صحافي وكاتب فلسطيني - غزة
تعتبر الحالة العراقية من أعقد المسائل التي تفرض على المهتم أن يتعامل معها بحذر شديد حتى لا يتناقض مع نفسه ، فلا تزال الحقائق تحت ركام الزلزال الذي ضرب البلاد ، ولم تتوقف بعد الهزات الارتدادية المصاحبة له . التطورات السياسية والميدانية في تسارع ، فالحلفاء لهم حساباتهم والعراقيون أيضا ؛ ولكن أحيانا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..
ثلاث حقائق يجب أخذها بعين الاعتبار ، وهي : الاحتلال الأمريكي الذي جاء برؤية واضحة لإعادة ترتيب المنطقة بما يخدم المصالح الأمريكية وليس من أجل سواد عيون العراقيين ، والحقيقة الثانية : المعارضة العراقية التي حاول الحلفاء تصويرها وكأنها مطية استخدموها للوصول إلى مآربهم ، وقد نجحوا في ذلك وساهموا بشكل كبير في تشويه صورتها لدى الرأي العام العربي الذي كان ضحية التضليل الاعلامي الذي مارسه النظام السابق وغذته وسائل الاعلام العربية التي حصرت المعارضة ببعض العسكريين الذين فروا إبان الحكم السابق مما أعطى انطباعا سلبيا عن المعارضة بمجملها ، هذه المعارضة التي تضم في صفوفها نخبة من المناضلين المثقفين والمسيسين الذين عرفتهم العواصم العربية وعندما ضاق بهم الخناق اتجهوا غربا إلى منافي أوروبا ..
أعضاء مجلس الحكم وبعض الوجوه الأخرى زادوا الطين بلة عندما تعاملوا مع المواطن العربي عبر وسائل الاعلام بطريقة مستفزة تنم عن شعور بالذنب ، واحتلوا بذلك المربع الأول الذي كان يشغله النظام السابق " فالذي ليس معي فهو ضدي " ، مع أنه لا يزال بالإمكان تصويب المسار والتعامل مع المستجدات بروح قيادية مستنيرة ، وهذا يقودنا إلى الحقيقة الثالثة وهي المقاومة والتي هي إفراز طبيعي ومنطقي للاحتلال ، فمن السذاجة وصفها بالخروج على القانون ، وأنها بفعل اللصوص وقطاع الطرق .
من هنا على مجلس الحكم الذي هو إفراز لشريحة واسعة من المعارضة التعامل مع الحقائق كمسلمات والبحث عن نسيج تكاملي مع المقاومة يضفي عليه شرعية أكبر ويرفع من سقف مطالبه أمام الحلفاء .
إن الإقرار بأن هناك صراع وبالتالي أسلوب ادارته على كافة الجبهات سيحدد الأحكام على مجلس الحكام ..