الانتخابات الرئاسية الفرنسية وتحريض قناة الجزيرة القطرية

مجدي جورج

الحوار المتمدن-العدد: 1889 - 2007 / 4 / 18 - 12:46
المحور: الصحافة والاعلام
    

شاهدت البارحة الاثنين فى قناة الجزيرة تغطية مباشرة من باريس قام بها مراسلها ميشيل الكيك حول الانتخابات الرئاسية المقرر أجراء المرحلة الأولى منها يوم الأحد القادم 22 ابريل وقد استضاف المراسل بعض الشخصيات العربية كان من بينهم شخصيتان هامتان وأظن انه سيكون لهما تأثير على تصويت العرب والمسلمين فى هذه الانتخابات:
أولا شاب عربي (عفوا لا أتذكر اسمه) أنهى دراسته للعلوم السياسية فى فرنسا وقرر تكوين منظمة تحت عنوان "الضواحي تنتخب " أو شئ من هذا القبيل وقال ان جل همه تشجيع الشباب على الاكتتاب فى سجلات الناخبين تمهيدا للتصويت واضاف ايضا انهم نجحوا فى تسجيل حوالى 700 ناخب فى احدى الضواحى وعلى حد قوله اذا كان هناك حوالى الف ضاحية فى فرنسا فمعنى ذلك انهم سيستطيعوا تسجيل 700 ألف ناخب وهذا قادر ان يقلب نتيجة الانتخابات الفرنسية على حد قولة .
وهذا التصرف كان يمكن ان يكون محمودا لهذا الشاب ولمنظمته لو كان هدفه الفعلى محاولة تقريب هؤلاء الشباب للسياسة وجذبهم اليها مع ترك حرية الاختيار لهم ولكن العملية كلها تحريضية ضد مرشح بعينه ( ساركوزى ).
ثانيا لقاء أجرته قناة الجزيرة مع الحاج التهامي ابريز رئيس اتحاد المنظمات الاسلامية فى فرنسا اثناء انعقاد المؤتمر السنوى الذى تنظمه هذه المنظمات فى ضاحية لابورجيه احدى ضواحى باريس والذى تم تقديم موعده هذه السنة ليسهل منه عملية الشحن والتحريض التى أعلن عنها الحاج بكل صراحة عندما سأله المراسل عن سبب عدم حضور اى احد من المرشحين للرئاسة لمحاولة خطب ود هذا التجمع الاسلامى الكبير ؟ فما كان من الرجل إلا الرد عليه متهكما ومتوعدا بأنهم سياتوا بعد الجولة الاولى خاطبين ودنا بعد ان يروا اداء العرب والمسلمون فى الجولة الاولى وأضاف الرجل بأننا قلنا لأبنائنا ان لا ينتخبوا مرشح يتهكم عليهم والمقصود هنا أيضا نيكولاى ساركوزى .
من هذين اللقائين ومن خلال متابعتي لوسائل الأعلام العربية حول تغطيتها لهذا الموضوع أستطيع أن أبدى بعض الملاحظات والتعليقات الاتية:
1 أن قناة الجزيرة وغيرها يلعبوا دور تحريضي خطير فهم يحرضون مواطنون فرنسيون (بصرف النظر عن كونهم مسلمين ) ضد بلدهم فرنسا ويجعلوا العملية الانتخابية عملية ثأر وانتقام من هذا المرشح او ذاك .مع أن نيكولاى ساركوزى مثلا هو الذي اعترف و قنن وضع الدين الاسلامى فى فرنسا كديانة ثالثة منذ عام 2000 وجعله كالديانة المسيحية و اليهودية .
وهؤلاء الشباب وسكان الضواحي الذى يتم تحريضهم هم من اول المستفدين من الاعانات التى تقدمها الدولة سواء اعانة بطالة او أعانة للأسرة على حسب حجم أطفالها بل ان الدولة تتجاوز عن القانون وتقدم إعانات لأطفال مولودين لأسر بها رب الأسرة متعدد الزوجات بما يخالف القوانين الفرنسية.
وأيضا فان اغلب سكان الضواحى يسكنون فى مساكن الدولة التى يدفعون اقل القليل كايجار شهرى لها وفى بعض الاحيان لا يدفعون ولا تطردهم الدولة منها ناهيك عن المباني التي يحتلها الشباب الأسود بالقوة ويشغلونها ( تسمى الفويهات) دون ان تطردهم الدولة منها. ولن نتحدث عن عدد المساجد المتاحة لهم التى قدرها البعض بانها تزيد عن عدد الكنائس المتاحة للاقباط المواطنين المصريين وليس المهاجرين والذى يصل عددهم على الاقل لضعف عدد المهاجرين العرب والمسلمين بفرنسا .
هذه الأوضاع التى لم تعد ترضى الكثيرين من المهاجرين انفسهم والذى صرح احدهم الاسبوع الماضى لمراسل جريدة القدس العربى بانه سينتخب جون مارى لوبين لان برنامجه واضح ويريد إيقاف الهجرة ويقول الرجل:" انا رجل اعمال جزائرى اولادى فى المدارس الخاصة واعمل لأكسب وحصيلة الضرائب التى ادفعها تذهب كإعانات للمهاجرين من عرب وسود وهذا لا يرضى أحدا ".فإذا كان حال بعض المهاجرين هكذا فكيف حال الفرنسيين ؟
2 وسائل الأعلام العربية التى تصور ان المهاجرين العرب والمسلمين يعيشون وضع مزري وبائس فى الضواحى الفرنسية وتتناسى الحرية وفرص العمل التى تتاح لهم هنا والأفضل كثيرا منها فى بلادهم والا لما دفعوا كل غالى ونفيس بل ودفع بعضهم حياته ثمن لفرصة حصوله على فرصة القدوم الى فرنسا واذا كنتم لا تدرون ذلك فانظروا إلى قوارب المهاجرين الزاحفة من جنوب المتوسط فى محاولة الوصول للجنة الأوربية .
3 قناة الجزيرة المتباكية على احوال الضواحى الباريسية تتناسى ان مشكلة الضواحى عامة حيث تتركز الخدمات فى العواصم والمدن الكبرى مما يجعلها هدفا لهجرات داخلية وخارجية من اناس غير مؤهلين ويتركز هؤلاء فى ضواحى هذه العواصم والمدن طمعا فى الحصول على فرص العمل والخدمات المتاحة.انظروا لمساكن الصفيح المحيطة بالدار البيضاء والتى خرج منها الانتحاريين.لو دققتم النظر ستجدونها مشكلة عامة فى العالم الأول كما فى العالم الثالث.
4 ان تحريض وسائل الأعلام العربية ضد المرشح ساركوزى قد يضر اكثر ما يضر بفرص مرشحة الاشتراكيين سيجولين رويال لان هذا التحريض ورص الصفوف من جانب المهاجرين العرب والمسلمين وراء سيجولين وضد ساركوزى قد تؤدى الى عملية استثارة للفرنسيين فيقفوا مع ساركوزى نكاية في هؤلاء المهاجرين.
5 ان عملية التحريض ورص الصفوف التى تقوم بها المنظمات الإسلامية فى فرنسا لشباب الضواحي وهم فى الغالب غير مسيسين وغير مدركين لقواعد اللعبة السياسية تعنى ان يتم توجيه هذا الشباب كطلقة مدفع فى اتجاه معين دون تفكير او أرادة لاى منهم وهذا بالضبط مافعله الأخوان المسلمين فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة في مصر حيث رأيت هذا بأم عيني حيث يقومون بشحن السيدات الأميات والشباب الجاهل فى سيارات خاصة بهم مع عملية تحريض مذهلة فتجد أنهم يدخلون الى مقار اللجان الانتخابية وكل منهم مشروع شهيد فى سبيل الإدلاء بصوته لصالح مرشح الأخوان.
6 الاشتراكيين الفرنسيين استمرؤوا هذه اللعبة وفرحوا بها جدا بصورة ميكافيلية مقززة طالما تصب فى مصلحتهم وإذا سألت احدهم سيقول لك أنها الديمقراطية متناسين ان هذا اللعبة يمكن ان تؤدى التشرذم وبث الكراهية والحقد سواء نجح هذا المرشح او ذاك .
7 فى ظل هذا التحريض والجو المشحون يقف جزء وان كان ضئيل من هؤلاء المهاجرون فى حيرة من أمرهم وهم المسيحيين القادمين من الدول الشرق أوسطية كالمصريين واللبنانيين والسوريين وغيرهم فهم وان كان اغلبهم يقبل بالقوانين والعادات الفرنسية (مع الاحتفاظ ببعض الخصوصيات ) إلا أن الدولة والمجتمع الفرنسي ينظر إليهم فى الغالب على انهم عرب ومسلمين مع أنهم لا هذا ولاذاك فكيف سيتصرف هؤلاء المسيحيين ولمن سيصوتوا ؟
فى النهاية نتمنى من كل وسائل الأعلام العربية ان تكف يدها عن عملية التحريض لهؤلاء المهاجرون من العرب والمسلمون وان تتركهم لضمائرهم فى عملية التصويت المزمعة تلك فهم في النهاية مواطنون فرنسيون أولا وأخيرا ويجب إلا يسبق مواطنتهم وهويتهم الفرنسية اى انتماء او هوية أخرى .

#مجدي_جورج (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات