أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - من أين تشرب دول الخليج إذا ضُربت إيران؟















المزيد.....

من أين تشرب دول الخليج إذا ضُربت إيران؟


فيصل القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1901 - 2007 / 4 / 30 - 11:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أعتقد أن هناك فرقاً بين النظرة الإسرائيلية لفلسطين والنظرة الأمريكية لمنطقة الخليج العربي، فبينما قامت نظرية الاحتلال الصهيوني لفلسطين على أساس أن الأخيرة "أرض بلا شعب"، لا يتردد بعض الكتاب الأمريكيين في المجاهرة بأن منطقة الخليج ليست أكثر من "محطة بترول" بالنسبة لأمريكا. وكما هو ملاحظ من النظرتين الإسرائيلية والأمريكية فإنهما لا تريان أي وجود للبشر في كلا المنطقتين. كل ما يهم الأمريكيين من الخليج بما فيه العراق أن يحصلوا على بتروله، وليذهب سكان المنطقة إلى الجحيم. ولعل عمليات الإبادة الجماعية الأمريكية في العراق تبرهن على صحة هذا الطرح. فلا مانع أن يندثر سكان بلاد الرافدين طالما ضمنت أمريكا منابع النفط العراقية وجوارها.

قد يرى البعض نوعاً من التطرف في هذا الرأي، لكن لو نظرنا إلى الاستهزاء والاستخفاف الأمريكيين الصارخين بأروح شعوب المنطقة لوجدنا أنه رأي واقعي تماماً. فالكل يعرف أن العلمليات العسكرية والحروب التي خاضتها أمريكا وتخوضها في العراق والخليج أحدثت تلوثاً رهيباً لا يعلم إلا الله حجمه وخطورته على الأجيال الحالية والأجيال القادمة. فقد أدى استخدام القوات الأمريكية والبريطانية لليورانيوم المنضب في ضرب العراق خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، ثم خلال عملية غزو العراق ومواجهة المقاومة المسلحة، إلى أضرار ومخاطر صحية وبيئية هائلة، تتمثل في ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية، إضافة إلى العديد من التأثيرات البيئية والصحية الخطيرة في منطقة الخليج بصفة عامة، وهو ما أكدته العديد من التقارير الدولية، التي أشارت إلى أن التعتيم على هذه القضية ليس في مصلحة الشعوب، خاصة وأنه ـ أي هذا التعتيم ـ لا يخدم سوى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، الذين يحاولون التنصل من مسئوليتهم عن هذه الجريمة الشنعاء في حق البيئة، وفي حق شعوب المنطقة.

مع نهاية حرب الخليج مثلاً، بقي أكثر من 300 طناً من بقايا قذائف اليورانيوم المنضب مبعثراً في الأراضي التي وقعت فيها المعارك في والكويت وشمال السعودية. كما نشرت بعض الصحف الأمريكية تقريراً عن نتائج حرب تحرير الكويت في العام 1991، أشارت فيه إلى أن استخدام الأسلحة المعتمدة في تصنيعها على اليورانيوم تتسبب في تعريض مساحات كبيرة من الأراضي في دول الخليج لمواد مشبعة بمواد اليورانيوم والزرنيخ والزئبق والكادميوم، وهذا أدى إلى إصابة عشرات الآلاف من الأشخاص بالسرطان، وتكليف خزانة هذه الدول مليارات الدولارات، مع استمرار انتقال غبار هذه المواد عبر الرياح بين دول المنطقة، خاصة وأن المواد النووية يمكن أن تحملها الرياح من العراق إلى أي دولة خليجية خلال أقل من سبع ساعات، حسب العلماء البريطانيين.

وقد أعلن الأمريكان أنهم استخدموا 940 ألف قذيفة يورانيوم و14 ألف قذيفة دبابات ضد العراق، وأنهم قصفوا المنطقة بحوالي 50 ألف صاروخ و88 ألف طن من القنابل، وهو ما يعادل سبعة أضعاف القوة التدميرية التي تعرضت لها مدينتا هيروشيما وناجازاكي اليابانيتان بعد قصفهما بالقنابل النووية الأمريكية في نهاية الحرب العالمية الثانية.

وقد أكد تقرير نشره المركز الطبي لأبحاث اليورانيوم Uranium Medical Research Centre، وهو مركز علمي دولي مستقل، بعد إجراء العديد من الدراسات الميدانية في العراق، وجود تلوث إشعاعي واسع وخطير، ويهدد الدول المجاورة بمخاطر هائلة، حيث تتراوح مستويات التلوث الإشعاعي ما بين مئات وآلاف المرات زيادة عن الحد المسموح به. وأرجع ذلك إلى استخدام القوات الأمريكية والبريطانية لكميات هائلة من ذخيرة اليورانيوم المنضب تقدر بنحو 1700 طن. مشيرين إلى أن تلوث اليورانيوم سيستمر في البيئة إلى أربعة آلاف وخمسمائة مليون سنة، إذا لم يتم تنظيفه بشكل تام والتخلص منه بطريقة صحيحة.

لكن بالرغم من خطورة التلوث الرهيب الناتج عن حروب أمريكا في المنطقة منذ بداية تسعينات القرن الماضي حتى الآن، إلا أنه على ما يبدو سيكون مجرد "لعب عيال" مقارنة مع النتائج التي ستترتب على الضربة الأمريكية المحتملة للمنشآت النووية الإيرانية.

ويرسم د‏.‏ وهيب الناصر استاذ البيئة في جامعة البحرين السيناريو الرهيب لما يمكن حدوثه من تداعيات مخيفة في حال ضرب مفاعل بوشهر‏,‏ فيقول إن هذه المواد المشعة من المفاعل ستنتشر في الهواء وستنقلها الرياح‏,‏ حيث سيهبط بعضها علي الأرض مثل البلوتينوم طويل الإشعاعية‏,‏ على مسافة‏ ‏بعيدة من بوشهر أي في الخليج‏,‏ بينما سيتكثف السيزيوم واليود علي الهباء الجوي ليصلا إلي كل دول الخليج وحدود اليمن ومصر‏!‏

وسيترتب علي هذه التداعيات ترحيل مواطني دول الخليج من أراضيهم‏,‏ مثلما حدث في تشرنوبيل إلي مناطق تزيد علي‏100‏ كيلو متر‏,‏ لكن د‏.‏ الناصر يري أن هذه المسافة ليست آمنة‏,‏ ومن الأفضل أن تكون علي بعد يتجاوز‏500‏ كيلو متر‏,‏ فإلى أين سيذهب سكان الخليج؟‏!‏ علماً بأنه لا يمكن استخدام الأراضي الملوثة إلا بعد مرور نحو‏50‏-‏100‏ عام؟‏!!‏

وإذا لم يتحقق هذا السيناريو الجهنمي، وبقي الخليجيون في أرضهم، لواجهوا سيناريو لا يقل خطورة وبشاعة، فالضربة الأمريكية للمنشآت الإيرانية ستؤدي، برأي العلماء، إلى تسربات إشعاعية إلى مياه الخليج بما يؤدي إلي تلوثها وربما نشوب حرب مياه في المنطقة‏,‏ فالخطر الحقيقي يكمن في تلوث مياه الخليج نووياً، خاصة وأن الغالبية العظمى من دول المنطقة تعتمد في تحلية مياهها على الخليج نفسه. وإذا تلوثت المياه ذرياً فلن تنفع معها عنذئذ لا التحلية ولا من يحزنون.

ولو اقدمت واشنطن فعلاً على هذه الضربة لبرهنت لنا دون أدنى شك على أنها لا تعير سكان هذه المنطقة أي اهتمام، ولأثبتت نظريات بعض الكتاب الأمريكيين بأن الخليج مجرد محطة للتزود بالوقود لا أكثر ولا أقل.

إن كل أموال الخليج وثرواته ستصبح صفراً على الشمال إذا تلوثت مصادر المياه نووياً. ولا نستغرب إذا قالت لنا أمريكا ما قالته ماري انطوانيت للشعب الفرنسي بسخريتها الشهيرة عندما طالبها بتوفير الخبز، فأجابته: "كلوا بسكويت!". ونأمل أن لا تقول لنا أمريكا: "اشربوا مياهاً معدنية!" إذا قلنا لها: لقد لوثتي مياهنا بالنووي. صحيح أن توفير الخبز للفرنسيين في ذلك الوقت كان صعباً، وأن الحصول على البسكويت أكثر صعوبة، إلا أن توفير المياه لسكان الخليج سيكون مستحيلاً.

لقد كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يقول للذين يختلفون معه في الرأي: "اللي مش عاجبو يشرب من مية البحر"، على اعتبار أن شرب مياه البحر القذرة خيار صعب جداً، ولا يمكن للمرء أن يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى. لكن على ما يبدو أنه حتى ذلك الخيار الصعب جداً لن يكون متوفراً للخليجيين إذا ما أقدمت أمريكا على ضرب المفاعلات النووية الإيرانية.



#فيصل_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام أعظم من السياسة فلا تقزّموه!
- الجمهور مش عايز كده!
- تعلموا من إيران!
- هل المشروع الأمريكي ينكسر أم ينتصر؟
- كلام انترنت
- سايكس- بيكو الجديدة من صنع أيدينا
- تخلّفوا تسلموا
- الفوضى -الهلاّ كة-
- من كوبونات النفط إلى نهب النفط العراقي
- مطلوب قوانين قراقوشية لمكافحة الفتن الطائفية والمذهبية
- كي لا يخدعوكم بالخطر الشيعي كما خدعوكم بالشيوعي
- تحالف -صهيو- صفوي- مزعوم و-صهيو-عربي- معلوم
- تحالف( صهيو- صفوي) مزعوم و(صهيو-عربي) معلوم
- ما كنت أحسبُ إيران بذاك الطيش
- من التجزئة القُطرية إلى التجزئة الطائفية
- احتضار المعارضات العربية
- أيها المغتربون استمتعوا حيث أنتم
- فضائيات أكثر ومشاهدة أقل
- ما أحوج لبنان والعراق إلى ديكتاتور
- خُرافة الحياد الإعلامي


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - من أين تشرب دول الخليج إذا ضُربت إيران؟