|
العراق : عودة للتراث الفارسي
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1893 - 2007 / 4 / 22 - 11:46
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
Borzou Daragahi – latimes مترجم تنتشر المخطوطات الفارسية على جدران المعاهد الدينية في النجف وينهمك الطلاب المسلمون الشيعة في المدينة القديمة القرمزية في دراسة القرآن المشروح باللغة الفارسية في مشاهد مثيرة لعودة تاريخ ما بين النهرين الثري. كانت النجف لقرون مدينة مقدسة ومركزاً للعبادة لأغلبية الشعب العراقي لكن العثمانيين والقادة العرب نادراً ما اعتبروها جزءاً من تاريخهم .إنها دائماً قاعدة مزعجة للعدو : إيران.وكانوا محقين تاريخياً وحضارياً فالنجف وقعت دائماً تحت السيطرة الفارسية لكن هذا يميز جميع بلاد ما بين النهرين ايضاً. تختلف قراءة القرآن في العراق عن جميع البلدان الإسلامية فإيقاعات القراءة السنية للقرآن نادرة في العراق وإيران والأطباق الفارسية مثل الفسنجون ( الرمان المطهو ببطء ) جزء أساسي من الوجبات في حضارة ما بين النهرين وحتى عاصمة هذا البلد تحمل اسماً فارسياً بغداد. وتعكس الحرب الطائفية في العراق بين السنة العرب والشيعة معارك طويلة بين العالم العربي وبلاد الفرس، وهذه النقطة لم يفهمها صانعو السياسة في الولايات المتحدة والقادة الميدانيون .وقد اعتقد هؤلاء أن تأثير الفرس على القوى الشيعية المتصاعدة في العراق هو تطفل من الطغاة في طهران رغم أنه علامة على عودة العراق القديم وليس على تصاعد القوة الإيرانية . " كان العراق جزءاً من بلاد فارس لمدة تزيد على 400 عام لكن الحكومات حاولت دائماً سحق أي عطر شيعي أو إيراني " قال المفكر العراقي الشيعي كرار دستور الذي يعيش في جنوب طهران ويسافر إلى العراق وأضاف " ولم يتم تقبل هذه الحكومات أبداً" ويرفض السنة العرب هذا التأثير الإيراني وبعبّرون عن ذلك بالعنف الذي تشهده شوارع العاصمة فقد تم تفجير سوق الشورجا في مركز بغداد في شباط الماضي واسمه باللغة الفارسية ( البئر المالح ) إنه علامة تمثل التجار الإيرانيين ،وعندما دمّر مخربون الجامع الذهبي في سامراء فإنهم دمّروا ما عملته أيدي الفنانين الإيرانيين. وفي مواقعهم الالكترونية يصف المقاومون السنة العرب الذين قاتل معظمهم في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات هجوماتهم بأنها تتم ضد الصفويين نسبة إلى سلالة حكمت إيران في القرن السادس عشر وقد حارب الصفويون الشيعة العثمانيين السنة عشرات السنين وسبب ذلك الطائفية لقرون وصراعات سياسية بين الفرس والعرب وبقي هناك صراع بين العرب والإيرانيين للسيطرة على العراق وقد قال الشيخ همام حمودي السياسي الشيعي المقيم في طهران خلال حكم صدام حسين في مقابلة في السنة الماضية " كلاهما يريد استخدام العراق كخندق في حروبهم ". وقد تجاهلت الحكومة البريطانية التي احتلت العراق بعد هزيمة الدولة العثمانية الاعتراضات الشيعية ونصبّت حاكماً سنياً على العراق ورفضت تطفّل رجال الدين الشيعة المشاكسين والمدعومين من إيران على خططها لمستقبل العراق. حاولت القيادات العراقية في القرن العشرين إضافة اللمسة العربية على بلد أغلبيته من الشيعة وحتى خلال السنين الاولى قبل توّلي صدام الحكم كان الشيعة يزورون البلدات السنية مثل تكريت والفلوجة خائفين على أنفسهم وكان الحجاج الذين يزورون سامراء يتأكدون من مغادرتهم المدينة وعودتهم إلى بغداد قبل غروب الشمس . وقد تسارعت المعركة على هوّية العراق تحت حكم صدام الذي أخمد الثورات التي رأى أنها تشكل خطراً على هوّية العراق العربية بقسوة وساوى صدام بين الفرس والحشرات وخاض حرباً مع إيران واتهم بقتل وترحيل من اسماهم ( عملاء إيران) . وحظر صدام الاحتفال بعاشوراء ( حفل سنوي يقام في ذكرى مقتل الإمام الحسين الذي يعتبره الشيعة قديساً) ويتهم بالسماح بتدنيس الأماكن الشيعية المقدسة وبإسكات وإعدام القادة الدينيين لهم وينحدر العديد من رجال الدين من سلالات فارسية أو متزوجون من عائلات فارسية .وكانت البنوك والدوائر الحكومية تُفتح في عيد النيروز ( السنة الفارسية الجديدة )في أول أيام الربيع ويحتفل بهذا العيد الإيرانيون والأكراد والطاجيك والأفغان . "كان لبغضه أبعاداً عرقية ودينية " قال حسيب نعيمي المحرر في جريدة الوفاق التي تصدر باللغة العربية في طهران . وقد أنهى سقوط صدام بعد الاجتياح الأمريكي عام 2003 الفصل بين العراق وإيران ونتج عن ذلك معظم الإحباط والغضب عند السنة العرب . ويستورد العراق العاجز صناعياً الكهرباء ، الغذاء،والسيارات من إيران والدول المجاورة مثل سوريا وتركيا ،والتأثير الثقافي الإيراني الذي تم إخماده فترات طويلة عاد للظهور في السنوات الأربع الماضية ، ويتعانق الإيرانيون والشيعة العراقيون خلال الاحتفالات بمقتل الإمام الحسين التي كانت ممنوعة تحت حكم حزب البعث ، هذه الطقوس التي أصبحت رمزاً لقوة الشيعة . وأصبح الإيرانيون ( الفرس ) من مظاهر النجف وكربلاء الطبيعية كما في مركز مدينة بغداد حيث البرلمان العراقي وتنتشر الملصقات للائمة كما في المدن الإيرانية وكذلك في بيوت العراقيين وأسواقهم . وتلبس الشابات العراقيات الآن أغطية الرأس المفضلة لدى الإيرانيات ( Grace-Kelly style ) والمعاطف القصيرة كذلك وتنتشر الدراجات النارية بين الشبان العراقيين في شوارع بغداد كما في طهران ،ويتعاطى الشباب العراقي الافيون والهيروين الذي أصبح عادة من عادات الشبان الإيرانيين . وتثير هذه المظاهر قلق السنة العرب الذين يراقبون اتجاه العراقيين نحو إيران وأخذت المقاومة منعطفاً حاداً بعد انتخابات 2005 وصعود حكومة شيعية حيث كانت تتركز قبل ذلك على القوات الأمريكية المحتلة ( من وجهة نظرهم ) . وقبل إعدامه بثوان شتم صدام الأمريكيين والفرس الذين صرخوا باسم رجل دين ( مقتدى الصدر ). وقد دار حوار قاس ( حول إعدام صدام في كانون ثاني 2007 ) على قناة الجزيرة ( وينتشر الآن على الانترنت ) كشف الطائفية ، والغضب عند السنّة العرب حول التغيرات التي تجري في العراق . وكان المتحاور مشعان الجبوري ( سياسي عربي سني ) مقابل صادق موسوي ( صحفي شيعي) وداعم للحكومة ،وأظهر مشعان خلال الحوار وثائق صارخاً : " هذه وثائقك أنت إيراني الجنسية أنت فارسي " ، وقد أجابه موسوي " والدك قتل الأكراد " وقد كرّر الجبوري :أنت إيراني هذه الوثائق تدّل أنك قدّمت للحصول على الجنسية العراقية عام 2004 ، ولم يُزعج موسوي نفسه في الرد على هذه الاتهامات وقال بدلاً من ذلك: " سوف نصفّي الحساب معكم جميعاً ". وعلى الرغم من ذلك فإن العديد من العراقيين المتأثرين بالفرس غير موالين أو مؤيدين لحكومة طهران فقد حارب العديد من الشيعة إلى جانب العراق في الحرب مع إيران ومعظم العراقيين الذين اتخذوا من طهران ملجأً خلال حكم صدام عانوا من تعصب أعمى ضدهم وتمت معاملتهم بقسوة أما حضارياً وسياسياً فهم مخلصون لإيران بدل القوى التي تدعمها واشنطن في مصر والأردن والسعودية . وللشيعة العراقيين قادة قوميتهم عربيّة مثل مقتدى الصدر واتهم العديد منهم بغضب: أن العالم العربي يتجنب الهوّية الشيعية المتبلورة للعراق . وهناك معارضة للفرس والتشيع في منطقة تعوّدت على النمط السنّي .ويتحالف الانفصالي ( بلوشي) مع مجموعات سنية عربية في جنوب إيران وفي العديد من الحالات تحوّل شيعة إيران العرب إلى سنّة . ومثلما يتهم السنة الشيعة بأنهم إيرانيون بدأ الشيعة بالهمس حول هوّية العراقيين السنة " السنّة في العراق ليسوا عرباً " قال دبلوماسي عراقي شيعي " إنهم أتراك ".
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تذكّروا : من أين تأتي الأزهارفي عيد الحب ؟
-
الجرحى العراقيون : على مسؤوليتهم الخاصة
-
في مثل هذا اليوم
-
مقاومة الحرب على العلم
-
لماذا يكرهوننا ؟
-
يوم عادي في بغداد
-
لغز أجهزة قياس النفط المفقودة ( تساؤلات حول عائدات النفط الع
...
-
جوقة الحرب أين هم الآن؟
-
آمر سجن الفلوجة
-
العراق بعد اربع سنوات :الكارثة مستمرة
-
راشيل كوري شهيدة رفح
-
الانتحار :الطريقة الوحيدة للخروج من العراق
-
النفط لمن؟
-
لعبة المونوبولي بالأموال العراقية
-
نفاق الولايات المتحدة حول حقوق الإنسان
-
احتجاز العمال الآسيويين للعمل في السفارة الأمريكية في بغداد
-
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز اسرائيلي 1
-
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز إسرائيلي 2
-
ضحايا الجدار
-
لونا العراق : اغتصبت ولم تظهر على الفضائيات
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|