أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر















المزيد.....

الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1889 - 2007 / 4 / 18 - 12:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


هناك شبه إجماع فلسطيني، رسمي وشعبي، على أن لقاءات الرئيس أبو مازن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت، لم تتمخض جولاتها السابقة عن نتائج ذات شأن، وأن مِن المستبعد أن تفضي جولاتها اللاحقة إلى ما هو مختلف، أو على الأقل لن تقود هذه اللقاءات إلى مفاوضات جدية حول "قضايا الوضع النهائي" كما يأمل الطرف الفلسطيني، وأنه حتى لو تم عقد مثل هذه المفاوضات، فإن مِن الصعب توقع أن تقود إلى تغيير في الموقف الإسرائيلي مِن هذه القضايا الأساسية وهي اللاجئون والقدس والحدود والمياه والمستوطنات، لأن الموقف الإسرائيلي تجاهها ما زال على حاله، ولم يتغير، بل زاد تعنتا عما كان عليه في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000. والحال، ينتصب سؤال: ترى ما الذي تريده الحكومة الإسرائيلية مِن هذه اللقاءات؟!!!
يرى فريق مِن المراقبين والمحللين أن اللقاءات تأتي تلبية لرغبة أمريكية في إجرائها بصرف النظر عن مضمونها ونتائجها، الرغبة التي لخصها إقتراح رايس بعقد "لقاء كل أسبوعين". ويرى فريق ثانٍ، أنه بالإضافة إلى الرغبة الأمريكية، فإن أولمرت نفسه بحاجة إلى اللقاءات كجزء مِن حملة علاقات عامة يحاول مِن خلالها التغلب على أزمته الداخلية التي تتفاقم يوما إثر يوم، وذلك منذ طوى خطة "الإنطواء" كأجندة سياسية لحكومته، وقال أنها "لم تعد أولوية" بعد فشل العدوان على لبنان. ويرى فريق ثالث أن اللقاءات هي تجديد لا جديد فيه لسياسة "إدارة الأزمة" التي دأبت القيادات الإسرائيلية على إتباعها في التعامل مع القضية الفلسطينية. ويرى فريق رابع أن اللقاءات تندرج في إطار هدف أمني إسرائيلي يتمثل في محاولة إعادة الشرخ الفلسطيني الداخلي إلى ما كان عليه قبل "اتفاق مكة"، وذلك عبر دفع الفلسطينيين لقبول المطلب الإسرائيلي ب"محاربة الإرهاب" كبند في خطة خارطة الطريق، البند الذي رفضه الفلسطينيون، وما زالوا يرفضونه، وطرحوا، وما زالوا يطرحون تكتيك "التهدئة" لإحتواء هذا المطلب الإسرائيلي، والتحايل عليه، ولمنع الوقوع في فخِّ الاقتتال الداخلي الواسع وجحيمه، ويبدو أن الفلتان الأمني المستمر، وما وقع مِن اقتتال فلسطيني داخلي (لأسباب أخرى) على مدار العام المنصرم يشجع حكومة أولمرت على مواصلة الرهان على هذا الصعيد. ويرى فريق خامس أن الحكومة الإسرائيلية، ومِن خلفها الإدارة الأمريكية، تهدف مِن وراء هذه اللقاءات إلى "تهدئة" الملف الفلسطيني لكسب المزيد مِن الوقت لصالح ترميم ما تبدى بعد فشل العدوان على لبنان مِن مظاهر تآكل نوعي داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وقدرتها الردعية، وذلك لإعداد هذه المؤسسة مِن جديد لجولات عسكرية أخرى محتملة بصرف النظر عن الجبهة التي ستكون مسرحا لها، فجبهة غزة مرشحة، وكذا السورية واللبنانية فضلا عن إحتمال وقوع حربٍ إقليمية تكون إيران طرفا فيها، وهدفا أساسيا لها. ويرى فريق سادس أن اللقاءات تندرج في إطار تلميع الموقف الإسرائيلي، وإظهاره كمستعد للتسوية السياسية وراغب بها، بما يساعد على تحقيق إختراق نوعي على صعيد محاولات قديمة جديدة لسلخ الفلسطينيين عن عمقهم العربي، وإفساد علاقتهم به، وذلك عبر المناورة السياسية الإسرائيلية على "المبادرة العربية" بدعم مِن واشنطن لقطف التطبيع المجاني مِن خلال جرجرة أطراف عربية ذات وزن وتأثير في القرار الرسمي العربي، ولا تقيم علاقات مع إسرائيل لإقامة علاقات معها قبل تلبية شروط "المبادرة العربية"، وهذا ما لا تخفيه القيادة الإسرائيلية، بل تطرحه بوضوح وعلانية.
رغم تباين زوايا النظرة للتقديرات الست السابقة، وتفاوت تشخيصها لأغراض الموقف الإسرائيلي مِن وراء عقد اللقاءات مع الرئيس الفلسطيني، إلا أن كافة هذه التقديرات تجمع على أن الحكومة الإسرائيلية ليست في وارد إجراء مفاوضات جادة حول القضايا الأساسية في ملف القضية الفلسطينية، وأن هذه الحكومة مثلها مثل مَن يعارضها مِن يمينها ليست على إستعداد لدفع فاتورة تسوية سياسية للصراع تلبي ولو الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية كما نصت عليها قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة. ويشير هذا إلى أن مضمون موقف الحكومة الإسرائيلية داخل اللقاءات، هو الأهم لأنه يكشف عن جوهر الموقف الإسرائيلي، بينما تكشف أغراضه عن مظهره ليس إلا. والسؤال: ترى ما هو جوهر الموقف الإسرائيلي؟؟
إن مَن يمعن النظر في مضمون الموقف الإسرائيلي الرافض للتفاوض الجاد والمتملِّص مِن ضرورات التوصل إلى تسوية سياسية للصراع وفق ما يأمل الطرف الفلسطيني، يلحظ أن هدف الحفاظ على الطابع "اليهودي" لدولة إسرائيل، هو المحرك الأساسي لسياسة الحكومة الإسرائيلية ومنطلقها الرئيسي في كل المجالات. وهذا ليس أمرا غريبا، ولا جديد فيه سوى أن الحفاظ على "يهودية دولة إسرائيل" لم يعد مجرد محركٍ للمخططات الإسرائيلية الإستراتيجية والعامة، بل أصبح هاجسا يوميا للقيادات الإسرائيلية، ووفقه تجري عملية صياغة كافة تكتيكات السياسة الإسرائيلية وأغراضها. أما لماذا؟!!!
يبدو أن القيادات الإسرائيلية، وعلى اختلاف مشاربها الحزبية السائدة، باتت ترى أنه آن الأوان لتحديد حدود دولتها، وتثبيتها بصيغة سياسية مفروضة لا تتنازل فيها إلا عن فتاتٍ مما كرسته مِن حقائق على الأرض، يسندها في هذا الطموح الدعم الأمريكي الكامل، وعجز الموقف الرسمي العربي عن تفعيل عوامل قوته، بالإضافة إلى ما تحقق لها بالمعنى الشامل مِن عوامل قوة ومنعة، أنجزتها على مدار ستين عاما منذ قيام دولتها (النكبة)، وما تمتلكه مِن أوراق قوة تفاوضية، أحرزتها عبر ما فرضته مِن وقائع إستيطانية على مدار أربعين عاماً داخل الأراضي الفلسطينية التي أحتلت عام 1967 (الهزيمة).
إن أولمرت الذي يشاغل الفلسطينيين هذه الأيام في لقاءات عبثية مثله مثل مَن سبقه مِن القيادات الإسرائيلية، وبفضل ما يملك مِن عوامل قوة ومنعة وأوراق قوة تفاوضية خلقتها واقعتا (النكبة والهزيمة) وما قبلهما وبينهما وبعدهما مِن حروب وإعتداءات، لا يشغل باله سوى سؤال واحد وحيد هو:
كيف يمكن صون الطابع "اليهودي" لدولة إسرائيل؟!!! وما هي الإجراءات التي يجب إتخاذها للحفاظ عليه في وجه تهديد العامل الديموغرافي الفلسطيني الموضوعي؟!!! الذي، وبرغم ما تحقق لدولة إسرائيل مِن عوامل قوة ومنعة على مدار ستين عاما، ظل، وما زال، وسيبقى السؤال الإسرائيلي المفتوح والأهم والأكبر، لأنه عليهِ، وعليهِ فقط يتوقف ضمان مصير الأساس الصهيوني الذي قامت عليه دولة إسرائيل، ومصير ما إبتلعت مِن الأرض الفلسطينية، وما إقتلعت مِن سكانها الأصليين وشتَّتتهم في أرجاء المعمورة الأربعة.
عليه، فإن لا غرابة ولا هم يحزنون، أن يواصل أولمرت الذي يجلس في قمرة القيادة الإسرائيلية هذه الأيام، مشاغلة الفلسطينيين، ومن خلفهم العرب والعالم أجمع بكذبة إستعداده للتسوية السياسية للصراع ورغبته بها. وهي بالمناسبة كذبة إسرائيلية قديمة متجددة، وأصبحت بوضوح الشمس منذ مفاوضات كامب ديفيد 2000 على الأقل، الأمر الذي يترتب عليه استخلاص أن صلف أولمرت لا يقع في عداد الراهن والتكتيكي مِن التحديات الفلسطينية، بل يعيد طرح القديم المتجدد والإستراتيجي منها. ومواجهة هذا الصلف هي فوق طاقة العامل الوطني الفلسطيني بمفرده، ويتخطاها، ويستدعي إجابة قومية عربية. هذه الإجابة التي تتخطى بدورها ما طرحه، وما يطرحه النظام الرسمي العربي حتى الآن. ويتوقف تعامل العالم وصلف القيادة الإسرائيلية على ذلك الموقف العربي وقدرته على تفعيل عوامل قوة الأمة. التفعيل الذي به يمكن الحديث عن إمكانية إحراز تسوية سياسية متوازنة للصراع، وحاشا لله أن نقول عادلة.




#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- الأمن بين السياسة والجغرافيا
- واشنطن تعلم ما لا نعلم!!!
- التفعيل بالتعديل
- أزمة فكر ونظام
- مكر التاريخ أشد مِن مكر رايس
- لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!
- التجويف آلية للإجهاض
- أقمة نوم أم يقظة؟
- يتربصون بغزة
- التجويف كآلية للإجهاض
- ويبقى سؤال ما العمل قائما
- إسرائيل حبلى بحرب!!!
- هامش استقلال ضمن الرؤية
- بن غوريون يخاطب القمة العربية!!!
- مظهر الأزمة الفلسطينية وجوهرها
- أمريكا ترسل ولا تستقبل
- قنينة الماء
- بيع السراب وحرث البحر
- الضربة الرئيسية


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر