا للتوجهات الحكومية وكثيراً ما كانت تنسي مشاكل تعبر عن مصالح العمال في أوقات الإضرابات العمالية الكبري والتي تتلخص في أربع وقائع كبري فترة المظاهرات العمالية عام 1968 للمطالبة والتعبير. ويؤكد شكر أن في هذه المظاهرات كان عبداللطيف بلطية أحد قيادات الاتحاد الاشتراكي يواجه الحركة العمالية باسم الحكومة وفي الفترة من عام 1972 إلي عام 1977 كانت هناك تحركات عمالية واسعة النطاق له مطالب اقتصادية واجتماعية وسياسية لم يتجاوب معها اتحاد عمال مصر وشهدت اعتصاماً بالاضافة إلي 3 إضرابات عمالية أكبرهم إضراب عمال السكة الحديد وكان الاتحاد يقف ضد العمال. ويضيف شكر أن الإضرابات العمالية الأخيرة والتي كانت في مواقع عمالية عديدة واجه العمال في تلك الإضرابات اتهامات بأنهم عناصر خارجة عن التنظيم وأن الاتحاد دائما يذكر أنه ليس هناك مشكلة حقيقية دفعت هؤلاء العمال إلي الإضرابات بالاضافة إلي أنه كلما كانت هناك تدخلات من الجهات الحكومية والأمنية في انتخابت النقابات العمالية ابتعد التنظيم عن التعبير عن مصالح العمال والالتزام أكثر بمواقف الحكومة الأمر الذي يساعد علي توسيع الفجوة بين الاتحاد والعمال. ويؤكد شكر أن حل هذه المشكلة لا يتطلب بالضرورة التعددية النقابية بشرط أساسي هو حرية انتخابات النقابات العمالية دون تدخل من الإدارة ويري أن القانون 35 لسنة 1976 وتعديلاته التي جرت عليه تسهل استيلاء ارستقراطية عمالية علي النقابات بأكثر من وسيلة علي سبيل المثال أعطي مجلس إدارة النقابات العامة والاتحاد عضوية الجمعية العمومية للنقابة العامة دون المرور بانتخابات اللجنة النقابية مما يعفيهم من رقابة العمال عليهم بالاضافة إلي أن القيادات العمالية الموجودة حالياً تجاوزت سن الـ60 وتربطهم عقود عمل مؤقتة تقوم الحكومة بتحريرها لهم لتمكنهم من الاستمرار في قيادات التنظيم النقابي. توتر ويتساءل خالد علي عمر المحامي أن كيفية احتفال الرئيس مبارك بعيد العمال في ظل هذا التوتر الحالي مؤكداً أن المقاومة العمالية لم تتوقف لحظة واحدة منذ بداية سياسات الخصخصة، فقد قام العمال بـ266 احتجاجا عام 2004 و202 احتجاج في عام 2005و 222 احتجاجا عام 2006 الأمر الذي يعكس سخط العمال من أحوالهم المعيشية. وكشف خالد علي المحامي العمالي عن حقيقة هذه الأزمة التي تتلخص في غياب اتحاد العمال بسبب عدم وجود ممثلين حقيقيين للعمال في هذا الاتحاد حيث تجري انتخاباته بصورة خطيرة يلعب فيها التزوير دورا مهما وبدون إشراف قضائي مخالفة المادة 41 من القانون رقم 35 لسنة 1976 التي تنص علي ضرورة إشراف لجان يرأسها أعضاء من الهيئات القضائية بدرجة قاضي أو ما يعادلها علي الأقل يرشحهم وزير العدل بناء علي طلب الوزير المختص وأكد خالد علي المحامي علي صدور عشرات الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الإداري بتزوير وبطلان انتخابات النقابات العمالية عن الدورتين السابقتين وسيطرة الحزب الحاكم عليها!!! ويشير خالد علي المحامي أن اللجنة التنسيقية للعمال أكدت في كل بياناتها عن تضامنها مع كل التحركات العمالية ونددت بدور الاتحاد السلبي وسيطرة الحزب الحاكم عليه، وتحكم أجهزة الأمن في سياساته. وتؤكد «الأهالي» علي سيطرت الحكومة علي الاتحاد منذ تأسيسه في يناير 1957 وحتي الآن، واعترفت قياداته أكثر من مرة بهذا التداخل مع الدولة لتخليص مصالح العمال. قبل الدخول في الموضوع من المهم أن نعرف إن التنظيم النقابي يضم أضخم عضوية علي مستوي المجتمع بالمقارنة مع الأحزاب أو النقابات العمالية الأخري إذ يضم 4 ملايين عضو وذلك خلال بناء تنظيمي ضخم يضم 1745 لجنة نقابية يقودها 21 ألف قيادة نقابية وهذه اللجان تتبع 23 نقابة فضلا عن وجود 17 اتحادا محليا علي مستوي المحافظات، كما أن التنظيم النقابي يضم إمكانات مادية هائلة من بنوك وقري سياحية وجامعات عمالية ومعاهد تدريب ومدن سكنية، واشتراكات عضوية تبلع 50 مليون جنيه بخلاف دعم الدولة والتمويل الأجنبي. قبضة الحكومة . حمدي حسين النقابي بشركة الدلتا للغزل والنسيج يقول : إنه تمت السيطرة علي هذه النقابات من أعلي ومصادرتها من أسفل إذ جري - بقوة التشريع - تجريد المنظمات القاعدية في التنظيم النقابي - نقابات المصانع - من جميع الوظائف النقابية المتعارف عليها، فلم يعد من سلطتها أن تتولي المفاوضة الجماعية إلا تحت وصاية النقابة العامة، أو إبرام الاتفاقيات الخاصة بالعمل الجماعي »عقود العمل المشترك«، أو تقرير الإضرابات أو رفع الدعاوي أمام المحاكم، أو إعداد مشروعات صناديق الزمالة أو الادخار والجمعيات التعاونية، أي أن نقابات المصانع أصبحت منظمات بلا سلطة أو فاعلية!!. بيروقراطية القيادات ويضيف حسين علي خلاف ذلك جري تركيز السلطة النقابية في يد المستويات العليا للتنظيم النقابي حيث البيروقراطية النقابية المتواطئة مع الدولة، وتم خلق وتطويع هذه البيروقراطية عبر حلقات متتابعة منذ عام 1952، بدأت بالإطاحة بالهيئة التأسيسية لاتحاد العمال التي كانت تسعي إلي إعلان اتحاد عام للنقابات مستقل، تلا ذلك تطهير النقابات من اليساريين، واستئناس القيادات النقابية الأخري في إطار تنظيمات عمالية أنشأتها السلطة داخل هيئة التحرير حيث أنشئ مكتب العمال، ثم نادي العمال تحت إشراف مسئول العمال بوزارة الداخلية، كما تم إنشاء الروابط العمالية داخل الاتحاد القومي فيما بعد، وكانت كلها تضم النقابيين الذين اختبر ولاؤهم للسلطة والجاري إعدادهم لتولي قيادة التنظيم النقابي، ومن بين هؤلاء القادة النقابيين، ذوي الولاء المطلق للنظام ، تم تشكيل الاتحاد العام للنقابات في يناير 1957 دون انتخاب، وبدون تمثيل نصف عضوية النقابات العمالية آنذاك!!. لمواجهة نفاذ العناصر الموالية للعمال إلي مراكز القيادة في التنظيم النقابي صدر القرار الجمهوري رقم 8 لسنة 1958 الذي اشترط للترشيح للنقابات عضوية الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي، ثم جري تركيز النقابات العامة في 59 نقابة إلي أن وصلت الآن إلي 23 نقابة عامة فقط حتي يسهل السيطرة عليها من جانب الدولة!! ويري سيد أبو زيد - المحامي العمالي المعروف - : أن استقلال اتحاد نقابات العمال عن الحكومة لن يحدث إلا بانتخابات حقيقية في اللجان النقابية العمالية الأمر الذي يتطلب إشرافا قضائيا علي تلك العملية مؤكدا أنه في دورة 91/95 لم تحدث انتخابات حيث فازت بالتزكية 540 لجنة بل إنه جري حل 84 لجنة نقابية بالقاهرة وحدها لعدم استكمال الحد الأدني من المرشحين بسبب فقدان الثقة في العملية الانتخابية، وفي دورة 2001/2006 زاد عدد اللجان النقابية التي تشكلت بالتزكية دون إجراء انتخابات إلي 43% بواقع 750 لجنة من 1745 لجنة هي عدد لجان التنظيم النقابي كله، وفازت بالتزكية 17 نقابة من بين 23 نقابة عامة، ولم يتشكل اتحاد العمال بالانتخاب منذ سنوات طويلة. ثم يعاود سيد أبو زيد المحامي ليؤكد أنه لا يتوقع تشريعات حقيقية تعبر عن مصالح العمال خلال الدورة البرلمانية الحالية في ظل سياسات الحكم والإخوان ووصفهما بأعداء العمال.ويري سيد أبو زيد المحامي أن الحل الوحيد هو استقلالية اتحاد العمال وأن يسرع في إجراء تعديلات عاجلة في التشريعات الحالية تعطي للعامل الحق في الإضراب وحل منازعات العمال في أسرع وقت بدلا من الروتين الموجود داخل اللجان الخماسية، ومواجهة كل الشعارات الرنانة وغير الواضحة التي يرفعها الحكم والإخوان. الحريات النقابية أحمد الصياد - وهو أحد مؤسسي اللجنة التنسيقية للدفاع عن حقوق وحريات العمال - ذكر أن استقلال اتحاد العمال عن الدولة يكمن في عدد من النقاط: أولاً وجود حريات نقابية وانتخابات حقيقية من القاعدة حتي القمة ثانيا : ضم عمال القطاع الخاص إلي التنظيم النقابي حيث اعترف أحمد العماوي وزير القوي العاملة السابق بوجود 10 ملايين عامل من عمال القطاع الخاص بلا نقابات. ثالثاً: عودة الدور الحيوي للجان النقابية وإعطائها الحق في طرح وجهة نظرها حول قيود العمل وعمليات الفصل التعسفي وأن تمتلك قوة المفاوضة ورفع دعاوي قضائية وعدم انحصار دورها في دور البوسطجي بالمشاركة في عزاء أو زيارة مريض. رابعا: استقلالية الجمعيات العمومية وتكريس الحريات النقابية. شواهد ومطالب كل الشواهد إذن تؤكد أن اتحاد العمال كان فريسة سهلة في قبضة الدولة والتي نجحت في السيطرة عليه وإعطائه طابع عدم الاستقرار فاللجان النقابية تناقص عددها علي يد النظام الحاكم وسياساته إلي 1745 لجنة نقابية بدلا من 5778 في دورة 64/74!! وكان التنظيم النقابي دائما رهن إرادة الحكومة ويكفي أن نعرف أنه في عام 1971 صدر قرار حكومي بإلغاء اللجان النقابية للعاملين بالمصانع الحربية ووزارة الحربية، وكانت تضم 17 ألف عامل ونقابتين عامتين، واستمرار هذا الإلغاء 5 سنوات كاملة، بل إن الحكومة عام 71 قامت أيضا بحل التنظيم النقابي لأسباب سياسية وتعيين حراس عليه ليستمر بعد ذلك في قبضة الحكم كأداة سياسية وتحقيق مصالح شخصية الأمر الذي يتطلب الآن فصل الاتحاد عن الحكومة وإطلاق حق الإضراب دون قيود تعسفية وكذا حقوق الاجتماع والتظاهر والاعتصام وحرية العامل في إصدار الصحف والمطبوعات والنشرات المصنعية، وحرية إنشاء النقابات، وتحريم تدخل الدولة في شئون النقابات، واستعادة نقابة المصنع لشخصيتها الاعتبارية، وضمان حرية الانتخابات النقابية ونزاهتها وإخضاعها للإشراف القضائي الكامل الذي يشمل عمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج وإبعاد وزارة العمل وأجهزة الأمن عن التدخل في هذه العملية .. بهذه التوصيات فقط يمكن أن يكون لدينا اتحاد عمال مستقل يواجه خطر المرحلة المقبلة.
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امريكا تبحث عن -عملاء- من الجماعات الاسلامية فى مصر والشرق ا
...
-
!!! ماما أمريكا
-
محمود منصور ... السياسات الحالية أزهقت روح التعاونيات لصالح
...
-
حكاية بنك الفقراء فى مصر
-
الفنان محسن شعلان... هل تستشرف كبد المستقبل ؟
-
لا تضرب المرأة ولو بزهرة
-
معلومات سرية جدا : تفاصيل خطة جمال مبارك وملياردير مصرى ورمو
...
-
معلومات مهمة وجديدة عن التحالف الاشتراكى المصرى
-
يا عمال مصر إنتبهوا
-
لجنة السياسات تهدد مصر
-
عائشة ومجاور وعاكف ... ثلاثى أضواء أتحاد العمال المصرى
-
تبرعوا للشعب الفلسطينى المناضل
-
أنا .. والحوار المتمدن.. وأمنة العاوور
-
جحا – والحمار – وعيد العمال
-
كلمة السر : حبيبتى
-
عن العمال سألونى ... وأنا فى الحق لا أسكت
-
قول عايز بيتشو
-
إنفلونزا الفساد والإحتكار فى مصر
-
كيف يخرج إتحاد نقابات عمال مصر من جلباب الحكومة ؟
-
الكذابون فى الحزب الحاكم
المزيد.....
-
السيد الحوثي: الامريكي منذ اليوم الاول بنى كيانه على الاجرام
...
-
السيد الحوثي: السجل الاجرامي الامريكي واسع جدا وليس لغيره مث
...
-
Greece: Great Strike Action all Over Greece November 20
-
25 November, International Day for the Elimination of Violen
...
-
25 تشرين الثاني، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
-
استلم 200000 دينار في حسابك الان.. هام للموظفين والمتقاعدين
...
-
هل تم صرف رواتب موظفي العراق؟.. وزارة المالية تُجيب
-
متى صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر 2024 وطريقة الإستعلام ع
...
-
استعد وجهز محفظتك من دلوقتي “كم يوم باقي على صرف رواتب الموظ
...
-
-فولكسفاغن-.. العاملون يتخلون عن جزء من الراتب لتجنب الإغلاق
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|