|
المسؤول والمستشار
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1893 - 2007 / 4 / 22 - 12:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن التشكيلة القيادية لمعظم الكيانات الحزبية العراقية من الجهلة والأميين والديناصورات غير القابلة للتطور والتحديث، فظاهرة الجهل والأمية السائدة في تلك (النخب!) لاتعني التحصيل الأكاديمي حسب وإنما ماهيته، فالصرعة الجديدة لقيادات الكيانات الحزبية شراء الشهادات العليا لاتخاذها كستار لحجب جهلهم وأميتهم ولتكون الشهادة رافعة لتسنمهم مناصب كبيرة في الدولة. وينطبق هذا الأمر على حملة الشهادات الاكاديمية العليا التي لاتتجاوز أسعارها العالمية عن آلاف الدولارات أو عدد من قناني الويسكي أو الفودكا حسب منشأ إصدارها رأسمالي أو أشتراكي!. السؤال الذي يطرح نفسه، ما قيمة تلك الشهادات العليا إن لم يمارس أصحابها تخصاصتهم (حتى وليوم واحد) مما يتطلب تفحص ماهية البحوث التي تقدموا بها لنيل الشهادة ذاتها؟ وما هي البحوث اللاحقة لهم، وما هي الخبرات التي اكتسبوها بعد نيل الشهادة الاكاديمية؟. إذاً الشهادة الاكاديمية ليست بذات قيمة دون الخبرة العلمية، فالمعيار المعتمد في معظم المؤسسات والشركات العالمية تفحص ماهية الخبرة والاكتساب العلمي والمعرفي بعد التحصيل الأكاديمي لتحديد كفاءة وخبرة طالب العمل. وبالضد من ذلك فإن الشهادة الأكاديمية في الدول المتخلفة هي المعيار المعتمد للحصول على عمل وتحديد سقف الراتب وتسنم مناصب حساسة في الدولة!. وبما أن معظم السياسيين العراقيين يعانون من حالة الدونية في المجال العلمي والمعرفي (الثقافة السياسية تحديداً) فإنهم ناصبوا العداء للعلماء والمثقفين...والبعض منهم سعى لإحاطة نفسه ومركزه بـ (شلة من المستشارين-التنفيعة!) لايهام الذات (الدونية والوضيعة) بأنها تستمد رؤيتها ومسارها من نخب المجتمع. يقول ((ويليم بيرون))"إني أحفظ عن ظهر القلب الصلوات الأربع وأتلوها أربع أو خمس مرات في الأسبوع..أتعتقد أن هذا هو كل ما ينبغي أن يعرفه المرء كي يصبح مستشاراً". قل لي من مستشاريك، أقول لك من أنت؟. إن المسؤول الذي يحيط نفسه بمستشارين من القتلة، والمجرمين، واللصوص، والقوادين، والعاهرات، والجواسيس...لاشك أنه يحمل في ذاته كل تلك الرذائل، لأنه لايجيد مساراً أخر يعبر عن ذاته الوضيعة في اللاوعي إلا من خلال المحيطين به!. هذا السلوك الوضيع للمسؤول لايوجه صفعة قوية لأصحاب التخصص حسب، بل يثقل كاهل الدولة المالي بأرقام قلكية ويضعف من هيبة الدولة ويعيق تطورها وتقدمها. إن ظاهرة التنفيعة لـ (العناصر الحزبية) كمستشارين المعتمد في مؤسسات الدولة العراقية برئاساتها الثلاث يدلل على مدى افتقار هؤلاء المسؤولين حتى لأبسط مقومات رجال الدولة!. وانعكست هذه الظاهرة على الخطط التنموية التي طالها الفشل ودفع المواطن الثمن بسوء الخدمات والأمن...ليسعد المسؤول ومستشاريه بنعم العراق وعلى حساب المواطنين. يعبر ((دون كيشوت)) عن جشع المسؤولين وجوع المواطنين قائلاً:"سعيداً من منحته السماء كسرة خبز دون أن يضطر إلى أن يشكر عليها أحداً غير الله". بالتأكيد المسؤول الحثالة ومستشاريه لايسعد بالكشف عن فضائحه وعفنه أمام الرأي العام، فبالرغم من عدم خشيته الرأي العام لأنه يستمد دعمه ووجوده في قمة السلطة من أذنابه من خارج الحدود، لكنه يخشى تعرية ذاته الوضيعة ومكاشفته بالحفائق ووضعه وجهاً لوجه أمام المرآة ليرى صورته على حقيقتها، ومن يقف وراء المرآة لتلميع صورته أمام الرأي العام. إن المنعطفات الحرجة في عمر الدولة ومتطلبات الحرص على سمعة الوطن، تتطلب (أحياناً!) التغافل والسكوت عن الكثير من الحقائق ليجتاز الوطن محنته خاصة عند تكالب الأعداء عليه. لكن حين يساهم المسؤولون ذاتهم في استغلال النعطفات الحرجة لتحقيق نوزاعم المريضة...يتطلب الأمر كسر جدار الصمت لتعريتهم وإلا فإن الصمت ذاته يصبح بمثابة موافقة على المسارات الضالة لأشقياء السياسة. يقول ((سرفانتس))"إنه لاخيار لي، يجب أن استخدم لساني الذي على الرغم من تلعثمه، لايتلعثم عادة حين ينطق بالحقائق". لربما اعتقد الساسة الجدد بأنهم في مأمن عن الانتقاد والكشف عن ستر فضائحم المخزية لأنهم (أسهمو!) في إزاحة الطاغية عن سدة الحكم. إن المحرك الأساس (يا مناضلين!) ليس بالعمل المعارض وإنما في إدارة شؤون الدولة والمجتمع..فالشعارات الكاذبة (في المعارضة!) في الزمن الرديء، تنطلي على العامة من الناس الساعين للخلاص بأي ثمن من الاضطهاد والمذلة والجوع والتمسك بخيط النجاة...لكنها لن تمر عبر مرشحات المثقفين الرافضين للتدجين والهيمنة، فتلك الأقلام اسهمت في تعرية النظام المباد، ولن تتخلى عن مهامها في الدفاع عن مصالح المجتمع والكشف عن فضائحكم وفشلكم في إدارة شؤون الدولة والمجتمع.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئاسات الثلاث من الفشل إلى الفضيحة
-
المثقف ووعلاظ السلاطين
-
المثقف والدين
-
فن الرسم
-
مواصفات المترجم
-
فن الترجمة
-
الصداقة والعداء في الوسط الثقافي
-
علاقة المثقف بالكتاب والمكتبة
-
الكاتب وعالم العزلة
-
الصفوات والمجتمع
-
علاقة المثقف بالمجتمع
-
دور المثقف في الحراك الاجتماعي
-
دور المثقف في التربية والتعليم
-
فن النقد في الثقافة
-
العلاقة المأزومة بين الكاتب والناقد
-
مهام النقد
-
النقد وسعة العلم
-
ماهية النقد
-
الروح والإبداع
-
أقطاب المعرفة
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|