|
المبادرات العربية والردود الإسرائيلية عليها
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1896 - 2007 / 4 / 25 - 12:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية لا بد لنا من القول ، أن الثوابت الإسرائيلية لم تتغير منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل آب 1897، والثوابت العربية القومية إستمرت في التراجع والإنكماش ، لتمثل حالة من الإفتراق العربي الرسمي الجماعي عن ثوابت قومية طالما إلتزم بها العرب على الأقل في الحالة العلنية ، فمن لاءات الخرطوم الثلاثة , لا صلح ولا مفاوضات ولا إعتراف ، والتي جاءت ردا على هزيمة عام 1967 ، إلى مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت 2002 ، وإتخذت قمة الرياض آذار 2007 قرارا عربيا جماعيا بإعادة تفعيلها .، حيث جرت في النهر مياه كثيرة إرتباطا بالواقع العربي الرسمي ، والذي يبرر ذلك بالإستجابة لمتطلبات الشرعية الدولية ، وبمعنى آخر التكيف مع المتطلبات والإشتراطات الأمريكية – الإسرائيلية ، وحيث تم الإنتقال من اللاءات الثلاث إلى النعم أربع مرات ، نعم للمفاوضات ، نعم للإعتراف ، نعم للسلام ، نعم للتطبيع وبعد صنع السلام ، وفي الوقت الذي لم يجف فيه الحبر ، عن قرارات وزراء الخارجية العرب ، والذين إجتمعوا في القاهرة ، لبحث طرق واليات تفعيل المبادرة العربية ، بشأن السلام مع إسرائيل ، حيث تم تكليف وزراء خارجيتي الأردن ومصر ، للقيام بهمة الإتصال مع إسرائيل في هذا الجانب ، ولكن كما تعودنا دائما من إسرائيل ، في الرد على مثل هذه المبادرات ، حيث قامت بخطوات وردود أفعال ، تثبت أن المجتمع الإسرائيلي ، والذي ما فتئت قياداته تتحدث عن إستعداداتها لتقديم ما يسمى بالتنازلات المؤلمة من أجل السلام ، وبتوصيف العرب والفلسطينيون وتنميطهم ، حسب قول الكاتب نقولا ناصر ، بأنهم الرافضين تاريخيا للسلام ، وبأنهم مدمني أضاعة فرص السلام ، غير جاهز للسلام ، لا على المستوى الرسمي ، ولا على المستوى الشعبي ، فعلى المستوى الرسمي ، الحكومة بمختلف ألوان طيفها السياسي والحزبي ، غارقة في الفساد والرشاوي والفضائح الجنسية ، ولجان التحقيق حول الحرب السادسة ، الحرب على لبنان ، والتي قد تطيح برأس المؤسسة الحاكمة ، وبالتالي هذه الحكومة غير قادرة على إتخاذ قرارات إستراتيجية ، مثل قضية تبادل الأسرى ، أو مفاوضات عربية – إسرائيلية جدية تؤدي إلى إنسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م ، إذا هذه القيادة في سبيل مصالحها والدفاع عن الكرسي والزعامة والقيادة ، فإنها تعمد إلى تصدير أزماتها الداخلية ، نحو الخارج ، وهذا التصدير دائما يأخذ أبعادا عدوانية ، او شن عمليات تضليل وخداع ، وما يجري اليوم على الساحة الفلسطينية ، يندرج في هذا الإطار والسياق ، حيث صعدت إسرائيل من وتيرة قمعها وإغتيالاتها لأبناء الشعب الفلسطيني ، وذلك لكي ، تحقق عدد من الأهداف ، يقف في طليعتها ، إفشال أية خطوة أو جهد فلسطيني يستهدف نقل حالة التهدئة من القطاع إلى الضفة الغربية ، وذلك إستجابة لرؤية وتصور أجهزتها الأمنية والعسكرية والإستخبارية ، أن من شأن الموافقة على مثل هذه الخطوة ، إلحاق ضرر بالغ بقوة الردع الإسرائيلية ، وكذلك فإن ذلك قد يمكن قوى وفصائل العمل الوطني الفلسطيني ، من إعدة بناء بنيتها التحتية ، وقدراتها التنظيمية والكفاحية ، أي بمعنى آخر التصعيد من أجل جر قوى المقاومة على للرد ، على تلك الجرائم والإستفزازات الإسرائيلية ، ومن ثم تصبح الحجج والذرائع جاهزة ومبررة لشن عملية عسكرية إسرائيلية واسعه على قطاع غزة ، والتي يتم التمهيد لها بالتطبيل والتمير يوميا ، في وسائل الأعلام الإسرائيلية ، مثل تسلح فصائل وقوى المقاومة الفلسطينية بأسلحة حديثة ، تمكنها من ضرب العمق الإسرائيلي ، وكذلك الحديث عن وجود خبراء إيرانيين ، يعملون على تدريب المقاومة الفلسطينية على الأسلحة وزرع العبوات وتحسين وتطوير قدراتهم القتالية والصاروخية ، وتصدير الأزمة ليس قصرا على الساحة الفلسطينية ، فلربما يكون نحو الشمال ، أي تسخين الجبهة السورية - اللبنانية ، حيث الحديث المكثف عن إستعدادات وتسلح عسكري سوري ، لشن حرب محدودة من أجل تحريك أو تحرير هضبة الجولان السورية المحتلة ، أو ربما تندفع إسرائيل نحو مهاجمة المنشئات النووية الإيرانية ، بموافقة وضوء أخضر أمريكي ، وبالتالي هذا التحرك والتصعيد الإسرائيلي ، هو الكفيل بمنع إيجاد أي ضغط حقيقي على إسرائيل للموافقة أو الإستجابة للمبادرة العربية ، وخصوصا أن الإدارة الأمريكية ، وعلى ضوء إزدياد أزمتها في المستنقع العراقي ، والفشل في منع إيران من إستملاك الأسلحة النووية وتطوير منشئاتها النووية ، قد يدفعها ذلك لممارسة ضغوط على إسرائيل لقبول المبادرة العربية ، وخصوصا إذا صح ما نقلته صحيفة " هارتس " ، الإسرائيلية على لسان العاهل الأردني من أن لإسرائيل الحق في الإعتراض على المبادرة ، وأمريكيا معنية في إصطفاف عربي حول موقفها ، لشن حرب على إيران ، ومن هنا ندرك أن هذه المبادرة التي جرى قبرها وتصفيتها ؟، قبل ولدتها في بيروت / 2002على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق " شارون " ، حيث إجتاح كامل الضفة الغربية ، وحاصر مقر الرئيس الراحل الشهيد أبو عمار في رام الله ، ولم يكن الرد العربي الرسمي ليتعدى الإدانة والإستنكار اللفظي ، لكون هذا النظام منهار وعاجز ، ولا يمتلك أيً من عناصر القوة التي تمكنه ، من الرد على العنجهية والغطرسة الإسرائيليتيين ، واليوم يعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي " أولمرت " ، نفس الكرة وبالقوة العسكرية لإفشال أي إستجابة أو تعاطي مع هذه المبادرة دولياً وإقليميا ، ورغم أن هذا ربما ينهي على وصف الكاتب نقولا ناصر ، حالة التنميط الغربي والأمريكي للعرب ، على أنهم رافضين للسلام ، إلا أن ما نشهده ، ليس حالة من التحولات التاريخية الإيجابية عربيا ، بل هو حالة من التحول السلبي والخطير ، والذي هو إستمرار لسياق تاريخي طويل من التنازلات المجانية ، والتي يقدمها النظام الرسمي العربي ، في سبيل حماية مصالحه وعروشه ، وأنا لا أتفق مع الكاتب نقولاناصر ، بأن من فوائد هذه المبادرة أنها تنهي حالة التنميط الذاتي للدول العربية أمام شعوبها كأنظمة ملتزمة بالثوابت القومية في الصراع مع إسرائيل ، فالجماهير العربية وعت هذه الحقيقة بشكل واضح أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان ، حيث أن النظام العربي وقف عاريا ومكشوفا أمام جماهيره ، بل أن النظام الرسمي العربي شكل غطاءاً سياسيا للعدوان ، وبالتالي التخلي وإنهاء قومية الصراع في سبيل أن ننهي حالة التنميط في الذهنية الغربية والأمريكية عنا كعرب ، بأننا عدوانيين لا يمكن تبريره تحت أي شكل من الأشكال ، فلا يجوز مقايضة الحقوق في سبيل تكتيكات معينة هنا أو هناك ، وبدون وضع آليات وتجنيد كل الطاقات والإمكانيات وعناصر القوة العربية ، وإيجادة لعبة المصالح ، فإن هذه المبادرة حتى في إطارها وشكلها الحالي ، والتي أنا متشكك ، بل ومتيقن من أن النظام الرسمي العربي ، جاهز لإدخال تعديلات عليها ، تستجيب للرؤية الأمريكية والإسرائيلية ، تحت يافطة وشعارات الإستجابة لمققررات الشرعية الدولية ، وإسرائيل التي تبدي ثباتا على مواقفها وإستراتيجيتها منذ مؤتمر بازل في سويسرا، وحتى الآن غير متوقع أن تستجيب لهذه المبادرة حتى في صورتها الحالية ، دون أن يكون لها حوامل وآليات وأنياب ، وبدائل جدية في حالة رفضها من جانب إسرائيل ، لأن إستمرار الأقوال وطرح الشعارات بدون أية أفعال وترجمات عملية على الأرض ، من شأنه أن يزيد من حالة الأحباط واليأس وفقدان الثقة بين الجماهير والشعوب العربية .
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على ضوء قضية الدكتور عزمي بشارة / الجماهير العربية وقواها ال
...
-
في يوم الأسير الفلسطيني / الأسرى الفلسطينيون وملف
-
الساحة اللبنانية حبلى بكل التطورات
-
هل إقترب موعد الضربة النووية الأمريكية لإيران
-
ما سر الإهتمام الإسرائيلي الأمريكي بمبادرة السلام العربية
-
فلتان أمني تخت السيطرة ، ومصالحة وطنبة - سوبر -
-
- أولمرت - يترأس القمة العربية - ورايس - تضع جدول
-
المنطقة العربية متوقع أن تشهد صيفا ساخنا
-
هل ما زال ممكنا إعادة إصطفاف القوى المؤمنة بالخيار الديمقراط
...
-
الحكومة تشكلت والقدس غابت
-
في الذكرى السنوية الأولى لإعتقال سعدات ورفاقه
-
سيناريوهات محتمله لردود الفعل العربيه
-
التيار الديمقراطي الفلسطيني ، هل يتوحد أم يزداد شرذمه وإنقسا
...
-
الكارثه تحدق بقطاع التعليم الحكومي في القدس الشرقيه
-
العرب في القدس كم زائد سكانيا ، وبقرة حلوب ضرائبيا
-
ليس دفاعا عن الجبهه الشعبيه ، بل دفاعا عن الحقيقه
-
قراءه في خطاب الشيخ حسن نصرالله في ذكرى إستشهاد الموسوي وحرب
-
جارنا المستوطن وبلدية القدس الإسرائيليه
-
محاصصة مكه بين فتح وحماس ، هل من يقود الإقتتال الداخلي ، مؤه
...
-
نداء للعالمين العربي والإسلامي
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|