أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الراجي - متى ستفكر الدولة في تحمل مسؤوليتها كاملة؟















المزيد.....

متى ستفكر الدولة في تحمل مسؤوليتها كاملة؟


محمد الراجي

الحوار المتمدن-العدد: 1897 - 2007 / 4 / 26 - 12:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


خلال خطبة يوم الجمعة الذي تلا العمليات الانتحارية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء يوم عاشر أبريل ، لاحظت أن الخطبة التي تلاها خطيب المسجد على المصلين كانت مكتوبة بحروف مطبعية بارزة على أوراقبيضاء ، قدرت عددها بأربعة ، وهذا يدل على أن الخطبة جاءت من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، لأن الخطب التي يؤلفها إمام مسجدنا بنفسه تكون مكتوبة بخط اليد على ورقة مسطرة واحدة ، وما زاد من يقيني على أن تلك الخطبة جاءت من وزارة الأوقاف ، هو أن الإمام لم يكن يرفع عنها عينيه ، ربما لأنه لم يستأنس بها جيدا ، حيث من المرجح أن يكون قد توصل بها يوم الخميس أو صباح يوم الجمعة .

موضوع الخطبة كان بطبيعة الحال هو العمليات الانتحارية التي عرفتها الدار البيضاء ، لكن الذي أثار استغرابي هو أن الذين كتبوا تلك الخطبة أصروا على تحميل مسؤولية حماية البلاد من خطر الإرهاب للشع وحده فقط ، حيث جاء في فقرة منها ، أن المواطنين العاديين والمربين والعلماء والمجتمع المدني بصفة عامة ، تقع عليهم مسؤولية عظيمة في مواجهة الإرهاب الذي يتهدد أمن واستقرار هذا البلد ، دون أي إشارة إلى مسؤولية الدولة ، رغم أنها هي التي يجب عليها أن تتحمل القسط الأعظم من المسؤولية في محاربة الإرهاب ، الذي أصبح يشكل بالفعل خطرا حقيقيا ليس فقط على أمن البلد ، بل على اقتصاده أيضا ، لأن السياحة والاستثمارات الأجنبية التي تعول عليها الدولة لتنمية اقتصادها، ستصير حلما غير قابل للتحقيق إذا ما استمرت الأحياء الهامشية للملكة في إنتاج القنابل البشرية المستعدة للانفجار في أي لحظة وفي أي مكان .

على أي حال سأعود الآن إلى موضوع الخطبة التي تركت في ذهني سؤالا واحدا ، وهو : هل قامت الدولة أولا بواجبها في محاربة الإرهاب حتى تطلب من المجتمع المدني أن يتحمل مسؤوليته ؟

إن كل المتتبعين لملف الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في الدار البيضاء ليلة 11مارس الماضي ، ويوم 10 أبريل الجاري ، يعرفون أن الذي جنب المغرب كارثة إرهابية لا أحد يعلم كيف كانت ستكون نتائجها ، هو صاحب أحد مقاهي الانترنيت في حي سيدي مومن ، بعدما منع الانتحاري عبد الفتاح الرايدي من إتمام العملية الانتحارية التي كان يضع لها اللمسات الأخيرة رفقة صديقه ليلة 11 مارس ، وكان منتظرا أن يستهدف بها إحدى المنشآت السياحية أو مؤسسة من مؤسسات الأمن ، لكن يقظة صاحب مقهى الإنترنيت الذي كان يتواجد به عبد الفتاح الرايدي وصديقه حال دون ذلك ، وانتهت العملية بأقل الخسائر . وأثناء مطاردة المجموعة الانتحارية الثانية يوم 10 أبريل ، كان تعاون سكان حي الفرح مع رجال الأمن كبيرا ، حيث حمل الشباب العصي والقضبان الحديدية ووقفوا على أهبة الاستعداد لمطاردة الانتحاريين ، ومنهم من خرج حاملا بندقية الصيد وهو على أتم الاستعداد للضغط على الزناد في أي لحظة ، وأكثر من هذا ، فان شباب حي الفرح هم الذين ألقوا القبض على الانتحاري الخامس ، الذي ظل مختبئا طيلة ثلاثة أيام تحت سرير داخل شقة هجرها أصحابها بعد أحداث العاشر من أبريل ، ولولا يقظة أولائك الشباب لما استطاعت الشرطة أن تلقي القبض عليه ، وهذا يدل على أن المجتمع المدني المغربي يتحمل مسؤوليته أكثر مما ينبغي ، فهل تتحمل الدولة بدورها مسؤوليتها كما ينبغي ؟ أم أنها تريد أن تتخلص من كل مسؤولياتها وترمي بها على رقابنا نحن ؟

أنا لا أعرف كيف تطلب الدولة من المجتمع المدني أن يتحمل مسؤوليته في كل شيء ، وهي لا تريد أن تتحمل مسؤوليتها في أي شيء .

لا أعرف كيف ولا لماذا يكتب فقهاء وزارة الأوقاف خطبا يطلبون فيها من المواطنين البسطاء أن ينددوا بالإرهاب ويتحملوا مسؤوليتهم في محاربته ، بينما لا يجرؤون على كتابة ولو خطبة واحدة ينددون فيها بالفساد المستشري مثل السرطان في كثير من مؤسسات البلاد .

كيف تريد الدولة من المربين والمعلمين والأساتذة أن يقوموا بتأطير الأطفال والمراهقين والشباب ، وهي لا توفر لهم الظروف المناسبة لذلك ؟ فمدارسنا وجامعاتنا لم تعد فضاء صالحا للتربية والتأطير ، بعدما صارت مثل أسواق شعبية مخنوقة بالبشر ، وغارقة في كل أنواع المخدرات التي تحول الشباب إلى أجساد تنتصب فوقها رؤوس فارغة مثل أعواد القصب يمكنها أن تذهب مع أي ريح .

كيف تريد الدولة من فقهاء المساجد أن يؤطروا الناس ، وجميعنا نعلم كيف هي الظروف القاهرة التي يعيش فيها هؤلاء ، حيث لا تتعدى أجور المحظوظين منهم سبعمائة درهم في الشهر ، رغم أن وزارة الأوقاف غارقة في الأموال ، حيث تعتبر أغنى وزارة في المغرب . وزارة الأوقاف غارقة في الأموال ، وغارقة في البخل أيضا .

كيف تريد الدولة من المجتمع المدني أن يتحمل مسؤوليته في حماية البلاد من خطر الإرهاب ، وهي لا تريد أن تحمي هذا المجتمع المقهور من خطر الفقر والبطالة والجريمة التي تتصاعد حدتها يوما بعد يوم ، في ظل الأوضاع المعيشية القاهرة التي يعيش نحت ظلها هذا الشعب المقهور .؟

كيف تريد الدولة من الشباب أن لا ينساقوا وراء الأفكار الظلامية المتطرفة وهي لا تبذل أدنى جهد في حمايتهم من خطر الفراغ القاتل والبطالة ، التي تعتبر العامل الأول والأخير لليأس ، الذي يجعل الشباب يرون الحياة بمنظار أسود قاتم ، ومن ثم ينساقون وراء أي تيار يصادفهم في الطريق ، قبل أن تحدث النهاية المعروفة .

إن الفرق بين العمليات الانتحارية التي ينفذها عشرات من شبابنا كل سنة سواء عن طريق قوارب الموت أو شنق أنفسهم دون أن يلتفت إليهم أحد ، والعمليات الانتحارية التي تهز البلاد هذه الأيام ، هو أن الذين ينتحرون في صمت يذهبون إلى قبورهم بعدما يئسوا من الحياة ، وفضلوا الانتقام من أنفسهم دون إيذاء الآخرين ، بينما الانتحاريون الذين يعتنقون فكر تنظيم القاعدة لا يريدون الذهاب إلى القبور الباردة من دون أن يصطحبوا معهم بعضا ممن يعتقدون أنهم كانوا السبب في مأساتهم ، ولو كانت الدولة تفكر في مستقبل أبنائها وتحرص على الاعتناء بهم لوجدت حلا لمأساة عشرات المعطلين الذين ينفذون عمليات انتحارية فاشلة أمام البرلمان ، لكن بما أن هؤلاء لا يشكلون خطرا على الأمن العام للبلاد ، فهي ستستمر في تجاهلهم إلى الأبد ، وستولي كل اهتمامها للانتحاريين الذين يتمنطقون بالأحزمة والحقائب الناسفة ، فالذي يهم الدولة ليس هو حياة المواطنين ، بل حياة مؤسساتها التي تستفيد منها الفئة المرضي عنها .

مسؤولية الدولة إذن واضحة ، وهي مسؤولية جسيمة يجب على المسئولين عن هذا البلد أن يتحملوها كما ينبغي ، فالتصريحات المطمئنة لا يمكنها أبدا أن تخفي الحقائق التي يراها القاصي والداني ، والمشاريع التي نشاهد الملك يدشنها في نشرات الأخبار وحدها لا تكفي ، يجب أن تكون هناك سياسة شاملة لتغيير هذا الوضع المعوج الذي دام أكثر من أربعين سنة كاملة .

المواطن المغربي لن يصير مطمئنا ، ولن يهنأ باله إلا عندما يرى التغيير على أرض الواقع .

المواطن المغربي لا يطلب أشياء مستحيلة ليصير إنسانا " صالحا " ، انه يطلب فقط عيشا كريما ، يقيه من ويلات الزمن التي لا ترحم ، ويطلب أيضا أن يتم التعامل معه من طرف مؤسسات الدولة باحترام ، دون أن يستهتر احد بكرامته ، لكي يشعر أنه بالفعل مواطن حقيقي .

فمتى ستفكر الدولة في تحمل مسؤوليتها كاملة ؟ هذا هو السؤال الذي ننتظر من أهل الحل والعقد أن يجيبوا عنه بلغة واضحة وبسيطة لا تشتم فيها رائحة الخشب .

بقلم : محمد الراجي
طالب في كلية الآداب والعلوم الانسانية ، جامعة " ابن زهر" ، مدينة " أغادير" جنوب المغرب



#محمد_الراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الراجي - متى ستفكر الدولة في تحمل مسؤوليتها كاملة؟