أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام إبراهيم - ما بعد الحب رواية هدية حسين 1














المزيد.....

ما بعد الحب رواية هدية حسين 1


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1893 - 2007 / 4 / 22 - 12:03
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في هذا النص الروائي المتماسك تخطو ـ هدية حسين ـ نحو دائرة النضوج الفني في الكتابة الروائية. إذ سبق لي أن تابعت نصها ـ بنت الخان ـ نقدياً ووجدتها في ذلك النص لم تقع على مادتها الخام الديناميكية عبر شخصية روائية تكون محور السرد أو تكون هي الساردة وتجربتها تستأهل أن نسمعها لغةً. في ـ ما بعد الحب ـ الذي انتهيت من قراءته تواً وجدتها وقعت على مادتها الخام الحيوية من خلالها عرضها لشخصية روائية عاشت تجربة مفصلية في التاريخ العراقي المعاصر ولا أريد أن أقول أنها تجربة الكاتبة نفسها كونها مرت بعمان وطلبت اللجوء من المفوضية التابعة للأمم المتحدة وحصلت عليه وهو نفس مصير الشخصية المحورية في ـ ما بعد الحب ـ كون هذا الكلام يجعل النظر للنص الفني وكأنه حياة واقعية وهذا يلغي جهد الكاتب ومخيلته وشغله على اللغة كونه لاعب خالق من الحرف حياة. أما أن يضع شيئا من ذاته في الرواية فذاك ما يجعله يتخيل أنه صاحب كل ما جرى مما يمنح النص حيوية واللغة رواء وهذا أحد أسرار فن الكتابة.

"هدى" امرأة عراقية وجدت نفسها وحيدة تجاوزها سن الزواج إذ قاربت الثلاثين تضطر للهرب إلى "عمان" خوفاً من هاجس الاعتقال بعد أن صوتت بـ "لا" في استفتاء أو المبايعة للدكتاتور. فتحاصرها مديرة مدرسة ومسؤولية الحي الحزبية بعد فحص أوراق الانتخاب والعثور على عدد محدد من الأوراق الرافضة بتأشير كلمة لا والتي كانت تشك بولائها فتهددها بشكل مبطن كون الورقة التي أعطيت لها فيها عنوانه مكتوب بحبر خفي مضاف أن الورقة سوف تذهب للمختبر الجنائي للتعرف على الخط مما جعلها تلملم حالها على عجل وتهرب بجواز مزور ساعدها في ذلك قريبها " " الذي كانت تربطها معه علاقة عاطفية وكان جنديا في الجبهات. ومن عمان تبدأ رحلة الروي في النص.

الجملة الابتدائية في النص تقول

ـ هذا كل شيء

حقيبة يد من الجلد الصناعي تحتوي على جزدان ذي جيوب متعددة ودفتر صغير بحجم الكف لكتابة الملاحظات السريعة والعنوانين..مجموعة كتب.. دفتر مذكرات كبير... ص7

مدخل يبدو وكأنه مدخل قصة قصيرة إذ تخبرنا الساردة أن هذه الأشياء تعود إلى صديقتها "نادية" التي قضت بحادث سيارة في عمان. لكن السرد يأخذنا إلى نواحي لا نتوقعها أبداً وهذا من أسرار نجاح هذا النص. فكلما جعلنا القارئ لا يتوقع مسار الأحداث والرواية كلما جعلناه ينشّد إلى متابعة ما نحكيه بالكلمات. المدخل بدا شائقاً والساردة تحكي لنا تفاصيل موت صديقة عزيزة التقت بها صدفة في عمان في المنفى لتفقدها بغتة وتجعل من هذا الحدث المأساوي المناسب لمصير العراقي التاريخي في زمن الروي والزمن الواقعي أيضاً مدخلا حيويا لسرد مصائر عراقيين يمثلون خيرة من قاوم وحاول وجهد كي يكون غير ما كان عليه في وطن استباحه القتلة. والحيوية التي سوف تكتسبها الشخصيات في السرد وبنية النص الروائي كونها ليست شخصيات أيدلوجية معبأة مسبقاً بمواقف تمليها فكرة القومية أو الدين أو الشيوعية. بل شخصيات نسائية تمثل قاع المجتمع العراقي الذي يضع المرأة في الواقع الفعلي وليس القوانين المكتوبة. فبعد المرور السريع للقاء الساردة المباغت بنادية التي تدهس وتموت تعرض لنا الكاتبة بيئة معمل خياطة نسوي في بغداد زمن الحصار من خلال مبرر السرد ـ قصة تعرفها على القتيلة دهساً نادية ـ لما دخلت المعمل أول مرة كعاملة. هذا المبرر الواقعي المحض والمعقول ـ بالمناسبة من أهم شروط السرد شفاها ولغة هو معقوليته بغض النظر عن الفنتازيا أو الواقعية ـ جعل الكاتبة تطل وتغور في شؤون شريحة اجتماعية نسوية عراقية في موقع حيوي معمل خياطة ألبسة داخلية للرجال في زمن مفصلي من تاريخ العراق المعاصر زمن الحصار قبيل الاحتلال. عبر هذا الموقع ـ المعمل ـ يطل القارئ لا على حال النساء العراقيات وهنّ يرتجفن شهوة لما يقدم مهندس عراقي شاب ـ عماد ـ بل على نسيج اجتماعي عراقي كان متماسك بدأ يتمزق علناً وهذه الذوات تسدر في وحشتها في معادلة خفية فضحها المعمل إلا وهي فداحة غياب الرجل زمن الحروب وحيرة الأنثى وتخبطها. من خلال المعمل وكون خمس وعشرين امرأة يتوزعن خلف ماكنات الخياطة نتعرف على فداحة وضع المرأة في بيئة مغلقة كالبيئة العراقية. حرمان عاصف يجعل المرأة مجرد قشة تهفو لخاطر الرجل. هذا الهاجس العميق صوره النص بدقة وعمق ولغة رشيقة هبطت نحو ذات المرأة العراقية وهي تواجه صحراء الوحدة.

" يوم حطّ المهندس عماد على أرض المصنع تخلخل النظام وتحركت النفوس الساكنة.. فهو شاب أبيض طويل القامة.. وما إن يلمحن المهندس الوسيم حتى يهرب اللون من بشرتهن" ص 19.

من خلال تفاصيل العلاقات النسوية في المعمل الصغير نطل على بعدين من أبعاد وضع العراق والمرأة العراقية.





#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الحب رواية هدية حسين2
- الحرب خربت كل شيء كم كانت السماء قريبة- رواية -بتول الخضيري-
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة2
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة4
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا -مصاطب الآلهة- مجموعة - ...
- عن معاناة اللاجئين في الشمال الاسكندنافي التأليف بين طبقات ...
- المنفي كائن مشطور بين ثقافتين العنكبوت- مجموعة -علي عبد العا ...
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة1
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- عراقيون أجناب رواية فيصل عبد الحسن علامات نضوج رواية القرية ...
- المتاهة قصة قصيرة
- رؤيا المدينة
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- التتر- قصيدة ذات بنية ملحمية متموجة تفضح زمن الطاغية ومن تعا ...
- السفارة العراقية ومجلس الجالية في الدنمارك: ظروف مريبة في أن ...
- فلم جلجامش 21 للمخرج العراقي طارق هاشم حكاية العراقي التائ ...
- رؤيا اليقين


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سلام إبراهيم - ما بعد الحب رواية هدية حسين 1