صحيفة الصباح البغدادية تحاور الرفيق حميد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
( العدد 46 وبتاريخ الاحد 24 آب 2003)
حميد موسى:
على سلطات الائتلاف مهمات ومسؤوليات تجاه الشعب العراقي يجب ان تؤديها
الباب مفتوح لتوسيع مجلس الحكم وترك عناصر المخابرات تعبث بالامن خطأ جسيم
_______________________________________________________
بغداد- إسماعيل زاير- محمد عبد الخالق:
الحزب الشيوعي العراقي تاريخ حافل ولكنه مؤلم فقد نكل البعثيون باعضاء هذا الحزب منذ عام 1963 الى سقوط صدام اشد تنكيل فبين الاعدامات والمنافي عاش اعضاء هذا الحزب ثلاثين عاما وهم يرون بلدهم في ايدي المجرمين واللصوص. ولكن الآن زالت هذه الطغمة الفاجرة من على رقاب الشعب العراقي، وعاد الحزب الشيوعي إلى ممارسة دوره في عملية انتشال العراق من واقعه المرير الى المستقبل الافضل.
"الصباح" التقت السيد حميد مجيد موسى السكرتير العام للحزب الشيوعي الذي تحدث بصراحة.
توحي بأن الحزب جاء ليخدم العراقيين والعراقيين فحسب بعيدا عن المزايدة على الوطنية والعراقية. فكان حوار بقلب مفتوح وهذا نصه.
* ما التأثيرات السياسية والدلالات الواقعية على الملف السياسي في الوقت الحاضر التي احدثها حادث تفجير مقر الامم المتحدة؟
- لقد افرز الحادث نتائج خطيرة، فالمتضرر الاول من الحادث هي الامم المتحدة ودورها في العراق. والخسارة الكبيرة في فقدان الشهيد السيد سيرجي دي ميلو، وهو شخصية مرموقة وهو شخص بارع ومثقف متعدد السمات الطيبة وانسان بكل معنى الكلمة وتعامل مع القضية العراقية وكأنها قضيته الخاصة. لذلك فخسارتة مؤلمة للجميع. كما يؤشر هذا الحادث ان قضية الامن واستقراره مازالت تحتل الاولوية في القضايا التي تستحق البحث والاستقصاء.
* ما حدود مسؤولية مجلس الحكم في الجانب الامني؟
- مسؤولية الامن هي مسؤولية قوات التحالف على وفق القرارات الدولية وعلى وفق الواقع الذي اقره مجلس الامن الدولي بحسب قراره "1384" وهذا القرار يحمل القوة المحتلة مسؤولية حفظ الامن. وهكذا ترتبت على قوات التحالف التزامات بهذا الشأن. فمن باب اولى ان تولي هذه القوات اهتماما خاصا واستثنائيا في هذا المجال . وباعتقادي ان قضية الامن ليس لها جانب عسكري واستعراضات قوة فقط لانها اوسع من الترتيبات العسكرية فهي قضية ذات ابعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، ومع الاسف يجري التركيز على الجانب العسكري فقط. نحن نحتاج الى جملة من الاجراءات منها اعتماد اكبر على العراقيين لادارة شؤون امنهم واعادة بعض المسميات على وفق اسس سليمة، لكي يحتل ابناء البلد دورهم المباشر في عملية استقرار الامن والقيام باعمال الشرطة الحقيقة. لأنهم الادرى والاعرف بشؤون بلدهم. وبتحركات المتورطين بجرائم وعلاقاتهم ووضع الحلول للقضاء عليهم. فأبناء البلد هم الادرى بأحوال بلدهم واحتياجاته وفهم نفسية ابناءه.
* هل تعتقد ان هناك اجراءات كان يجب ان تتخذها قوات التحالف في هذا المجال؟
- اعتقد ان هناك خطأ جسيما ارتكب، وهو ترك المجرمين المسؤلين عن التنفيذ لسياسات النظام السابق القمعية، احرارا يسرحون ويمرحون وهم يملكون الخبرة والمعرفة والمال والكثير من رصد النظام السابق ليعبثوا بامن البلد، وكذلك ليعيدوا تنظيم صفوفهم من دون ان تطالهم يد التحالف عن الجرائم السابقة وما يقومون به الان من مد لجسور التعاون مع المنظمات والجهات الارهابية التي تسعى الى عدم استقرار العراق خدمة لاهدافها الدنيئة.
* هل ان امر القاء القبض على هؤلاء المجرمين صعب لهذه الدرجة؟
- القضية ليست مستعصية والتحدي يجب ان نقبله، ولكن على القوى الطامحة والساعية لاستقرار العراق واعادة الاوضاع الى الحالة الطبيعية ان تتضافر جهودها لمنع هؤلاء من السير قدما في اعمالهم تلافيا لحوادث تهدد عودة الامن والاستقرار للعراق،
* اذا ترك الكثير من التيارات البعثية والمخابراتية كان خطأ يجب معالجته؟
- نعم هنك مجرمون من هذه التيارات لهم ممارسات سابقة في تفخيخ السيارات لمحاربة الجيران ويمتلكون اجهزة فنية وامكانيات وهم حاقدون على العراق ويخشون استقرار الاوضاع لان ذالك يؤدي الى محاكمتهم وتقديمهم للعدالة لهذا فهم يحاولون بكل الوسائل وضع العصا في عجلة الاستقرار في العراق. لذلك يجب ان يعتقلوا وان ينالوا جزاءهم العادل.
* ولكن هناك بعض عناصر هذه التيارات ليسو مجرمين؟
- نحن لا نخلط بين المجرم والبريء الذين نتحدث عنهم قد احترفوا القمع وكرسوا حياتهم لقتل الناس، هؤلاء يجب ان يكونوا تحت طائلة القانون بأسرع ما يمكن
* ما موقف السيد بول بريمر وسلطة التحالف من هذه الاراء؟
- نحن في مجلس الحكم نطرح هذه الافكار على تقديم كل ما ينفع هذه المهمة وفقا لصلاحيات مجلس الحكم. اما السيد بريمر وسلطة الائتلاف فالامر متروك لهم فعليهم مهمات ومسؤوليات تجاه الشعب العراقي ويجب ان يؤديها.
* الا تعتقد ان على مجلس الحكم ان يطور اليات جديدة في هذا المجال؟
- نعم على مجلس الحكم ان يوصل دراساته ومناقشاته واهتماماته، وهناك مقترحات كبيرة ووجهات نظر قدمتها اللجنة الامنية في المجلس، وقدمت هذه اللجنة توصيات تبناها المجلس ويسعى تنفيذها وفي مقدمة هذه التوجيهات الاعتماد على العراقيين واعادة بناء اجهزة الشرطة على وفق اسس جديدة تراعي حقوق الانسان بعيدا عن القمع والارهاب.
* هذا من الناحية العسكرية ما هي الاجراءات في الجوانب الاخرى لغرض الوصول الى استتباب الحالة الأمنية؟
- نعم هناك اجراءات تصب في هذا المجرى منها اقتصادية مثل دفع الرواتب، وتشغيل العاطلين، واعادة الحياة للمؤسسات الخدمية والانتاجية والسعي لتأمين الماء والكهرباء.. والعمل السياسي والاعلامي والاجتماعي بين الناس فجبهة الاعلام تحتل اهمية خاصة لابلاغ الناس بالحقائق وفضح الاكاذيب والتي اصبحت بضاعة رائجة لبعض القنوات الاعلامية واستعمالها للتحريض على الجريمة والقتل والفوضى.
* على ذكر الجانب الاعلامي الا تعتقدون انكم بعيدون عن الشارع العراقي اعلاميا؟
- هذه الملاحظة وارادة على الرغم من ان اعضاء مجلس الحكم هم رؤساء احزاب وعلى اتصال بجماهيرهم. ونحن نحتاج الى عمل اكبر للوصول الى الشارع العراقي اعلاميا. وهذا النقد مقبول لكون اعلامنا ضعيفا ويحتاج الى المزيد من الجهد ونحن نبحث عن وسائل اكثر عملية للاتصال بالجماهير. واقول للحقيقة ان ضعف وجودنا في الاعلام العراقي ليس تعاليا كما يجب علينا ان نفيد من الفضائيات العربية. ونحن نهاجم الفضائيات التي لاتخدم الشعب العراقي فهناك فضائيات تفرد مساحات بث واسعة لازلام النظام السابق بسب عدم حياديتها وهذا امر غير مقبول ابدا لانه يحرض على العنف. نحن مع النقد البناء والرأي الاخر، على ان تكون الفرص متكافئة لكلا الطرفين بعيدا عن الاثارة الرخيصة.
* هل هناك توجيهات في مجلس الحكم لدعم الاعلام العراقي؟
- اعتقد ان جميع اعضاء مجلس الحكم يتجهون الى خدمة الاعلام العراقي، وهناك قرارات ستصدر عن المجلس تصب في خدمه الاعلام العراقي ودعمه.
* التشكيل الوزاري ما زال يراوح في مكانه من حيث اعلانه ما الاسباب؟
- هناك اسباب كثيرة في تأخر اعلان التشكيل الوزاري منها سفر وفد مجلس الحكم الى الدول العربية وكذلك عملية الاختيار بين المرشحين تخضع الى تمحيص وفحص دقيقتين لغرض تولي اشخاص أكفاء للحقائب الوزارية.
* الا تعتقد ان الاوان قد حان للاسراع بعملية تسمية الوزراء لاسيما بعد حادث تفجير الامم المتحدة؟
- نعم لقد ان الاوان لتسمية الوزراء واعتقد ان الوضع الحالي لا يسمح باي تاخير، لان المجلس يحتاج الى هيئة تنفيذية كي تترجم قرارات المجلس وتوصياته الى واقع ملموس ويحدوني الامل في الوصول الى الانتهاء من هذه التسمية في غضون هذا الاسبوع كأقصى حد.
* اللجان التي عينها المجلس، اين وصلت في اعمالها؟
- سبق وان تحدثنا عن اللجنة الامنية، اما ما يخص بقية اللجان فهي تعمل بصورة دؤوبة من اجل الوصول الى اهدافها المرسومة فمثلا لجنة ايجاد الفرص للعاطلين عن العمل بدأت خطوات كبيرة وستشهد قادم الايام توفير "300" الف فرصة عمل تخصيص الميزانية المقرر لهذاه اللجنة والبالغة "20" مليون دولار.
* لجنة وضع الية التحضير للمؤتمر الدستوري ما الخطوات التي قطعتها هذه اللجنة؟
- بدأت اللجنة خطواتها العلمية بتسمية رئيس لها ونائبين وستقوم اللجنة بايفاد اعضاءها الى جميع محافظات العراق من اجل التعرف على ادق التفاصيل والمعلومات عن الاشخاص الذين سيتم دعوتهم لعقد المؤتمر الدستوري. وعمل هذه اللجنة سيكون مستقلا تماما وبعيدا عن تأثيرات مجلس الحكم على الرغم من انه قد عينها.
* تعيين هذه اللجنة اثار بعض التقولات هنا وهناك ما ردكم على هذه التقولات؟
- هذه اللجنة تضم شخصيات يمتلكون الخبرة والكفاءة في المجال الدستوري وهي طيف لطيف واسع يضم جميع شرائح المجتمع العراقي
* هل تعتقد ان الصلاحيات الممنوحة لمجلس الحكم تمكنكم من الوصول الى الاهداف التي يرجوها الشعب العراقي؟
- نحن نعرف صلاحيات مجلسنا ونعمل على وفق هذه الصلاحيات بعيدا عن المزايدة بمشاعر الشعب العراقي.
* ماذا تقصد في ذلك؟
- نحن لنا صلاحيات لها حدود نعمل على وفقها بعيدا عن ما يثير الاعلام من تقولات بعيدة عن الحقيقة فصلاحيات المجلس تمكنه من العمل في المدة الحالية ونحن نسعى لتوسيعها تماشيا مع المستجدات.
* ضمن حدود صلاحيتكم ماذا انجزتم من اعمال؟
- بدأنا بالكهرباء وسنعمل على ايصالها الى ما كانت عليه قبل الحرب في غضون اقل من شهرين ومن ثم الصعود بطاقة الانتاجية الى ما يعادل "6000" ميكاواط في تموز من السنة المقبلة "2004" كذلك قمنا بتهيئة جميع مستلزمات العام الدراسي المقبل من حيث استكمال الملاك التعليمي وترميم اكثر من "1000" مدرسة وبناء عدد كبير من المدارس الجديدة وطبع الكتب المدرسية الجديدة لتوزيعها على طلبتنا الاعزاء، كذلك رفع مستوى رواتب الهيئات التدريسية والتعليمة ومحاولة الغاء القرارات الجائرة للنظام السابق التي ادت الى تدهور العملية التربوية والتعليمية في العراق.
* هناك اخبار عن احتمالية توسيع مجلس الحكم، ما مدى مصداقية هذه الأخبار؟
- المجلس ليس مغلقا وتوسيع المجلس يجب أن يتم عن طريق التحاور ووجود الحاجة الفعلية لتوسيع المجلس.
أما متى يحدث هذا التوسع فهو أمر يحتاج الى اجراءات وحوارات، ونحن فتحنا باب الحوارات في المجلس مع بعض الشخصيات والتيارات الحزبية. وان ما يترتب من نتائج تخرج من هذه الحوارات يمكن أن توصلنا الى مقترحات ملموسة بشأن عملية توسيع "مجلس الحكم" علما أن مجلس الحكم يضم بين أعضائه طيفا واسعا من الشعب العراقي، وان كان لا يمثل جميع أطياف المجتمع العراقي.
* ما نتائج زيارة وفد مجلس الحكم الى بعض الدول العربية، وكيف تقيمونها؟
- لقد حقق الوفد نتائج جيدة خلال جولته التي ما زالت جارية من ناحيةتوضيح صورة "مجلس الحكم" التي حاول بعض الأعلاميين تشويهها. لقد كان مقررا لهذه الزيارة ان تشمل ثلاث دول ولكنها توسعت وشملت دولا اخرى. فهناك دعوات من مصر والسعودية والاردن وهي دعوات رسمية بأعتبار أن مجلس الحكم يمثل العراق في هذه المرحلةوكذلك وصلتنا دعوات من إيران وتركيا، وفي الطريق دعوات من بعض الدول الأوربية والأسيوية.
وجاءت هذه الدعوات بعد أن تفهم مسؤولو تلك الدول موقف مجلس الحكم وكذلك على خلفية قرار مجلس الأمن الدولي المرقم "1500" الذي رحب بتشكيل "مجلس الحكم" وكذلك تأكيد الأمم المتحدة أن المجلس هو الجهة الوحيدة التي تمثل العراق داخليا وخارجياً.
وهنا لابد أن اشير الى الدور الكبير الذي بذله الشهيد سيرجيو دي ميلو في ايصال الصورة الحقيقية " لمجلس الحكم" الى الدول العربية والأجنبية وما قام بهمن جهد جبار في تشكيله ومحاولاته الجادة في ايجاد صورة من التقارب بين المجلس والدول العربية وكذلك محاولاته في الأسراع بعملية التحول الديموقراطي في العراق والانتهاء السريع من كتابة دستور عراقي يضمن حقوق جميع العراقيين.
* كلمة أخيرة توجهها من خلال "الصباح"؟
- أتمنى ان يوفق مجلس الحكم في نقل العراقيين من الحال المأساوية التي كانوا عليها الى حال أفضل في ظل احترام حقوق الانسان والعدالة والرفاهية، وكذلك أتمنى كل النجاح لــ "الصباح" والموفقية لجميع العاملين فيها.