|
في الأول من أيار .. عيد العمال العالمي
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:05
المحور:
ملف الاول من آيار -العلاقة المتبادلة مابين الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني
الأول من أيار عيد العمال العالمي ، يحمل هذا العام سمات جديدة ، ليست هي على اختلاف بين مع ما كان عليه الحال في الأعوام القريبة السابقة ، لكنها تتمع بخاصية لافتة ، لابد من أنها سيكون لها منعكساتها الهامة على النضال العمالي محلياً وإقليمياً ودولياً أهم هذه السمات تتجلى في أن الانحدار المريع في العملية الثورية العالمية ، نتيجة إنهيار المعسكر الاشتراكي السوفييتي بمفاعيل داخلية وخارجية ، في أول العقد الأخير من القرن الماضي ، قد أخذ أبعاده وتم إلى حد كبير احتواؤه ، ودخلت الحركات الثورية في مرحلة إعادة بناء قواها وتعزيز صفوفها وتجديد رؤاها ، وباتت تضم في صفوفها آلاف المنظمات والحركات والمؤسسات المناهضة للهيمنة والعولمة والحروب الرأ سمالية المتوحشة ، وبدأت مبادراتها .. هجومها المعاكس .. بالهجمات الباسلة في عدد من المدن التي اختارها أركان حرب الاحتكارات الإمبريالية للقاءاتهم والتخطيط لمزيد من الهجوم على الطبقة العاملة والشعوب في القارات الفقيرة المهمشة . وكان أبرز تلك الهجمات المضادة هو تعزيز وتكريس انتصارات قوى اليسار ديمقراطياً باستلام السلطة في فنزويلا وتشيلي والبرازيل وبوليفيا ونيكاراغوا والأكوادور .. في أقرب مسافة من المركز الإمبريالي العالمي
كما تتجلى في تعثر هو أقرب إلى الفشل للمشروع الأميركي ـ الدولي أمام مقاومة الشعوب المتعددة الأشكال ، في بسط الهيمنة على العالم تحت ذرائع كاذبة ومسوغات " العولمة " و " الديمقراطية " و " حقوق الإنسان " و " نعيم " التجارة الحرة ، وأخيراً تحت عنوان " الحرب على الإرهاب " . وقد انكشف زيف المزاعم الأميركية والرأ سمالية الدولية ، من خلال ، تزامن محاولة بسط هذه الهيمنة بالتآمر والحرب ، مع تعمق وتوسع انتشار الفقر والمجاعات والأوبئة والدمار على المستوى العالمي ، لاسيما في مسرح العمليات المحوري الدموي التدميري في الشرق الأوسط . وانكشف بسرعة قياسية ، أن العولمة الرأسمالية والتجارة الحرة لم تطرحا حلاً شريفاً لأزمة قارات الفقر ، ولضمان السلام العالمي وحريات الشعوب ، وتطوير إبداعات الإنسان من أجل عالم أكثر حرية وعدالة وكرامة ، وإنما تم طرحهما حلاً قذراً لحل أزمة الرأسمالية العالمية من خلال إ شعال الحروب المحلية والإقليمية ونشر الفوضى " الخلاقة " ، لتشديد النهب لثروات الشعوب والتحكم بالمناطق الجيو ـ سياسية واحتكار التكنولوجيا والرأ سال المالي ، وا ستدامة منتوج صناعة الأسلحة وتبرير الإنفاق العسكري الجنوني على حساب حياة ومصير المليارات من القوى العاملة والشعوب الفقيرة المهمشة
ولعله من أبرز تجليات السمات الجديدة ، هو سقوط كل وسائل التمويه على عملية الصراع الطبقي من جهة .. ولإعادة صياغة المفهوم الطبقي السياسي من جهة أخرى . إذ أن القوى الكادحة والشعوب الفقيرة قد اصبحت تدرك ، بصورة متزايدة الوضوح ، أن الرأسمالية الإمبريالية الاحتكارية وأتباعها في بنية الرأسمالية عامة وعملاءها من الحكام في الأنظمة المفوتة هي التي تقوم بإفقارها وتجويعها وخلق أزماتها واختناقاتها المعاشية ، وهي التي تنهب ثمار عرقها وثرواتها الوطنية . وسيد البت الأبيض ، لم يعد بالنسبة لها كما يزعم ، رئيساً لدولة الديمقراطية وقطباً " للعالم الحر " وإنما هو الاستغلالي الأول في نظام ا ستغلال الإنسان للإنسان ، وهو الدكتاتور الأعظم على رأ س الدكتاتوريين الآخرين في النظام الدولي المعادي لحريات الشعوب وحقها في تقرير مصيرها ومستقبلها ، ما أدى إلى أن قوى جديدة انضوت تحت طرفي الصراع الطبقي التقليدي المبسط ، فالطبقة العاملة لم تعد لوحدها هي القطب المواجه للرأسمالية ، وإنما اصطفت إلى جانبها ، كجزء عضوي منها ، قوى جماهيرية اجتماعية وسياسية جديدة تعيش من بيع قوة عملها في الأرض والخدمات والإدارة والمرافق ، أو تفرض عليها بالقوة المذلة التبعية للمركز الإمبريالي ، وبالمقابل ا ستطاعت القوى الرأسمالية الاحتكارية أن تعيد تنظيم صفوفها ، وإيجاد صيغ تنسيقية وإخضاعية مع قوى محلية وإقليمية سلطوية واستبدادية ، لتكريس هينمتها وعولمتها الأكثر ا ستغلالاً وجشعاً وأخيرأ ، وبعد تستر لاأخلاقي ولاإنساني إفتضح أن الاحتكارات الرأسمالية العملاقة وخاصة الناشطة في أميركا وروسيا والمملكة السعودية والصين ، تقوم بتعريض مصير الكوكب الأرضي للفناء ، بامتناعها عن تطوير مصانعها المنتجة للغازات التي تخترق طبقة الأوزون حول الأرض ، حتى تحقق المزيد من الأرباح والمزيد من تراكم الثروات ، ما يؤكد على أن النظام الرأسمالي بات يشكل خطراً وجودياً على الإنسانية كلها
لملاقاة ذلك ، تبرز الضرورة القصوى لإنهاض الحركة العمالية أكثر فاكثر ، وفق معايير المفهوم الاجتماعي ـ السياسي الطبقي ، لتقوم بدورها التاريخي ، في مواجهة عدوانية وجشع الاحتكارات الرأسمالية الدولية وآلياتها اللصوصية المدمرة ، لإنقاذ البشرية من أطماعها وهيمنتها المتوحشة على الشعوب . وتبرز مترافقة معها ضرورة التعاطي مع الاستحقاقات المحلية .. أي المهام الوطنية الديمقراطية والاجتماعية المطروحة أمام مختلف أطياف القوى المعنية بهذه الاستحقاقات
إن الواقع الموضوعي يحفز على مستوى عال من المشروعية الإنسانية والسياسية للحركة والنهوض فعلى المستوى العالمي ، هناك ثلثا سكان العالم يعيشون بأقل من دولارين أو دولار واحد في اليوم . ونحو مليار إنسان لايتمتعون بالخدمات الصحية . ومثلهم عددياً محرومون من نقطة ماء الشرب النظيفة . و 80 % من سكان القارات الفقيرة يعيشون في بيوت بدائية . كما أن هناك نحو مليار إنسان عاطلون عن العمل . و800 مليون إنسان أمي . وعشرون ألف طفل يموتون من الجوع يومياً و200 مليون طفل يكابدون الجوع اليومي . إضافة إلى العديد من المعاناة البائسة الأخرى . وتشير الدراسات المؤسساتية الموثوقة أنه في عقود السنين القادمة سوف يكون أربعة أخماس البشرية ، بسبب سيطرة الأسلوب الرأسمالي للإنتاج ، كمية بشرية زائدة لالزوم لها ، وسيكون أكثر من أربعة مليار إنسان عرضة لفناء التهميش والجوع والفقر والأوبئة
على المستوى الإقليمي ، فمن أصل 300 مليون إنسان يعيشون في البلدان العربية ، هناك 75 مليون يعيشون على دولار واحد في اليوم ، وهناك 50 مليون لايحصلون على الغذاء الكافي ، و30 مليون عاطل عن العمل . يضاف إلى ذلك معاناة الشعوب العربية من ا ستبدا وقمع الأنظمة الدكتاتورية المتعاونة مع المركز الإمبريالي سياسياً واقتصادياً وأمنياً . ورغم أن البلدان العربية هي من البلدان الغنية بثرواتها البترولية والمتميزة بموقعها الجيو ـ سياسي ، فإنها تتصدر البلدان الأكثر تخلفاً والأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان . وعلى الرغم من أن المدخول العربي من النفط قد تجاوز حتى الآن 7 آلاف مليار دولار ، فإنه على أطراف الصومال والسودان هناك ملايين الناس تتضور جوعاً ويموت مئات الآلاف من الجوع سنوياً . في حين تحتاج عملية التنمية الاقتصادية والبشرية فقط إلى 160 مليار دولار
أما على مستوى العامل الذاتي ، فإنه يمكن القول ، أن ماتم حتى الآن من نشاط تأسيسي وحركي على المستوى العالمي ، لايزال يحتاج إلى جهود كبيرة لتوسيعه ومضاعفة فعالياته ، وهناك رهان واقعي على المستقبل القريب لتحقيق ذلك ، وخاصة على مستوى الاحتجاجات والانتفاضات وانتقالها إلى البلدان المهمشة ، وذلك سيتناسب طرداً مع تزايد عدوانية ولصوصية القوى الإمبريالية الدولية الحلقة الأضعف في العامل الذاتي المناهض للمشروع الإمبريالي الاحتكاري تتموضع في البلدان العربية ، وذلك على الرغم من أنها هي المستهدفة قبل غيرها من البلدان لأسباب باتت معروفة ، وهي مصلحياً مطالبة قبل غيرها بالمواجهات المؤثرة والحاسمة لهذا المشروع . هناك بدايات احتجاجية جريئة مبشرة تجسدت بالمقاومة الوطنية في العراق ولبنان وفلسطين وبالإضرابات العمالية في مصر والمغرب ، إلاّ أن ذلك حتى الآن لايغير بالمشهد العام للعامل الذاتي الإقليمي وإذا كان من الإنصاف عدم تجاهل دور الاستبداد القمعي والاحتلال في تغييب هذا العامل أو إضعافه ، في عدد من البلدان العربية خاصة في دول الخليج وسوريا وليبيا ومصر والعراق والسودان وتونس والمغرب ، إلاّ أنه قد آن الأوان لتجاوز كل المعوقات ، من أجل إعادة بنائه وحضوره وممارسة دوره المطلوب
من هنا تبرز أهمية العلاقات المتبادلة فيما بين النقابات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني . ولأن الشعوب في البلدان العربية عموماً تعيش في الظروف الراهنة حالة صراعات .. باردة أو ساخنة .. وخاصة في البلدان العربية الأساسية ، سوريا ، مصر ، العراق ومعها دول الخليج ، الجزائر ، المغرب ، السودان ، فمن الأهمية بمكان الإشارة ، إلى أن الأحزاب المعنية هي أحزاب معارضة عامة أويسارية خاصة ، وهي إما مقموعة وإما محاصرة مختزلة الحجم والقدرة ، ولازالت أ سيرة الاعتماد على النخب الثقافية والسياسية ، وإلى أن النقابات المعنية ، هي ، النقابات التي خارج السلطة ( إن وجدت ) ومنظمات المجتمع المدني هي منظمات محدودة النشاط أو مقموعة ويقتصر نشاطها على المجال الحقوقي فحسب . بمعنى ، كما أعتقد ، أن إقامة العلاقات المتبادلة فيما بين القوى المذكورة ، إذا توفر ذلك في هذا البلد أو ذاك فإنها ينبغي أن تشكل آلية توحيد أنشطة هذه القوى ، ضمن إطار نضالي أرقى من صيغة عمل جبهوي ويستند إلى خلفية برنامجية واضحة ، حتى تكون هذه العلاقات المتبادلة قادرة على الاستجابة لمهام المرحلة التي تمر بها البلدان العربية ، التي تندمج فيها المهام الوطنية والديمقراطية والقومية والاجتماعية ضمن هدف واحد متعدد الأبعاد
الجدير بالتذكير ، في إطار العلاقات فيما بين النقابات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، هو أن تحترم مبدئياً وعملياً ا ستقلالية النقابات وخصوصيتها النابعة من تمثيلها الطبقي النوعي للعمال في نضالهم المطلبي ، من أجل حقوقهم المتعلقة بشروط العمل والأجور ، وتأمين فرص عمل متنامية ، وتأمين كريم ضد البطالة والعجز والشيخوخة ، ومن أجل التنمية المستدامة لرفع المستوى المعاشي للقوى الشعبية عامة ، والنابعة ايضاً من أهمية دور الحركة النقابية العمالية في العملية الاجتماعية والسياسية العامة في المجتمع . بمعنى أن يدرج النضال المطلبي ضمن برنامج هذه العلاقات التحالفية المتبادلة ، ، والإلتزام التام بعدم التدخل الحزبي في شؤونها من خلال ثنائية العضوية في الحزب والنقابة ، سواء من حيث احترام حق العمال باختيارهم ممثليهم النقابيين على خلفية الكفاءة والمصداقية ، وليس على خلفية الولاءات الحزبية الجامدة ، أو من حيث حق امتلاكها لقرارها النقابي المستقل عند صياغة شعاراتها وبرامجها وتحديدمواقفها الحركية الطبقية . ما تسمح به العلاقات المتبادلة فقط هو دعم متبادل فيما بين مختلف القوى المعنية لتحقيق الأهداف الاجتماعية السياسية الواحدة ، في المرحلة القائمة
إن بناء عامل ذاتي وطني ديمقراطي اجتماعي قوي في المحيط العربي يشكل رافعة أساسية للنضال الشعبي المصيري ضد أعتى وأ شرس هجوم إمبريالي تدميري في هذه المنطقة الحساسة من العالم ، كما يشكل مساهمة كبرى في حركة الشعوب المناهضة للحرب وللعولمة الرأسمالية ، من أجل السلم وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، وحماية كوكب الأرض من الدمار ، من أجل حياة عادلة كريمة لكل الإنسانية .. وتحقيق ذلك ممكن
نحو عام آخر من النضال العمالي الأممي .. جديد بزخم وبسالة نضالات الطبقة العاملة وكل قوى الحرية والسلام في العالم .. جديد بانتصاراته المتوالية على تجار الحروب ومصاصي دماء الشعوب .. جديد بانتزاع مكاسب أكثر في مستويات معيشة أفضل .. في إفشال مشروع العولمة الرأسمالية المتوحشة .. في ا سقاط أنظمة الاستبداد والقمع والتخلف في عالمنا العربي .. في انتزاع شعوب أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين حق تقرير مصيرها وطنياً وديمقراطياً .. في حماية كوكبنا الجميل من العبث بأمانه وأمنه ومصيره .. فلتتعزز مسيرة أول أيار الخالدة .. مسيرة كل الكادحين وعشاق الحرية والسلام في العالم
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبطال الحرية .. سلاماً مع الاعتذار
-
قمة ملتبسة لأنظمة مهزومة
-
العودة إلى الشعب
-
شعب جدير بالحرية والنصر
-
حس المسؤولية الضائع .. الانتخابات مجدداً
-
معك ياأم الكون في يومك العالمي
-
في التعذيب .. وضحايا التعذيب
-
دروب الضياع والتدمير الذاتي
-
التهريب في التهريب .. المازوت مثلاً
-
الميز السياسي والاستحقاقات الانتخابية
-
حتى يكون مجلس الشعب برلماناً .. سلطة تشريعية
-
سلطان أبا زيد .. شهيدا
-
العبثية الاقتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 2
-
العبثية الافتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 1
-
حول أثرياء حرب اقتصاد الفساد
-
خلفيات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
-
لاديمقراطية في الشكل ولاهم شعبي في المضمون
-
أية هيبة .. أية دولة .. ؟
-
الملهاة .. المأساة .. في مسرحية - عمارة النظام -
-
الديكتاتور حقاً قد قبر .. الشعب حقاً قد انتصر
المزيد.....
-
شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
-
تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر
...
-
-إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم
...
-
كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن
...
-
قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك
...
-
الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو
...
-
زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج
...
-
زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي
...
-
علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا
...
المزيد.....
|