دعابة ثقيلة أم حلم ليلة صيف أم بالونة اختبار جديدة لصبر شعبنا المسكين وطول صمته؟!
"الإعلان عن ضبط تنظيم يساري لقلب نظام الحكم في مصر مكون من خمسة أفراد" خبر تناقلته وكالات الأنباء وكثير من هيئات ومنظمات حقوق الانسان بدهشة مختلطة بالسخرية والتندر ، وشر البلية ما يضحك.
وانتظرنا أن يصدر قرار عاقل بوقف هذا العبث، لكن ذلك لم يحدث.
ولا مجال هنا لمناقشة المخالفات والمفارقات القانونية التي يحملها قرار الإحالة إلى المحاكمة في هذه القضية لأن انتهاك السلطة للقوانين –بما في ذلك قانون الطواريء نفسه- أصبح ممارسة مستقرة يعرفها القاصي والداني، ويلمسها كل مواطن يتعامل مع أجهزة الدولة ، فضلاً عن النشطاء من مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية.
ولا مجال أيضاً لمناقشة الأبعاد السياسية لقرار مثل هذا، لأن السياسة أصبحت كلمة مشبوهة ، وفعلاً فاضحاً إذا حدث خارج غرف العزل المسماة بمقار الأحزاب، أو إن لم تنتسب إلى مسيرات الموظفين الحكوميين الباحثين عن طريقة للصعود الاجتماعي عبر تعبئة استمارة عضوية الحزب الحاكم !
ولا مجال لمناقشة الأمر من الزاوية الأمنية لأن السياسة المعتمدة هنا هي: الاعتقال أولاً، والاعتقال دائما ً، ثم بعد ذلك تكون الاتهامات، و التي لا يهم كثيراً أن تكون حقيقية أو ملفقة،ولا يهم كثيراً أن تكون الاجراءات سليمة ، أو أن يكون المقبوض عليه هو المقصود وليس "تشابه أسماء"، فكل هذه مجرد" شكليات" !!!
لكن الجديد واللافت هو عودة صيحة "إمسك شيوعي" التي ربما لم تطرق أسماع أجيال بأكملها تعيش في مصر ولا تعرف أن الاتهام باعتناق الفكر اليساري كان في لحظة ما هو المبرر للتنكيل بالآلاف من خيرة نساء ورجال تيار كامل من الحركة الوطنية، بل وتشويه سمعتهم الأدبية ، وللطعن في أخلاقهم الشخصية، والخوض في أعراضهم دون أي سند أو دليل غير أنهم "شيوعيون" !!!
فهل الأمر برمته لا يعدو مجرد مبادرة لانعاش الذاكرة الوطنية للأجيال الشابة؟
وهل يتصور عاقل أن الدولة على الطريقة الشيوعية ، والتي سقطت في عقر دارها ومحضن نشأتها يمكن أن تقوم هنا في مصر؟! ومتي ؟! في القرن الواحد والعشرين ؟! وعلى يد خمسة ؟!
وإذا كان قد بقى من الاشتراكية بمدارسها تلك النزعة الانسانية المثالية، والبحث عن العدل الاجتماعي ، ورفض الاستغلال والتبعية وهيمنة الرأسمالية ، واحترام الانسان وحقوقه وفرصته المتساوية في الحياة الكريمة، فهل يٌعد من يتبنى هذه الأفكار والقيم في الوقت الحاضر ومستقبلاً، ويسعى بين الناس بسلام لنصرتها "شيوعياً محتملاً" فتتسع دائرة الاشتباه لتبتلع قريباً كل المناهضين للعولمة الرأسمالية الاستعمارية الجديدة، و الهيمنة الأمريكية، والفساد المالي والقانوني، وسوء إدارة وتوزيع الثروة، وأنماط الانتاج والاستهلاك المتخبطة والعشوائية ؟!
هل هي بداية حملة لتطويق هذه الموجة الصاعدة من الوعي في مصر كما في أنحاء العالم ؟ !
وهل المطلوب من الجميع أن يصمت أو يتجاهل الأمر أو ينتظر دوره ساكناً لأن المهندس أشرف ابراهيم ورفاقه يعتنقون الفكر اليساري..و"شيوعيون" ؟!!
لقد سئمنا هذا كله ، وعار علينا جميعاً في هذه المرحلة من تاريخنا وتاريخ العالم أن نقبل بهذا الخطل والخلل وتلك الأساطير والخرافات والقيود والأغلال، والهزل والكذب، فنحن نمر بمرحلة لا تحتمل كل ما سلف، و حرام أن نسير إلى المستقبل –بل لن نتقدم خطوة نحوه- ونحن غارقون في كل هذه المظالم، فإذا كان "الظلم ظلمات يوم القيامة" فإنه في خبرة كل الأمم كان هو المقدمة المضمونة لخراب الدنيا..والدين.
وبناءاً على ما تقدم فإن الموقعين يدعون إلى ما يلي:
1-أن يتجاوب النظام الحاكم قبل فوات الأوان مع مقتضيات الديمقراطية التي يدعيها ، فيعيد للمصريين ما أهدره أو قيده من حقوقهم الشرعية والمشروعة في تشكيل الأحزاب واصدار الصحف وتكوين الجمعيات وكافة أشكال المشاركة المدنية والسياسية.
وأن يعيد النظر في سياسته الأمنية ، وموقفه الفعلي من احترام حقوق الانسان،ولعل الفحص الجاد والإنصاف السريع لحالة الآلاف من المعتقلين تكون علامة جدية بشأن مبادرة المجلس القومي لحقوق الانسان التي تم الاعلان عنها.
2-ألا ينشغل الإسلاميون بكافة تياراتهم واتجاهاتهم بهمومهم و معتقليهم عن إنكار الظلم أياً كان مقترفه ، وأياً كان الاختيار الفكري لضحاياه.
3-أن يستعيد أبناء الشعب المصري تراثهم المجيد في " الجهاد المدني" بكافة مستوياته ووسائله، وألا يركنوا إلى اليأس أو يرضوا بالعجز، فهو ليس من شيمة الوطنيين المؤمنين،وأن ينهضوا بالمهام التي يوجبها عليهم الوفاء لتاريخ هذا الوطن والمكانة التي يستحقها بين أمم الأرض، فـ "الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
و حتى يتم الإفراج عن أشرف و أمثاله فإننا نتطلع لجهود الناشطين في مجال العمل الأهلي وحقوق الانسان محلياً واقليمياً ودولياً من أجل متابعة ومواصلة الجهد لحث النظام المصري على معاملتهم باعتبارهم سجناء رأي ، وتحريك الخطوات القانونية اللازمة للإفراج عن كل الأبرياء –وهم بالآلاف- في سجون مصر المحروسة ، حتى يعودوا لأسرهم وأبناءهم آمنين.
وما ضاع حق وراءه مطالب.
إسلاميون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان
عنهم:
د.أحمد محمد عبدالله
د.طارق عبد اللطيف
د.عبد الفتاح رزق
د.مجدي سعيد