أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - جوهر العلمانية: شرعية النص الديني يجب أن تخضع للعقل الإنساني















المزيد.....

جوهر العلمانية: شرعية النص الديني يجب أن تخضع للعقل الإنساني


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 573 - 2003 / 8 / 27 - 05:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كاتب أردني
 
تدخل الثقافة والمنظومة المعرفية العربية القرن الحادي والعشرين وهي لا تزال في نفس الموقع الذي دخلت منه القرن العشرين. فالفكر العربي يجد نفسه حائرا ما بين الماضي الذي يشده بالتراث والنصوص الشمولية الدينية والتعاليم الاجتماعية الموروثة، وبين مستقبل يبدو له محرجا وغامضا لكونه يعتمد على أسس معرفية ساهم الغرب كثيرا في إنتاجها وهي التي أمنت له تفوقا واضحا في القرون الثلاثة الأخيرة منذ عصر التنوير. هذه الثقافية العلمانية أنتجها الغرب من حيث توقف الفكر الإسلامي في منتصف العصور الوسطى وارتداده الى الأصولية على يد الغزالي، واستغل الغرب العلم المجاني الذي وفرته للإنسانية الحضارة الإسلامية عندما اكتست بالثوب الفلسفي العلمي العقلاني وما أن خلعت هذا الثوب وجدت نفسها مجردة من أدوات النزال المعرفي ومعرضة للهزيمة الحضارية المحتمة.

الثقافة العربية التي ترددت في دخول باب العلمانية في عصر النهضة أوائل القرن العشرين ثم داست بساطير العسكر  والقمع الأصولي أحلامها تجد نفسها أمام نفس الخيار ثانية : أما أن تمتلك الجرأة هذه المرة لخوض مغامرة الالتزام الحقيقي بالعلمانية الإنسانية والليبرالية التي تحترم حقوق الإنسان واختياراته الفكرية وتحقق النمو الاقتصادي والاجتماعي المتزن.

ومن أكبر المجالات التي يجتهد خلالها منظرو الإسلام و دعاة الخطاب الديني،المجال السياسي الذين يدعون من خلاله إلى إقامة دولة إسلامية لا تعتمد في تصريف شؤونها الداخلية والخارجية إلا على نصوص الإسلام و تعاليمه، طبعا حسب فهم رجال الدين و الفقهاء لها.

          و يدعي منظرو الإسلام السياسي بأن هذا المطلب هو جوهر الدين و أساسه، و أن إقامة الدولة الإسلامية فرض على جميع المسلمين لأن الله أراد إقامة هذه( الدولة ) وذلك كما يتضح من نصوص القرآن حسب زعمهم.  و كذلك لأن العقل الإنساني بطبيعته قاصر دون توجيه إلهي- و بواسطة رجال الدين طبعا - على إدارة شؤون حياته أو حتى نيل المعرفة الكافية لذلك.

          وعلى الجانب الآخر يقف التيار العلماني الذي يملك مسوغه المنطقي العقلاني وموقفه الواضح من الحياة رافضا إقامة الدولة الدينية و مؤكدا بأن العقل الإنساني قادر على إدارة مصالحه وحياته بمعزل عن النص الديني كما أن علاقة الإسلام بالسياسة هي علاقة ظرفية خاضعة للمتغيرات الحياتية و ليست علاقة أبدية ضرورية لا يستقيم أحدهما دون الآخر فيها.

نتيجة لهيمنة الخطاب الديني على الثقافة العربية ، فإن العلمانية ترتبط في أذهان معظم المثقفين بمفاهيم خاطئة أو غير مكتملة فالعلمانية بالنسبة إليهم  هي طرح فكري يدعو إلى فصل الدين عن الدولة و بالإضافة إلى ذلك فقد نشأ هذا الفكر في أوروبا نتيجة ظروف معينة من القمع الديني الذي مارسته الكنيسة. و بما أن ظروف التاريخ الإسلامي تختلف فإن العلمانية غير مبرر وجودها في المجتمع العربي الإسلامي لاختلاف الأرضية. وهذا الفهم لا شك أنه قاصر فالعلمانية هي بالمفهوم الأشمل أطروحة  فلسفية عامة و موقف فكري من الحياة تتمحور حول استقلالية العقل و حريته ورفض الهيمنة عليه و بالتالي رفض أية فكرة شمولية كليانية تريد احتكار الحق المطلق. و قد حدث تاريخيا أن كانت هذه الفكرة هي الكنيسة وتسييس الدين المسيحي في أوروبا عصر النهضة، فكانت الخصم المرحلي للعلمانية، فانتصرت هذه الأخيرة كما يحتم مسار التطور الإنساني كما ستنتصر لاحقا على أية أيديولوجيا شمولية قهرية أخرى تحاول التحكم بحرية العقل.

مركز العلمانية و جوهرها كما أسلفنا هو العقل بحريته واستقلاليته و قدرته على تسيير شؤون الإنسان ومن هنا يأتي موقف العلمانية تجاه النص الديني حيث تؤكد العلمانية أسبقية العقل على النص، ووجوب خضوع النص إليه  والمنطق فيها بسيط جدا. فأي نص ديني مزعوم حتى يصبح دينيا حقيقيا  لا بد له من شرعية تحوله من أفكار شخص معين، كما في الظاهر  إلى وحي إلهي. وهذه الشرعية لا تأتي إلا بالعقل الإنساني، فما الذي جعل موسى و عيسى ومحمد عليهم السلام  أنبياء أصحاب نصوص دينية ووحي إلا تقبل أتباعهم لهم .. بالعقل . ففي فترة ظهور هؤلاء الأنبياء  ظهر المئات وربما الألوف من مدعي النبوة والوحي، وكل منهم كانت له نصوصه إلا أنهم لم يقابلوا إلا بالازدراء ونسيهم التاريخ، لأن عقول الناس حاكمت نصوصهم فوجدت أنها غير منطقية فأهملتها بعكس النصوص التي أنزلت على الأنبياء الثلاثة العظام، وجدها الناس منطقية فآمنوا بهم وبرسائلهم بعد محاكمتها عقليا، وهذا هو السبيل الوحيد للإيمان إلا إذا كان الإيمان أو الكفر قد حدثا وفق مشيئة إلهية صرفة، بدون دور للعقل ولكن إن فرضنا بصحة هذه الجدلية تسقط كل أسس الثواب والعقاب، وهي نتيجة خارقة للمنطق ولا يمكن القبول بها .

          نستنتج مما سبق بأن العقل وحده هو الذي أعطى النصوص شرعيتها، وبالتالي يحق له محاكمتها ودراستها على ضوء المعارف المتراكمة، فالعقل له الأسبقية على النص .      

          وبالإضافة إلى ذلك فإن العقل الإنساني قادر، وفق آليته الذاتية من استقبال المعرفة بالحواس وتحليلها في الدماغ واستخدام الذاكرة والإدراك و الاستجابة وربط الأسباب بالمسببات، الإنسان قادر وفق هذه الآلية البيوسايكولوجية على التوصل إلى حقائق ومعارف مستقلة عن المعرفة الدينية فالعقل ليس بحاجة إلى معرفة دينية من أجل تشغيل جهاز الكمبيوتر ناهيك عن اختراعه في المقام الأول، وبالتالي فإن وصول العقل إلى المعرفة عن الإرشاد الديني أو هيمنة النص يعطي دليلا على أن العقل لديه القدرة على المعرفة بدون الدين وبالتالي فالعقل يستطيع بناء النظام السياسي المناسب في بداية القرن الحادي والعشرين وبعد كل التجارب الناجحة للأنظمة الديمقراطية والتجارب الفاشلة للأنظمة الشمولية.

 

ولا مجال لتقدم الفكر والمجتمع العربي إلا من خلال إخضاع النص الديني لشرعية العقل والمنطق الإنساني وهذا ما يحتاج إلى المزيد من النضال والدجهد التنويري الكبير للمثقفين العلمانيين العرب بمعزل تام عن البروباجاندا الأميركية التي باتت تحطم مصداقية وشرعية الفكر العلماني والديمقراطي العربي. 



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يحكم المسلمون بما أمر الله طوال التاريخ
- مانفستو العلمانية الإنسانية
- الولايات المتحدة تدمر مصداقية التيار الديمقراطي العربي!
- بين القدس وبغداد...تفجيرات بلا معنى!
- إحبسوا أنفاسكم...هذه ليلة السوبر ستار!
- 51 شركة و49 دولة يشكلون أكبر 100 اقتصاد في العالم
- اعتبار المياه سلعة تجارية انتهاك لحقوق الإنسان
- ابتزاز أميركي جديد للعالم الثالث: إما أغذية معدلة وراثيا وإم ...
- التجربة الناصرية والتجربة -الصدامية- نقيضان!
- المشكلة الأخلاقية في تعامل العرب مع مجلس الحكم العراقي
- أهمية احتضان الشعب العراقي عربيا
- توضيح عن مقالة -مطلوب اعتذار عراقي سريع للأردنيين
- مطلوب اعتذار عراقي سريع وواضح للأردنيين
- مساحة من الهواء النقي
- أسئلة الهزيمة: أين الحرية في العالم العربي؟
- أسئلة الهزيمة: أين الدولة في العالم العربي؟
- وداعا لثقافة الرافدين وأهلا بثقافة الماكدونالدز
- لن تجدوا صدام إلا في أسوأ الكوابيس
- وماذا عن -الفرهود- الأميركي؟
- آسف أيها العراقيون...لم أفرح !!


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - جوهر العلمانية: شرعية النص الديني يجب أن تخضع للعقل الإنساني