|
العلمانيه..والعقب الحديديه
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 1897 - 2007 / 4 / 26 - 12:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تبدو الحياة التي نعيشها في التاريخ المعاصر غنيه بالمفاهيم التي اخترعها لنا الصراع الدائر في العالم بين الاسلام السياسي والغرب المتدين,هذا الصراع الذي تؤطر مضامينه جمله الخواص التي ادت الى تقييد الحريات الشخصيه والتعدي عليها بحجة مكافحة الارهاب او الوقايه منه.وفي الحالتين تكون حرية الانسان هي المستهدفه وهي الطريقه نفسها التي كانت تتبعها الدول في السابق في الخفاء اما اليوم فأنها تحدث بشكل علني وتساعد الكثير من الدول التي تتدعي الديمقراطيه الولايات المتحده في خطف واعتقال اي شخص ترغب الاخيره في اعتقاله دون توجيه اية تهمه له والاشتباه به وحده يكفي لنقله الى سجونها السريه في اوربا او سجن غوانتناموا سئ الذكر.والغريب ان وسائل العلام لدى تناولها هذه الاخبار لا تسلط الاضواء على مسأله تبدو هي الابرز في هذه الموضوعات وهي التعدي على دستور البلد الذي يتم اختطاف احدا فيه كما حدث اثاء اختطاف مواطن الماني من اصل لبناني في البوسنه وكذلك اختطاف ايطالي من اصل مصري في روما والكثير من حالات الاختطاف التي قامت بها الولايات المتحده دون ان تعير اي اهتمام لقوانين تلك البلدان ولو حدث العكس وان قامت مجموعه فلسطينيه او ايرانيه بخطف اي امريكي وبتهمه واضحه فأن الدنيا كلها ستهب لتلقي تهمه الارهاب والقرصنه على تلك العناصر بيما لم يتجرأ احد من نقد عمليات الخطف سوى بعض الصحف الاوربيه النزيهه التي لا تتردد في توجيه تهمة الارهاب الى جورج بوش نفسه..والحقيقه ان هناك عمليات انتهاك واضحه تسهم في اضعاف مصداقيات تلك الحكومات الخاضعه لامريكا والتي لا تسطيع فعل شئ سوى الطاعه...ان هناك الكثير من الذين يجندون انفسهم لاحلال العداله الاجتماعيه واقامة دولة القانون لكن هذه القضيه تواجهها اليوم الكثير من العوائق في مقدمتها الظروف الدوليه التي تتحجج بها الحكومات والحرب على الارهاب التي اعطت دعما للحكومات المستبده هي خير مثال على عقم الظروف الدوليه التي تحول دون تحقيق مطالب الاغلبيه من ابناء شعوب العالم العربي في اقامة مجتمعات مدنيه تحكمها دساتير علمانيه تسهم في معالجة المشاكل الاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه التي تعاني منها تلك البلدان بدلا من حالات التوريث المنتشره فيه وكأنها ملكيات فرديه لا تمثل فيها الشعوب الا احجارا يتم التحكم بها كما يشاؤون وتدفع ثمن اخطاء وجهل تلك الحكومات وهي ممتنه لها وتهتف بأسمها...وقد لعبت الحكومات التي تدور في الفلك الامريكي دورا في جعل الحريات مقيده الى ابعد حد بنفس الحجه وهذه المره تحظى بالدعم الامريكي الى ابعد حد طالما ان الهدف مشترك,ورغم ان الولايات المتحده تسلط سيفا على اعناق تلك الحكومات وهو التقرير السنوي لحقوق الانسان الذي يضعه مجموعه من اشد منتهكي حقوق الانسان في العالم وكلنا نعلم انه يوضع لاهداف سياسيه امريكيه بحته وكورقة ضغط تتلاعب بها كيفما تشاء وفي الوقت الذي تشاءه الا انها تمارس ابشع انواع انتهاكات حقوق الانسان وتضمن سكوت الحكومات ووسائل الأعلام وخاصة العربيه تلك التي تتدعي الحياديه والاستقلال.ان ما اود الحديث عنه هنا هو تلك المعوقات التي تواجه الذين يعملون على اقامة مجتمعات تخلو من الاسس العنصريه التي تميز بين افراد المجتمع الواحد بحجة الدين او القوميه او التوجهات الاخرى التي يتخذوها سبيلا لهم من اجل تحقيق اهدافهم,وتشكل هذه المعوقات التي تضعها الحكومات العقب الحديديه المتحكمه في طريقه اداء الحكومات لعملها وكذلك الوسيله التي تقيد مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب السياسيه بها.وتصبح الجماهير في مثل هذه الحالات اسيره الاعلام الحكومي الذي يروج لبضاعته بكثافه اكثر وحصر الذين يقفون بوجه القوانين التي تصدرها تلك الحكومات في زاويه وكانهم اعداءا للشعب وليس العكس..ورغم ان تحقيق المطالب الجماهيريه بالنسبه للحكومات لا يمثل عامل ضعف بقدر ما يجعلها تخطو بها نحو الامام وتكسب ثقتها الا ان الخوف والسلطة الحديديه هي التي تفرض نفسها على الاحداث عند دراسه كل تجربه عربيه على حدى وكانها تقدم على تنازلات تنال من هيبتها وكرامتها بين تلك الجماهير..ان يقف حاكم عربي ويعلن جمله من الاصلاحات التي من شانها احداث تغيير جذري في حياة الناس ومعيشتهم من خلال تغيير الدستور وتجعله يواكب الحياة التي نعيشها هذا ما لا نحلم به على الاقل في الوقت الحاضر!!وهذه المطاليب ليست بالمستحيله لكنهم يعتقدون انها تهدد كراسي حكمهم لان وجود المشاكل الاجتماعيه والاقتصاديه هي التي تطيل عمر الحكومات في بعض الاحيان لان الشعب حينها يكون منشغل وعاجز عن مواجهه الحكومات المستبده..بينما تكون هذه الحاله هي المحرك لها لاسقاط هذا النوع من الحكومات او احداث تغييرات فيها في البلدان التي تلعب فيها مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب السياسيه دورا فعالا غير ابه باستبداد الدوله واجهزتها القمعيه..اما في المثال العراقي فتبدو الدوله العلمانيه بعيده عن متناول ايدينا طالما يشجع الاحتلال قوى الظلام والتطرف من الاحزاب الدينيه كالدعوه والمجلس الاعلى والتيار الصدري والحزب الاسلامي على امتلاك واجهة الحدث السياسي لانها تعلم جيدا ان القوى العلمانيه لن تسمح لها باستباحة البلاد ونهب مقدراته حتى علاوي العلماني الذي يعمل مع الاحتلال تتخوف منه الولايات المتحده لكنه بالنسبة لها شر لا بد منه كي تتوازن المعادله ويعمل الجميع باختلافاتهم على خدمة المشروع الامريكي..وعند زوال الاحتلال سيكون من اولويات الحكومه التي ستعمل على اعاده الحياه الى المجتمع العراقي ان تضع حدا لتلك التيارات التي عبثت باستقلال الدوله وعمل رجالها كمطايا للاهداف الامريكيه وخليل زاد وخليفته..فالمجتمع العراقي اصبح متعودا على الانتقال من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وبالعكس واذا ما حلت قوات دوليه تابعه للامم المتحده لحفظ السلام في العراق في حاله انسحاب قوات الاحتلال فان الشعب لن يتوانى في توجيه ضربته القاضيه لتلك الفئات التي ارادت ولازالت تعمل على ان يكون العراق مطيه ومستعمره لامريكا وقوى التطرف الديني المستورده من ايران والسعوديه وكل مطلع على تاريخ العراق يعلم جيدا ان العراق لا يمكن حكمه بالطريقه التي تحدث اليوم فقد تحولت البلاد الى غابه يعبث بها الوحوش من كل طرف وتخليص مجتمعه من هذه الامراض لن يحدث الا عبر تشريعات قانونيه تضع في الحسبان الحاله التي وصل اليها المجتمع من دمار وبؤس وتفكك اجتماعي وانعدام حالة التوازن وكل ذلك من شأنه دفع البلاد الى حاله من الهدوء للتخلص من الامراض التي تسبب الاحتلال وحكوماته المأجوره بها...ان الحاله التي يعيشها شعبنا اليوم شبيهه بتلك المرحله التي سبقت ثورة العشرين وكذلك الحاله التي سبقت انتفاضة الشعب عام 1952 ولكي لا نغرق بالتفاؤل نقول ان امام القوى اليساريه والعلمانيه في العراق مهاما صعبه وعقبات لا بد من التصدي لها بنجاح قبل ارغام الحكومات على الاعتراف بمطالب الجماهير التي حرفها الاعلام الموالي للاحتلال في العراق اليوم والمتمثله بأحلال العداله الاجتماعيه التي تجعل البلاد تعيش حياتها الطبيعيه البعيده عن الاحقاد والضغوطات التي راح الاحتلال ومن قبله الدكتاتوريه ينشرانها في البلاد..فقد اثبتت كل التجارب ان الشعب العراقي هو اخر الشعوب التي تمتهن التطرف والعنف والاحقاد الدينيه والمذهبيه.
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيف الدوله العنصريه...
-
مجزره مروعه في بعشيقه...
-
العلمانيه...والهويه الوطنيه
-
الهولوكوست ..العراقي
-
عقوبة الاعدام...والطريق للتخلص منها
-
العمل النقابي..دوره في مجتمعاتنا 1
-
النظام الاقتصادي في الدوله العلمانيه
-
ألمثقف..وصراع الحضارات
-
عقوبة الاعدام ..والتساؤلات المشروعه
-
.. العلمانيه وألأسس الفكريه للدوله الحديثه 2
-
العلمانيه..والأسس الفكريه للدوله الحديثه1
-
العراق..اربعة اعوام من النكبه
-
الحرب المقدسة...
-
مؤسسات المجتمع المدني..الدور الغائب
-
دور الافراد في الدستور العلماني..
-
الرأسماليه..وعولمة المجتمعات..2
-
الرأسماليه..وعولمة المجتمعات
-
اليسار الماركسي العراقي..والحوار الغائب
-
المعادله العراقيه...والوجه الاخر للحدث
-
سقوط الدكتاتوريه..والبديل الديمقراطي
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|