أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - هل يطيح الانتحاريون برأس فؤاد عالي الهمة الحلقة الثالثة















المزيد.....

هل يطيح الانتحاريون برأس فؤاد عالي الهمة الحلقة الثالثة


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1900 - 2007 / 4 / 29 - 11:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صناعة الموت

يبدو اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن الأحزمة الناسفة والعمليات الانتحارية دليل على انسداد الآفاق وفقدان الأمل، كما تأكد أن عبد الفتاح الرايضي لم يكن حالة معزولة حركتها روح الانتقام ممن عذبوه وأساؤوا إليه، وإنما هو حلقة ضمن سلسلة تضم على الأقل 30 شخصا مشتبها من الانتحاريين المتجولين ، حاملين الأحزمة الناسفة تحسبا لأي طارئ بالدار البيضاء وطنجة ومراكش وأكادير والصويرة...، وكل هؤلاء منحدرون من نفس الفضاءات التي أنجبت انتحاريي 16 ماي 2003.
فكل المؤشرات والمعطيات تؤكد أن انتحاريي 11 مارس وأبريل الجاري انبثقوا من نفس الأوساط والبيئة التي انبثق منها قبلهم انتحاريو 16 ماي 2003، الشيء الذي يبين، مرة أخرى، غياب سياسة واضحة المعالم ومحددة المقاصد للتصدي إلى ينابيع الإرهاب وإنتاج وإعادة إنتاج الانتحاريين من جهة، ومن جهة أخرى يبين عدم جدوى الاقتصار على المقاربة الأمنية لمواجهة آفة العصر، الإرهاب، وهذا مؤشر قوي على فشل السياسة الأمنية المعتمدة وقصور نظر مبلوريها والقائمين على تنفيذها.
فما وجب الوقوف عنده هو أن منفذي العمليات الانتحارية مغاربة تمكنوا من صنع وتركيب متفجرات باستعمال مواد تقليدية، والنهج الذي سارت عليه تلك الانفجارات يعتبر جديدا بالمغرب، إن الطريقة والوسائل التقليدية وصنع المتفجرات، كما وكيفا، واعتماد استعمال محلات في أحياء شعبية، حيث سومة الكراء رخيصة، تفيد غياب دعم خارجي أو مصدر تمويل مهم. فهل هذا يعني أن "صناعة الموت" بدأت تتعقد ببلادنا و قد برز أبطالها الأوائل منذ 11 مارس 2007 عبر تفجير عبد الفتاح الرايضي نفسه بمقهى الانترنيت، وانتحاريي أبريل الجاري (محمد مانطالا (32 سنة)، محمد الراشيدي (37 سنة) وأيوب الرايضي (22 سنة) (الأخ الأصغر لعبد الفتاح)، سعيد وبلواد والأخوان مها)، وكل هؤلاء ترعرعوا داخل فضاءات فرخت التطرف منذ فجر الآلفية الثانية.
والداعي للحديث عن "صناعة الموت" هو أن جملة من المؤشرات تبين أننا أمام آليات إنتاج وإعادة إنتاج إرهاب محلي، انضافت إلى مساهمة بعض المغاربة في العمليات الإرهابية على الصعيد الإقليمي والعالمي، ومختلف المعطيات تؤدي بنا إلى وجهة واحدة، الفضاءات المهمشة التي تعاني أكثر من غيرها من انعكاسات الفوارق الاجتماعية الصارخة وحيف توزيع الثروات الوطنية.
فلا زال لحد الآن كاريان طوما، على سبيل المثال لا الحصر، يضم 5000 سكن غير لائق تداس فيه الكرامة والصفة الإنسانيتين وتغتال فيه صفة المواطنة يوميا بفعل رداءة، بل "بهيمية" (نستسمح عن هذه العبارة لكنها الحقيقة) ظروف العيش هناك، وكان بالإمكان اعتماد اكتتاب من طرف ميسوري الحال بالمغرب، الأقلية التي تسيطر على حصة الأسد من ثروات البلاد، للمساهمة في حل إشكالية السكن غير اللائق، على غرار ما وقع بخصوص مسجد الحسن الثاني، وذلك كشكل من أشكال التضامن والتكافل الاجتماعي، ما دامت هذه الأقلية ظلت المستفيدة الأكثر من غيرها من كل السياسات الاقتصادية التي اعتدمها القائمون على الأمور منذ حصول بلادنا على الاستقلال (السياسات القطاعية، التسهيلات، استرجاع الأراضي المغربية، الخوصصة، الامتيازات...)، وكان لابد من السير على هذا الدرب باعتبار أن الفضاءات مثل كاريان طوما ودوار السكويلة مثلا، تعرف نسبة نمو ديمغرافي يفوق 7 في المائة، أي بمعنى آخر، وتيرة سريعة لإنتاج وإعادة إنتاج "مشاريع الانتحاريين، شغيلة صناعة الموت بدون راتب وبالمجان"، ويتأكد هذا الأمر، إذا علمنا أن هذه الفضاءات تعاني أكثر من غيرها من البطالة، إذ أن نسبتها هناك تتجاوز 85 في المائة في المتوسط، هذا في وقت تكاد فيه القوة الشرائية بها تقارب الصفر، فماذا والحالة هذه، يمكن الانتظار من هؤلاء؟
فبخصوص دوار طوما، تم إجراء 4 إحصاءات لقاطنيه، لكن القائمين على الأمور أداروا ظهورهم لهم، اعتبارا لتفضيلهم المقاربة الأمنية المحضة عوض اختيار المقاربة الشاملة، بالرغم من أن الأولى أظهرت محدوديتها في مختلف البلدان التي استهدفها الإرهاب، وبذلك ساهموا، إما عن وعي أو دون وعي، في توسيع دائرة تفريخ المزيد من الانتحاريين، لأنه لا يعقل أن تظل الحالة على ما هي عليه على امتداد 4 سنوات بهذه الفضاءات؟ أم أن القائمين على الأمور لهم أولويات أخرى، وبالتالي فليذهب أهل هذه الفضاءات إلى الجحيم، إنه أمر لا يستسيغه عقل سليم.
إن "صناعة الموت" تجد فاعليها في أناس فقدوا إنسانيتهم، إذ لم تعد الحياة في عيونهم ذات قيمة، حياة في ظروف لم تعد تطاق، وبالتالي فلم يعد لديهم ما يخسرونه أو يخشون فقدانه ما داموا لا يرجون شيئا من الغد القريب أو البعيد إلا المزيد من مرارة العيش واستدامة صيرورة الموت البطيء، إنه اليأس المطلق.

خلاصة القول

سواء استمر فؤاد عالي الهمة في اضطلاعه بمهامه أو سلمها لمن سيعوضه، إن قضى الملك محمد السادس بذلك ، فهناك حقيقة لا مناص من إدخالها في الحسبان بقدر الأهمية القصوى التي تستحقها، وهي أن هناك الكثير من المغاربة لازالوا يفتقدون لأبسط شروط الحياة الكريمة، دوار طوما ودوار السكويلة نموذجان للمثال لا للحصر، يقدمان صورة حية لعمق المعاناة اليومية لجزء مهم من ساكنة المغرب، والتي دامت سنوات عديدة ولازالت، مما جعل العديدين يفقدون الإحساس بالانتماء للوطن الذي لم تعد تربطهم به الآن إلا بطاقة التعريف الوطنية المفروضة قانونيا حتى يكون حاملها مجرد رقم بسجلات المصالح الأمنية والمخابراتية لتسهيل مراقبته وتعقب آثاره عند الحاجة وأحيانا بدون حاجة، لكن، ما يخفى على الكثيرين من القائمين على المسألة الأمنية ببلادنا، هو عندما يضيع إحساس الإنسان بالانتماء لحضن الوطن إذ يمكن أن يفجر نفسه في وجه هذا الوطن ببرودة دم، هذا هو الدرس الأول الواجب استخلاصه من الأحداث الدامية الأخيرة التي كانت الدار البيضاء مسرحا لها.
والدرس الثاني، هو وجوب استحضار الظروف التي تم فيها الاستصدار السريع جدا لقانون الإرهاب، وذلك حتى لا تتكرر الكارثة ثانية بخصوص التفكير في "قانون الإرهاب المحلي".
أما الدرس الثالث، فهو: كفى ضحكا على الذقون بالخطابات البراقة التي تأكدت مجانيتها وعدم جدواها وتجلى فراغ فحواها في نظر المواطن العادي، وذلك باعتبارها تتناسى عن قصد الواقع المر والمزري ولا تعير أي اهتمام للأسباب الحقيقية، فهي تصريحات من طينة تصريح وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، والذي قال فيه: "إن الإصلاحات الكبرى، التي انخرط فيها المغرب، والتي تندرج في سياق عصرنة الدولة هي، بالتحديد، التي تزعج الأوساط الإرهابية"، وأقل ما يمكن قوله كتعقيب هو كفى إصرارا بتجاهل العوامل الحقيقية المساعدة على ارتماء شباب في ربيع عمرهم بين أحضان الإرهاب، كارثة وآفة العصر بامتياز، والأولى للتصريحات الرسمية، في مثل هذه الأوضاع، أن تتناول مباشرة، بجرأة وبدون لف ولا دوران، الأشياء التي لها مدلول ملموس وواضح لتنوير الرأي العام والمواطن العادي بخصوص تجفيف ينابيع الإرهاب والتطرف واجتثاث العنف من جذوره عوض الاستمرار في متاهات فكرية لا يلامسها المواطن المغربي العادي في حياته اليومية، لأن الإرهاب بدأ يخبط خبط عشواء عندنا حاليا.
الدرس الرابع الواجب استخلاصه هو، أن الإرهاب الاجتماعي الذي يتولد عن اليأس والقنوط وفقدان الاطمئنان في الغد القريب وفقدان الثقة في المؤسسات وقدرتها على الفعل لتغيير الواقع المر، كل هذا ينتج مواطنين من درجة ثانية أو ثالثة أو رابعة.. يتقززون من انعكاسات التفاوتات الاجتماعية الصارخة والمفضوحة، ويعانون من سوء الأوضاع وتردي واقعهم المعيشي اليومي، الذي لا يمكن معالجته إلا بتسريع حركة التنمية المستدامة وتعبئة الأجدر بتحمل مسؤوليتها عوض الاستمرار في تكريس عملية القرب والولاء والزبونية، وليس الاكتفاء بالخطابات والتصريحات الفضفاضة التي لا تعني شيئا بالنسبة للمواطن العادي الذي انتظر طويلا لمعاينة بشائر تغيير واقع الحال بدون نتيجة، إذ لا يمكن توحيد الجهود للتصدي للإرهاب مع استمرار تفشي الكفر بالوطن الذي لا يرعى الكثير من أبنائه ولا يوفر لهم شروط العيش الكريم. ومن هنا يبدو بجلاء فشل المقاربة الأمنية المنتهجة منذ مايو 2003، والتي بلورت مبادرات صورية لمحاربة الفقر وتدابير عرجاء لتحسين الظروف الاجتماعية لقاطني الأحياء الهامشية والمقصية، وهنا بالضبط يكمن الخلل الكبير لنهج التدبير الذي اعتمده فؤاد عالي الهمة كقائم على الملف الأمني ومنسق للأجهزة الأمنية والمخابراتية.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على عالي الهمة أن يستعد للمستقبل.. فإن التاريخ يعيد نفسه
- قانون الإرهاب السيئ الصيت مهندسه ومدبره فؤاد عالي الهمة
- منير محمد رشيد / التقدم والاشتراكية
- كيف قمع الحسن الثاني الاحتجاجات؟ الحلقة الثانية
- الشعب المغربي لا يملك القدرة على تغيير حكومته
- كيف قمع الحسن الثاني الاحتجاجات؟ الحلقة الأولى
- حسن أبوعقيل – صحفي
- أحمد رامي / معارض مقيم بالسويد
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الرابعة
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الأخيرة
- ماذا ينتظر المغاربيون من أوروبا؟
- بن لادن يهدد المغرب بالبوليساريو
- قمة عربية وقمة تردي الأوضاع
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الأولى
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الثانية
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الثالثة
- من معضلات البرلمان المغربي
- تدبير الأزمات المركبة فن لا يتقنه الجميع
- ماذا عساي أقول ..؟
- عودة الإرهاب إلى المغرب


المزيد.....




- إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
- مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما ...
- سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا ...
- مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك ...
- خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض ...
- -إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا ...
- بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ ...
- وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
- إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - هل يطيح الانتحاريون برأس فؤاد عالي الهمة الحلقة الثالثة