أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال الدين بن عبد الجليل - التابو المسكوت عنه














المزيد.....

التابو المسكوت عنه


جمال الدين بن عبد الجليل

الحوار المتمدن-العدد: 1897 - 2007 / 4 / 26 - 11:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا أجد لمفردة التّابو مرادفا لها غير مركّب " المسكوت عنه في الخطاب العام أو بالأحرى الممنوع الخوض فيه بشكل مسبق ما قبليّ في الفضاء العام لتشكّل الخطاب" ، و للتّابو بهذا التعريف وظائف و أدوار هامّة و خطيرة في تشكّل بنى العلاقات على مستوى اجتماعي، أخلاقي و نفسي و حتى سماتها الثقافية و تداعياتها في الخطاب السياسي. من بين هذه الوظائف التي تؤدّيها التّابوهات و تقوم بها من خلال سياق اجتماعي و ثقافي معيّن يوجدها و يرعاها، هو المحافظة على راهنيّة و هيمنة واقع سائد يحمل في داخله تناقضات و تضادّات يعجز عن حلّها دون تجاوز ذاتيّ.
فالتّابو هنا يكرّس استقرارا مموّها لبنى معيّنة مهيمنة على الواقع و يخفي اهتزازها و تهافتها و عدم تماسكها، فهو يبدو هنا كالمسكّن للآلام في حال الإصابة بمرض عضال دون طلب الشفاء. و من أشدّ خصوم التّابو في هذا المقام تأتي هنا المصارحة العلنيّة و وضع الإصبع على الجرح مباشرة دون تورية أو تمويه. للتّابو خطوط دفاع أمامية تمنع و تعيق حصول المصارحة و المكاشفة العلنيّة، تتلبّس أحيانا لبوس الأخلاق و الأعراف و العادات ووجوب الصمود دفاعا عنها و المحافظة عليها و تحمي أحيانا أخرى من الإحساس بالخوف من الوقوع في الخطيئة و من التعرّض للإهانة أو الاستصغار في أنظار الآخرين.
لعلّ من أبرز الأجهزة الدفاعية عن التّابو و المكرّسة لاستمرار بقائه و هيمنته هي عقدة الذنب و عقدة الفضيحة، و لعلّ الثانية تلعب دورا أكثر حضورا و تأثيرا في المجتمعات الشرقية بما فيها المجتمعات االعربية (مسلمين و مسيحيين) المتسمة عموما بأنّها مجتمعات محافظة اجتماعيّا و ثقافيّا. و أقتصر هنا في هذا المقام على تناول التّابو على مستوى استقراء الواقع الاجتماعي و العلاقات المشكّلة له و المتشكّلة فيه.
أرى أنّ العلاقات الاجتماعية كتعبير و انعكاس لمجموعة بُنى قيميّة و ذهنيّة و نفسيّة مهيمنة و مستحكمة يمكن أن تعتبر مؤشّرا ذا أهمية لما يمكن أن نعبّر عنه بالتنمية البشرية من حيث أحد أهمّ أوجهها. فالظواهر الاجتماعية و السلوكية تكشف عند تناولها بوعي و التوقّف عندها بتروٍّ عن مجموع هذه البُنى القيميّة و النفسية و الذهنية التي تعبّر عنها.
فالمواضيع و الثيمات المتعلّقة بعناوين مثل الدين، المرأة ، الجنس، العنف و غيرها في المجتمعات العربية تكشف عند التوقّف عندها و تأمّلها عن عمق الأزمة و حالة التوتّر التي تسود المجتمع العربي الذي تتجاذبه بُنى تقليديّة من جهة بما تحمله من قيم و مفاهيم، و مظاهر حداثية من جهة أخرى بما تفرضه من تبعات و تأثيرات على هذه البُنى. فالمجتمعات العربية بقيت في مجملها في حالة تأرجح متوتّر بين بُنى علاقات تقليدية و أخرى حداثية متداخلة فيما بينها يصعب تعريفها، فلا هي تقليدية باقية على حالها و لا هي حديثة حققت نقلتها التحديثية على جميع المستويات.
هنا يؤدّي مركّب التّابو وظيفة هامّة في المحافظة على حالة التوتّر و الفصام البنيوي هذه التي تسود المجتمعات العربية.
د. جمال الدين بن عبد الجليل




#جمال_الدين_بن_عبد_الجليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين السؤال و الجواب
- الفرد و الجماعة و المجتمع
- قراءة الواقع و قراءة النصوص
- الأفكار و التفكير
- عَقْل و عِقَالٌ


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال الدين بن عبد الجليل - التابو المسكوت عنه