|
الاضطرابات السلوكية ... الحلقة الرابعة ... الخجل ... خمار الشخصية
لبنى الجادري
الحوار المتمدن-العدد: 1898 - 2007 / 4 / 27 - 11:21
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
الخجل هو اضطراب شعوري يصيب الفرد فيمنعه عن أداء الردود الطبيعية تجاه المواقف المختلفة . والخجل عادة اجتماعية ، إضافة الى كونه صفة موروثة ، تكثر بين الأطفال الصغار وتصبح ميزة جميلة في شخصياتهم ، فتكون رادع إضافي للرادع الأخلاقي ، إذ يُحسب الخجل من الكوابح التي يستخدمها الفرد في السيطرة على أفعاله وردودها ومشاعره تجاه الآخرين . يصبح الخجل عادة أجتماعية سيئة عندما يسير بصاحبه الى الجانب السلبي ، حيث يدفعه خجله لكبح مشاعره وآراءه ورغباته المشروعة ، ويتحكم في السيطرة على أجراءات حياته ويتدخل في أتخاذ أقوى القرارات وأصعبها . وقد يتحول الخجل الزائد الى مرض نفسي يصعب التخلص منه ، فقد تنتاب الطفل الخجول أعراض تصاحب تصرفاته ، كالتصبب عرقا ، وأحمرار البشرة ، والتلعثم في الكلام ، والنظر للأسفل أثناء الكلام ، والسماح للأخرين بأطلاق ما يريدونه من ألقاب وعبارات قد تكون جارحة في بعض الأحيان ، كل ذلك يثير في نفسه شعورا بعدم الرضا تجاه الأفراد والمجتمع ، وقد يتحول الى فرد مؤذ كي يثبت للآخرين وجهة نظرهم الخاطئة فيه ، وقد يتبنى تصرفات تخالف شخصيته الهادئة كي يتجنب مثل هذه العبارات ، وقد يغطي الخجل الزائد على قدرات ومواهب الشخص الخجول ، فنراه ينجز أعماله بهدوء تام ، وإن وُجد فهو لا يثير أهتمام الاخرين ولا جدلهم ، ولا يشارك في خلق المواقف ، بل يرد عليها إذا ما تواجدت في ساحته . إننا نتحدث عن عادات سلوكية مكتسبة من المجتمع ، وقد تكون عادات ذات طابع وراثي أيضا ، إذ تلعب الوراثة والميول دورا مهما في توريث ما لدينا ، لأبنائنا ، لنتوقف عند باب الخجل ولنطرق أسبابه . 1- التنشئة الأسرية : تلعب الأسرة ، كونها الخلية الأولى المسؤولة عن تربية الأبناء دورا مهما في تعليمهم وتوجيههم ، إذ أن الأسرة النمطية التي لا تريد أن تجرب أساليب الحياة النشطة ، قد تدفع أبناءها الى تجنب كل ما يثير في أنفسهم حب الأستكشاف والمجازفة ، فينشأ الأبناء مترددين خاضعين تغلب عليهم إرادة الضعفاء ، ويلعب التشجيع نحو الهدوء السلبي دورا في تفاقم الخجل في شخصيات أبنائهم . فالتحدث بالنيابة عن الأطفال ، عن يومهم المدرسي مثلا ، أمام الاخرين ، أو في اختيارهم الصديق ، أو حتى التدخل السافر في إنتقاء الكلام المعبر عن مشاعرهم ، يترك كل ذلك ، كبتا ً في نفوسهم الصغيرة ، مغطى برداء الخجل . 2- الطفل الأول : إن وجود الطفل الأول في الأسرة يكون بمثابة التجربة الممتعة للوالدين اللذين لا يتركان لطفلهم مجالا في تجربة كل ما هو جديد عليه ، ويتناسون أن في الحياة وجهان ( الجيد والسيء ) ، ويجب أن ندع المجال أمام الطفل الوحيد كي ينتقي شخصيته المستقرة المتوازنة بأشباع رغباته وميوله ، من خلال فسح المجال له للأستكشاف والتجربة . 3- الحرص الزائد ، وضرب المثل بطفلهم أمام الآخرين والتباهي بشدة أدبه ودماثة أخلاقه ، يدفع الطفل الى كبت ما يرغبه ، خوفا من تشويه هذه الصورة التي أُطـّرت له ، فيضطر الى التماشي مع هذا السلوك الذي أصبح رمزا له . 4- الخوف الزائد على الأبناء : إن خوفنا الزائد على أبنائنا ، يخلق منهم عناصر ضعيفة مترددة ، غير قابلة للتجدد ، متناسين أن الحياة بوسعها أن تعطيهم دروسا غير محدودة ما داموا أبناءا ً لهذه الحياة . إن الخوف المعتدل ، هو الخوف المسموح به تجاه الأطفال ، وما عداه ، يعتبر سلوكا غير مرغوب فيه . 5- المرض المتكرر ( الطويل ) : قد يعاني بعض الأطفال من الأمراض المتكررة والطويلة بفعل البنية الضعيفة لهم ، فيلقون عناية ورعاية مميزة من الوالدين ، تؤثر في سلوكهم وشخصياتهم ، وتجعلهم في المستقبل أفرادا مسيّرين ، لا مخيّرين في أتخاذ قراراتهم . 6- الثواب ( المكافأة ) : كثير منا يقايض أبناءه على تصرفاتهم ، فيعقد أتفاقا معهم بمكافأتهم إذا ما قاموا بأنجاز ما يطلب منهم ، إن هذا الخطأ الشائع في التربية ، هو أخطر الطرق المستخدمة في تعليم أطفالنا بالتخلي عن رغباتهم وقدراتهم وميولهم وقتيا ً لحين الحصول على المكافأة ، وقد يسعى الطفل الى الحصول على أكبرقدر من المكافئات ، فيلجأ الى تبني السلوك الذي يرغبه والداه ، وبالتالي يجد الوالدان نفسيهما أما طفل مسيّر ذو شخصية هزيلة مترددة ، يخجل من القيام بالعمل بمفرده . كيف نشجع أطفالنا على التخلي عن خجلهم الزائد
عندما نتحدث عن ذلك ، فنحن لا نقصد بذلك ، الخجل المشروع ، بل ذلك النوع من الخجل الذي يسلب الطفل حق التمتع بالتعلم في الحياة ، ومن الممكن أن نتدارك هذا السلوك ب : • التشجيع المستمر لرغباتهم الهادفة نحو تعلم شيء جديد ، ودفعهم نحو التجربة والأطلاع . • زجهم في المواقف المتنوعة ، كالتعامل مع البائعة ، أو تكليفهم بأداء أعمال معينة تزيد من ثقتهم بأنفسهم . • الدعم المعنوي المساند والمشاركة الفعالة معهم ، حتى يتمكنوا من انتزاع الجزء السالب من سلوكهم الخجول . • إفساح المجال لهم للتحدث أمام الآخرين وعبر الهاتف وعدم فرض المواقف عليهم ، لأن هذا الأسلوب يزيد من الأمر سوءا ، إذ لا بد من أستعداد نفسي وجسمي مسبق له .
#لبنى_الجادري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثالثة .. الغضب .. بركان من ا
...
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثانية ... عادات النوم ... أد
...
-
الاضطرابات السلوكية _ الحلقة الأولى _ العناد ... شدّ حبل بين
...
-
رسوم الأطفال ... رسائل يجب أن نفهمها
-
الأطفال لا يرثون الخوف
-
الشخصية المنافقة ... شيطان اجتماعي متنقل
-
الحرمان ... عباءة الحزن السوداء
-
اللعب ... قناع الطفل المستعار
-
الإدراك ... عصا الارتكاز للفهم
-
الاضطراب في الكلام .. اضطراب في أساليب التنشئة الأسرية
-
تفكيرنا .. عمقنا وأسرارنا الخفية
-
لغتنا قارئة ُ فنجان ٍ لأفكارنا
-
التوافق الإجتماعي والتكيف الإجتماعي وجهان لعملتين مختلفتين
-
الغافل عن الشيء لا يدركه
-
تكوين المفاهيم عند الأطفال
-
شخصيات متعددات في أنسان واحد
المزيد.....
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
-
قرار المحكمة الجنائية الدولية: هل يكبّل نتانياهو؟
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
-
كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|