|
جريمة قتل(23) أيزديا ً فاتورة أوّلية للجريمة النكراء بحق دعاء
اوصمان خلف
الحوار المتمدن-العدد: 1900 - 2007 / 4 / 29 - 11:55
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
قبل مايقارب الأسبوعين ، أقدمت مجموعة كبيرة من المجرمين الايزديين في مدينة بعشيقة بشمال العراق، على ارتكاب جريمتهم الهمجية، بحق المجنى عليها ( دعاء ) التي لم تكن قد بلغت سن الرشد بعد ، وذلك لأنتهاجها سلوكا لايتماشى والعرف السائد في المجتمع الايزدي ، الذي لايخلُ من الكثير من العادات الاجتماعية السلبية ، خاصة في مجال حقوق المرأة ، حاله حال جميع المجتمعات الشرقية المتخلفة في هذا المجال والمحيطة به ، وعلى أثرها قامت الجماعات الاسلامية المتطرفة ، الذين يتربصون للأيزديين في كل زمان ٍ ومكان ، بنشر الخبرفي العشرات من المواقع العربية
بعد ان قاموا بالترويج المُغرض له ، سواء على شكل كتابات ، أوعرض مقاطع فيديو، حيث وجدت من هذا الخبر ، فرصة لأِذكاء روح العداء ضد الايزديين ، وفعلا تمكنوا من ذلك ، فكانت الفاتورة الاولى لهذا الترويج المُغرض ، هوللاسف الشديد جريمة قتل مايقارب (23) أيزديا ، من قبل مجموعة ارهابية مسلحة ، في الطريق المؤدي من مدينة الموصل ، الى بعشيقة وبحزاني بتاريخ 22نيسان الجاري ،عندما كانوا عائدين من عملهم .
تناولْ خبرقتل دعاء بطريقة بشعة ، لم يقتصرعلى الاعلام العربي والاسلامي ، بل تعدى ذلك لينشر في الاعلام الغربي ومنها الامريكي ، فقد تناولت صحيفة واشنطن بوست هذا الخبرفي أحدى صفحاتها ، وذلك حسب مااُذيع على قناة الحرة ليوم 23نيسان ، كما أن الاخيرة ، قد تطرقت هي الاخرى في نشراتها الاخبارية الرئيسية ، علىجريمة قتل دعاء ، واسباب وطريقة قتلها ، بالاضافة الى تطرقها للخبر المؤلم ، المتمثل بجريمة قتل 23 أيزديا على ايدي ارهابيين ، تعرضوا لحافلة نقل الركاب التي كانت تقلّهم ،بعد ان قاموا بأنزالهم حصرا ًمن بين الركّاب الآخرين .
لقد دفع الايزديون ثمنا ماديا ومعنويا باهضين ، جراء هذا العمل الاجرامي المُقزّز بحق دعاء ، الذي لم يكن الهدف منه لاغسلا للعار حسب ـ المفهوم الشرقي المتحجر ـ ولا ترهيبا للأخريات اللواتي قد يُراوِدُهنّ ذات الفكرة ، أو أفكارا أخرى مشابهة ، وان المشاركين فيها لم يكونوا بشجعانين ،او بحريصين على الدين الايزدي ، كما انهم لم يكونوا بمتطرفين ، فسكان بعشيقة وبحزاني برجالها ونسائها مارست العديد من مظاهر التمدن ، بعدة سنوات قبل أيزديي المناطق الاخرى . ان الفاعلين في هذه الجريمة ، لم يكونوا بأكثرمن مجرمين طائشين أغبياء ، مجرّدين من أبسط القِيَم الأخلاقية والأنسانية ، عندما صبّوا جمّ غضبهم ، في حالة هستيرية على فتاة قاصرة ، حيث وجدوا منها وسيلة ، لتفريغ كل مابداخلهم من شعور بالغبن ، والأهمال الناتِجَين من عدم تمكن الأيزديين ، من رد الأعتداءات التي تُرتكب ضدهم ، ومصادرة حقوقهم الطبيعية ( ومن المؤكد ان حادثة شيخان الارهابية التي وقعت في 15 من شهر شباط الماضي بحق ألأيزديين هناك كانت حاضرة في أذهانهم وقت ارتكاب الجريمة) خاصة بعد سقوط النظام السابق ، حيث اهملت حكومة الاقليم في كردستان، الايزديين بشكل شبه تام لأسباب عدة منها: ــ سيطرة المتطرفين الاسلاميين على المرافق العامة والهامة ذات التماس المباشر بحياة المواطن ، وتورط بعض المسؤولين الاكراد معهم ، فتم حرمان الايزديين من هذه الخدمات ومن المشاريع الخدمية .
ــ بنا الجدار العازل بين القيادة الكردية والشارع الأيزدي ، لأعتمادها او تعمدها في الأعتماد على فئة تُتاجر بالايزدياتي .
ــ الخلاف بين الحزبين الكرديين الرئيسيين ، وبالتالي بين البرلمانيين الايزديين المنتمين اليهما في الحكومة الاقليم ، اثّرت سلبا على منح الايزديين ، وظائف مهمة سواء في الحكومة المركزية او في حكومة الاقليم . ــ غض حكومة الاقليم النظر، عن الاعتداءات التي ترتكب بحقهم ، وعدم اتخاذها الاجراءات الرادعة والسريعة ضد مرتكبيها ، واهمها حادثة الشيخان في شباط الماضي .
اما المجلس الروحاني الأيزدي وبرلمانيهم المُسَيَّسين جميعا ، فقد أتخذوا موقف المُتفرّج ، لكل مايجري للأيزديين من تجاوزات ، وهضم في الحقوق ، وانشغلوا بأرصدتهم المالية ، وبرواتبهم ورواتب أعضاء اُسَرِههم ، والتوسط اوالتوسل لدى المسؤولين الاكراد ، لضمان وظائف لأطفالهم واحفادهم ،عندما يصبحون بالغين . اما المثقفين الايزديين فان معظمهم ، في ظاهرهم وديعين ، وفي باطنهم قبيحين ، في العلن يقولون شيء ، وفي السر يفعلون اشياءً اخرى .
كل هذه العوامل ،وعوامل اخرى ، ساهمت بشكل كبيرمع السلوك الاجرامي للمجرمين، فاقدموا على تنفيذ جريمتهم النكراء ، بحق دعاء ، بهذه الوحشية التي عبّرت بوضوح ، عن حالة العجز التام والاحتقان ، اللذين يعانيان منهما هذا المجتمع ، في جميع مجالاته .
لقد ارتكبت هذه المجموعة من مجرمي بعشيقة ، جريمتهم بشكل همجي، في ظل غياب صوت الحكماء ، وبروز صوت الاغبياء ، وتم معالجة الخطأ ! بالخطأ ، فدفع جميع الأيزديين والمتعاطفين معهم فاتورتها القاسية ، وخلقوا لهم مشاكل اخرى كانواهم في غنى عنها.
واتمنى ان لاتحمل معها الايام القادمة لنا ، فواتيرأخرى ، تسدد أثمانها بأرواح الابرياء ، الباحثين عن لقمة العيش الكريمة ، او بأثمان ٍاخرى أقسى . أذا ما أراد الأيزديون ان ينأوا بنفسهم عن هذه الجريمة النكراء؟ فما على رئيس وأعضاء المجلس الروحاني الايزدي ، أِلا ّ ان يفكروا كثيراً ، بالنتائج الوخيمة لهذه الجريمة الشنيعة ،على مستقبل الديانة الايزدية ؟ فيُضحون بجزء من اوقات فراغهم ، في التفكير بكيفية الخروج من هذا المأزق الخطير، فتعقد جلسة طارئة ، وتصدر بياناً مقتضباً ، تُندّد بالجريمة وبمرتكبيها ، ثم تصدر قرارا ً يُمنع بموجبه القتل لأي أنسان داخل المجتمع الايزدي ، وتحت أية ذريعة كانت ، وان يترك اتخاذ الاجراءات القانونية في التجاوزات الفردية او الجماعية في هكذا حالات ،او حالات اخرى مشابهة للسلطات الرسمية المختصة . ان هذين الامرين المُلحين يفرضان نفسيهما على المجلس الروحاني الايزدي ، الآن وقبل ايّ وقت آخر. أن من ليس له قناعة بهذا الدين ، ويرغب بتركه بأختياره ، نقول له مع السلامة ( ذكرا كان أم انثى ) بدلا من منعه ، والوقوع في مشاكله ومشاكل أخرى ، لاتخدم الايزديين أطلاقا ، وتلحق بهم أضرارا جسيما ً ، قد ترقى الى مستوى الأِبادات الجماعية من جراء ذلك ، فلم يعد خافيا على أحد، بأن أعداء الأيزديين لهم موطأ قدم في كل الاماكن ، الشعبية منها والرسمية وبأعلى المستويات ، ويملكون من الامكانيات والوسائل ، ما يُمكّنهم من تحقيق مآربهم الدنيئة .
كما ان علىأعضاء المجلس ، أن يٌعرّجوا قليلا ً في مناقشاتهم وبعيدا عن الانفعالات والتشنّجات ، على مسألة تحريم الزواج بين طبقات المجتمع الايزدي من جهة ، وتحريمه بين أبناء الطبقة الواحدة من جهة اخرى ، عسى ولعل ان يتوصلوا الى آليات مناسبة ، تكون المدخل في أيجاد حلول مناسبة ، تكون مقبولة لدى الجميع . وأن لم يتوصلوا الى حلول مرضية ، فأنهم يكونون على الاقل ، قد هيّأوا أرضية وأن كانت هشّة ، يمكن الاعتماد عليها في المستقبل القريب لتقويتها ، من خلال المناقشات المستفيضة لمرات عديدة وبمشاركات اوسع .
ولا حاجة هنا في التطرق الى الجرائم التي أُرتكبت من قبل مجرمين ، بحق أشخاص قاصرين في سن المراهقة ، او سن البلوغ كانوا ضحايا هذا المنع . وان طريقة تنفيذ هذه الجرائم لم تكن بأقل همجية ، من طريقة تنفيذ الجريمة بحق القاصرة دعاء .
ان الانفتاح بحكم التطور العلمي الهائل والسريع ، أصبح حقيقة مفروضة على كافة المجتمعات ، وجميع الافراد ، ومعتنقي كل الاديان ، شِئنا ام أبَينا ، ولامجال للهروب او الاختباء او التملص منها ، وان لم نُرَحِّب بها عاجلا بدون المزيد من التضحيات ، سنرحب بها آجلا مع المزيد من التضحيات .
اوصمان خلف 26 نيسان 2007 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *بالاضافة الى المواقع التي اشارت اليها جمعية كانيا سبي في بيانها بهذا الصدد. موقع منتديات الموصل للجميع ، الساحة ، المسلم ، التجديد ،الرصد ، الشواطيء ، عالم حواء ، شواهد ، ساحات الغروب ، شبكة قبيلة وادعة ،وموقع عالم الرومانسية
#اوصمان_خلف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التملّق والتجاوزعلى الحقائق وتقصير الحكومة الكردية في أحداث
...
-
أنتهاكات حقوق الأيزديين بموجب مسودّة دستور أقليم كوردستان
-
لِمَن اُدلي بصَوتي في الأنتخابات ؟
-
تجاهل الاديان الغير اسلامية في مسودة الدستورالعراقي
-
مآسات ضحايا مجزرة كركوك الاليمة
-
تضامنا مع البصريين في الجنوب و البعشيقيين في الشمال
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|