الاول من ايار يوم العمال والبشرية العالمي

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:05
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

يتميز عصرنا ، عصر العولمة الراسمالية عن باقي مراحل الراسمالية السابقة بتعمق كل تناقضات الراسمالية وفي مقدمتها التناقض بين العمل وراس المال من خلال تعميق وتطويرها الاستغلال الطبقي، الذي اقتصر في مرحلتها الاولى على استغلال الطبقة العاملة. وشمل في المرحلة الامبريالية شعوب المستعمرات، ليبلغ في يومنا هذا مرحلة استغلال البشرية . ومن خلال ذلك التطور، تطور وعي الطبقة العاملة ووسائل واساليب كفاحها ضد الاستغلال الطبقي وتطورت افكارها وتنظيماتها المهنية والسياسية . وكان الوعي النقابي والتنظيم النقابي والاضراب عن العمل اول اشكال التنظيم والوعي والكفاح الطبقي. ومع تطور الراسمالية طورت وسائل واساليب استغلالها الى جانب تطوير وسائل واساليب مكافحة وعي وتنظيم وكفاح الطبقة العاملة . وظهرت مختلف اشكال النظريات التي تتبنى تحرير البشرية من الاستغلال الطبقي دون ادراك الاساس المادي الذي تقوم عليه وهو: الملكية الخاصة لوسائل الانتاج اولا ودون ادراك الاساليب والوسائل لتحقيق ذلك. فكان لابد من ظهور الماركسية لتسلح الطبقة العاملة بالنظرية التي تنير السبيل لتحريرها من الاستغلال الطبقي وتقوم ليس على الاساس المادي فقط بل على الاساس المادي الديالكتيكي أي القائم على الحركة والتطور المستمرللوجود بما فيها الفكر والاساليب والوسائل.
وجاء اعتبار اليوم الاول من ايار يوما عالميا ليس فقط ليجسد انتصار عمال شيكاغو على مستغليهم او لتحقيق عمال اوربا يوم عمل من ثماني ساعات فقط بل لترسيخ وحدة كفاح الطبقة العاملة على الصعيد العالمي ووحدة مصالحهم تجاه وحدة اعدائهم على الصعيد العالمي وتجسيدا لشعار يا عمال العالم اتحدوا. وكان ذلك في اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين أي في مطلع مرحلة الامبريالية وتطور الحركة الشيوعية العالمية كطليعة سياسية للطبقة العاملة في نضالها من اجل تحريرها من الاستغلال الطبقي. ومع تطور مرحلة الامبريالية وقيام الحرب العالمية الاولى من اجل اقتسام العالم بين الدول الامبريالية كان لابد من تطوير الحركة الشيوعية ونظريتها لتصبح طليعة البشرية من اجل تحريرها من الاستعباد الامبريالي والاستغلال الطبقي. ولم يعد يكفي توحيد الطبقة العاملة وكفاحها فقط لتحرير الطبقة العاملة وعموم البشرية ، بل اصبح ضرورة اساسية لتوحيد كفاح الطبقة العاملة مع كفاح فئات الشعب الاخرى المضطهدة كجماهير الفلاحين ومع كفاح الشعوب المضطهدة . فقامت تحالفات العمال والفلاحين الى جانب الجبهات الوطنية التي توقف نجاح بعضها وفشل اخرى على تمكن الطبقة العاملة وقيادتها السياسية من القيام بدورها الطليعي في التحالفات او انحرافها والجبهة العالمية ضد الفاشية . وحقق هذا التطور في وعي الطبقة العاملة ووعي البشرية انجازات رائعة وابرزها ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى ومن ثم النصر على الفاشية والقضاء على الكولونيالية فتحققت نقلة نوعية كبرى في تاريخ البشرية. حيث فقدت الراسمالية كل حيويتها كنظام اقتصادي سياسي واجتماعي يسهم في تقدم البشرية بل وحتى حمايتها من الفناء بسبب تناقضاتها العميقة وازماتها المستفحلة التي لايمكن حلها او التخفيف من شدتها الا من خلال الايغال باستعباد البشرية و الحروب. واذ اسهمت الحرب العالمية الثانية في تحقيق ذلك فانها مهدت لتبوء الامبريالية الامريكية مركز القطب الاكبر للامبريالية العالمية واخضاع القوى الامبريالية الاخرى نتيجة بعدها عن ساحة الحرب، فضلا عن استغلال الخسائر الفادحة التي تكبدها الاتحاد السوفيتي في الحرب وتأثيرها على وعي وسايكولوجية الشعب السوفيتي وقادة الحزب الشيوعي. وفي الوقت الذي كان لابد من تطوير الماركسية وتطوير وسائل واساليب كفاح البشرية وتنظيماتها وضمان وحدة جميع فصائلها وشعوبها وافرادها في النضال للقضاء على علاقات الانتاج الراسمالية، انهار الاتحاد السوفيتي وانهارت معه الاحزاب الشيوعية الامر الذي مهد لسيادة العولمة الراسمالية وقطبها الاكبر الامبريالية الامريكية.
و استغلت العولمة الراسمالية انهيار الحركة الشيوعية، فاوغلت في سلب الطبقة العاملة الكثير من حقوقها التي نالتها بنضالاتها الجبارة خلال قرون واستغلت الثورة العلمية التكنولوجية لتعميق استغلالها . فلم يعد ليوم العمل الذي تفرض التكنولوجيا الحديثة تقليصه ، حدود ، وحجمت دور وفعالية التنظيم النقابي من خلال شراء قادته او من خلال فرض عدم انتماء العمال للنقابة كشرط للعمل، وشل سلاح الاضراب من خلال استغلال جمود تكوين النقابات على اساس وطني وليس عالمي . فعندما يضرب عمال معاملها في بلد ما تغلق معاملها في هذا البلد وتضاعف انتاج معاملها في بلدان اخرى، فضلا عن استخدامها المفرط لسلاح البطالة الذي يهدد حياة العمال وعوائلهم ويلقي بهم على هامش المجتمع بل وتحويل الكثير منهم الى ادوات لقهر اخوانهم او لاخضاع الشعوب المستعبدة. وذلك لغياب التنظيم النقابي والسياسي للعمال العاطلين
وفي غمرة هذه الهجمة البربرية للعولمة الراسمالية ضد عمال العالم وشعوبه تمكنت بعض الفئات البشرية الاخرى من تطوير وعيها واساليب وسسائل كفاحها مستفيدة من تجاربها السابقة وطورت حركات عالمية جبارة لمقاومة العولمة الراسمالية ودعم نضال الشعوب للتحررمن استعبادها ، استعادت الطبقة العاملة مواقعها في الحركة المناهضة للعولمة فضلا عن دورها في الصراع الطبقي ضد الاستغلال الطبقي . ومع ذلك لابد من تطوير وعيها ووعي عموم البشرية ووسائل واساليب كفاحهم وادراك ان الترابط بين مطالب عموم البشرية ومطالب كل فئة او شعب من شعوبها وفي طليعتهم الطبقة العاملة، خلاقة الوجود هو السبيل الوحيد لتحرير البشرية وكل فرد .
من هنا تاتي اهمية اعتبار يوم الاول من ايار يوم العمال والبشرية العالمي . فالنحتفل جميعا ولنسهم في نضال شعوبنا وطبقتنا العاملة وعموم البشرية.
سعاد خيري في 1/5/2007

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات