مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 1898 - 2007 / 4 / 27 - 11:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك نقطة استوقفتني و أنا أقرأ ابن تيمية نقطة أظن أنها تلخص القضية بأكملها..يذهب ابن تيمية إلى أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام قسم يغضب لنفسه و ربه و قسم لا يغضب لنفسه و لا لربه و الثالث و هو عنده الوسط و الذي ينتهج نهج الرسول الكريم الذي يغضب لربه لا لنفسه أما القسم الرابع فهو لا يحتسبه حتى في الوجود لفداحة ما يفعله بالتأكيد و أنه يغضب لنفسه لا لربه رغم أنه يذكره في نهاية استعراضه لأقسام البشر و يعتبره على الفور شر الخلق لا تصلح بهم دنيا و لا دين ( السياسة الشرعية في إصلاح الراعي و الرعية لابن تيمية ص 54 )..لقد أصاب كلام ابن تيمية جوهر القضية..أننا كبشر لا نغضب و لا يفترض بنا أصلا أن نغضب لأنفسنا أننا تعودنا على أن نغضب و "نضحي" لصالح قضايا كانت على الدوام أكبر منا أكثر أهمية بما لا يقارن بوجودنا "التافه" كبشر..إن الدعوة لأن نغضب لأنفسنا قد لا يعجب من يقول بقول ابن تيمية فيمن يغضب لنفسه لكن في الحقيقة فإن هذا الغضب الإنساني لحساب الإنسان هذه المرة هو المدخل لتغيير جذري في وعينا في مقاربتنا لواقعنا يؤسس لفعل إنساني يتمحور حول وجودنا دون مراوغة دون أن يتحور إلى هيئة مقدسة فوق إنسانية..هذه المقاربة لا تضع الإنسان بالضرورة في مواجهة مع المقدس رغم أنها تعترف بوجود تنافس فعلي بينهما على المرجعية..رغم أن المقدس لا يقبل نظريا أية مشاركة في المرجعية خاصة مع الإنسان لكنه في الواقع يستمد دلالته الفعلية من توازن و حراك و وعي القوى الاجتماعية و صيرورة الخطابات الفكرية في اللحظة التاريخية التي قد تقتضي إشراك الإنسان مع المقدس في المرجعية..هنا توجد فكرة خطيرة للغاية في الخطاب الديني السائد تحديدا الذي يرتبط بابن حنبل و مدرسته هي موقفها من مفهوم الشرك بالله الذي يصر حتى درجة التكفير على إفراد المقدس بالمرجعية و يؤسس مجمل مفاهيم الخطاب الديني من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إباحة الدماء و سواها على هذه النقطة المحورية..الخلاف الأساسي هنا هو أنه عندما نقارب قضية الاستبداد فأمامنا حالتين فقط و هو إما الطغيان طغيان المستبد أي مستبد أو الحرية حرية الرعية أو حرية المجتمع و الشعب و بالضرورة لا توجد بينهما أية حالة ثالثة إلا كمرحلة انتقالية فقط..هنا بالضبط تتباين الرؤيتان لدرجة التناقض لدرجة القطع و ضرورة الاختيار يسارا أو يمينا و لو ضمنا..فهنا لا يوجد سوى خيارين للمرجعية إذا قاربنا أية سلطة من منطلق الحرية أو الاستبداد و هو إما المجتمع صاحب الحق في توجيه السلطة أو السلطة التي تستعبد الشعب و المجتمع , لا يوجد أي خيار آخر حقيقي بينهما إما الحرية أو الطغيان فقط
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟